أولا : بين السلطان وزعيم العصابة
1 ـ على رأى القول المصرى الشائع ( هات م الآخر ) أو على حد القول التراثى ( إرم الغرض الأقصى ) نبدأ بسؤال : ما هو الفارق بين الحاكم المستبد وزعيم العصابة ؟
2 ـ تخيل قرية تحكمها عصابة من اللصوص ، ويقوم زعيم العصابة بارهاب أهل القرية وفرض الاتاوات عليهم ، ومن يرفض دفع الاتاوة يتعرض للقتل أو حرق منزله أو تسميم بهائمه أو خطف أولاده أو إهانة زوجته ، أو سحله وضربه على رءوس الأشهاد . ومن يدفع ويسمع ويطيع ويقدم الولاء لزعيم العصابة يعيش آمنا ، بل ربما يعينه جاسوسا على أهل القرية ، ويأخذ بعض الفتات من المنهوب من أهل قريته . وطالما ينشغل أهل القرية بدفع الاتاوة فزعيم العصابة يتركهم يعملون لأنهم طالما يعملون وينتجون فهو الذى يكسب من عرقهم ، ومن هنا يتعين عليه أن يحمى ( قريته ) التى يمتص دم وعرق أهلها ، ولا بد أن يدافع عن هذه القرية إذا هاجمها زعيم عصابة آخر لأن هذا الزعيم المنافس ليس فى الحقيقة عدوا للقرية ، بل هو عدو منافس لزعيم العصابة الذى انفرد بالسيطرة عليها ، وهو يريد تحريرها منه ، ليس لتحرير اهل القرية ولكن ليكونوا عبيدا له هو بدلا من ذلك الزعيم الذى يملكها ويحكمها .
3 ـ يبدو الفارق ضئيلا بين زعيم العصابة هنا والحاكم المستبد فى العالم العربى ،ولكن النظرة المتفحصة تظهر فارقا كبيرا بين زعيم العصابة المجرم البسيط والمستبد العربى المجرم العريق.
زعيم العصابة العادى يمتاز عن المستبد العربى بشرف الصراحة ، فهو مجرم صريح ، ويعرف هذا وقد يعلنه دون خجل ، وهو لا يتوارى خلف شعارات وطنية او قومية او دينية ، ولا يفرض شعاراته على أهل القرية، ولا يتدخل فى حرياتهم الخاصة ولا فى حريتهم الفكرية أو الدينية ، فكل الذى يعنيه هو الاتاوة ، ودوام سلطانه .
والأهم من هذا كله أنه لا يستخدم فريقا من أهل القرية يجندهم لحمايته طما يفعل المستبد الشرقى الذى يقوم بتكوين جيش من الشعب يحميه من غضب الشعب ويقوم بتسليحه من عرق الشعب ليسفك به دماء الشعب إذا حدث وثار عليه الشعب ، وهذا المستبد يجبر فريقا من الشعب أن يكونوا (الأمن المركزى ) ليضرب بهم إخوانهم من بقية الشعب ، ويقوم بتعيين أرذل وأحقر صنف من أفراد من الشعب ليقوموا بتعذيب و قهر الشعب تحت نفس الشعارات المزيفة وطنية أو قومية أو دينية .
زعيم العصابة لا تزال فيه بقية من شرف يستحى معها أن يفعل ذلك ، وربما لا يقدر على ذلك ، ولكن هذا ما يفعله المستبد المصرى والعربى والمسلم والشرقى ـ وبكل بجاحة ، ودون أدنى شعور بالخجل .
ضحايا زعيم العصابة أقلية مهما تضاعف عددهم. أكبر مجرم فى العراق طيلة التاريخ العراقى لم يقتل العدد الذى قتله صدام حسين من العراقيين وغيرهم ، ومع ذلك كان صدام ـ ولا يزال عند بعضهم ـ بطلا . نفس الحال مع كل المستبدين من هتلر الى ستالين الى عبد الناصر وعبد العزيز آل سعود وحتى حسنى مبارك .
