بين السعودية وأمريكا

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٧ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
جاء فى موقع الحرة الأمريكية هذا الخبر تحت عنوان ( حتى لا تٌعدم.. هربت من السعودية وربحت قضيتها بالولايات المتحدة ): ( قضت محكمة في ولاية واشنطن بالسماح للناشطة ألاميركية بيثاني الحيدري، التي كانت فرت من السعودية عام 2019 مع ابنتها، بالبقاء في الولايات المتحدة باعتبار أنها ستواجه خطر التعرض للإعدام إذا عادت للمملكة . . وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية" إن القرار القضائي هو الأول من نوعه الذي يتم فيه معالجة قضية في محكمة أميركية تتعلق بقوانين حضانة الطفل وحقوق المرأة في المملكة، واستخدامها لفرض عقوبة الإعدام ضد الناشطات. وذكرت الصحيفة أن محكمة الاستئناف في ولاية واشنطن وجدت أن هناك "أدلة كافية تدعم استنتاج محكمة أدنى درجة بأن بيثاني الحيدري، التي تحمل ابنتها زينة الجنسيتين الأميركية والسعودية، ستواجه حكم الإعدام إذا عادت إلى السعودية بسبب معتقداتها الدينية والسياسية وجاء في الحكم القضائي أن "محكمة واشنطن لا تحتاج إلى تنفيذ مرسوم صادر عن مرسوم حضانة أطفال في دولة أخرى، ويجوز لها ممارسة الولاية القضائية على الحضانة إذا كان قانون الدولة الأجنبية يعاقب المرتدين عن الدين بالإعدام"، وفقا للصحيفة. وقضى الحكم كذلك أن "اتفاقية الحضانة التي وقعتها بيثاني الحيدري أثناء إقامتها في المملكة العربية السعودية وُقِّعت بالإكراه ". ويمثل الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في ولاية واشنطن نهاية نزاع طويل الأمد بشأن حضانة الطفلة بين بيثاني الحيدري وزوجها السابق السعودي غسان عبد الرحمن الحيدري . وحسب ما ورد في سجلات المحكمة فقد اتهمت بيثاني زوجها السابق بإيذائها لفظيا وجسديا وتم تجريدها من الحقوق المتعلقة بطفلتها بعد الطلاق، وهو ما ينفيه طليقها . وانفصلت الحيدري عن زوجها السعودي، وغادرت المملكة مع ابنتها عام 2019، بينما رفع زوجها دعوى قضائية للاحتفاظ بحضانة ابنته . وقد خضع قانون الحضانة في المملكة لتعديلات عدة ليتناسب مع الوالدين بعد الانفصال، ومن شروطه أن يكون الحاضن للطفل "على دين الإسلام"، حسب موقع وزارة العدل السعودية . وأثناء خلافهما على الحضانة، نشر غسان صورا لبيثاني بلباس البحر وهي تمارس اليوغا، مما أدى إلى التحقيق معها بتهمة الفحش العام والإخلال بالنظام العام. كما اتهمها بالخيانة الزوجية وإهانة الإسلام، وهي جريمة عقوبتها الإعدام داخل المملكة . وباعتبارها الوصي القانوني على طفلتها، كانت بيثاني، وهي غير مسلمة، بحاجة إلى إذن زوجها السابق لمغادرة السعودية مع ابنتها . وتقول "الغارديان" إن السيدة البالغة من العمر 36 عاما وضعت خطة للهروب تضمنت الاعتذار لزوجها السابق والتظاهر بأنها لا تزال تريد البقاء معه . وذكرت لصحيفة الغارديان أن "العلاقة المزيفة استمرت لعدة أشهر حتى تمكنت من استعادة ثقته والحصول على إذنه بمغادرة المملكة مع ابنتها إلى الولايات المتحدة . وكانت بيثاني وصفت في تصريحات سابقة لموقع "الحرة" القوانين السعودية المتعلقة بحضانة الأطفال بأنها "تمييزية وفاضحة ." وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق من أن الأم ستواجه "خطرا جسيما بالتعرض للجلد، والسجن المطول، وعقوبة الإعدام" إذا حكمت المحكمة بإعادة زينة، وعادت الأم إلى السعودية لمرافقة ابنتها . وتقول الغارديان إن الأم الأميركية تواجه ظروفا صعبة بالنظر إلى مواقفها من قضايا حقوق الإنسان ودفاعها الصريح عن المعتقلين في المملكة، وقد اتُهمت بعدة "جرائم"، بينها انتقاد المملكة والإسلام، وهو ما يعرضها لخطر الجلد والإعدام . ). انتهى الخبر ، والسؤال عن رأيك عن حكم الاسلام فى هذه القضية ، وهل يتفق مع حكم المحكمة الأمريكية أم القوانين السعودية ؟
آحمد صبحي منصور

1 ـ ليس فى الاسلام إعدام إلا فى حالة قتل النفس بالنفس ، وحتى فى هذه الحالة توجد  إستثناءات ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)  البقرة ).

2 ـ فى كتابنا الذى ننشر حلقاته عن ( ماهية الدولة الاسلامية ) ذكرنا الحرية الدينية المطلقة من الأُسُس القيمية للدولة الاسلامية ، وأنها تقوم على الاسلام السلوكى بمعنى السلام ، وعلى الايمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان ، وعليه فكل إنسان مسالم مأمون الجانب فهو مواطن فى الدولة الاسلامية يتمتع بنفس الحقوق مع الآخرين بغض النظر عن الجنس والعرق واللون والدين والمذهب . معتقداته فى الاسلام القلبى فمرجع الحكم فيها الى مالك يوم الدين جل وعلا يوم الدين الذى سيحكم بين الناس فيما هم فيه مختلفون فى الدين . وبهذا ، فليس لبشر أن يتدخل فى الحرية الدينية لبشر مثله ، وإذا فعل فقد جعل نفسه إلاها مع الله جل وعلا ، وأقام يوما للدين فى هذه الدنيا قبل مجىء يوم الدين فى اليوم الآخر.

3 ـ عليه فإن قرار المحكمة الأمريكية متفق مع الاسلام ، وأن للأم الحق فى حضانة إبنتها ، وبالتالى يكون حكم المحكمة السعودية معبّرا عن تناقض أساس مع الشريعة الاسلامية الحقيقية ، وهذا الحكم يتفق مع الشريعة الوهابية الشيطانية .

4 ـ ونأمل فى حركة الاصلاح التى يقودها ولى العهد أن تبادر باصلاح النظام القضائى فى المملكة بحيث يقترب من الشريعة الاسلامية الحقيقية ، فمن الظّلم الهائل الحكم بسجن الشخص لمجرد كتابة على السوشيال ميديا تخالف رأى ولى العهد . مهما يُقال ومهما يُكتب ـ حتى لو كذبا ـ فلا يؤثر فى استقرار حُكم قائم على العدل . الحكم المؤسس على الظلم هو فقط الذى يهتزُّ هلعا من أى كلمة تنتقده . هذا لن ينقذ النظام من سقوط قادم ، ولا ينقذ الظالمين من عذاب الآخرة . قال جل وعلا محذّرا مهدّدا باسلوب التأكيد : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) ابراهيم ).

اجمالي القراءات 1763