تفسير سورة النحل

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٨ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

                                    سورة النحل

سميت بهذا الاسم لذكر النحل فيها فى قوله "وأوحى ربك إلى النحل".

"بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون"المعنى بحكم الرب النافع المفيد علم حكم الله فلا تطالبوا به طاعته وعلوه عن الذى يعبدون ،يبين الله لنا أن باسم الله وهو حكم الرب وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد قد حدث التالى :أتى أمر الله أى  جاء حكم الرب والمراد علم وقت عذاب الله لله وحده ويطلب الله من الناس ألا يستعجلوه والمراد ألا يطلبوا  نزول القطن وهو العذاب قبل يوم الحساب كما قالوا بسورة ص"ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب"ويبين لهم أن سبحانه والمراد التسبيح وهو الطاعة لحكمه ويبين أنه تعالى عما يشركون أى علا عن الذى يعبدون والمراد أنه أفضل من أى آلهة أخرى يزعمون وجودها والخطاب للناس .  

"ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون "المعنى يرسل الملائكة بالوحى من عنده إلى من يريد من خلقه أن أخبروا أنه لا رب إلا أنا فأطيعون ،يبين الله لنا أن الله ينزل الملائكة بالروح من أمره والمراد أن يرسل الملائكة بالفضل وهو الوحى من لديه مصداق لقوله بسورة البقرة "أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده "والمراد على من يختار من خلقه وهذا يعنى أن الله يبعث الملائكة بالحكم المكتوب عنده فى أم الكتاب وهو يرسله إلى من يختاره من الخلق والسبب أن أنذروا والمراد أن قولوا لهم أنه لا إله أى لا رب إلا أنا فاتقون أى فأطيعون  والمراد لا رب سواى يستحق الإتباع فاتبعوا حكمى أى اعبدون كما قال بسورة الأنبياء"أن لا إله إلا أنا فاعبدون " والخطاب للناس.

"خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون"المعنى أنشأ السموات والأرض للعدل تنزه عن الذى يعبدون ،يبين الله للمؤمنين أنه خلق أى "فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام " والمراد أنشأ الكون بالحق والمراد ليسود فيه العدل ،وهو قد تعالى عما يشركون أى تنزه عن الذى يصفون أى يقولون وهو الآلهة المزعومة مصداق لقوله بسورة الأنعام"وتعالى عما يصفون"وقوله بسورة الإسراء"وتعالى عما يقولون علوا كبيرا"وهذا يعنى أن الله أفضل من الآلهة المزعومة .

"خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين "المعنى أنشأ الإنسان من منى فإذا هو كافر عنيد ،يبين الله للمؤمنين أنه خلق الإنسان من نطفة والمراد جعل الإنسان من سلالة من طين هى المنى مصداق لقوله بسورة السجدة"ثم جعل نسله من سلالة من طين "وبعد خلقه إذا هو خصيم مبين أى كافر عظيم فى كفره.

"والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم "المعنى والأنعام أنشأها لكم فيها حرارة وفوائد ومنها تطعمون ولكم فيها زينة حين تقعدون وحين تسعون وترفع أمتعتكم إلى قرية لم تكونوا واصليها إلا بتعب الأنفس إن إلهكم لنافع مفيد،يبين الله للناس أن الأنعام قد خلقها أى أنشأها الله لهم فيها التالى :دفء أى حرارة والمراد أوبارها وصوفها وشعرها مما يصنع منه ملابس تعطى الجسم الحرارة وفيها منافع أى فوائد كثيرة ومن الفوائد أنهم يأكلون أى يطعمون منها سواء اللحم أو الجبن أو الزبد أو اللبن أو غير ذلك ومن الفوائد أن لهم فيها جمال أى زينة أى متاع أى فائدة حين يريحون أى يستريحون والمراد حين يطلبون السبات وهو الراحة وحين يسرحون أى وحين يعملون وهذا يعنى أن لها فوائد فى وقت راحتها وفى وقت عملها ،ومن فوائد الأنعام أنها تحمل الأثقال إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس والمراد أنها ترفع الأمتعة وتسير بها إلى قرية لم نكن واصليها إلا بتعب الذوات وهى الأجسام والنفوس ويبين لهم أنه بهم رءوف رحيم أى نافع مفيد لهم .

"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون "المعنى والخيل والبغال والحمير لتستووا عليها أى نفع ويبدع الذى لا تعرفون ،يبين الله للناس أنه خلق الخيل والبغال -وهى نتاج تزواج الخيل والحمير _ والحمير للتالى ليركبوها أى ليستووا عليها والمراد لتحملهم وأثقالهم وهى زينة أى جمال أى نفع لهم ويبين الله لهم أنه يخلق ما لا يعلمون أى ينشىء الذى لا يعرفون وهذا يعنى وجود كائنات نجهلها ولا نعرفها .

"وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين "المعنى وعلى الله علم الطريق ومنها ظالم ولو أراد لأرشدكم كلكم ،يبين الله للناس أن الله عليه قصد السبيل وهو علم الدين أى إبلاغ الوحى لهم ويبين لهم أن الناس منهم المسلم ومنهم الجائر وهو الكافر ويوضح لهم أنه لو شاء لهداهم جميعا أى لو أراد لأرشدهم كلهم والمراد جعلهم أمة واحدة مصداق لقوله بسورة المائدة "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ".

"هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون "المعنى هو الذى أسقط من السحاب مطرا لكم منه سقاء ومنه نبات به تنتفعون ،المعنى يبين الله أنه أنزل من السماء والمراد أنه أسقط من السحاب مطرا منه التالى شراب أى سقاء وهذا يعنى أن الماء يروى عطش الناس ،وشجر فيه تسيمون والمراد نبات فيه ترتعون والمراد يخرج به نبات به تنتفعون به فى حياتكم  والخطاب وما قبله ثلاثا وما بعده للناس .

"ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون" المعنى يخرج لكم به الزرع والزيتون والنخل والعنب ومن كل المنافع إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه ينبت أى يخرج بالماء لكم التالى :الزرع وهو المحاصيل ،والزيتون ،والنخيل وهو النخل،الأعناب ،ومن كل الثمرات وهى أنواع النبات كلها وفى إخراج هذه النباتات آية والمراد برهان على أن الله واحد يستحق العبادة وحده لقوم يتفكرون أى "لقوم يذكرون "كما قال بسورة النحل وهم من يفهمون .

"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى وخلق لكم الليل والنهار والشمس والقمر والكواكب مسيرات بحكمه إن فى هذه المخلوقات لبراهين لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه سخر أى خلق لنفعهم كل من :الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب وكلهم مسخرات بأمره أى متحركات بحكم الله وهذا يعنى أنهم يعملون بالقوانين التى وضعها الله لها وفى ذلك وهى المخلوقات المذكورة آيات والمراد براهين دالة على وجوب عبادة الله وحده لقوم يعقلون أى لناس يذكرون أى يتفكرون كما قال بنفس السورة  والخطاب وما بعده  وما بعده وما بعده للناس.

"وما ذرأ لكم فى الأرض مختلفا ألوانه إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون "المعنى وما خلق لكم فى الأرض متنوعا ألوانه إن فى ذلك لبرهان لناس يعقلون ،يبين الله للناس أنه ذرأ والمراد خلق لهم فى الأرض من المخلوقات مختلفا ألوانه أى متنوعا جلوده وهذا يعنى أن كل مخلوقات الأرض مخلوقة لمنفعة الناس وفى ذلك آية وهى المخلوقات لقوم يذكرون أى برهان لناس يفهمون فيتبعون الوحى .

" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وهو الذى خلق الماء لتطعموا منه لحما لينا وتطلعوا منه حلية ترتدونها وتشاهد السفن سائرات فيه ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه سخر أى خلق البحر وهو الماء لهم للتالى أن يأكلوا منه لحما طريا والمراد لتطعموا منه لحما لينا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها أى وتستطلعوا منه الماء حلية ترتدونها وهذا يعنى أنهم يصطادون من الماء الأسماك وأشباهها والحلى وهى الياقوت والمرجان والذهب والفضة وغير ذلك ،ويبين لرسوله (ص)أنه يرى الفلك مواخر فيه والمراد يشاهد السفن متحركات فى البحر ويبين للناس أنهم يبتغون من فضله والمراد يطلبوا من رزقه بالسعى إلى هذا الرزق فى مكانه ويبين لهم أن عليهم أن يشكروه أى يطيعوا حكم الله .

"وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون "المعنى وخلق فى الأرض جبالا لا تتحرك بكم وعيونا وطرقا لعلكم ترشدون ،يبين الله للناس أنه ألقى فى الأرض رواسى والمراد وضع فى الأرض جبالا وهى أن تميد بهم والمراد  كى لا تتحرك بهم أى حركة مستمرة لأنها ثابتة كما جعل فيها أنهارا أى مجارى للمياه وسبلا أى طرقا لسير الناس وقد خلق لهم هذا كله لعلهم يهتدون أى يرشدون والمراد يطيعون حكم الله .

"وعلامات وبالنجم هم يهتدون "المعنى وآيات وبالكوكب هم يرشدون ،يبين الله للنبى(ص) أنه خلق للبشر آيات أى علامات هى التضاريس فى الأرض حيث تجعل لكل مكان معالم معلومة وبالنجم وهو الكوكب هم يهتدون أى يرشدون فى سبلهم وهذا يعنى أن الناس يستخدمون التضاريس والنجوم فى التوصل لطريق الذهاب لمكان ما .

"أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون "المعنى هل من يبدع كمن لا يبدع أفلا تفهمون؟يسأل الله الناس أفمن يخلق كمن لا يخلق أى هل من ينشىء المخلوقات كمن لا ينشىء شىء؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله الذى يخلق المخلوقات لا تتساوى معه الآلهة المزعومة التى لا تخلق شىء ويسألهم أفلا تذكرون أى أفلا تعقلون والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الواجب عليهم أن يفهموا فيطيعوا حكم الله وحده والخطاب وما بعده للناس.