ثم إن ما يأخذه زعيم العصابة قليل مهما كثر بعكس المستبد (زعيم الأمة وقائد الوطن و حامى حمى الدين ) الذى ينهب كل ما يقدر عليه ، ويدخره للمستقبل خارج بلده تحسبا للظروف و عملا بالمثل القائل ( القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود ) ، جعل الله تعالى أيامهم القادمة أسود من قرن الخروب ..!!
4 ـ (م الآخر ) كل الحكام المستبدين هم أسوأ أنواع اللصوص وأبشع أصناف المجرمين . فليس الذى يقتل فردا مثل الذى يقتل شعبا ، وهم أحقر البشر على الاطلاق لأنهم يضعون تحت أحذيتهم أشرف المعانى فى قاموس الانسانية :الوطن والدين والقومية والعدل والحرية.
(م الآخر ) ينطبق هذا على كل حاكم مستبد ، سواء كان خليفة من الراشدين أو غير الراشدين ،أو كان من العلمانيين أو المتدينين ،بل أسوأ المستبدين هو من يستخدم الدين فى خداع العوام المساكين.
5 ـ هذا الفارق بين زعيم العصابة والحاكم المستبد يجعل الحاكم المستبد محتاجا لملامح تجميل تجعله محترما فى الظاهر بحيث يبدو مختلفا عن طائفة اللصوص و المجرمين.
زعيم العصابة البسيط المسكين لا يمكن ولا يستطيع ولا يحتاج لأن يحيط نفسه ببطانة تخدع له أهل القرية وتصوره لهم ممثلا للوطن أو زعيما للأمة أو مختارا من رب العزة لحكم أهل القرية . ولكن الحاكم المستبد محتاج لهذا الماكياج ليخدع الناس ، لذا تجد أجهزة الاعلام وأجهزة الثقافة و قبلهم رجال الدين تحت السيطرة المباشرة للمستبد كى يسيطر على عقول الناس فلا تراه زعيم عصابة ولكن زعيم أمة ورمز الوطن وخليفة رب العالمين.
6 ـ زعيم العصابة العادى يحتاج فقط أن يرهبه الناس ليدفعوا له الاتاوة ، أما الزعيم المستبد فيحتاج الى أن يرهبه الناس والى ان يحبه الناس والى ان يقدسه الناس ، والى أن يعبده الناس ، إما بزعم أنه (الحاكم الملهم ) ـ علمانيا ،أو بادعاء أنه (ظل الله على الأرض ) دينيا. ولهذا يصل المستبد فى النهاية الى إدعاء الالوهية صراحة مثل فرعون موسى أو ضمنا مثل معظم الفراعين من المسلمين وغير المسلمين .
ثانيا : بين (نظام ) حكم المستبد و(تنظيم ) العصابة
وأوجه التشابه والتداخل بين ( تنظيم العصابة) و( نظام الحكم المستبد ) كثيرة ومتشعبة ، وليس هنا موضع التفصيل والتقعيد فيها ، ولكن نعطى بعض لمحات للتوضيح :
1 ـ :تنظيم العصابة بسيط لأنه سيطرته لا تتعدى منطقة فى مدينة أو قرية يفرض عليها نفوذه وإتاواته ، أما نظام المستبد فهو نظام كامل للحكم يحمل لقب الدولة ، والمستبد هو كل الدولة ومصدر السلطات ، وكلمته هى القانون ، بكلمة منه يقتل من يشاء ، ومع كل السلطات الممنوحة له فليس مساءلا أمام أحد ، أى يجعل نفسه مثل رب العالمين (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) ( الأنبياء 23)، وهذا هو فحوى الدستور المصرى الذى يجعل من الرئيس مبارك الاها يملك كل شىء ، ويظل رئيسا مدى الحياة دون مساءلة . وهذا مستمد من الشريعة السنية التى تحمل اسم الاسلام زورا وبهتانا ، وفحوى هذه الشريعة الشيطانية أن المستبد هو (الراعى ) وأن الشعب هو( الرعية ) أى الأغنام والمواشى والأنعام التى يملكها ، وهو باعتباره الراعى له حق استغلال تلك الراعية واستثمارها ، وقتل منها ما يشاء و استبقاء من يشاء ، وهناك فى الدين السنى الأرضى (أحاديث ) توجب على الرعية طاعة الراعى ، وهناك فتوى فقهية سنية تجعل من حق الراعى ( الامام ) أن يقتل ثلث الرعية لاصلاح حال الثلثين . فأين لزعيم العصابة العادى بكل هذه السلطات ،وكل تلك القوانين ( الشرعية )؟
بل إن نفس الفقه السّنى يعتبر زعيم العصابة هذا مجرما قاطع طريق مستحقا لعقوبة الحرابة ، أى القتل والصلب ..فإذا قفز زعيم العصابة على السلطة اعترف به الفقه السّنى حاكما ( متغلبا )، وأوجب على الناس طاعته . وهذا ما كان يحدث ـ ولا يزال ـ فى تاريخ المسلمين.
