الفرق بين حرية الراى ودروب الهوى
عثمان محمد علي
في
الأربعاء ١٧ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
كتب الأستاذ الكريم سامر الإسلامبولى مقالة عن (موقف العصاة يوم القيامة وهل هم مخلدون فى النار أم خارجين منها ؟؟) .
وفى الحقيقة هذا الموضوع كتب فيه أستاذ الدكتور منصور كتابا ومقالات عدة تحت إسم (المسلم العاصى ،والخروج من النار) ،وكتب فيه أيضا كثير من إخواننا الكرام على صفحات هذا الموقع ،وعلى غيره من المواقع الكثيرة. و من الممكن الرجوع إليها لمن أراد أن يقرأها أو يستعيد ما فيها من معلومات عن الموضوع .
وخلاصة تلك الكتابات تقرر الآتى : عُرف وإستقر رأى أهل القرآن من خلال دراستهم وتدبرهم لآيات القرآن الكريم بأن (الجنة والنار دار خلود ) ولا خروج منهما أبدا ،وأن ما يقال عكس ذلك لهو من قبيل الأمانى والغرور بالدين .
إلا أن الأستاذ الكريم –سامر– جاء برأى قديم جديد ، بأنها ستكون عملية مؤقتتة وستنتهى وتذهب إلى حال سبيلها وسيخرجون من النار ويهرولون إلى النعيم .
وفى الحقيقة إثارته لهذا الموضوع لم تثر حفيظتى لأنه كما قلت راى قديم متجدد سواء من سيادته أو من غيره ،وقد قلنا رأينا فيه (ككتاب أهل القرآن جميعا) من قبل ،وإنتهى الأمر ولا يجب أن نقف عنده مرة أخرى لكى لا نظل نعيد إختراع العجلة ونلف وندور فى نفس الدائرة ،وعلى القارىء أن يقرأ الرأيان ويقارن بينهما ويختارلنفسه ما يناسبه ،وحسابه على الله .
ولكن الخطير فى الأمر، و الذى توقفت عنده هو ما جاء بين ثنايا مقالته ، من إنكاره، وتسخيفه للإيمان بجزء من الإيمان بالغيب وهو الإيمان بوجود الجن والشياطين وذريتهما ،و وخضوعهما للحساب يوم القيامة ،وإعتبارذلك درب من الخيال، ومن الأشباح التى تسرى فى عقول المؤمنين بها ...
. ثم توالت تعقيبات الإخوة الكرام للرد على مقالته ،وشاركت فيها بإستفسار لأقطع به الشك باليقين فى فهمى لما جاء فيها .وجاءت ردوده تؤكد على ما فهمناه منذ الوهلة الأولى، وهو إنكاره بالفعل لوجودهما وللغيب القرآنى الذى تحدث عنهما .
فما كان منى بعدها إلا أن طرحت وجهة نظرى لإدارة الموقع المكرمة بأن تتحول صفحة الأستاذ –سامر الإسلامبولى –من أهل القرآن ،إلى أصدقاء أهل القرآن وذلك للإختلاف الكبير بين منهجه الفكرى فى فهم حقائق القرآن وبين منهج الموقع .
. فرد الأستاذ الكريم الفاضل –محمد الحداد – بتعقيب ،يلومونى فيه بأن هذا يعتبر حجرا على الفكر ،ولا بد أن نتعامل فى دائرة فكرية أوسع.
.ولا أختلف معه من حيث المبدأ ،ولكن لى ملاحظات حول حرية الفكر ،ولنتخذ من حالتنا هذه مثالاً عليها ،نتناقش حولها ولشرح وجهة نظرى فى لماذا طرحت ذلك على إدارة الموقع .