"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم والله يعلم ما تسرون وما تعلنون"المعنى وإن تحسبوا منح الله لا تقدروها إن الله لعفو نافع  والله يعرف الذى تكتمون والذى تظهرون ،يبين الله للناس أنهم إن يعدوا نعمة الله لا يحصوها والمراد إن يحسبوا منح وهى خلق الله لهم لا يقدروا على حسابها لأنها كثيرة كثرة هائلة ويبين لهم أنه غفور أى عفو عن التائب رحيم أى نافع لمن يتوب برحمته وهو يعلم ما يسرون وما يعلنون والمراد يعرف الذى يخفون والذى يبدون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون "وقوله بسورة النمل"ويعلم ما تخفون وما تعلنون "وهذا يعنى أنه يعرف كل شىء

"والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون "المعنى والذين يعبدون من سوى الله لا ينشئون مخلوقا وهم ينشئون هلكى غير باقين وما يعرفون متى يقومون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين يدعو الناس من دون الله والمراد الذين يعبد الناس من غير الله لا يخلقون شيئا والمراد لا يبدعون مخلوقا وأما هم فيخلقون والمراد فالله يبدعهم فهم مخلوقات مثلهم مثل غيرهم ومن ثم لا يمكن أن يكون المخلوق إلها وهؤلاء الآلهة أموات أى هلكى والمراد ليس لهم وجود وفسر هذا بأنهم غير أحياء أى غير عائشين وهم لا يشعرون أيان يبعثون والمراد وهم لا يعلمون متى يرجعون للحياة مرة أخرى فكيف يكون الميت إلها وهو لا يقدر على نفع نفسه كما أنه لا يعلم بشىء والخطاب وما بعده للنبى(ص) ومنه للناس.

"إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالأخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون "المعنى وربكم رب واحد فالذين لا يصدقون بالقيامة نفوسهم مكذبة وهم كافرون ،يبين الله لنا أن إلهنا إله واحد والمراد أن خالقنا خالق واحد لا يوجد سواه ويبين لنا أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة أى كافرون بها مصداق لقوله بسورة الأعراف"وهم بالأخرة كافرون"قلوبهم منكرة أى نفوسهم قاسية أى لاهية مصداق لقوله بسورة الأنبياء"لاهية قلوبهم" وقوله بسورة الحج"القاسية قلوبهم " وفسر هذا بأنهم مستكبرون أى مخالفون لحكم الله .

"لا جرم إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين "المعنى لا كذب إن الله يعرف الذى يكتمون والذى يبدون إنه لا يرحم المعتدين ،يبين الله للنبى(ص) أن لا جرم أى لا كذب فى الحقيقة التالية إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون والمراد إن الله يعرف الذى يكتمون والذى يبدون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"وهو لا يحب المستكبرين أى لا يرحم أى لا يهدى الكافرين وهم المعتدين وفى هذا قال بسورة البقرة "إن الله لا يحب المعتدين "وقوله بسورة التوبة "إن الله لا يهدى القوم الكافرين ".

"وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين "المعنى وإذا قيل لهم ماذا قال إلهكم قالوا تخاريف السابقين ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار إذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم والمراد ماذا أوحى إلهكم ؟قالوا أساطير الأولين أى أكاذيب السابقين وهذا يعنى أنهم يجعلون القرآن مصدره أباطيل القدماء والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون "المعنى ليعرفوا أعمالهم تامة ومن أعمال الذين يبعدونهم بغير معرفة ألا قبح ما يعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة والمراد يعرفون أفعالهم تامة يوم البعث وهى أثقالهم ويعرفون أوزار الذين يضلونهم  بغير علم والمراد ويعلمون أثقال أى أعمال الذين يبعدونهم بغير وحى مصداق لقوله بسورة العنكبوت "وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم "وهذا يعنى أنهم يعرفون أعمالهم وأعمال غيرهم من خلال تسلم كتبهم المنشرة ومشاهدتها ،ويبين لنا أنه ساء ما يزرون والمراد قبح ما يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون".

"قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون "المعنى قد دبر الذين من قبلهم فدمر الله تدبيرهم من الأسس فسقط عليهم السقف من أعلاهم أى جاءهم العقاب من حيث لا يدرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين من قبل الكفار قد مكروا أى كادوا أى كذبوا آيات الله فكانت النتيجة هى أن الله أتى بنيانهم من القواعد والمراد هدم الله كيدهم من أساسه مصداق لقوله بسورة الأنفال "وإن الله موهن كيد الكافرين"ومن ثم حدث التالى خر عليهم  السقف من فوقهم والمراد سقط السقف عليهم من أعلاهم أى ارتد الكيد عليهم وهو مكرهم السيىء مصداق لقوله بسورة فاطر"ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله"وهذا يعنى أن أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون والمراد جاءهم العقاب من حيث لا يعلمون ومن هنا نعلم أن كل تدبير سيىء يعيده الله إلى أهله فينزل بهم السوء.

"ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين "المعنى ثم يوم البعث يذلهم ويقول أين أندادى الذين كنتم تعادون فيهم قال الذين أعطوا الوحى إن الذل اليوم أى الهوان للمكذبين ،يبين الله للنبى(ص) أن فى يوم القيامة وهو يوم البعث يخزيهم أى يذلهم والمراد "يضاعف لهم العذاب يوم القيامة"كما قال بسورة الفرقان ،ويقول الله لهم على لسان الملائكة أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم والمراد أين أندادى الذين كنتم تعصوننى بسببهم ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الآلهة المزعومة ليس لها وجود حقيقى ومن ثم فهم لا يستحقون مخالفة الله فيهم وقال الذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى :إن الخزى اليوم وفسره بأنه السوء أى العذاب أى الذل على الكافرين وهم المكذبون بحكم الله مصداق لقوله بسورة الشورى "والكافرون لهم عذاب شديد" والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).

"الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين"المعنى الذين تميتهم الملائكة خاسرى أنفسهم فقالوا الخير ما كنا نفعل من ظلم حقا إن الله خبير بما كنتم تفعلون فإولجوا من منافذ النار  مقيمين فيها فقبح  مقام الكافرين،يبين الله لنا أن الذين تتوفاهم أى تميتهم والمراد تنقلهم الملائكة من الدنيا للأخرة ظالمى أنفسهم أى خاسرى أنفسهم وهم الذين كفروا مصداق لقوله الأنفال"إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة"فيقول الكفار السلم أى الخير لكم وهذا يعنى أنهم يلقون التحية للملائكة وقالوا ما كنا نعمل من سوء والمراد ما كنا نفعل من شرك مصداق لقوله بسورة الأنعام "والله ربنا ما كنا مشركين "وهذا يعنى أنهم ينفون كفرهم ومن ثم قالت لهم الملائكة بلى أى حقا إن الله عليم بما كنتم تعملون والمراد إن الله خبير بما كنتم تفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة التغابن"والله بما تعملون خبير" وهو قول استهزائى معناه هل لم تفعلوا حقا ؟وقالوا لهم فادخلوا أبواب جهنم والمراد اولجوا من منافذ النار لداخلها وهذه دعوة لهم أن يقيموا فى النار وقالوا خالدين فيها أى مقيمين فيها فلبئس مثوى المتكبرين والمراد فقبح مقام الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين"وهذا يعنى أن مكان إقامتهم سيىء.

"وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة ولدار الأخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين"المعنى وقيل للذين أطاعوا ماذا أوحى خالقكم قالوا نفعا للذين أصلحوا فى هذه الأولى منفعة ولجنة القيامة أفضل وحسن مقام المطيعين حدائق خالدة يقيمون بها تسير من أسفل أرضها العيون لهم فيها ما يريدون وهكذا يثيب الله المطيعين ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله قالوا لبعضهم :ماذا أنزل ربكم والمراد ماذا أوحى إلهكم ؟فكان ردهم هو خيرا أى نفعا والمراد أن الوحى مفيد لهم إن أطاعوه وهو نفع للذين أحسنوا أى أطاعوا فلهم فى هذه الدنيا وهى الحياة الأولى حسنة أى رحمة أى نصر ولدار الأخرة خير والمراد وجنة وهى أجر القيامة أفضل من الدنيا مصداق لقوله بسورة يوسف"ولأجر الأخرة خير للذين أمنوا"ولنعم دار المتقين والمراد وحسن أجر العاملين مصداق لقوله بسورة العنكبوت "ونعم أجر العاملين "والدار هى جنات عدن أى حدائق خالدة يدخلونها والمراد يسكنون فيها تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ولهم فيها ما يشاءون أى ما يشتهون مصداق لقوله بسورة فصلت "ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم " وكذلك يجزى الله المتقين أى وبدخول الجنة يرحم الله المحسنين مصداق لقوله بسورة النجم"ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى "والخطاب للنبى(ص).

"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "المعنى الذين تميتهم الملائكة طاهرين يقولون خير لكم اسكنوا الحديقة بالذى كنتم تطيعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين تتوفاهم أى تميتهم أى تنقلهم الملائكة من الدنيا للحياة الأخرى طيبين أى طاهرين أى مسلمين يقولون لهم سلام عليكم أى الخير لكم،ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون والمراد اسكنوا الحديقة بالذى كنتم تفعلون وهذا يعنى أنهم يقولون لهم أن متاع الجنة لكم تقيمون فيها والسبب عملهم الحسن .

"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "المعنى هل يترقبون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء عذاب إلهك هكذا صنع الذين من قبلهم وما بخسهم الله ولكن كانوا أنفسهم يبخسون،يسأل الله هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك والمراد هل يتربصون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء عذاب خالقك والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار يترقبون حضور الملائكة وهو لا يحدث إلا فى يوم القيامة أو حضور عذاب الله فى الدنيا ،ويبين لنا أن الذين من قبلهم وهم الكفار السابقين فعلوا أى ترقبوا مثلهم الساعة أو عذاب الدنيا ويبين لنا أن الله ما ظلمهم أى ما بخسهم حقهم مصداق لقوله بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون" وكانوا أنفسهم يظلمون والمراد وكانوا أنفسهم يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم ".

"فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "المعنى فأهلكهم عقاب ما صنعوا أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله أن الكفار أصابهم سيئات ما عملوا والمراد مسهم عقوبات ما كسبوا مصداق لقوله بسورة الزمر"فأصابهم سيئات ما كسبوا"وفسر هذا بأنهم حاق بهم ما كانوا به يستهزءون أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب .والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده للنبى(ص)

"وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا أباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين "المعنى وقال الذين كفروا لو أراد الله ما أطعنا من غيره من شريك نحن ولا أباؤنا ولا منعنا من غيره من شىء كذلك صنع الذين من قبلهم فهل على الأنبياء(ص)إلا البيان العظيم ،يبين الله لللنبى(ص) أن الذين أشركوا وهم الذين كفروا بحكم ربهم قالوا للرسل(ص)لو شاء أى أراد الله ما عبدنا من دونه من شىء والمراد ما أطعنا من غير دينه من دين نحن ولا أباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء أى ولا منعنا من غير دينه  من حكم وهذا يعنى أنهم ينسبون إلى الله أنه أراد منهم الشرك به فى العبادة والتحريم لعبادته وحده وبالطبع هذا كذب على الله ،ويبين لنا أن كذلك فعل الذين من قبلهم والمراد أن بمثل قولهم قال السابقين لهم من الكفار مصداق لقوله بسورة البقرة"كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم"ويسأل الله فهل على الرسل إلا البلاغ والمراد فهل على المبعوثين سوى توصيل الوحى للناس؟والغرض من السؤال هو تعريف الناس بواجب الرسل(ص)وهو توصيل وحى الله إلى الناس فى كل مكان.