2 ـ: بعض العصابات استطاعت تكوين دولة ثابتة أو متحركة أو مؤقتة.
ونعطى أمثلة ::
2 / 1 : فالدولة البويهية التى حكمت الخلافة العباسية ومعظم املاكها فى الشرق بدأت عصابة يقودها أبو شجاع بويه وأبناؤه الثلاثة ، ثم فى فترة اضطراب دخلوا فى الصراع المسلح ، وتحالفوا مع قائد اسمه مرادويج ، ثم انقلبوا عليه، وأقاموا دولتهم :( 334 : 447 هجرية )( 934 : 1055 )م .
2 / 2 : واشتهرت منطقة ( نجد ) جنوب الشام و العراق بانتاج دول متحركة ومؤقتة ، فالأعراب فيها إحترفوا قطع الطريق ، ثم تحت شعار دينى تتحول العصابات الى حركة مسلحة قد لا تنجح فى إقامة دولة مثل الخوارج، وقد تقيم دولة متحركة لا تلبث أن تسقط كحركة الزنج والقرامطة ، وقد تقيم دولا مؤقتة مثل الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة الراهنة.
وكلها تحت شعارات دينية مثل ( لا حكم إلا لله ) عند الخوارج ، والذى تطور الى (الحاكمية ) الوهابية السنية، ومثل التشيع القرمطى ،أما حركة الزنج فقد جمعت بين شعارات الخوارج و الشيعة.أى تتحول العصابةالى حركة دينية يمارس فيها قطع الطريق والقتل والسلب والنهب والسبى تحت شعار الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.وبه يقيم (التنظيم) العصابى دولة و(نظام حكم ) مستبد. ونفس الحال تقريبا فى شمال أفريقيا.
3 : حين يضعف ( نظام الحكم ) بسبب ضعف المستبد تظهر عليه بوضوح ملامح العصابات و سلوكياتها ، أى يتحول من (نظام حكم ) الى ( تنظيمات ) من العصابات المسلحة ، فى العاصمة أو فى أطراف الدولة ، وقد يطلق عليها من باب الأدب مصطلح ( مراكز القوى )، وتدخل الدولة أو (نظام الحكم ) المستبد الى عصور من الفوضى والصراع الداخلى ، وتزدهر فيه تكوين عصابات من الأهالى ، وتتحول مراكز القوى الى عصابات حقيقية تسلب الناس وتسبى نساءهم وتقتلهم بسبب وبدون سبب .
ونعطى أمثلة:
3 / 1 :ـ فالخليفة المتوكل العباسى فى القرن الثالث الهجرى حين قطع العرب من الجندية تحول الجنود العرب فى مصر الى قطع الطريق، واستمروا يعيثون فى أطراف مصر فسادا ، وهم المسئولون عن تخريب الساحل الشمالى من غزة الى طبرق ، وبسببهم تخربت مدن مصرية تاريخية كانت ذات شأن ، مثل تنيس ومريوط وغيرها ، وكان الساحل الشمالى المصرى حدائق خضراء تأمن المرأة أن تسافر فيه وحدها من الاسكندرية الى طبرق كما كان يقال ، انتهى ذلك كله طيلة العصر العباسى الثانى ، حتى إذا جاء العصر المملوكى أصبحت غارات الأعراب تهدد العمران المصرى فى الدلتا و القاهرة ، بل وتحكم بعضهم فى مناطق الصعيد.