فبعد شكر الأستاذ الكريم –محمد الحداد ،أقول –سريعا
_1- بكل تأكيد أن أستاذنا الدكتور منصور –هو من يملك أن يصنف كتاب الموقع بأن يضيف هذا إلى كتاب اهل القرآن ،وهذا إلى أصدقاء اهل القرآن حسب ما يراه من خلال كتاباته وإتفاقها أو إختلافها مع منهج الموقع الفكرى ، أو من ينيبه إداريا فى تنفيذ أوامره الإدارية من معاونية الكرام فى إدارة الموقع . وتوصيتى لم تخرج عن كونها مجرد طرح لوجهة نظرى بعد قراءتى لمقالة وردود الأستاذ الكريم – سامر الإسلامبولى – ليس إلا.
2- أزعم أنى من أكثر الناس دفاعاً عن حرية العقيدة ،وحرية الرأى ،وحرية الإختلاف ،ولكن بشرط أن تكون حرية مسئولة ،لا تسفه الحقائق ولا تمحيها ولا تكن لمجرد أن يقول صاحبها (أنا هنا) ، وهذا يقودنا إلى النقطة التالية وهى .
3- كلنا نعلم أن لهذا الموقع الكريم خصوصية فكرية أحسبها فريدة من نوعها ،وعلى درجة عالية من النقاء ،ولا تقبل معها أى شائبة فكرية مهما كان قائلها ،وتمثلت هذه الخصوية فى بعض بنود منهجه الفكرى التى تركزت فى ما جاء به القرآن الكريم فى أوامره لنا (بالإيمان بالله واليوم الآخر) ، وقد عمل رواده على تطبيقها من خلال الإعتماد على القرآن وحده مصدراً لفهم آيات القرآن الكريم وليعودوا بالمسلمين لحقائقه فقط فى دينهم الحنيف ، وأنه ليس موقعا عاما يسمح بالشطط الدينى والإلحاد والكفر بآيات الله على صفحاته ،فهو اشبه ما يكون ببيت لا يذكر فيه إلا إسم الله فما يخص شئون الدين والقرآن والإسلام . ومن ثم ،
4- فكما أننا نتصدى لسوءات التراث ونفندها ونمحصها ا ونكشف زيفها وشططها وبعدها عن القرآن ، فلا يمكن أن نتساهل و نتغاضى عن (أحلام البقظة ،وأمانى النفوس البشرية ،وإنتاج ما وسوس به الشيطان ) للأحياء فى زماننا هذا ،تحت حجة حرية الرأى ،وعدم الوصاية عليه ،ووووو. ونصمت على نشره على هذا الموقع المبارك ذات الخصوصية الفريدة فى منهجه الفكرى كما قلت سابقا) ، والذى إرتأى صاحبه الكريم ،وإدارته منذ البداية أن يضيف كُتابه الكرام فى صفحتين متكاملتين (صفحة كتاب أهل القرآن ،للذين يعبرون عن منهجه الفكرى ويلتزمون به طواعية . ) وصفحة الأصدقاء ،للذين يتكاملون ويتكاتفون معهم فى هموم الوطن وإصلاح المواطنين فى شئونهم الأخرى .
5- فبعدما قرأت مقالة الأخ سامر ، التى سرب من خلالها رأيه فى جزء من الإيمان بالله واليوم الآخر ،وتأكدت بما لا يدع مجالاً للشك من انه لا يعترف ،ولا يؤمن بوجود أجناس من الجن والشياطين وذرياتهم،وحسابهم يوم القيامة، ويعتبرها أوهاما ،وخيالات وأشباح فى رأس من يؤمن بها ويعتقد فيها ، فأيقنت انه بالتالى ينكر (وإن لم يُصرح به كتابة) كل ما نقرأه ونعلمه من الغيب القرآنى عن(خلق آدم ،وما حدث فيه ،وما دار فيه من حوارات بين ربنا سبحانه وتعالى ،وبين الملائكة ،وبين آدم ،وبين الشيطان ،وما حدث فى جنة المأوى ،وبقية القصة وووووووووو ، لأنه لا يؤمن بوجودهما ، وبالتالى فقد تكون كل هذه أوهام وخيالات وخزعبلات واشباح ،تنتمى إلى اساطير الأولين ) ومن ثم فعلينا أن نشُك فى الله جل جلاله ،وفى وجوده لأنه سبحانه وتعالى هو الركن الركين فى هذه القصة كلها ،وهو سبحانه الذى خلق كل هذه الكائنات لطاعته وعبادته ،وهو سبحانه الذى أخبرنا عنها من خلال رسالاته منذ آدم عليه السلام ،وحتى الرسالة الخاتمة ،وأمرنا أن نؤمن بها ،وجعلها جزءاُ لا يتجزء ،وركنا متيناً من إيماننا (بالله واليوم الآخر) ،وعندما أقول إيماننا باليوم الآخر فأنا أعنى إيماننا بالغيب كله الذى سينكشف لنا واقعاً حقيقيا ملموسا يوم القيامة .ومن هنا .فعندما ننكره فنحن ننكر كل ما جاء به وفيه وعنه بكل ما تتخيلون من معان وأفكار تعن لكم .