"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين "المعنى ولقد أرسلنا فى كل جماعة نبى أن أطيعوا حكم الله وخالفوا الكافر فمنهم من رحم الله ومنهم من وقع عليه العذاب فسافروا فى البلاد فاعرفوا كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله للناس أنه بعث فى كل أمة رسولا والمراد أنه أرسل فى كل جماعة نذير أى نبى مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فقال لهم :اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الله وفسر هذا بقوله اجتنبوا الطاغوت أى خالفوا الرجس وهو الكفر مصداق لقوله بسورة الحج"فاجتنبوا الرجس من الأوثان"،ويبين لهم أن الأمم منهم من هدى الله أى منهم من رحم الله وهو المؤمن ومنهم من حقت عليه الضلالة أى ومنهم من وقع عليه العذاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويطلب الله من الناس أن يسيروا فى الأرض والمراد أن يتحركوا فى البلاد والسبب أن ينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد أن يعلموا كيف كان جزاء المفسدين ليتعظوا بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " والخطاب للناس.

"إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين "المعنى إن ترغب فى رحمتهم فإن الله لا يرحم من يكفر أى ليس لهم منقذين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يحرص على هداهم والمراد إن يرغب فى رحمة الله للكفار فعليه أن يعرف أن الله لا يهدى من يضل أى لا يحب أى لا يرحم من يكفر مصداق لقوله بسورة آل عمران "فإن الله لا يحب الكافرين "ويفسر هذا بأنهم ما لهم من ناصرين والمراد ليس لهم أولياء يرحمونهم مصداق لقوله بسورة هود"وما كان لهم من دون الله من أولياء".

"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لا يحيى الله من يتوفى بلى فرضا عليه واجبا ولكن معظم البشر لا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار أقسموا بالله جهد أيمانهم والمراد حلفوا بالله قدر استطاعتهم :لا يبعث الله من يموت أى لا يحيى الله من يتوفى وهذا يعنى أنهم لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ،ويرد الله عليهم فيقول بلى أى الحقيقة  وعدا عليه حقا والمراد حكما عليه وهذا يعنى أن البعث حكم فرضه الله على نفسه أن يفعله ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد أن أغلب الخلق لا يؤمنون بهذا مصداق لقوله بسورة هود"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون "والخطاب وما قبله للنبى(ص)

"ليبين لهم الذى يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين"المعنى ليظهر لهم الذى يتنازعون فيه أى ليعرف الذين كذبوا أنهم كانوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن البعث سيحدث ليبين للناس والمراد ليعلم الخلق الأتى :الذى يختلفون فيه والمراد الذى يكذبون به وهو البعث والعذاب والثواب وفسر هذا بأن يعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين والمراد أن يعرف الذين كذبوا حكم الله أنهم كانوا مخطئين فى قولهم .

 "إنما قولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون "المعنى إنما كلامنا لمخلوق إذا شئناه أن نقول له تواجد فيوجد ،يبين الله لنبيه(ص)أن قوله لشىء وهو وحيه لمخلوق إذا أراده أى إذا شاء خلقه هو أن يقول والمراد هو أن يوحى له كن فيكون أى تواجد فيوجد وهذا يعنى أن المخلوق يتم خلقه عن طريق الوحى له بكلمة كن وهذا يعنى أن البعث يتم بكلمة واحدة هى كن والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم فى الدنيا حسنة ولأجر الأخرة أكبر لو كانوا يعلمون "المعنى والذين انتقلوا فى الله من بعد أوذوا لنعطينهم  فى الأولى نصرا ولثواب القيامة أفضل لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين هاجروا فى الله وهم الذين انتقلوا إلى الدار التى يحكمها شرع الله من بعد ما ظلموا أى أوذوا سوف يبوئهم أى يعطيهم التالى :حسنة فى الدنيا والمراد نصرا فى الأولى وهو حكمهم للأرض وفى الأخرة وهى القيامة أجر وهو الجنة أى رضوان الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ورضوان من الله أكبر"وجنة الله أكبر أى أعظم من الدنيا لو كانوا يعلمون أى يعرفون الحق فيطيعونه .

"الذين صبروا على ربهم يتوكلون"المعنى الذين أطاعوا بطاعة خالقهم يحتمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن المهاجرين هم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسر هذا بأنهم على ربهم يتوكلون والمراد بطاعة حكم خالقهم يحتمون من كل خطر .

"وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون "المعنى وما بعثنا من قبلك سوى ذكورا نلقى لهم فاستخبروا أهل العلم إن كنتم لا تدرون بالآيات أى الوحى وأوحينا لك العلم لتعرف البشر الذى ألقى لهم لعلهم يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما أرسل من قبله إلا رجال والمراد ما بعث من قبل وجوده سوى رجال وهذا يعنى أن الرسل(ص)رجال فقط ليس بينهم نساء وقد أوحى لهم أى أنزل لهم  البينات وفسرها بالزبر وهو حكم الله ،ويبين للمؤمنين أن عليهم إن كانوا لا يعلمون أى لا يعرفون الحق أن يسألوا أهل الذكر والمراد أن يستفهموا أصحاب العلم عن الذى لا يعرفوه من القضايا ويبين لنبيه(ص)أنه أنزل إليه الذكر والمراد أوحى له البيان وهو ما نسميه تفسير الوحى والسبب أن يبين للناس ما نزل لهم والمراد أن يفسر للخلق الذى أوحى لهم وهو القرآن وسبب نزول الكل هو أن يتفكروا أى يفهموا الحق فيطيعوه والخطاب للنبى(ص)حتى إليهم ثم للناس حتى تعلمون ثم للنبى(ص).

"أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم " المعنى هل استبعد الذين عملوا الخطايا أن يزلزل بهم اليابس أو يجيئهم العقاب من حيث لا يعلمون أو يهلكهم فى حركتهم فما هم بقاهرين أو يهلكهم على تخوف فإن إلهكم لنافع مفيد ،يسأل الله أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض والمراد هل استحال الذين صنعوا الذنوب أن يحرك الله بهم اليابس أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون والمراد أو يحضر لهم العقاب من حيث لا يعرفون أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين والمراد أو يهلكهم فى يقظتهم فما هم بمنتصرين علينا أو يأخذهم على تخوف والمراد أو يهلكهم على حذر والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الذين مكروا السيئات وهم الذين فعلوا الخطايا استبعدوا أن يحدث الله لهم التالى:أن يزلزل الله بهم الأرض أو يجيئهم العقاب من جهة لا يعلمونها أو يهلكهم فى يقظتهم فما هم بمانعين له أو يهلكهم رغم حذرهم فى حصونهم التى يتحصنون بها ،ويبين الله لنا أن ربنا وهو إلهنا رءوف رحيم أى نافع مفيد للتائبين العائدين لدينه .

"أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيوأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون "المعنى هل لم يعلموا أن ما أنشأ الله من مخلوق ترجع خيالاته عن اليمين والشمال طاعة لله وهم صاغرون ،يسأل الله أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء والمراد هل لم يعرفوا ما أبدع الله من مخلوق يتفيوأ ظلاله  أى تتحرك خيالاته عن اليمين والشمائل سجدا أى طاعة لحكم الله وهم داخرون أى صاغرون أى مستجيبون لأمر الله فى خشوع وهذا يعنى أن المخلوقات تتحرك خيالاتها جهة اليمين وجهة الشمال تبعا لحركته وحركة الضوء وهذا التحرك هو سجود أى طاعة لأمر الله .

"ولله يسجد ما فى السموات وما فى الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون "المعنى ولله يسبح الذى فى السموات والذى فى الأرض من مخلوق والملائكة وهم لا يخالفون ،يبين الله لنا أن ما أى الذى فى السموات والأرض من دابة أى مخلوق يسجدون أى يسبحون لله مصداق لقوله بسورة الحج "الم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"أى يطيعون حكم الله والملائكة يسبحون وفسر هذا بأنهم لا يستكبرون أى لا يخالفون أحكام الله والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده للنبى(ص) .

"يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون "المعنى يخشون خالقهم من أعلاهم ويعملون ما يوصون ،يبين الله للنبى(ص) أن الدواب والملائكة يخافون ربهم من فوقهم والمراد يخشون عذاب إلههم من أعلاهم والعلو هنا يقصد به أن النار أعلى المخلوقات عند السماء السابعة مثل الجنة كما أخبرنا الله بسورة النجم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويخافون سوء الحساب" والدواب والملائكة يفعلون ما يؤمرون أى ينفذون ما يوصون والمراد يعملون ما يقول الله لهم .

"وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياى فارهبون "المعنى وقال الله لا تعبدوا ربين اثنين إنما هو رب واحد فإياى فخافون ،يبين الله للنبى(ص) أنه قال للناس :لا تتخذوا إلهين اثنين والمراد لا تطيعوا ربين اثنين إنما هو إله أى رب واحد فإياى فارهبون أى فاتقون مصداق لقوله بسورة البقرة "وإياى فاتقون "والخطاب للنبى(ص) وما بعده ومنه للناس .

"ولله ما فى السموات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون "المعنى ولله ملك الذى فى السموات والأرض وله الحكم خالصا أفغير الله تطيعون؟يبين الله للناس على لسان النبى(ص) أن الله له أى يملك ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"ويبين لهم أن له الدين واصبا أى له الحكم الخالص وهو العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" ويسأل أفغير الله تتقون والمراد هل سوى الله تعبدون مصداق لقوله بسورة الزمر"أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن التقوى وهى العبادة واجبة لله وحده.

"وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "المعنى وما بكم من نفع فمن الله ثم إذا أصابكم الأذى فإليه تلجأون ثم إذا أزال الأذى عنكم إذا جماعة منكم يكفرون بإلههم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم فتلذذوا فسوف تعرفون ،يبين الله للناس على لسان نبيه(ص) أن ما بهم من نعمة أى نفع أى حسنة مصدرها الله مصداق لقوله بسورة النساء"ما أصابك من حسنة فمن الله"وإذا مسكم الضر والمراد إذا أصابكم أذى منه فإليه تجأرون والمراد فإليه تلجأون وهذا يعنى أنهم يدعون الله وحده ويتركون دعوة ما سواه ثم إذا كشف الضر عنكم والمراد ثم إذا أزال الأذى عنكم والمراد أعطاهم الرحمة إذا فريق منكم بربهم يشركون والمراد إذا جماعة منكم عن دين خالقهم يعرضون مصداق لقوله بسورة الروم"ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون "وقوله بسورة النور"إذا فريق منهم معرضون"والكفار يكفروا بما أتيناهم والمراد يكذبوا بالذى أنزلنا لهم مصداق لقوله بسورة البقرة "أن يكفروا بما أنزل الله "ويطلب منهم أن يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف تعلمون أى تعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب"كما قال بسورة هود.

"ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تا لله لتسئلن عما كنتم تفترون "المعنى ويحددون لما لا يعرفون جزء مما أعطيناهم تالله لتحاسبن عن الذى كنتم تعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الناس يجعلون لما لا يعلمون والمراد يحددون للذى لا يعرفون وهم الآلهة المزعومة نصيبا مما رزقهم الله أى بعضا مما أعطاهم الله من الحرث والأنعام مصداق لقوله بسورة الأنعام"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام"وهذا يعنى أنهم لا يعرفون حقيقة الآلهة التى يزعمون أنهم يعبدونها فى الدنيا،ويقسم الله للناس بنفسه فيقول تالله ويقسم على التالى أن يسأل الكفار عما كانوا يفترون والمراد أنه يحاسب أى أنه يعاقب الكفار على الذى كانوا يعملون من السيئات فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل "لتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)ثم للناس .

"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"المعنى وإذا أخبر أحدهم بالبنت استمر وجهه حالكا وهو مغتاظ يتخفى من الناس من قبح ما أخبر به أيبقيه على ذل أم يدفنه فى التراب ألا قبح ما يقضون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له ويبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم "المعنى للذين لا يصدقون بالقيامة حكم الشر ولله الحكم الأعدل وهو الغالب القاض ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة لهم التالى مثل السوء أى حكم الشر والمراد جزاء الأذى وهو النار وأما الله والمراد به أتباع الله فلهم المثل الأعلى وهو الجزاء الأفضل وهو الجنة والله العزيز أى الغالب على أمره والحكيم أى القاضى الذى يفصل فى كل أمر.

"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"المعنى لو يحاسب الله الخلق على كفرهم ما أبقى عليها من إنسان ولكن يبقيهم حتى موعد محدد فإذا أتى موعدهم لا يستأجلون وقتا ولا يسرعون،يبين الله للنبى(ص) أن الله لو يؤاخذ الناس بظلمهم والمراد لو يحاسب الخلق على كسبهم وهو كفرهم ما ترك عليها من دابة أى ما أبقى عليها من إنسان عن طريق إنزال العذاب المهلك عليهم مصداق لقوله بسورة الكهف"ولو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب"ولكنه يؤخرهم إلى أجل مسمى والمراد ولكنه يبقيهم حتى موعد معدود هو موعد موتهم مصداق لقوله بسورة هود"وما نؤخرهم إلا لأجل معدود"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فإذا أتى موعد موتهم لا يستأجلون وقتا ولا يستعجلون وقتا وهذا يعنى أنهم يموتون فى الوقت المحدد بالضبط .

"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون "المعنى ويحددون لله الذى يبغضون وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة لا كذب أن لهم جهنم وأنهم مسرفون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يجعلون لله ما يكرهون والمراد يقسمون لله الذى يبغضون وهم الإناث فجعلوا الملائكة بنات الله مصداق لقوله بسورة الزخرف"وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله الرحمن إناثا"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى والمراد وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى "،ويبين لنا أن لا جرم أى لا كذب فى التالى أن لهم النار والمراد مقامهم جهنم وأنهم مفرطون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة غافر"وأن المسرفين هم أصحاب النار" والخطاب للنبى(ص).

"تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم "المعنى والله لقد بعثنا إلى جماعات من قبلك فحسن لهم الهوى أفعالهم فهو ناصرهم الآن ولهم عقاب موجع،يقسم الله بنفسه فيقول تا لله والمراد والله ويقسم على التالى أنه أرسل إلى أمم من قبله رسلا والمراد أنه بعث إلى الأقوام التى سبقته فى الزمن رسلا بآيات الله فزين لهم الشيطان أعمالهم والمراد وحسن لهم الهوى الضال سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ومن ثم فهو وليهم أى ناصرهم اليوم وهذا يعنى أن الهوى يظهر لهم النصر وقت التزيين وبعد ذلك لهم عذاب أليم أى "ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة الجاثية والخطاب  وما بعده للنبى(ص) .

"وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "المعنى وما أوحينا لك الوحى إلا لتعرف لهم الذى كذبوا به ونفع أى فائدة لناس يصدقون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أنزل عليه الكتاب والمراد أوحى له الوحى للتالى ليبين لهم الذى اختلفوا فيه والمراد ليظهر لهم أى ليبلغ لهم الذى كفروا به وهو الإسلام والوحى هدى أى رحمة والمراد بشرى أى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين "

"والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآية لقوم يسمعون "المعنى والله أسقط من السحاب مطرا فبعث به التراب بعد جدبه إن فى البعث لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب غيثا فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث بالماء التراب بعد جدبها والمراد جعلها مخضرة تنبت النباتات مصداق لقوله بسورة الحج"فتصبح الأرض مخضرة "وفى الإحياء آية لقوم يسمعون والمراد برهان لناس يفهمون أى يعقلون  فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "والخطاب للناس.

