الأوراد

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٩ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
زارنا شيخ صوفى من بلدنا ومن أقاربى ، وصليت معه العشاء ، وبعدها سمعته يرتل مثل ترتيل القرآن كلام غريب جدا ، فسألته عنه فقال إنه ( حزب ) أو ( ورد) الشيخ ابو الحسن الشاذلى . فسألته عن هذا فقال ان الأحزاب والأوراد هى صيغ التصوف فى التهجد ، وقال إن لكل طريقة الأوراد الخاصة بها ، وفى الطرق الشاذلية هناك حزب الشاذلى وحزب ابن مشيش . ورأى عدم إقتناعى بما أسمع فسكت ، وأصابنى الاحراج فلم أسأله . وأسألك هل هذه الأوراد تتفق مع الاسلام ؟ وهل كان يقولها النبى عليه السلام ؟
آحمد صبحي منصور

الاجابة

لكل دين أرضى مصطلحاته وعباداته والتى تعبر عن عقيدة هذا الدين . ودين التصوف من مصطلحاته التعبدية الأوراد أو الأحزاب ، وهى عبادات يقرءونها تعبّر عن عقائدهم فى وحدة الوجود والاتحاد بالله والحلول الالهى فيهم . وكل هذا من أبشع أنواع الكفر . فالشاذلى فى حزبه الذى يردده الشاذلية يقول مثلا : (  اللهم صلني بإسمك العظيم الذى لا يضر معه شيئ في الأرض ولا  في السماء، وهب لي منه سراً لا تضر معه الذنوب شيئاً ، واجعل منه وجهاً تقضى به الحوائج للقلب والعقل والروح والسر والنفس .. وادرج أسمائي تحت أسمائك وصفاتي تحت صفاتك وأفعالي تحت أفعالك .. واغنني حتى تغنى بي ، واحيني حتى تحيى بي ما شئت ومن شئت من عبادك ،واجعلني خزانة الأربعين ). وهذا تعبير صريح عن الحلول والاتحاد . والصوفى المغربى ابن مشيش له ورد مشهور بأنه صلاة ابن بشيش ، يقول فيه : ( وزجُني في بحار الأحدية ، وانشلني من أوحال التوحيد ، واغرقني في بحر عين الوحدة ) ، أى يجعل التوحيد ( لا إله إلا الله ) ( أوحالا ) ، ويدعو أن يغرق فى الذات الالهية ويتحد بها بعيدا عن تلك ( الأوحال ) ، أى يصف الاسلام بالأوحال .!. عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا .   

إسلاميا :

1 ـ من حيث المصطلحات :

1 / 1 :   مصطلح ( الورد ) ومشتقاته يأتى بمعنى مختلف تماما ، وهو الدخول ، ومنه قوله جل وعلا : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص ) (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً (71) مريم )  ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) الأنبياء  ) ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) هود ).

1 / 2 : مصطلح الحزب والأحزاب جاء كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه : ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) المؤمنون ) ( وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم  ) ( يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ ) الاحزاب 20  ) ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22) الاحزاب) ( جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ (13) ص  ).

2 ـ من حيث التعبُّد  :

2 / 1 :  قال جل وعلا : ( أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً (78) وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً (79)  الاسراء ) . وهذا هو التهجد بتلاوة القرآن الكريم فى الليل وفى الفجر . وهذا أمر للمؤمنين والنبى ، وثوابه المقام المحمود ، أى الجنة . قال جل وعلا عن أهل الجنة وهم يحمدون فيها ربهم جل وعلا : ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)  فاطر ).

2 / 2 : وعن قيام الليل تعبدا بذكر الله جل وعلا والصلاة وقراءة القرآن قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 : (  تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) السجدة )

2 / 2 / 2 : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (9)   الزمر )

2 / 2 / 3 : ( كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) الذاريات  )

2 / 2 / 4 : (  إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) المزمل ) .

3 ـ هذا زائد على الصلوات الخمس المفروضة . لذا هو ( نافلة ) كما جاء فى سورة ( الاسراء ) . والنافلة تعنى الزياد كقوله جل وعلا عن ابراهيم عليه السلام  : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) (72) الأنبياء )   

اجمالي القراءات 2404