استمرار حكم العسكر

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٦ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال : قرأت لك مقارنات بين العسكر المملوكى والعسكر المصرى الحالى ، وان المماليك هزموا المغول وطردوا الصليبيين وجعلوا مصر مقر الخلافة العباسية وأكبر امبراطورية ، وان العسكر المصرى ضيّع مصر ومكانتها وثروتها ، ونقطة التشابه بين العسكر المملوكى والعسكر المصرى هى الظلم ولكن العسكر المملوكى كان ماشى مع العادى فى العصور الوسطى ، أما العسكر المصرى فهو مناقض لثقافة عصرنا فى حقوق الانسان والشفافية والديمقراطية . انا مقتنع تماما ، ولكن أسألك لماذا رضى المصريين بحكم العسكر المصرى ولم يثوروا عليه ؟ ده حتى فيه مظاهرات فى كينيا أرغمت الرئيس هناك يرجع عن ضرايب فرضها ..حضرتك عارف ان المصريين ثاروا على الحملة الفرنسية وعلى الاستعمار البريطانى ..ليه ساكتين وهم شايفين بلدهم بتتباع حتة حته والسجون عددها بيزيد والتعذيب شغال والكهربا بتتقطع والدوا مفيش والاسعار نار ..الخ ..
آحمد صبحي منصور

الاجابة

أولا : لمحة سريعة :

1 ـ بعد الحرب العالمية الثانية ورثت أمريكا دور إنجلترة ، وتابعت سياستها . الأولوية هى التجهيز لدولة اسرائيل وحمايتها ، وذلك بإحاطتها بدول تحميها ( الاردن والسعودية ). اتفق روزفلت مع الملك السعودى على حماية عرشه مقابل ألا يكون خطرا على اسرائيل. . لأمريكا خبرة فى التحكم فى أمريكا اللاتينية وتخريبها بالانقلابات العسكرية ، ونفذت هذا فى مصر.  وطبقا لما جاء فى كتاب مايلز كوبلاند مندوب السيى آى إيه فقد تم تجنيد الضابط عبد الناصر عن طريق محمد حسنين هيكل عميل السى آى إيه . والاتفاق أن يقوم عبد الناصر بانقلاب على الملك فاروق ، وأن يحكم مصر ، وتظل أمريكا مبتعدة عنه ، وتكتفى بتوجيهات تصله عن طريق هيكل . وبهذا بدأ حكم العسكر فى مصر ليدمر أكبر قوة يمكن أن تقضى على إسرائيل . هذا يفسّر كيف إنهزم عبد الناصر مرتين بأوامر من أمريكا عام 1956 وعام 1967 ، وبنفس الطريقة . وقام عبد الناصر بنشر الانقلابات العسكرية والقلاقل فى سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا . وعندما أدّى دوره واصبح عبئا تم التخلص منه ليحل محله عميل آمريكى آخر هو السادات . طبقا لآوامر كيسينجر وردا على تعنت إسرائيل قام السادات بحرب تحريك ( حرب اكتوبر ) ، وعبر الجيش المصرى خط بارليف ، وكان ممكنا أن يواصل إنتصاراته ، ولكن جاءت الأوامر للسادات بالتوقف ، وفتح ثغرة تسلل منها شارون ، فأصبح تعادل بين اسرائيل ومصر ، لاسرائيل جيش قريب من السويس ويحاصر جيشها الثالث ، ولمصر جيش فى أرضها فى سيناء . انتهى الأمر باتفاقية كامب ديفيد التى أعادت سيناء لمصر منقوصة السيادة . اصبح السادات عبئا على أمريكا فتم التخلص ، بعد أن قامت أمريكا بتجهيز مبارك لخلافته. توسّع مبارك فى تهريب الأموال بالبلايين ، ووصفوه بأنه الكنز الاستراتيجى لاسرائيل . وتنازل عن حقوق مصر فى الغاز لاسرائيل ، وصار يستورد الغاز المصرى منها بأضعاف سعره فى السوق العالمى . عمّر مبارك فى السلطة محتارا بين توريث إبنه أو تمديد حكمه ، فى نفس الوقت الذى إستشرى فيه فساد مبارك وولديه وزوجته ، وكان هذا فى صالح الاخوان المسلمين وهم المعارضة المنظّمة . جاء القرار بالتخلص من مبارك ومحاكمته ترضية للشعب وتمكين الإخوان من الحكم مؤقتا لاظهار عجزهم وعدم صلاحيتهم . وهذا ما حدث ، وعاد العسكر للحكم من خلال المجلس العسكرى ، وانتهى الأمر بوصول السيسى أحطّ فرعون حكم مصر .

2 ـ فى الحكم الملكى كان فى مصر دستور وتداول للسلطة بين الاحزاب وليبرالية وحرية تعبير . بوصول عبد الناصر قضى على المثقفين والنشطاء السياسيين بالسجن والقتل والتعذيب ، وأسس بدلا منهم جيلا من المنافقين ، وتحكم فى الاعلام والتعليم والأزهر وفى الثروة والسلطة والجيش والأمن والمخابرات فأصبح حكمه فرديا لا معقب لرأيه . هو نفس النظام من وقتها وحتى الآن . جزء من المصريين (أقل من واحد فى الألف ) يخدم الفرعون فى الجيش والأمن والقضاء والنيابة والحكومة . وبهم يتم سجن الأبرياء وتعذيبهم وإخفاؤهم قسريا ، وهدم بيوتهم وتشريدهم ، وسرقة آثارهم ونهب أموالهم والاقتراض باسمهم . الأغلبية الساحقة من المصريين أفقرهم الفرعون فأصبح همهم الطعام وغلاء الأسعار والحدّ الأدنى من الكفاف . وإرهاب الفرعون يحاصرهم ، وهم يتحاشونه بالمشى جنب الحيط ، أى يموتون ببطء خوفا من موت سريع فى السجون التى تضاعف عددها فى عصر السيسى بما يناسب توسعه فى بناء القصور له ولزمرته .

3 ـ إسرائيل هى التى تتزعم المنطقة ، ولا يصل لحكم مصر إلا من ترضى عنه . ولا يملك الفرعون المصرى إلا خدمتها ، بينما هو يعصف بالمصريين الغلابة . ونرى موقف عسكر مصر المخزى من ذبح وتجويع الفلسطينيين. عار ما بعده عار .!!

4 ـ الحل بسيط جدا ؛ ثورة شعبية دموية من ال 99 % تلتهم ال 1%  .

قال أحمد شوقى :

وللحرية الحمراء باب   بكل يد مضرجة يُدقُّ

ويقول المثل الشعبى المصرى : الربّ واحد والعُمر واحد . ستموت فى موعدك ، سواء رضيت بالذُّلّ أو قاومت الذُّلّ.

اجمالي القراءات 888