يكرهون القرآن الكريم

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٨ - سبتمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
دكتور احمد عليك السلام . حضرت جنازة احد أقاربي عزيز علي . طبعا كل اهل قريتنا مع القرى المجاورة سلفيين متشددين ، فقدمنا الى صلاة الجنازة فكان كل هم الامام هو ترتيب الصفوف من صف الى صف، فبدا يعلمنا ماذا نقول في الصلاة ، ثم حدث شي لا اتوقعه بـــ(انهم صلوا باحذيتهم ) يادكتور . المهم صلينا ، فتقدمت فرقة تتبع الشيخ محمد الإمام لان الفرقة الأولى تتبع مقبل الوادعي صاحب كتاب الرد على الطاعنين في حديث سحر النبى . الشىء الغريب ان الامامين اخوة . المهم ادخل الميت القبر ، ثم جاء سلفيون اخرون لم يصلوا مع الفريقين فصلوا فوق القبر لانهم تأخروا عن الصلاة . وبعد ان انتهوا قال احدهم " ادعوا له بالتثبت انه الآن يسأل " ، فقلت لهم : " انك لا تسمع الموتى..." وايه " وما انت بسمع من في القبور"...وايات اخرى فالتفتوا الي كأني قلت منكرا من القول ، فاخذني احدهم على جنب وقال لي هناك احاديث تقول كذا وكذا ، فاستشهدت له بأيات تنفي ذلك وتحذر عن الايمان بحديث غير القرآن وان كل حديث ديني غير القرآن الكريم هو لهو الحديث. اقسم بالله ان عيونه كادت تمزقني تطبيقا لاية واذا تتلى عليهم اياتنا بينات... فتذكرت آيه إن هم إلا كالانعام بل هم اضل ، فمهما قلت لهم فهم كما وصفتهم انت يا دكتور أفصح الله لسانك بأنهم { آل بــــــس }. اخيرا اقول لك : اشكـــرك يا دكتـــور احمد صبحي منصور علـــى وجـــودك في حياتـــي ، أسأل الله تعالى ان يهدينا الصراط المستقيم ، وأسأله جل وعلا أن يعطيك الصحة والعافية ويجزيك عنا خير الجزاء في الدنيا والآخرة .
آحمد صبحي منصور

الجواب

أولا :

 أكرمك الله جل وعلا وجمعنا فى رحمته وجنته إخوانا على سُرر متقابلين .

 وأقول تعليقا :

1 ـ الصلاة فى الحذاء لا تبطل الصلاة .

2 ـ صلاة الجنازة هى مجرد دعاء للميت على القبر . قد تكون جماعة وقد تكون فردية . وهذا الدعاء لن يستفيد منه الميت لأن كتاب أعماله قد تم قفله وتوفيته ، لا شىء يُزاد فيه ، ولا شىء يُنقص منه . فمعنى الوفاة لنا فى ختام حياتنا الدنيا هى توفية العمر والرزق والعمل . ثم تكون فى الآخرة توفية الحساب . ونتذكر قوله جل وعلا : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) النجم ). الذى يقوم بالدعاء للميت والصلاة عليه هو الذى يأخذ الثواب لأن هذا من سعيه ، والذى سيراه يوم القيامة .

3 ـ هؤلاء السلفيون فى شقاق ، وهذه من طبيعة الأديان الأرضية . ونتذكر الوصية العاشرة من الوصايا العشر فى القرآن الكريم : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)  الأنعام ) ثم التأكيد الالهى إنه لا علاقة لهم بالنبى محمد برغم زعمهم أحاديث منسوبة اليه زورا وبهتانا . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)  الأنعام ).

4 ـ كنت صادقا فى الاستشهاد بقوله جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) الحج  ). هذا أكبر دليل على كفرهم بالاسلام والقرآن الكريم . ولو لم تعترض ما ظهرت كراهيتهم لك . أى ليست كراهية لشخصك وإنما كراهية للقرآن الكريم . هم مختلفون وأخوة متشاكسون ولكن تجمعهم كراهية القرآن الكريم . هذا يذكرنا بقوله جل وعلا عن المنافقين فى عهد خاتم النبيين عليهم السلام : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) محمد ).

5 ـ مع هذا ، فالذى سمعوه من القرآن الكريم تسلل الى قلوبهم رغم أنوفهم ، ولن ينسوه . وبرغم كفرهم ورفضهم فلن يكونوا نفس الأشخاص . أرجو أن تتدبر قوله جل وعلا :

5 / 1 : ( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (201) الشعراء  ).

5 / 2 : ( كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (13) الحجر).

أخيرا :

1 ـ قال جل وعلا عن القرآن الكريم نذيرا لكل الأحياء فى كل زمان : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)    يس ). ولهذا حفظه رب العزة جل وعلا ليكون حُجّة على الأحياء فى كل زمان الى آخر الزمان .

2 ـ كل منا يقضى فى هذه الدنيا الفترة المحددة له ، يركب قطار الحياة فى محطة الميلاد ، ويترك هذا القطار فى محطة الموت والوفاة ( التوفية ). وكل منا يقترب من أجل موته بسرعة 60 ثانية فى الدقيقة . حتى إذا جاءت لحظة الاحتضار أدرك معنى قوله جل وعلا : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)  آل عمران ). يدرك عند الاحتضار وهو يذوق الموت أن الحياة الدنيا هى متاع الغرور ، وأن الفائز هو من يتزحزح عن النار ليدخل الجنة . هؤلاء هم الفائزون الحقيقيون فى إختبار الدنيا ، ومنهم الأنبياء والمتقون . جعلنا الله جل وعلا من أهل الجنة .

3 ـ عن اهل الجنة يقول جل وعلا : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الأعراف ) وبعدها : ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45) الأعراف )

4 ـ فى متاع الدنيا الغرور الخادع يتسابق معظم البشر ويتنافسون ، لا يدركون موتهم الذى يقتربون منه . فإذا حلّ بهم علموا انه صفر كبير ، وكل ما حصلوا عليه هو ( صفر ) مضروب فى ( صفر ) والنتيجة ( صفر ). ولا ينتظرهم سوى نتيجة ما قدموه فى الدنيا ، إن خير أو شرا .

5 ـ سبحان من إليه المصير . 

اجمالي القراءات 2474