6- وعندما وجدت هذه الهوة السحيقة بين ما نؤمن به ،والذى إتهمنا به الأستاذ – سامر بأننا واهمون فى إيماننا وتصديقنا به ، فطالبته بان يُراجع نفسه ويعيد قراءة القرآن مرة اخرى ،ويتوب إلى الله قبل فوات الأوان والا يسير وراء خطوات أصحاب الهوى من اصحاب تلك الأفكار الى قرأتها لهم وأكثر منها قبل أن يعرضها سيادته (وهذا حقه علىّ من باب التذكرة والتواصى بالحق) ، إلا أنه وللأسف إعتقد أنى أفرض عليه وصايتى ، يا سبحان الله !!!!!
فبالتالى لا يمكن أن نلتقى فى منتصف الطريق الفكرى ،لأنى لا يمكن ان اتنازل عن إيمانى بالغيب ، الذى يعتبره هو بالنسبة لنا أوهام، وهو لن يتنازل عما يعتبره كشفاً جوهريا ،وكنزا معرفيا لا يفنى - ثم هو فى تعليق أخير له يعتبر أن مقام الرسول سيظل موصولا بمعنى أن العلماء يدخلون ضمن (الرسل) فيقول (كون كل نبي رسول والعكس غير صواب، وتم ختم النبوة وبقي مقام الرسول مفتوحاً ضرورة لإقامة الحجة على الناس، ويتحقق هذا المقام بالعلماء والدعاة.
.....ومن هنا
طرحت وجهة نظرى فى أن تنتقل صفحتة من (كتاب أهل القرآن ) إلى أصدقاء أهل القرآن ، لأننا أصبحنا على طرفى نقيض فى إيماننا بالغيب وباليوم الآخر ،وأن فكره هذا (من وجهة نظرى ) لا يتمشى مع منهج وفكر- أهل القرآن ، وأكرر للمرة الآخيرة لأنه وبإختصار وبوضوح ينكر حقيقة من أهم حقائق القرآن وهى الإيمان باليوم الآخر . سواء كان إنكاراً كليا أو جزئيا ، وأنا أفهم أن الإيمان لا يتجزأ ولا يمكن أن يكون نسبياً أو بنسبة مئوية معينة (وأنا لا أحاسبه عليه – حاشا لله – فحسابنا على الله جميعا – ) ولكن من وجهة نظرى يجب أن نعلن رأينا فى رفضنا لما جاء به وندافع عن القرآن الكريم وحقائقة ما دمنا نرجو من الله أن نكون من الشاهدين . ونحافظ على خصوصية الموقع ونقاء افكاره من أى شائبة تشوبه ما إستطعنا إلى ذلك سبيلا.
7- وفى النهاية شكرا استاذ – سامر ،ولن ارد على ما جاء فى تعقيبك الأخير من إساءات .
وشكرا مرة أخرى للأستاذ الكريم محمد الحداد -على غيرته على حرية الرأى والمعتقد ،والتى اشاطره فيها ،ولكن كما قلت بشرط أن تكون حرية مسئولة ،وليست شططاً أو دربا من
دروب الهوى ...
هدانا وهداكم الله إلى الإيمان به وباليوم الآخر وما فيه من غيبيات .