تفسير سورة الإسراء

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ١٥ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

سورة الإسراء

سميت بهذا الاسم لذكر قصة الإسراء فى بدايتها .

"بسم الله الرحمن الرحمن سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير "المعنى بحكم الرب النافع المفيد الطاعة للذي نقل مملوكه ليلا من البيت الحرام إلى البيت الأقصى الذي قدسنا حوله لنشهده من علاماتنا إنه هو الخبير العليم ،يبين الله للمؤمنين أن باسم الله الرحمن الرحيم والمراد بحكم الرب النافع المفيد السبح لله أي سبحان والمراد الطاعة لحكم الله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والمراد الذي نقل مملوكه محمد(ص)فى الليل من البيت الحرام فى مكة إلى البيت الأقصى فى طرف الأرض والبيت الحرام هو المسجد الذي بارك الله حوله مصداق لقوله بسورة آل عمران "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا" وبارك أي قدس الله الأرض فى محيطه مصداق لقوله بسورة المائدة "ادخلوا الأرض المقدسة "والسبب فى نقل محمد(ص)هو أن يريه من آيات الله والمراد أن يعرف محمد(ص)من علامات الله الكبرى ليسكن قلبه وبالطبع هذه المعجزة خاصة بالرسول(ص)وحده لم يشاهدها أحد من الناس لأن الله منع المعجزات عنهم ويبين لنا أنه السميع البصير أي العليم الخبير بكل شيء مصداق لقوله بسورة لقمان"إن الله عليم خبير"والخطاب للمؤمنين.

"وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا"المعنى وأوحينا لموسى (ص)التوراة رحمة لأولاد يعقوب(ص)ألا تعبدوا من غيرى إلها نسل من أركبنا مع نوح (ص) إنه كان مملوكا مطيعا ،يبين الله لنا أنه أتى موسى (ص)الكتاب والمراد أوحى لموسى (ص)التوراة وهى الهدى مصداق لقوله بسورة غافر"ولقد أتينا موسى الهدى"وفسر هذا بأنه جعلها هدى لبنى إسرائيل والمراد أرسلها نفع لأولاد يعقوب(ص)وقد قال لهم فيها ألا تتخذوا من دونى وكيلا والمراد ألا تعبدوا من غيرى وليا مصداق لقوله بسورة الكهف"أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى"وهذا يعنى أى ألا يطيعوا حكم مع حكم الله ويبين لنا أن بنى إسرائيل هم ذرية من حمل مع نوح(ص)والمراد هم أولاد واحد ممن ركبوا مع نوح (ص)فى السفينة وهذا يعنى أن نوح(ص)ليس له ذرية من البنين بعد ابنه الكافر الذى غرق فى الطوفان ويبين لنا أن نوح(ص)كان عبدا شكورا أى مملوكا مطيعا لحكم الله .

"وقضينا إلى بنى إسرائيل لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا "المعنى وأوحينا لأولاد يعقوب لتظلمن فى البلاد مرتين أى لتفسدن فسادا عظيما ،يبين الله لنا أنه قضى أى أوحى لبنى إسرائيل فى التوراة التالى :لتفسدن فى الأرض مرتين والمراد لتظلمن فى البلاد مرتين وفسر هذا بأنهم سوف يعلون علوا كبيرا أى يتكبرن تكبرا عظيما والمراد سوف يكفرون فى البلاد كفرا عظيما عندما يحكمون الأرض المقدسة .

"فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباد لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا "المعنى فإذا حضر وقت أولهما أرسلنا لكم عبيدا لنا أهل قوة عظمى فساروا خلال البلاد وكان خبرا متحققا ثم أعدنا لكم النصر عليهم وزودناكم بأمتعة ورجال وجعلناكم أعظم عددا ،يبين الله لنا أنه قال لبنى إسرائيل فى الوحى :فإذا جاء وعد أولاهما والمراد فإذا حضر وقت أول المرتين أى وإذا حانت نهاية أول المرتين بعث الله عليكم عباد له والمراد أرسل الله لهم عبيدا مطيعين لدينه أولى بأس شديد والمراد أصحاب قوة كبيرة ففعلوا التالى :جاسوا خلال الديار أى دخلوا كل البلاد والمراد احتلوا كل المملكة وكان ذلك وعدا مفعولا والمراد قولا متحققا وقد تحقق فيما بعد ،وبعد رددنا لكم الكرة عليهم والمراد ثم أعدنا لكم الغلبة عليهم أى أنهم انتصروا على المطيعين لدين الله بعد كفرهم به حيث  أمدهم أى زودهم الله بأموال أى بمتاع وهو الأملاك والبنين وهم الرجال وجعلكم أكثر نفيرا والمراد وجعلكم أعظم جيشا وهذا يعنى أن بنى إسرائيل أصبح لديهم جيش قوى بالأموال والبنين التى أعطاها الله لهم .

"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا " المعنى إن أصلحتم أصلحتم لأنفسكم وإن أفسدتم فعليها فإذا أتى خبر الثانية ليذلوا نفوسكم وليلجوا البيت كما ولجوه أسبق مرة وليدمروا ما عملوا تدميرا ،يبين الله لنا أن الله قال لبنى إسرائيل فى الوحي :إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم والمراد إن شكرتم شكرتم لمصلحتكم مصداق لقوله بسورة النمل"ومن شكر فإنما يشكر لنفسه "وهذا يعنى أن من يطيع حكم الله فهو يطيعه لنفع نفسه ،وإن أسأتم فلها والمراد فإن بغيتم فعلى أنفسكم عقاب البغى مصداق لقوله بسورة يونس"إنما بغيكم على أنفسكم " ،فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم والمراد فإذا حانت نهاية المرة الثانية ليذلوا أنفسكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة والمراد وليلجوا البيت كما ولجوه أسبق مرة وهذا يعنى أنهم يصلون فى البيت الحرام كما صلوا فيه المرة السابقة ،وقال وليتبروا ما علوا تتبيرا والمراد وليدمروا ما صنعوا تدميرا وهذا يعنى أن الغزاة سوف يزيلون ما وجدوه من الفساد فى البلاد إزالة كاملة.

"عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا "المعنى لعل إلهكم أن ينفعكم وإن رجعتم رجعنا وجهزنا النار للمكذبين فراشا،يبين الله لنا أنه قال لبنى إسرائيل فى الوحى :عسى ربكم أى إلهكم أن يرحمكم أى ينفعكم وهذا يعنى أن الله يفيدهم إذا عادوا للحق ،وإن عدتم عدنا والمراد وإن رجعتم للفساد رجعنا لإرسال المسلمين للقضاء عليكم وهذا يعنى أنهم سيكررون فسادهم فى الأرض بعد المرتين وهو ما حدث وقال وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا والمراد أعد النار للطاغين مآبا أى نزلا مصداق لقوله بسورة النبأ"إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا"وقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا"والخطاب لهنا من أول السورة للمؤمنين.

" إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا"المعنى إن هذا الكتاب يرشد للتى هى أعدل ويخبر المصدقين الذين يفعلون الحسنات أن لهم ثوابا عظيما،يبين الله للنبى(ص)أن هذا القرآن وتفسيره وهو وحى الله يهدى للتى هى أقوم والمراد يرشد للتى هى أحسن وهى دين الله وهو يبشر المؤمنين أى يخبر المصدقين بدينه الذين يعملون الصالحات وهم الذين يفعلون الحسنات أن لهم أجرا كبيرا أي ثوابا حسنا مصداق بسورة الكهف"أن لهم أجرا حسنا ".

"وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما "المعنى وأن الذين لا يصدقون بالقيامة جهزنا لهم عقابا شديدا،يبين الله للنبى(ص) أن الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة أعد الله لهم عذابا أليما والمراد جهز لهم عقابا شديدا مصداق لقوله بسورة الطلاق"أعد الله لهم عذابا شديدا " والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا"المعنى وينادى الإنسان بالأذى نداؤه بالنفع وكان الإنسان طالبا،يبين الله للنبى(ص) أن الإنسان وهو الكافر يدعو بالشر والمراد ينادى بالأذى أى يطالب الله بكشف الضرر عنه مصداق لقوله بسورة الزمر"وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه " كما يدعو بالخير أى كما يطالب الله بالنفع له مصداق لقوله بسورة فصلت "لا يسأم الإنسان من دعاء الخير"ويبين لنا أن الإنسان وهو الكافر عجول أى داعى أى متسرع فى كفره .

"وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شىء فصلناه تفصيلا "المعنى وخلقنا الليل والنهار علامتين فأزلنا ظلام الليل وخلقنا علامة النهار مضيئة لتطلبوا متاعا من إلهكم ولتعرفوا عدد الأعوام والحساب وكل أمر بيناه تبيينا ،يبين الله للناس أنه جعل الليل والنهار آيتين والمراد خلق الليل والنهار علامتين ظاهرتين فمحا آية الليل والمراد فأظلم علامة الليل وجعل آية النهار مبصرة أى وخلق علامة النهار مضيئة والسبب أن نبتغى فضلا من الله والمراد أن نطلب رزقا من الله وأن نعلم عدد السنين والحساب والمراد أن نعرف عدد الأعوام والإحصاء ويبين لنا أنه فصل كل شىء تفصيلا أى بين كل قضية تبيانا مصداق لقوله بسورة النحل"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"والخطاب وما بعده للناس.

"وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"المعنى وكل فرد جعلنا عمله على نفسه ونعطى له يوم البعث كتابا يأخذه ممدودا اعلم عملك كفى بنفسك اليوم عليك حاكما،يبين الله للناس أن كل إنسان ألزمه الله طائره فى عنقه والمراد أن كل فرد جعل الله سعيه لنفسه سواء لنفعه أو لإضراره مصداق لقوله بسورة النجم"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى "وفى يوم القيامة وهو يوم البعث يخرج له والمراد يسلم له أى يؤتيه التالى :كتابا أى سجل يلقاه منشورا والمراد يجده مفتوحا والمراد به كل شىء مظهر ومبين لا ينقص شىء ويقال له اقرأ كتابك والمراد شاهد أى تراءى  سجلك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا والمراد حسبك الآن قلبك عليك حاكما وهذا يعنى أن الله يطالب كل واحد أن يحكم على نفسه حسب عمله الذى عرفه.

"من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"المعنى من أسلم فإنما يقدم لنفعه ومن كفر فإنما يؤخر عليها ولا تحمل نفس جزاء أخرى وما كنا معاقبين حنى نرسل نبيا،يبين الله للناس أن من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه والمراد أن من أبصر الحق أى أسلم فإنما يعمل لمنفعته ومن ضل عليها والمراد ومن عمى أى كفر فعقابه على نفسه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"ويبين لنا أن لا تزر وازرة وزر أخرى أى لا تتحمل نفس جزاء نفس أخرى والمراد يتحمل كل إنسان جزاء سعيه مصداق لقوله بسورة النجم "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى "ويبين لنا أنه ما كان معذب حتى يبعث رسولا والمراد ما كان معاقب أى مهلك أحد حتى يرسل نبيا يبلغه حكم الله مصداق لقوله بسورة القصص "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث فى أمها رسولا"وهذا يعنى أن لا أحد يدخل النار إلا وقد بلغه الإسلام والخطاب للناس .

"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا "المعنى وإذا شئنا أن ندمر بلدة حكمنا أكابرها فأفسدوا فيها فصدق عليها الحديث فأهلكناها إهلاكا،يبين الله للنبى(ص) أنه إذا أراد أن يهلك قرية والمراد إذا شاء أن يدمر أهل بلدة فعل التالى أمر مترفيها والمراد حكم أكابرها وهم أغنيائها فيها ففعلوا التالى فسقوا فيها أي ظلموا فيها والمراد أفسدوا الصلاح فيها ومن ثم يحق عليهم القول أى يصدق عليهم الحكم الإلهي وهو إدخالهم النار مصداق لقوله بسورة الحجر"إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين "وتكون النتيجة هى أن يدمرهم تدميرا أى يهلكهم إهلاكا والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا "المعنى وكم دمرنا من الأمم من بعد نوح(ص)وحسبك إلهك بخطايا عبيده عليما محيطا ؟يسأل الله وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح(ص)والمراد "وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة"كما قال بسورة الأنبياء والغرض من السؤال هو إخبارنا أن عدد الأقوام المدمرة من بعد وفاة نوح(ص)كثير ويبين لنبيه (ص)أنه كفى بربه بذنوب عباده خبيرا بصيرا والمراد أنه حسبه إلهه بسيئات خلقه عليما محيطا وهذا يعنى علمه بكل أعمال الكفار.

"من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا "المعنى من كان يحب الدنيا أعطينا له فيها ما نشاء ثم أعددنا له النار يدخلها ملعونا مجحوما ،يبين الله لنبيه(ص) أن من كان يريد العاجلة والمراد من كان يطلب متاع وهى حرث الدنيا عجلنا له فيها ما نريد أى أتيناه فيها الذى نشاء مصداق لقوله بسورة هود"من كان يريد الدنيا وزينتها "وقوله بسورة الشورى "ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها"وهذا يعنى أن الله لا يعطيه ما يطلب و إنما يعطيه حسب ما يريد له وبعد ذلك يجعل له جهنم يصلاها مذموما مدحورا والمراد يلقى فى النار ملعونا مخذولا أى مهانا ذليلا مصداق لقوله بسورة الإسراء"فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا"و "مذموما مخذولا"والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .

"ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا "المعنى ومن طلب الجنة وعمل لها عملها وهو مصدق فأولئك كان عملهم محمودا ،يبين الله لنبيه(ص)أن من أراد الآخرة والمراد أن من طلب ثواب القيامة وسعى لها سعيها والمراد وعمل لها عملها الصالح وهو مؤمن أى مصدق لحكم الله فأولئك كان سعيهم مشكورا له والمراد فأولئك كان عملهم مثابا مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يرد ثواب الأخرة نؤته منها".

"كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا"المعنى كلا نعطى هؤلاء وهؤلاء من رزق إلهك وما كان رزق إلهك ممنوعا ،يبين الله لنبيه(ص)أن فريق العاجلة وفريق الآخرة كلا يمد الله أى كلا يعطى الله من العطاء وهو الرزق وعطاء الرب ليس محظورا والمراد أن رزق الله ليس ممنوعا عن أحد فى الحياة الدنيا.

 "انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا "المعنى اعلم كيف ميزنا بعضهم على بعض وللقيامة أعظم عطايا أى أعظم تمييزا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر والمراد أن يعلم كيف فضل أى رفع بعض الناس عطايا على البعض الآخر فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الأنعام"ورفع بعضكم فوق بعض درجات"ويبين له أن الآخرة وهى الجنة أى أجر القيامة أكبر درجات أى أعظم عطايا وفسر هذا بأنه أكبر تفضيلا أى أعظم عطاء مصداق لقوله بسورة النحل"ولأجر الآخرة أكبر"والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص) .

"لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا"المعنى ولا تدع مع الله ربا آخر فتكون ملعونا مذلولا ،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يجعل مع الله إلها آخر أى ألا يطيع مع حكم الله حكم رب آخر مزعوم والمراد ألا يدعو مع الله ربا آخر مصداق لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها آخر"ويبين له نتيجة عبادة غيره وهى أن يقعد مذموما مخذولا والمراد أن يكون معذبا معاقبا مصداق لقوله بآية سورة الشعراء السابقة "فتكون من المعذبين ".

"وقضى ربك ألا تعبدوا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا "المعنى وحكم إلهك ألا تطيعوا إلا سواه وبالأبوين برا إما يصلن لديك العجز أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تزجرهما وقل لهما حديثا حسنا وضع لهما عمل المهانة من النفع وقل إلهى انفعهما كما نميانى وليدا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قضى ألا يعبدوا إلا إياه والمراد أنه حكم ألا يطيعوا حكم إلا حكمه كما قال بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله "ومن ضمن عبادة الله بالوالدين إحسانا أى بالأبوين معروفا وهذا يعنى وجوب معاملة الأبوين بالبر وهو المعروف مصداق لقوله بسورة لقمان"وصاحبهما فى الدنيا معروفا"ويبين الله لكل مسلم أن الأبوين أحدهما أو كلاهما إذا بلغ عنده الكبر والمراد إذا وصل لديه فى بيته العجز وهو سن الشيخوخة فعليه التالى :ألا يقل لهما أف والمراد ألا يحدثهما قائلا ويل لكما أى العذاب لكما ،ألا ينهرهما والمراد ألا يزجرهما والمراد ألا يمنعهما من قول شىء أو فعله ،وأن يقول لهما قولا كريما والمراد وأن يتحدث معهما حديثا حسنا أى عادلا ،وأن يخفض لهما جناح الذل من الرحمة والمراد أن يعمل لهما عمل المهانة من النفع وهذا يعنى أن يصنع لهما أى عمل فيه مهانة له مثل غسل الأعضاء التناسلية والإخراجية لهما بعد البول والبراز وهذا العمل من النفع لهما ،وأن يدعوا لهما الله رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا والمراد إلهى انفعهما كما نميانى وليدا .

"ربكم أعلم بما فى نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا وآت ذى القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا "المعنى إلهكم أعرف بالذى فى صدوركم إن تصبحوا مسلمين فإنه كان للتوابين عفوا وأعط صاحب القرابة واجبه والمحتاج وابن الطريق ولا تسرف إسرافا إن المسرفين كانوا أخلاء الكفار وكان الكافر لإلهه مكذبا ،يبين الله للناس أنه أعلم  بما فى نفوسهم والمراد أنه أعرف بالذى فى قلوبهم أى أدرى بنيات نفوسهم إن يكونوا صالحين أى محسنين والمراد مسلمين فإنه للأوابين وهم التوابين أى العائدين لدين الله غفورا أى عفوا والمراد إن الله رحيم بالمسلمين ،ويطلب الله من كل مسلم أن يؤتى والمراد يعطى الحق وهو الواجب عليه لكل من ذا القربى وهو صاحب الرحم والمسكين وهو المحتاج للمال وابن السبيل أى ابن الطريق والمراد المسافر الذى ليس معه ما يوصله لأهله سالما ويطلب منه ألا يبذر مبذرا والمراد ألا يسرف إسرافا فى المال وغيره من الأشياء ويبين لهم إن المبذرين وهم المسرفين هم إخوان الشياطين أى أصحاب الكفار وإن الشيطان وهو الكافر بربه كافر أى لإلهه مخالف عاصى مصداق لقوله بسورة مريم "إن الشيطان كان للرحمن عصيا "والخطاب للمؤمنين.

"وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهما قولا ميسورا "المعنى وإما تخالفهم طلب نفع من إلهك تريده فقل لهما حديثا عادلا ،يبين الله لنبيه(ص)ولكل مسلم أنه إذا أعرض عن الوالدين والمراد إذا خالف حكم  والديه أو غيرهما بسبب ابتغاء رحمة من ربه يرجوها والمراد طلب نفع من خالقه يريده وهى الجنة فعليه أن يقل لهما قولا ميسورا أى  أن يتحدث معهما حديثا معروفا مصداق لقوله بسورة النساء"وقولوا لهم قولا معروفا "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص) وكل مسلم .

"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا "المعنى ولا تربط يدك مقيدة إلى رقبتك ولا تمدها كل المد فتكون معاتبا مخذولا،ينهى الله المسلم عن جعل اليد مغلولة إلى العنق أى جعل النفس مربوطة إلى الخناق والمراد جعل النفس محرومة من الطيبات حتى تختنق وهذا هو ما يسمى البخل ،وينهاهم عن بسط اليد كل البسط أى مد النفس كل المد والمراد جعل النفس تتمتع بكل المتع وهذا هو ما يسمى الإسراف ويبين الله له نتيجة البخل والإسراف وهى أن يقعد ملوما محسورا والمراد أن يصبح مذموما خاسرا وهذا يعنى أنه يدخل النار.

"إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعبادك خبيرا بصيرا"المعنى إن إلهك يكثر العطاء لمن يريد ويقلل إنه كان عليما محيطا ،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو إلهه يبسط الرزق لمن يشاء أى يكثر العطاء لمن يريد ويقدر أى يقلل العطاء لمن يريد وهو بعباده وهم خلقه خبيرا بصيرا أى عليما محيطا بكل شىء والخطاب للنبى(ص).

"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا "المعنى ولا تذبحوا أطفالكم خوف فقر نحن نعطيهم وإياكم إن ذبحهم كان ذنبا عظيما،يبين الله لنا أن الواجب علينا هو ألا نقتل أولادنا خشية إملاق والمراد ألا نذبح أطفالنا خوف الفقر وهذا يعنى أن الدافع لقتل العيال هو الخوف من الحاجة ويبين لنا أنه يرزقهم أى يعطيهم العطايا وإيانا ويبين لنا أن قتل أى ذبح الأطفال من أجل الفقر خطأ كبير والمراد حوبا أى ذنبا عظيما مصداق لقوله بسورة النساء"إنه كان حوبا كبيرا". 

"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا"المعنى ولا ترتكبوا الزنى إنه كان منكرا أى قبح طريقا ،ينهانا الله عن قرب الزنى أى عمل الزنى وهو قضاء الشهوة مع غير الزوجة ويبين لنا أن الزنى فاحشة أى منكر أى شر وفسره بأنه ساء سبيلا أى قبح فعلا والمراد أنه عمل قبيح محرم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده للمؤمنين.

"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا "المعنى ولا تذبحوا النفس التى منع الله إلا بالعدل ومن ذبح منقوصا فقد جعلنا لناصره حكما فلا يفرط فى الذبح إنه كان مؤيدا ،ينهانا الله عن قتل النفس التى حرم إلا بالحق والمراد عن ذبح الإنسان الذى منع الله ذبحه إلا بالعدل وهو أن يكون قاتلا أو مرتدا عن الإسلام ويبين لنا أن من قتل مظلوما والمراد من ذبح دون وجود حق لذبحه فقد جعل الله لوليه أى ناصره وهو وارثه الأتى :سلطان أى حق هو القصاص وعلى ذلك فعلى الولى ألا يسرف فى القتل والمراد ألا يفرط فى الذبح والمراد ألا يقتل سوى القاتل ويبين لنا أن الولى منصور والمراد مؤيد من قبل الله والمسلمين حيث يمكنونه من تنفيذ حكم الله فى القاتل .

"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا "المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الميثاق إن الميثاق كان مفروضا،ينهانا الله عن قرب مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد عن أخذ ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أقسط وهى أجر الوصى الفقير المعلوم وعلى الوصى الغنى أن يستعفف عن الأجر حتى يبلغ أشده أى حتى يصل رشده وهو العقل،ويطلب منا أن نفى بالعهد والمراد أن نطيع الدين ويبين لنا أن العهد كان مسئولا والمراد أن الدين وهو الإسلام كان مفروضا علينا طاعته .

"وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا "المعنى وأتموا العهد إذا عاهدتم أى اعملوا بالوحى العادل ذلك أحسن أى أفضل مرجعا ،يطلب الله منا نفس الطلب السابق وهو الوفاء بالعهد بقوله أوفوا الكيل إذا كلتم والمراد أطيعوا العهد إذا رضيتم به وفسر هذا بأن يزنوا بالقسطاس المستقيم والمراد أن يعملوا بالدين العدل والعمل بالدين خير أى أنفع وفسر هذا بأنه أحسن تأويلا والمراد أفضل مستقرا أى مقيلا مصداق لقوله بسورة الفرقان"أصحاب الجنة خير مستقرا وأحسن مقيلا" حيث يدخل العامل بالدين الجنة والخطاب للمؤمنين. 

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا "المعنى ولا تطع الذى ليس لك به معرفة إن القلب أى النفس أى العقل كل أولئك كان عنه محاسبا،ينهى الله رسوله (ص)وكل مسلم عن قفو ما ليس له به علم والمراد عن طاعة الذى ليس له به معرفة أنه معمول به فى دين الله ويبين له أن السمع أى البصر وهو الفؤاد والمراد النفس مسئولة أى محاسبة على كل تلك الطاعات سواء لله أو لغيره  والخطاب للنبى(ص)وكل مسلم هو وما بعده وما بعده.

"ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ  الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها "المعنى ولا تسر فى البلاد ظالما إنك لن تخرم البلد ولن تصل الرواسى قوة كل ذلك كان عمله لدى إلهك محرما ،ينهى الله المسلم عن المشى فى الأرض مرحا والمراد عن ابتغاء الفساد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "ولا تبغ الفساد فى الأرض" أى ينهاه عن العيش فى البلاد عاملا بالظلم ويبين له أنه أنه لن يخرق الأرض أى لن يخرم البلاد والمراد لن يستطيع احتلالها أى ملكها ولن يبلغ الجبال طولا والمراد ولن يصل الرواسى قوة أى لن تصل قوته إلى أن تصبح مثل قوة الجبال وهذا إخبار للإنسان أنه ضعيف ويبين له أن كل ذلك وهو المشى مرحا فى الأرض سيئه وهو عمله عند الله مكروها والمراد أن ذلك فعله محرم فى كتاب الله .

"ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا "المعنى ذلك من الذى ألقى إلهك من الحكم ولا تعبد مع الله ربا آخر فتدخل النار معاقبا معذبا ،يبين الله لرسوله(ص)أن ذلك وهو ما سبق ذكره من الآيات هو مما أوحى إليه ربه من الحكمة والمراد من الذى ألقى إليه خالقه من كتاب الله مصداق لقوله بسورة الكهف"ما أوحى إليك من كتاب ربك"ويطلب الله منه ألا يجعل مع الله إلها آخر أى ألا يطيع مع حكم الله حكم رب آخر مزعوم والمراد ألا يدع مع الله ربا آخر فيلقى فى جهنم ملوما مدحورا والمراد فيدخل فى النار معذبا معاقبا مصداق لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ".

"أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما "المعنى أفخصكم إلهكم بالصبيان وجعل من الملائكة بناتا إنكم لتفترون افتراء كبيرا؟يسأل الله الكفار على لسان نبيه(ص) أفأصفاكم ربكم بالبنين أى هل خصكم خالقكم بالأولاد واتخذ من الملائكة إناثا أى وجعل من الملائكة بناتا له؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن قولهم أن البنين هم أولادهم والملائكة هم بنات الله هو قول عظيم أى افتراء كبير والمراد كذب واضح والخطاب للكفارعلى لسان النبى(ص).

 "ولقد صرفنا فى هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا"المعنى ولقد بينا فى هذا الوحى ليطيعوا وما يمدهم إلا طغيانا،يبين الله لنا أنه صرف فى القرآن والمراد قال أى ضرب فى الوحى من كل مثل أى حكم مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل" والسبب فى قول الأحكام فى القرآن هو أن يذكروا أى يطيع الناس الأحكام ويبين لنا أن النتيجة أن أحكام القرآن ما تزيدهم إلا نفورا أى ما تمدهم سوى طغيانا مصداق لقوله بسورة الإسراء"فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا"والمراد أنهم يستمرون فى كفرهم  والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.

"قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لإبتغوا إلى ذى العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون"المعنى قل لو كان معه أرباب كما يزعمون إذا لطلبوا إلى صاحب الملك طريقا طاعته وعلا عما يزعمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لو كان معه آلهة والمراد لو كان مع الله شركاء إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا والمراد إذا لوجدوا إلى صاحب الملك طريقا وهذا يعنى أن فى حالة تعدد الأرباب كان الحادث هو أن الأرباب ستجد طريق لقهر الرب صاحب العرش وعليه ستشاركه فى الملك أو تخلعه منه ولكن لا يوجد شىء من ذلك ،سبحانه أى التسبيح له والمراد الطاعة واجبة لحكم الله وتعالى عما يقولون أى تنزه عن الذى يشركون مصداق لقوله بسورة النحل"وتعالى عما يشركون"والمراد أنه أفضل منهم فهو إله وليسوا هم بآلهة .

" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا "المعنى تسجد له السموات السبع ومن فيهن وإن من مخلوق إلا يعمل بأمره عدا من كفر ولكن لا تعرفون عملهم إنه كان رحيما نافعا ،يبين الله للناس على لسان النبى(ص) أن السموات السبع والأرض ومن فيهن وهى المخلوقات تسبح له أى تطيع حكمه أى تسجد له  عدا من كفر فحق عليه العذاب مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق  عليه العذاب" وفسر هذا بأن كل شىء أى مخلوق يسبح بحمده أى يعمل بحكمه ولكن الناس وهم الكفار لا يفقهون تسبيحهم والمراد لا يفهمون عملهم أى طاعتهم لحكم الله ويبين لهم أنه حليم غفور أى رحيم نافع للعباد.

"وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا "المعنى وإذا تلوت الوحى خلقنا بينك وبين الذين لا يصدقون بالقيامة ساترا عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا قرأ القرآن والمراد إذا تلا الوحى أمام الناس جعل أى خلق بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة  حجابا مستورا أى حاجزا عظيما وهو كفرهم بالقرآن وهذا الكفر شاءه الكفار والله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك فى القرآن ولوا على أدبارهم نفورا "المعنى وخلقنا فى أنفسهم حواجز كى لا يفهموه أى فى قلوبهم ثقلا أى إذا رددت إلهك فى الوحى وحده انصرفوا على أعقابهم إعراضا،يبين الله لنبيه(ص)أن الحجاب المستور هو أكنة على قلوب الكفار والمراد حواجز خلقها فى نفوس الكفار وهى الأهواء وفسر هذا بأن فى آذانهم وهى قلوبهم  وقر أى كفر وفسر له هذا أنه إذا ذكر ربه فى القرآن والمراد إذا ورد فى الوحى عبادة الله وحده كانت النتيجة أن ولوا على أدبارهم نفورا والمراد أعرضوا فى أنفسهم إعراضا عن طاعته أى اشمأزت قلوب الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة".

"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا "المعنى نحن أعرف بما ينصتون له إذ ينصتون لك وإذ هم مخافتون إذ يقول الكافرون إن تطيعون إلا إنسانا مكارا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أعلم أى أعرف أى أدرى بالتالى ما يستمعون به إذ يستمعون له والمراد الذى يفرحون به إذ ينصتون للوحى وهذا يعنى أن الله إذا ذكر الذين من دونه وهم آلهة الكفار المزعومة فى الوحى استبشروا بذلك وظنوا أن ذلك يوافق ما يريدون وهو عبادتها وفى ذلك قال بسورة الزمر"وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون"ويبين له أنه أدرى بهم إذ هم نجوى أى متخافتون والمراد يحدثون بعضهم بصوت ضعيف إذ يقول الظالمون وهم الكافرون :إن تتبعون إلا رجلا مسحورا والمراد إن تستمعون إلا لإنسان مخادع وهذا يعنى إتهامهم للرسول(ص)بممارسة السحر.

"انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "المعنى اعلم كيف قالوا لك الأقوال فبعدوا فلا يجدون مهربا،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف ضربوا له الأمثال والمراد أن يعرف كيف قالوا له الأحكام الباطلة وهى الإفتراءات الكاذبة مصداق لقوله بسورة النساء"انظر كيف يفترون على الله الكذب" ويبين له أنهم ضلوا أى بعدوا عن الحق فلا يستطيعون سبيلا والمراد فلا يجدون مصرفا أى مهربا من العقاب مصداق لقوله بسورة "فما تستطيعون صرفا "والخطاب وما قبله للنبى (ص).

"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"المعنى وقالوا هل إذا كنا عظاما وترابا هل إنا عائدون خلقا حديثا ؟يبين الله لنبيه(ص)أنهم سألوه أإذا كنا عظاما ورفاتا والمراد هل إذا كنا عظاما وغبارا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا والمراد هل إنا عائدون مرة أخرى ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أنهم لا يؤمنون بالبعث.

"قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو عسى أن يكون قريبا "المعنى قل أصبحوا صخورا أو حديدا أو شيئا مما يعظم فى نفوسكم فسيقولون من يبعثنا قل الذى خلقكم  أسبق مرة فسيهزون لك أدمغتهم ويقولون متى هو قل لعل أن يكون واقعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار كونوا حجارة أى صخور أو حديدا أو خلقا مما يكبر ما فى صدوركم أى مخلوقا من التى تعظم فى قلوبكم فستبعثون مرة أخرى ويبين الله بهذا للكفار أن تحول الكفار بعد الموت لعظام ورفات أو حتى حجارة أو حديد أو مخلوق مما يعظم فى نفوسهم لا يمنعه من إعادتهم مرة أخرى كما كانوا فى الدنيا وليسوا كما زعموا أنهم سيكونون خلق جديد والمراد خلق أخر غير أنفسهم التى كانت فى الدنيا ،ويبين له أنهم سيقولون له من يعيدنا أى يبعثنا أى يحيينا مرة أخرى ؟ويطلب الله من نبيه(ص)أن يجيب عليهم بقوله :الذى فطركم أى "خلقكم أول مرة "كما قال بسورة فصلت ،ويبين له أنهم سينغضون إليه رءوسهم والمراد سيهزون له أدمغتهم سخرية ويقولون :متى هو أى "متى هذا الوعد"أى البعث كما قال بسورة الأنبياء ويطلب منه أن يقول لهم عسى أن يكون قريبا والمراد عسى أن يصبح واقعا وهذا يعنى أن البعث يحدث والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).

"يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا"المعنى يوم يناديكم فتقومون بأمره وتعتقدون إن مكثتم إلا قصيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن عليه أن يقول للكفار عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم والمراد لعل أن يصبح حادثا يوم يناديكم فتستجيبون بحمده أى فتقومون بأمره وتظنون إن لبثتم إلا قليلا والمراد وتعتقدون إن عشتم سوى وقتا قصيرا ومن هنا يتضح أن القرب وهو الحدوث سيكون يوم ينادى الله الخلق فيقومون أحياء بأمر الله وعند ذلك يظن الكفار أنهم عاشوا مدة قصيرة .

"وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان للإنسان عدوا مبينا "المعنى وقل لخلقى يتحدثوا بالتى هى أعدل إن الشهوة توقع بينهم إن الشهوة للإنسان كاره عظيم ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لعباد الله وهم خلقه :قولوا التى هى أحسن والمراد تكلموا بالتى هى أعدل مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا "وهذا يعنى أن يتحدثوا حديثا سديدا ،ويبين له أن الشيطان وهو الشهوة أى الهوى الضال ينزغ بينهم أى يوقع بينهم الخلاف وهو العداوة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينهم العداوة والبغضاء"ويبين له أن الشيطان وهو الهوى الضال للنفس عدو مبين أى كاره كبير.

"ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما
أرسلناك عليهم وكيلا "المعنى إلهكم أعرف بكم إن يرد ينفعكم أو إن يرد يعاقبكم وما بعثناك لهم حفيظا ،يبين الله للناس أن ربهم وهو خالقهم أعلم  بهم  أى أدرى بهم فى كل شىء إن يشأ يرحمكم والمراد إن يرد يفيدكم بفضله وإن يشأ يعذبكم والمراد إن يرد يعاقبكم بكفركم ويبين لنبيه(ص)أنه ما أرسله عليهم وكيلا والمراد أنه ما بعثه لهم حفيظا يحميهم من عذاب الله إن لم يؤمنوا مصداق لقوله بسورة النساء"فما أرسلناك عليهم حفيظا"والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار وما بعده له.

"وربك أعلم بمن فى السموات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وأتينا داود زبورا"المعنى وإلهك أعرف بما فى السموات والأرض ولقد رفعنا بعض الرسل على بعض وأعطينا داود(ص)كتابا،يبين الله لنبيه(ص)أنه أعلم أى أعرف بمن فى السموات والأرض والمراد عارف بأعمال كل الذى فى الكون من المخلوقات ،ويبين له أنه فضل بعض النبيين على بعض والمراد زاد بعض الرسل على بعض عطايا أى درجات مصداق لقوله بسورة البقرة"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ورفع بعضكم درجات"ويبين له أنه أتى داود زبورا والمراد أعطى داود(ص)وحيا أى كتابا منزلا.

"قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا "المعنى قل نادوا الذين عبدتم من غيره فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم ولا تغييرا أولئك الذين يعبدون يطلبون من إلههم الرحمة أيهم أدخل لها ويريدون نفعه ويخشون عقابه إن عقاب إلهك كان مخشيا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار ادعوا الذين زعمتم من دونه والمراد اطلبوا من الذين عبدتم من غيره فلا يملكون كشف الضر عنكم أى فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم أى تحويلا والمراد فلا يقدرون على تبديل أى تغيير الأذى وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لا تقدر على النفع أو الضرر ويبين الله لنا أن أولئك وهم الآلهة المزعومة يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب والمراد يطلبون من خالقهم القربى وقد فسر الله ذلك بأنهم يرجون أى يريدون نفع الله وهو جنته أى تجارة لن تبور مصداق لقوله بسورة فاطر"يرجون تجارة لن تبور"ويخافون عذابه أى ويخشون عقابه أى سوء الحساب مصداق لقوله بسورة الرعد"ويخشون ربهم "ويبين لنا أن عذاب الرب وهو عقاب الله كان محذورا أى مخشيا أى غير مأمون مصداق لقوله بسورة المعارج"إن عذاب ربهم كان غير مأمون"والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار وما بعده له .

"وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا"المعنى وإن من بلدة إلا نحن مميتوها قبل يوم البعث أى معاقبوها عقابا عظيما كان ذلك فى الحكم موجودا ،يبين الله للنبى(ص) ومنه للكفار أن كل قرية والمراد أن كل أهل بلدة نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أى نحن معذبوها قبل يوم البعث وفسر الله ذلك بأنه معذب أهل القرى عذابا شديدا والمراد أنه مهلك أهل البلاد الكفار إهلاكا عظيما أى معاقبهم عقابا كبيرا ويبين لنا أن ذلك وهو الإهلاك كان فى الكتاب وهو السجل  مسطورا أى موجودا .

"وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا "المعنى وما حجزنا أن نبعث بالمعجزات إلا أن كفر بها السابقون وأعطينا ثمود الناقة معجزة فكفروا بها وما نبعث بالمعجزات إلا إرهابا ،يبين الله لنا أن الذى منع أى حجز الله أن يرسل الآيات والمراد أن يبعث المعجزات إلى الناس فى عهد محمد(ص)وما بعده هو أن كذب بها الأولون والمراد أن كفر بها السابقون وهذا يعنى أن كل الأقوام كفرت بالمعجزات عدا قوم يونس(ص)ولم يصدقوا بها ومنهم ثمود التى أتاها الله الناقة مبصرة والمراد التى أعطاها الله الناقة معجزة دليل واضح فظلموا بها أى فكذبوا بها ،ويبين لنا أن السبب فى أنه يرسل الآيات أى يبعث المعجزات إلى الناس هو التخويف أى الإرهاب والمراد إرهاب الناس من قدرة الله التى لا تحدها الحدود ولا تقف فى طريقها العوائق والسدود والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرءيا التى أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة فى القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا "المعنى وإذا قلنا لك إن خالقك علم بالخلق وما جعلنا المنام الذى أشهدناك إلا بلاء للبشر والشجرة المؤذية فى القرآن ونرعبهم فما يمدهم إلا ظلما عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال له إن ربك أحاط بالناس والمراد إن إلهك علم بالخلق أى إن خالقك عرف كل شىء عن الناس ،ويبين له أن الرؤيا وهى الحلم الذى أشهده وهو حلم دخول مكة مع المسلمين محلقين رءوسهم ومقصرين وفى هذا قال بسورة الفتح"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين "ليست سوى فتنة للناس أى امتحان للبشر ويبين له أن الشجرة الملعونة وهى النبتة الضارة الثمار فى القرآن وهو الذكر ولعن الشجرة ليس المقصود به الغضب عليها وإنما المراد بعدها عن مكان الرحمة أى الجنة فالملعونة تعنى المؤذية الضارة وفى هذا قال بسورة الصافات "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم" والله يبين لنبيه (ص)أن الشجرة فتنة أى بلاء للناس كالرؤيا بالضبط ويبين لنا أنه يخوف أى يحذر الكفار من عذابه فما يزيدهم أى فما يديمهم إلا طغيانا كبيرا أى إلا ظلما عظيما والمراد جعلهم يستمرون فى كفرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا "المعنى وقد قلنا للملائكة أطيعوا آدم(ص)فأطاعوهإلا الشيطان قال هل أكرم من أنشأت ترابا؟يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للملائكة :اسجدوا لآدم (ص)أى أطيعوا أى أقروا لآدم(ص) بالأفضلية فأطيعوا حكمه فكانت النتيجة هى أن سجدوا أى أقروا أى أطاعوا حكم آدم(ص) إلا إبليس الذى قال أأسجد لمن خلقت طينا والمراد هل أقر بأفضلية من جعلت صلصالا ؟وهذا يعنى أنه يقول أن سبب عدم سجوده هو أن الإنسان مخلوق من الطين وهو التراب.

"قال أرأيتك هذا الذى كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا"المعنى قال أخبرك أن هذا الذى فضلت على لئن أجلتنى إلى يوم البعث لأضلن نسله سوى القليل ،يبين الله لنبيه(ص)أن إبليس قال لله:أرايتك هذا الذى كرمت على والمراد أعلمك يا رب أن هذا الذى فضلت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة والمراد لئن أبقيتنى حتى يوم البعث لأحتنكن ذريته إلا قليلا والمراد لأغوين أولاده إلا المخلصين لدينك مصداق لقوله بسورة الحجر"ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" وهو قول كاذب منه والخطاب للنبى(ص)هو وبقية القصة.

"قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا "المعنى قال اخرج فمن قلدك منهم فإن النار مكانكم عقابا مستمرا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان  :اذهب أى اخرج من الجنة فمن تبعك منهم والمراد فمن قلد عملك أى اقتدى بفعلك منهم فإن جهنم أى النار جزاؤكم جزاء موفورا أى عقابكم عقابا دائما وهذا يعنى أن جزاء متبع إبليس هو دخول النار.

"واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى وأضل من قدرت منهم بكفرك أى اهجم عليهم بقوتك وجيشك وقاسمهم فى الأملاك والعيال وأخبرهم وما يخبرهم الكافر إلا وهما ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للشيطان وهو الكافر :واستفزز من استطعت منهم بصوتك والمراد وأبعد من قدرت منهم بكفرك وفسر هذا بقوله واجلب عليهم بخيلك ورجلك أى واهجم عليهم بقوتك أى جيشك والمراد اهجم عليهم بكفرك وفسر هذا بقوله وشاركهم فى الأموال والأولاد أى قاسمهم فى الأملاك والعيال والمراد وزين لهم بكفرك الأموال والأولاد وفسر هذا بقوله عدهم أى أخبرهم بالكلام عن طريق الشهوات فى الإنسان وهذا يعنى أن كل قدرة الشيطان هى الوسوسة أى الدعوة للباطل عن طريق الشهوات مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم"ويبين الله له أن الشيطان وهو الكافر يعدهم غرورا أى يخبرهم وهما أى سرابا أى فقرا مصداق لقوله بسورة النساء"الشيطان يعدكم الفقر"وهو الخسران المبين .

"إن عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "المعنى إن خلقى ليس لك عليهم قوة وحسبك خالقك حفيظا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان :إن عبادى وهم خلقى ليس لك عليهم سلطان أى سلطة أى قوة قاهرة تجبرهم على طاعتك وهذا يعنى أن الهوى الضال لا يملك قوة يقهر الناس بها على طاعة وسوسته ،ويبين له أنه كفى بربه وكيلا والمراد حسبه طاعة خالقه حافظا أى حاميا له من عقاب طاعة الهوى الضال.

"ربكم الذى يزجى لكم الفلك فى البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما "المعنى إلهكم الذى يحرك لكم السفن فى الماء لتطلبوا من رزقه إنه كان لكم نافعا ،يبين الله للناس أن ربهم وهو إلههم هو الذى يزجى لهم الفلك فى البحر والمراد الذى يجرى لهم السفن فى الماء مصداق لقوله بسورة لقمان "ألم تر أن الفلك تجرى فى البحر بنعمة الله"والسبب أن يبتغوا من فضله والمراد أن يطلبوا من رزقه سواء اللحم الطرى أو الحلى ويبين لهم أنه كان بهم رحيما والمراد كان لهم نافعا بذلك الرزق والخطاب للناس

"وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا "المعنى وإذا أصابكم الأذى فى الماء بعد من تنادون إلا سواه فلما أنقذكم إلى اليابس كفرتم وكان الفرد كذوبا ،يبين الله للناس أنهم إذا مسهم الضر فى البحر أى إذا غشيهم الأذى وهى الموج فى الماء مصداق لقوله بسورة لقمان"وإذا غشيهم موج كالظلل "حدث التالى ضل من تدعون إلا إياه والمراد ترك من تعبدون سوى الله والمراد تركوا دعاء الآلهة المزعومة ودعوا الله وحده مصداق لقوله بسورة لقمان"دعوا الله مخلصين له الدين "ويبين لهم أنه لما نجاهم إلى البر والمراد لما أخرجهم من الماء لليابس أعرضوا أى كفروا بحكمه ويبين أن الإنسان كفور أى ظلوم مصداق لقوله بسورة إبراهيم"إن الإنسان لظلوم" والخطاب وما بعده وما بعده للناس الكفار.

"أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا "المعنى هل استحلتم أن يزلزل بكم جانب اليابس أو يبعث عليكم حجارة ثم لا تلقوا لكم ناصرا ؟يسأل الله الناس أفأمنتم أى هل استبعدتم أن يفعل بكم الله التالى يخسف بكم جانب البر أى يحرك بكم ناحية الأرض اليابسة مصداق لقوله بسورة الملك"أن يخسف بكم الأرض فإذا هى تمور"أو يرسل عليكم حاصبا والمراد أو يبعث عليكم حجارة ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن أمنهم كذب فعليهم ألا يستبعدوا عذاب الله سواء كان خسف أرضى أو إرسال حاصب وساعتها لن يجدوا لهم وكيلا أى تبيعا أى منقذا من عذاب الله مصداق لقوله بالسورة نفسها"ثم لا تجدوا لكم علينا تبيعا".

"أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا"المعنى هل استبعدتم أن يرجعكم فيه مرة ثانية فيبعث عليكم أذى من الريح فيهلككم بما كذبتم ثم لا تلقوا لكم علينا به نصيرا؟يسأل الله الناس :أم أمنتم أى هل استحلتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى أى أن يرجعكم فى البحر مرة ثانية فيرسل أى فيبعث عليكم قاصفا من الريح أى ضارا من الهواء المتحرك فيغرقكم بما كفرتم أى فيهلككم بما كذبتم ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن استبعادهم أى استحالتهم أن يرجعهم الله للبحر مرة ثانية حتى يغرقهم بسبب كفرهم عن طريق القاصف من الريح هو أمر خاطىء لأن الإنسان عليه ألا يأمن مكر الله فى حالة كفره ويبين لهم أنهم لا يجدوا لهم على الله به تبيعا والمراد لن يلقوا لهم على الله نصيرا ينقذهم من العذاب .

"ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا "المعنى ولقد فضلنا أولاد آدم(ص)وسيرناهم فى اليابس والماء وأعطيناهم من المنافع أى ميزناهم على كثير ممن أبدعنا تمييزا ،يبين الله للنبى(ص) أنه كرم أى عظم أى فضل بنى آدم(ص)على خلقه وفسر هذا بأنه فضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا والمراد ميز أولاد آدم(ص)على أنواع عديدة من الخلق ممن أنشأ تمييزا وهذا يعنى أنه جعل الإنسان صاحب مكانة رفيعة بين المخلوقات ،ويبين أنه حمل الناس فى البر والبحر والمراد سيرهم فى اليابس والماء مصداق لقوله بسورة يونس"هو الذى يسيركم فى البر والبحر"وهو الذى رزقهم من الطيبات أى وأعطاهم من المنافع وهى الأرزاق والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا "المعنى يوم ننادى كل أمة بكتابهم فمن أعطى سجله بيمينه فأولئك يرون سجلهم ولا يبخسون شيئا،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار لن يجدوا على الله تبيع أى حجة تنصرهم يوم يدعوا كل أناس بإمامهم والمراد يوم ينادى كل أمة برسولهم والمراد يوم يبعث مع كل قوم شهيد هو رسولهم مصداق لقوله بسورة النحل"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا"ويبين لنا أن من أوتى كتابه بيمينه أى من أعطى سجل عمله فى يده اليمنى فهم يقرءون كتابهم أى يرون سجل عملهم  مصداق لقوله بسورة الزلزلة "ليروا أعمالهم "ويبين لنا أنهم لا يظلمون فتيلا أى لا يبخسون شيئا مصداق لقوله بسورة مريم"ولا يظلمون شيئا".

"ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا"المعنى ومن كان فى هذه كافر فهو فى القيامة كافر أى أبعد طريقا ،يبين الله لنا أن من كان فى هذه أعمى والمراد من كان فى الدنيا معرضا عن ذكر الله فهو فى الآخرة وهى القيامة أعمى أى أضل سبيلا أى معرضا عن ذكر الله يعاقب بالمعيشة الضارة مصداق لقوله بسورة طه"ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى".

"وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا " المعنى وإن أرادوا ليضلونك عن الذى ألقينا لك لتزعم علينا سواه وإذا لجعلوك إلها ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار كادوا أى أرادوا التالى أن يفتنوه عن الذى أوحينا إليه والمراد أن يضلوه عن الذى ألقى له من عند الله والسبب فى إرادتهم ذلك أن يفترى على الله غيره والمراد أن ينسب إلى الله حديث سوى الوحى وهو قولهم بسورة يونس"ائت بقرآن غير هذا أو بدله"ويبين له نتيجة نسبة كلام إلى الله لم يقله وهى أن الكفار سيتخذوه خليلا أى ربا لهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا "المعنى ولولا أن زدناك لقد هممت تميل لهم ميلا يسيرا إذا لأعلمناك ذل الحياة وذل الموت ثم لا تلقى لك علينا مؤيدا ،يبين الله لرسوله(ص)أن لولا تثبيت الله له والمراد أن لولا ترسيخ الله الإسلام فى قلبه بطاعته له لحدث التالى كدت تركن إليهم شيئا قليلا والمراد أردت أن تميل لهم ميلا هينا أى هممت أن تستجيب لهم استجابة يسيرة ويبين له أنه لو فعل الميل أى الركون لهم لحدث التالى أذاقه ضعف الحياة والمراد عرفه عقاب الدنيا الممثل فى الأخذ باليمين وهو شل يمينه وقطع الوحى عنه مصداق بسورة الحاقة "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين"وأذاقه ضعف الممات وهو ذل الأخرة الممثل فى النار ثم لا يجد له على الله نصيرا والمراد لا يلق له من عذاب الله منقذا .

"وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا من قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا "المعنى وإن هموا ليستضعفونك فى البلاد ليطردوك منها وإذا لا يمكثون بعدك إلا يسيرا عادة من قد بعثنا من قبلك من مبعوثينا ولا تجد لعادتنا تبديلا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار كادوا أن يستفزوه من الأرض والمراد أرادوا أن يبغضونه فى البلد بإيذاءهم له والسبب أن يخرجوه منها أى يبعدوه عن مكة لبلد أخر ويبين الله له أن الكفار لا يلبثون خلافه إلا قليلا والمراد لا يبقون أحياء بعد طردهم له من البلد سوى وقت قصير ينزل عليهم بعده العذاب المهلك ويبين له أن هذه سنة من قد أرسل الله من قبله من رسله والمراد أن الخروج من البلدة الظالمة هى عادة من قد بعث الله من قبل محمد(ص) من أنبياء الله ثم هلاك أقوامهم بعد خروجهم ولن يجد لسنة الله تحويلا والمراد لن يلق لحكم الله تبديلا مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تبديلا"والخطاب للنبى(ص) .

"أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "المعنى أطع الدين من طلوع الشمس حتى ظلمة الليل وكتاب النور إن كتاب النور كان مفروضا ومن الليل فاعمل به عسى أن يدخلك إلهك مكانا مشكورا،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقم الصلاة والمراد أن يطيع الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"لدلوك الشمس حتى غسق الليل والمراد من طلوع الشمس حتى بداية ظلمة الليل وهى طرفى النهار مصداق لقوله بسورة هود"وأقم الصلاة طرفى النهار"ويبين له أن المقام أى المطاع هو قرآن الفجر وهو كتاب النور وقرآن الفجر كان مشهودا والمراد وكتاب النور أى الصلاة كان مفروضا طاعته من كل مؤمن مصداق لقوله بسورة النساء"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"ويبين له أن من الليل عليه أن يتهجد به أى أن يعمل بكتاب النور نافلة له أى فرض عليه وهذا هو بقية قوله بسورة هود"وزلفا من الليل "فيجب طاعة كتاب الله وقت الصحو فى النهار والليل ويبين له نتيجة طاعته وهى أن يبعثه ربه مقاما محمودا والمراد أن يدخله خالقه مكانا حسنا هو الجنة والخطاب  وما بعده للنبى(ص).

"وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل من لدنك سلطانا نصيرا وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "المعنى وقل إلهى اسكنى مسكن عدل وأبعدنى مبعد عدل واخلق لى من لديك حكما مؤيدا وقل أتى العدل وذهب الظلم إن الظلم كان ذهوبا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يدعوه فيقول:رب أى إلهى أدخلنى مدخل صدق أى اسكنى مكانا آمنا وهذا يعنى أن يطلب منه أن يقيم فى مكان آمن ،وقال وأخرجنى مخرج صدق أى وأبعدنى مبعد عدل والمراد أن يجعله ينتقل من مكانه انتقالا آمنا وقال واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا والمراد وأنزل لى من عندك حكما مؤيدا وهذا يعنى أنه يريد من الله حافظا يحميه والمسلمين من العذاب فى الدنيا والآخرة ،وقال جاء الحق أى أتى العدل وزهق الباطل أى ومحى الظلم  إن الباطل كان زهوقا والمراد إن الظلم كان فانيا وهذا يعنى أن الحق يدوم وأما الظلم فهو يزول وينمحى مصداق لقوله بسورة الشورى "ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ".

"وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا"المعنى ونوحى من الكتاب ما هو نفع للمصدقين ولا يعطى الكافرين سوى عقابا،يبين الله للنبى(ص) أنه ينزل من القرآن والمراد يلقى من آيات الوحى ما هو شفاء أى دواء نافع للمؤمنين وهم المصدقين به وفسره بأنه رحمة أى نفع للمصدقين به والكفر بالقرآن يزيد أى يعطى الظالمين وهم الكافرين الخسار وهو العذاب من الله وهو المقت مصداق لقوله بسورة فاطر "ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا"والخطاب للنبى(ص). 

"وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأ بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا "المعنى وإذا تفضلنا على الفرد كفر أى بعد بنفسه وإذا أصابه الأذى كان قنوطا،يبين الله لنا أن الإنسان إذا أنعم الله عليه أى أعطاه نفع منه أى أذاقه رحمة منه مصداق لقوله بسورة فصلت"ولئن أذقناه رحمة منا "كانت النتيجة أنه يعرض أى يكفر أى ينأى بجانبه والمراد يطيع هواه الضال وإذا مسه الشر يؤسا والمراد وإذا أصابه الضرر كان قنوطا كما قال بسورة فصلت"وإن مسه الشر فيئوس قنوط".

"قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا "المعنى قل كل يحافظ على مكانته فإلهكم أعرف بمن هو أفضل طريقا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس : كل يعمل على شاكلته والمراد كل يحافظ على مكانته مصداق لقوله بسورة الأنعام"اعملوا على مكانتكم إنى عامل" أى كل يعمل حفظا لدينه وربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا والمراد فخالقكم أدرى بمن هو أرشد دينا والمراد الله يعرف من أضل دينا ومن أحسن دينا والخطاب وما بعده للنبى(ص) .

"يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"المعنى ويستخبرونك عن الوحى قل الوحى اختصاص خالقى وما أعطيتم من المعرفة سوى يسيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يسألونه عن الروح والمراد يستفهمون منه عن نزول الوحى عليه خاصة ،ويطلب الله منه أن يقول لهم :الروح من أمر ربى والمراد الوحى من اختصاص إلهى مصداق لقوله بسورة غافر"يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده"وهذا يعنى أن سبب نزول الوحى عليه هو اصطفاء الله له،وما أوتيتم من العلم إلا قليلا والمراد وما علمتم من الوحى إلا النزر الهين وهذا يعنى أن ما أبلغوا به من الوحى شىء قليل  والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا"المعنى ولئن أردنا لننسين الذى ألقينا لك ثم لا تلق لك به علينا نصيرا إلا نفعا من إلهك إن نفعه كان لك عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن شاء أى إن أراد أذهب الذى أوحى إليه والمراد إن أراد أفنى الذى ألقى له من القرآن وهذا يعنى أن ينسيه الوحى هو وغيره ،ويبين له أنه لن يجد له به عليه وكيل والمراد أنه لن يلق به على الله نصيرا أى منقذا من عقاب الله إلا رحمة من الرب أى إلا نفع من الله وهذا النفع هو الإيمان بالوحى ويبين له أن فضله وهو نفعه أى عطائه كان عليه كبير أى كان العطاء كان له كثير مصداق لقوله بسورة الكوثر"إنا أعطيناك الكوثر".

"قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا"المعنى قل لئن اتفقت الإنس والجن على أن يجيئوا بشبه هذا الوحى لا يجيئون بشبهه ولو كان بعضهم لبعض نصيرا،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :لئن اجتمعت أى اتفقت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن والمراد على أن يجيئوا بشبه هذا الوحى لا يأتون بمثله أى لا يجيئون بشبهه ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا أى نصيرا ،وهذا يعنى أن اتفاق الجن والإنس على احضار شبيه للقرآن لا يجلب لهم شبيه القرآن أبدا حتى ولو ساعدوا بعضهم بعضا والسبب أن الذى عنده الشبيه هو الله وهو لن يعطيهم هذا الشبيه ونحن هنا نتحدث عن الشبيه الصادق وأما الشبيه الكاذب وهو أن يؤلفوا شبه القرآن فسيكون تحدى ليس له معنى لأن المثل متفق مع المثل فى الصدق والمثل الكاذب مع القرآن الصادق لا يتفق معه أبدا.

"ولقد صرفنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا"المعنى ولقد قلنا للبشر فى هذا الوحى من كل حكم فرفض أغلب البشر إلا كذبا ،يبين الله للنبى(ص) أنه صرف أى قال أى ضرب للناس وهم الخلق فى القرآن وهو الوحى من كل مثل والمراد من كل حكم فى كل القضايا مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن"فكانت نتيجة القول هى أن أبى أكثر الناس إلا كفورا والمراد أن رفض معظم الخلق وهم الظالمون إلا تكذيب للوحى مصداق لقوله بسورة الإسراء"فأبى الظالمون إلا كفورا" والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربى هل كنت إلا بشر رسولا"المعنى وقالوا لن نصدق بك حتى تخرج لنا من اليابس نهرا أو تصبح لك حديقة من نخل وعنب فتخرج العيون فيها إخراجا أو تنزل السماء كما قلت علينا عذابا أو تجىء بالله والملائكة عيانا أو يصبح لك منزل من زينة أو تصعد إلى السماء ولن نصدق بك بصعودك حتى تسقط علينا كتابا نتلوه قل طاعة إلهى هل كنت إلا إنسان مبعوثا ،يبين الله لنبيه(ص)ولنا وللكفار قالوا له :لن نؤمن أى لن نصدق برسالتك إلا إذا فعلت التالى :

-تفجر لنا من الأرض ينبوعا أى تخرج لنا من اليابس نهرا والمراد أن يجرى لهم فى الأرض عين ماء .

-تكون لك جنة أى تصبح لك حديقة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أى فتخرج العيون فيها إخراجا والمراد فتجرى العيون فيها جريانا.

-تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أى ينزل السحاب كما قلت علينا عذابا وهذا يعنى طلبهم للعذاب .

- تأتى بالله والملائكة قبيلا أى أن تحضر الله والملائكة عيانا والمراد احضار الله والملائكة جماعة أمامهم ليشاهدوهم .

-أن يكون لك بيت من زخرف أى أن يصبح لك مسكن من ذهب .

-أن ترقى إلى السماء أى أن يصعد فى السحاب ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه والمراد ولن نصدق بصعودك حتى تسقط علينا سجلا نتلوه .

وهذا يعنى أن الله طلب من الرسول(ص)أن يقول للكفار  سبحان ربى أى الطاعة لحكم إلهى هل كنت إلا بشرا رسولا أى إنسانا نبيا والمراد أنه إنسان مثلهم لا يقدر على الإتيان بشىء كما أنهم لا يقدرون على الإتيان بشىء مما طلبوا والخطاب للنبى(ص).

"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا"المعنى وما حجز البشر أن يصدقوا حين أتاهم الوحى إلا أن قالوا أأرسل الله إنسانا مبعوثا؟يبين الله لنا أن الذى منع الناس أى حجز البشر عن أن يؤمنوا أى يصدقوا لما جاءهم الهدى أى لما أتاهم الوحى إلا أن قالوا :أبعث الله بشرا رسولا أى أأرسل إنسانا نبيا؟وهذا يعنى أن سبب عدم إيمانهم هو استبعادهم إرسال إنسان كرسول من الله .

"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"المعنى قل لو كان فى البلاد ملائكة يسيرون آمنين لأرسلنا لهم من السماء ملاكا مبعوثا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول الكفار :لو كان فى الأرض ملائكة أى لو كان فى البلاد ملائكة يمشون مطمئنين أى يتحركون آمنين وهذا يعنى أن الملائكة لا توجد فى الأرض والسبب هو عدم اطمئنانها فى حركتها فى الأرض وقال لنزلنا عليهم من السماء أى لأرسلنا لهم من السماء ملاكا مبعوثا وهذا يعنى أن الملائكة لكى تنزل رسل للأرض لابد أن تكون مطمئنة فى مشيها وهو أمر مستحيل ومن ثم فمن المستحيل إرسال الملائكة رسل للناس فى الأرض والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار.

"قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا "المعنى حسبى الله قاضيا بينى وبينكم إنه كان بخلقه عليما محيطا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس كفى بالله شهيدا أى حسبى الله حاكما يفصل بينى وبينكم ،إنه كان بعباده خبيرا بصيرا والمراد إنه كان بخلقه عليما عارفا بكل شىء والخطاب للنبى(ص).

"ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما زدناهم سعيرا "المعنى ومن يقرب الله فهو المرحوم ومن يعذب فلن تلق لهم أيضا أنصار من سواه ونبعثهم يوم البعث على ذواتهم كفارا فساقا ظلمة مقامهم النار كلما خفت أمددناهم نارا ،يبين الله لنبيه(ص)أن من يهد الله فهو المهتد والمراد من يرحم الله فهو المنقذ من العذاب وأما من يضلل أى يعاقب فى النار فلن يجد له أولياء من دونه والمراد فلن يلق له أنصار من سوى الله ينقذونه من النار ،ويبين له أنه يحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا أى بكما أى صما والمراد أنه يبعثهم فى يوم البعث على ذواتهم أى على أحوالهم التى كانوا عليها فى الدنيا وهى أنهم كفار أى ظلمة أى فساق وكل هذا بمعنى واحد أنهم كفار ومأواهم وهو مكانهم فى الآخرة جهنم كلما خبت أى كلما خفت النار زادها الله سعيرا أى أمدها الله وقودا حتى تشتعل من جديد فيتم تعذيبهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

" ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"المعنى ذلك عقابهم بأنهم كذبوا بأحكامنا وقالوا هل إذا كنا عظما وترابا أإنا لعائدون خلقا حديثا ؟يبين الله لنبيه(ص)أن ذلك وهو دخول جهنم جزاؤهم أى عقابهم والسبب أنهم كفروا بآيات الله والمراد أنهم كذبوا بأحكام الله وقد قالوا فى الدنيا :أإذا كنا عظاما ورفاتا والمراد هل إذا عظاما وترابا أإنا لمبعوثون أى هل إنا عائدون خلقا جديد أى حديثا ؟وهذا السؤال يعنى أنهم يستغربون من وجود البعث ويرونه مستحيلا لأنهم لن يكونوا هم  هم وإنما خلق جديد .

"أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا"المعنى هل لم يعلموا أن الله الذى فطر السموات والأرض مريد أن يبدع شبههم وحدد لهم موعدا لا كذب فيه فرفض الفاسقون إلا تكذيبا ؟يسأل الله :أو لم يروا أى هل لم يعرفوا أن الله  الذى خلق أى أنشأ أى فطر السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم أى مستطيع أن ينشىء شبههم ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله القادر على خلق هذا الكون الكبير العظيم بما فيه من مخلوقات لابد أن يكون قادر على أن يخلق الصغير وهو الإنسان مرة أخرى ،ويبين الله لنا أنه جعل للناس أجلا والمراد حدد للخلق موعد للبعث لا ريب فيه أى كذب فيه والمراد أنه لا ينقض هذا الموعد فكانت النتيجة هى أن الظالمين وهم الكافرون أبوا أى رفضوا سوى الكفور وهو التكذيب بآيات الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا"المعنى قل لو أنتم تتحكمون فى منافع عطاء إلهى إذا لبخلتم خوف العطاء وكان الإنسان بخيلا،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى أى لو أنتم تتحكمون فى حوافظ رزق إلهى والمراد لو أنتم تأمرون فى منافع عطاء خالقى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق أى إذا لبخلتم خوف الإعطاء وهذا يعنى أن الكفار لو ملكوا خزائن الرزق الإلهى فإنهم لن يعطوا منها خوفا من فنائها ،ويبين لهم أن الإنسان وهو الكافر قتور أى بخيل والمراد مناع للخير .

"ولقد أتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بنى إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إنى لأظنك يا موسى مسحورا "المعنى ولقد أعطينا موسى (ص)تسع معجزات ظاهرات فاعرف بأولاد يعقوب(ص)حين أتاهم فقال له فرعون إنى لأعرفك يا موسى ساحرا،يبين الله لنبيه(ص)أنه أتى أى أعطى لموسى (ص)تسع آيات بينات والمراد تسع معجزات ظاهرات هى العصا واليد المنيرة والطوفان والدم والقمل والضفادع والجراد والغمام والمن وهو السلوى ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل والمراد أن يعلم بالتالى بنى إسرائيل إذ جاءهم أى حين أتاهم موسى (ص)فقال له فرعون :إنى لأظنك يا موسى مسحورا والمراد إنى لأعلمك يا موسى ساحرا أى مخادعا وهذا يعنى أنه يتهم  موسى (ص) بممارسة السحر وهو الخداع والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.

 "قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإنى لأظنك يا فرعون مثبورا"المعنى قال لقد عرفت ما أرسل هؤلاء إلا خالق السموات والأرض هاديات وإنى لأعرفك يا فرعون خاسرا ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون :لقد علمت أى لقد عرفت ما أنزل أى ما أعطى هؤلاء إلا رب أى خالق السموات والأرض بصائر أى هاديات أى براهين على الحق ،وهذا يعنى أن الله أرسل الآيات لترشد الناس إلى صدق رسالة موسى (ص)وقال وإنى لأظنك يا فرعون مثبورا أى وإنى لأعرفك يا فرعون هالكا وهذا يعنى أن موسى (ص)متأكد من تكذيب فرعون له ومن ثم هلاكه ودخوله العذاب .

"فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبنى إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا "المعنى فأحب أن يستعبدهم فى البلاد فأهلكناه ومن معه كلهم وقلنا من بعده لأولاد يعقوب أقيموا فى البلاد فإذا أتى ميقات القيامة أتينا بكم جميعا ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون أراد أى أحب أن يستفزهم من الأرض والمراد أن يستضعفهم فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم"فكانت النتيجة هى أن أغرقهم أى أهلكهم الله فى الماء ومن معه جميعا وقال الله لبنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب(ص)من بعد هلاك فرعون وقومه :اسكنوا الأرض أى أقيموا بالبلاد والمراد ادخلوا الأرض المقدسة فإذا جاء وعد الآخرة أى فإذا أتى ميقات القيامة جئنا بكم لفيفا أى أتينا بكم كلكم ،وهذا يعنى أنهم سيعودون كلهم فى يوم القيامة أحياء.

"وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا"المعنى وبالعدل أوحيناه وبالعدل أوحى وما بعثناك إلا مخبرا أى مبلغا ووحينا قسمناه لتتلوه على البشر على مهل وأوحيناه وحيا ؟،يبين الله لنبيه(ص)أن الوحى بالحق أنزل والمراد بالعدل أوحى وفسر الله ذلك بأنه بالحق نزل أى بأن بالعدل أوحى القرآن،ويبين له أنه ما أرسله أى ما بعثه إلا مبشرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى للناس ،ويبين له أن القرآن وهو الوحى فرقه أى قسمه الله أقسام عند إنزاله فكل قسم ينزل فى مرة والسبب حتى يقرئه على الناس على مكث أى حتى يتلوه على الخلق على مهل وهذا يعنى أن السبب فى تفريق القرآن هو أن يستطيع الناس فهمه على تريث ويبين له أن القرآن نزله تنزيلا أى رتله ترتيلا مصداق لقوله بسورة الفرقان"ورتلناه ترتيلا "والمراد أوحاه وحيا من عنده والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل آمنوا أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا مفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا"المعنى قل صدقوا أو لا تصدقوا إن الذين أعطوا الوحى من قبله إذا يقرأ عليهم يعملون للنفوس طائعين ويقولون طاعة إلهنا إن كان قول إلهنا متحققا ويعملون للنفوس يطيعون أى يمدهم طاعة ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :آمنوا به أى صدقوا بالوحى أو لا تؤمنوا أى أو لا تصدقوا بالوحى  فهذا شأنكم ،ويبين لنبيه(ص)أن الذين أوتوا العلم وهم الذين علموا الوحى من قبل بعث محمد(ص)إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا والمراد إذا يبلغ لهم الوحى يعملون للنفوس طائعين الوحى المقروء عليهم وهذا يعنى أنهم يطيعون الوحى لنفع أنفسهم ويقولون :سبحان ربنا والمراد الطاعة لوحى إلهنا واجبة إن كان وعد ربنا مفعولا والمراد إن كان قول خالقنا بالبعث حادثا وهذا يعنى أنهم يؤمنون بالبعث ،وهم يخرون للأذقان يبكون أى يعملون للنفوس يطيعون ويفسر هذا بأنهم يزيدهم خشوعا أى يمدهم إيمانا مصداق لقوله بسورة آل عمران "ويزيدهم إيمانا"وهذا يعنى أن الوحى يجعلهم يستمرون فى طاعتهم .

"قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"المعنى قل اذكروا الله أى اذكروا النافع أياما تذكروا فله الأحكام النافعة ولا تعلن صلاتك ولا تسر بها واصنع بين ذلك طريقا،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس ادعوا الله أى أطيعوا حكم الله أى اتبعوا حكم النافع ،أياما تدعوا والمراد أيا كان الحكم الذى تطيعون فله الأسماء الحسنى أى فله الأحكام الحسنة مصداق لقوله بسورة المائدة"ومن أحسن من الله حكما"،وينهاه الله فيقول ولا تجهر بصلاتك والمراد ولا تظهر صوتك فى الصلاة ولا تخافت به أى ولا تسر به أى لا تخفض صوتك فى الصلاة وابتغ بين ذلك سبيلا والمراد واجعل بين الظهور والخفاء طريقا وهذا يعنى أن الصوت فى الصلاة يكون بين العلو والإسرار والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص) .

"وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا"المعنى وقل الطاعة لحكم الله الذى لم يختر ابنا ولم يكن له مقاسم فى الأمر ولم يكن له ناصر من الهوان وأطعه طاعة ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس الحمد لله أى الطاعة لحكم الله وهو الذى لم يتخذ ولدا أى لم ينجب ابنا ،وهذا يعنى أن ليس له ولد،ولم يكن له شريك فى الملك والمراد ولم يكن له مقاسم فى الحكم وهذا يعنى أنه ليس له شركاء فى الحكم ،ولم يكن له ولى من الذل والمراد ولم يكن له ناصر من الهوان وهذا يعنى أن الله ليس له مساعد يساعده وينقذه من القهر لأنه قاهر كل شىء ،ويطلب الله من النبى (ص)أن يعظمه تعظيما أى يطيع حكمه طاعة مستمرة .

اجمالي القراءات 40630