3 / 2 ـ والخليفة المتوكل نفسه حين قطع العرب و الفرس من الجندية أحلّ محلهم الجنود والقواد الأتراك الذين استقدمهم من أواسط آسيا ، وقد تغلب أولئك الأتراك على الخلافة العباسية ، وتقاسموا أملاكها ، حتى إذا جاء عصر الخليفة الراضى أصبح نفوذه لا يتعدى بغداد وضواحيها.وفى أواخر تحكمهم الذى استمر فيما بين ( 232 : 334 ) تحول قوادهم الى زعماء عصابات متناحرة متقاتلة ، تتحارب فيما بينها وتحترف سلب ونهب الناس، وانتهى الأمر بأن حلّ البويهيون محل أولئك الأتراك ، وسبقت الاشارة الى أن البويهيين كانوا فى الأصل عصابة لصوص.
3 / 3 ـ وفى فترة الفوضى و الضعف فى (نظام ) المستبد العباسى كانت تنشط (تنظيمات) العصابات، ومنها عصابات دينية سياسية مثل تنظيمات العصابات الحنبلية التى حكمت الشارع العراقى بعد اختراع الحنابلة حديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) وقد جعلوه شعارهم الدينى، يفرضون به سلطانهم ، ولا يزال ذلك الحديث الملعون شعارا للحنابلة الوهابيين حتى اليوم .
وفى تاريخ أبى الفدا يقول عن عام 323 تحت عنوان ( فتنة الحنابلة ببغداد) : ( وفيها عظم أمر الحنابلة على الناس وصاروا يكبسون دور القواد والعامة فإن وجدوا نبيـذاً أراقوه وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء واعترضوا في البيع والشراء وفي مشي الرجال مع الصبيان ونحو ذلك ) .
وباضمحلال تلك العصابات الدينية السنية الحنبلية حل محلهم عصابات من العوام كان لقبهم ( العيارون ) ، وقد فرضوا أنفسهم على تاريخ العراق فى القرنين الرابع والخامس من الهجرة ، حسبما يظهر فى تاريخ ابن الجوزى ى( المنتظم ).
ثم انتشرت تنظيمات عصابية أخرى كالفتوة والفتيان منذ القرن السادس الهجرى ، وانضم اليها الخليفة الناصر العباسى ، وقد عرضنا له فى مبحث سابق.
وفى عهد المسعصم آخر خليفة عباسى سيطرت العصابات على بغداد ،وانضم بعضها للجيش العباسى ، وكان قائد الجيش منهم ،و بعضهم كانوا الندماء والمستشارين المحيطين بالخليفة المستعصم ،وأسهموا فى هلاكه وتدمير ملكه أمام المغول . وقد وصف المؤرخ ابن طبابطا الخليفة المستعصم بأن (أصحابه كانوا مستولين عليه،وكلهم جهال من أراذل العوام )( الفخرى 266 ).
3 / 4 : فالمستبد حين يعجز عن كبح جماح العصابات يستعين بها لحراسة الأمن ، وقبل المستعصم فعلها الخليفة الراضى العباسى المتوفى عام 329 حين ضم اليه جنودا من القرامطة السفاحين ، بعد القضاء على حركتهم .
ونفس الحال مع الدولة المملوكية التى كانت تضطر الى استمالة بعض شيوخ الأعراب لحفظ الأمن حين تعجز عن إخضاعهم لسلطتها ،أى تعطيهم مشروعية نهب القرى المصرية مقابل المشاركة فى غنائم النهب .
3 / 5 :ـ وفى الصراع بين مراكز القوى فى نظام المستبد قد يستعين بعضهم ضد بعض بالعصابات أو يتصرف كالعصابات ، فالأمير أقطاى قائد المماليك البحرية حين تولى السلطنة المملوكية مكانه السلطان عز الدين أيبك ارسل فرقة من أتباعه تغير على القرى المصرية ليثبت عجز السلطان الجديد عن حفظ الأمن.
وصارت سنّة مرعية أن يتصرف المماليك الناقمون على السلطان بالاغارة على الناس فى منازلهم وحوانيتهم وأسواقهم ، ينهبون ويغتصبون ويقتلون حتى يخضع لهم السلطان ويعطيهم أرزاقهم. وهم يرون أنه يسلب أموال الناس ويحتكرها لنفسه ، ويستعين بهم فى قهر الناس وسلب أموالهم ، ثم لا يعطيهم أجورهم ، لذا يتجهون للناس يأخذون لأنفسهم ما بخل به السلطان عليهم .
وهو تصرف عصابات محض ظل ساريا حتى بعد سقوط الدولة المملوكية ، وتحول المماليك الى قوة عسكرية تحكم مصر فى ظل الدولة العثمانية . وفى أواخر الدولة العثمانية وضعفها أصبحت القاهرة والمدن المصرية رهينة للصراع بين الأجنحة العسكرية للمماليك فيما بينهم من ناحية ، وميدان صراع بين طوائف الجيش العثمانى من ناحية أخرى، وفى كل الأحوال يقع السلب و النهب على المصريين لأن الحكم تحول الى فوضى وصراع بين عصابات . وتلمح هذا فى تاريخ ابن اياس الذى عاصر نهاية الدولة المملوكية ، ويمتلىء به تاريخ الجبرتى الذى عاصر نهاية المماليك و نهاية التبعية للسلطان العثمانى وقيام دولة محمد على .
أى أن ( النظام ) المستبد حين يهتز ويترنح يعود الى أصله الأول ، وطبيعته الأولى ، يتفكك الى (تنظيمات ) من العصابات المتنازعة المتحاربة داخل وخارج (النظام ) ، هذه العصابات تسلب الأهالى ، لا أن تحميهم ، بل تتنافس مع العصابات الاجرامية العادية فى سلب الناس وابتزازهم وفرض الاتاوة عليهم ، خارج الضرائب أو الاتاوات الرسمية التى يجبيها منهم المستبد .وتلك أهم إرهاصات السقوط النهائى (للنظام )، فبعد أن كان (عصابة ) كبرى لها (نظام ) سائد يتفكك هذا النظام ويتشقق وينهار الى شذرات وفتات من مراكز القوى أو العصابات المختلفة و المتنازعة .
4 ـ ومصر أقدم دولة وأعرق دولة خضعت ـو لا تزال تخضع ـ للعصابات ، سواء كانت عصابة واحدة ممثلة فى مستبد يجمع السلطة فى يده ،أو تخضع لمراكز قوى حين يضعف المستبد ، أى يدخل النظام بعد قوته وتماسكه فى مرحلة (الدولة الرخوة ) الى أن ينتهى الى (دولة الفوضى) بنفس ما نقرؤه فى تاريخ الجبرتى .
ـوكما نقل ابن إياس والجبرتى لنا تلك المراحل فى وقت انحلال الحكم العسكرى المملوكى والعثمانى فإننا هنا نؤكد للقارىء من أحفادنا فى ضمير الغيب أن مصر الآن فى نهاية عهد العسكر المستبد من عام 1952 الميلادى تعيش تحول (النظام ) العسكرى المستبد الى عصر سيطرة العصابات فى ظل ضعف وشيخوخة الرئيس الحالى محمد حسنى مبارك الذى يحكم مستبدا منذ عام 1981 .
والمظاهر كثيرة ومتعددة ، تكرر بعض ما سبق فى العصرين العثمانى والمملوكى ، وتتفوق عليه. وربما نتوقف معها فى وقت آخر .
أخيرا :
ـ هذا الحكم الاستبدادى يتناقض مع الدولة الاسلامية الحقيقية التى أقامها خاتم المرسلين فى المدينة ، والتى نرى ملامحها فى الديمقراطيات الغربية.
ـ فى الديمقراطية الاسلامية والغربية لا يوجد حاكم للشعب بل خادم للشعب . وبالتالى فإن زعماء العصابات مكانهم فى السجون وليس فى القصور الرئاسية و الملكية .
ـ الآن .. عرفنا ماهية السلطان ..وموعدنا مع المقال القادم فى ماهية ( الوعظ ).