" وإن لكم فى الأنعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين "المعنى وإن لكم فى الأنعام لبرهان نرويكم من الذى فى أرحامه من بين طعام ودم لبنا صافيا مقبولا عند المرويين ،يبين الله للناس أن لهم عبرة أى آية أى برهان يدل على قدرة الله وحده على الخلق فى الأنعام وهى أنه يسقيهم مما فى بطونه أى أنه يشربهم من الذى فى أجواف الأنعام لبنا وهذا اللبن يتكون من الفرث وهو عصائر الطعام والمراد خلاصات هضم الطعام والدم وهو السائل الأحمر الذى يجرى فى العروق فسبحان من أخرج لبنا مخالفا فى اللون والطعم لأصوله ويبين الله لهم أن اللبن خالص أى صافى ليس فيه دم ولا فرث وأنه سائغ للشاربين والمراد أنه مقبول الطعم عند من يشربه والخطاب وما بعده للناس.

"ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "المعنى ومن منافع النخل والعنب تصنعون منه خمرا ونفعا طيبا إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله للناس أنهم يستفيدون من ثمرات أى منافع والمراد من البلح وحبات العنب بالأتى :اتخاذ السكر منه والمراد عمل الخمر منه،والرزق الحسن وهو النفع الجميل وهو الأكل والعصير الطازج وفيما سبق ذكره من الإستفادة من ثمار النخل والعنب آية لقوم يعقلون أى برهان  دال على قدرة الله وحده على كل شىء لناس يفكرون مصداق لقوله بنفس السورة"إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون ".

"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون"المعنى وألقى إلهك للنحل أن اجعلى من الرواسى مساكنا ومن الأشجار ومما يبنون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى أى ألقى حكما للنحل هو أن اتخذى بيوتا والمراد اجعلى مساكنا لك الجبال وهى الرواسى ،والشجر وهو الأشجار ،مما يعرشون أى من الذى يبنى الناس للنحل من الخلايا وهذا يعنى أن المخلوقات تتلقى أحكام مثل الإنسان وذلك من خلال الوحى المنزل والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون"المعنى ثم اطعمى من كل الثمار فاجعلى طرق إلهك سهلة يطلع من أجوافها سائل متنوع أشكاله فيه دواء للبشر إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله لنبيه(ص)أن الله طلب من النحل فى الوحى الخاص بها التالى الأكل من كل الثمرات والمراد استخدام كل ثمار النباتات كطعام وهذا يعنى أن النحل يأكل كل ما نعتبره حلو أو مر أو حامض أو غير ذلك كما طلب منها سلوك سبل الرب الذلل وهو السير فى طرق الله السهلة والمراد طاعة أحكام الله الممهدة التى ليس بها صعوبة والله يخرج من بطون النحل والمراد يطلع من أجواف النحل شراب أى سائل مختلف ألوانه أى متنوع ألوانه وهذا يعنى تعدد الأشكال اللونية للعسل الذى فيه شفاء للناس وهم البشر وهذا يعنى أن العسل علاج لبعض أمراض الناس وفيما سبق ذكره عن النحل آية أى برهان يدل على قدرة الله لقوم يتفكرون أى لناس يفهمون فيطيعون حكم الله .

"والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير"المعنى والله أبدعكم ثم يميتكم ومنكم من يبقى حتى أسوأ السن لكى لا يعرف بعد معرفة أمرا إن الله خبير فاعل،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أنه خلقهم أى أحياهم ثم يتوفاهم أى يميتهم مصداق لقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم"ويبين لهم أن من الناس من يرد إلى أرذل العمر والمراد من يبقى حتى أسوأ السن وهذا يعنى أنه يعيش حتى أسوأ مرحلة وهى المرحلة التى لا يعلم بعد علم شيئا أى التى لا يعرف فيها بعد معرفة أمرا وهى مرحلة نسيان الكلام وهى الشيخوخة مصداق لقوله بسورة غافر"ثم لتكونوا شيوخا"ويبين الله أنه عليم أى خبير بكل شىء وقدير أى فاعل لما يريد  والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.

"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"المعنى والله رفع بعضكم على بعض فى العطاء فما الذين زيدوا بمقسمى عطائهم مع الذين ملكت أنفسهم فهم فيه سيان أفبوحى الله يكفرون؟،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله فضل بعضهم على بعض فى الرزق والمراد زاد بعضهم على بعض فى العطاء فأعطى البعض أكثر من البعض ومع ذلك فإن الذين فضلوا فى الرزق وهم الذين أكثروا فى العطاء ليسوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم والمراد ليسوا بمقتسمى عطاءهم مع الذين ملكت أنفسهم وهم العبيد والإماء حتى يصبحوا فى العطاء سواء أى سيان وهذا يعنى أن الرزق الإلهى للغنى يجب أن يقسم بالتساوى بين الغنى والعبد تطبيقا لقوله بسورة فصلت"وقدر أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ويسأل الله أفبنعمة الله يجحدون والمراد هل بآيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة فصلت "وكانوا بآيات الله يجحدون"وهذا يعنى أنهم يكفرون بحكم الله ومنه وجوب اقتسام الرزق بين الغنى والفقير .

"والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون "  المعنى والله خلق لكم من أنفسكم زوجات وخلق لكم من زوجاتكم صبيان وبنات وأعطاكم من المباحات أفبالكفر يصدقون وبحكم الله هم يكذبون ،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله جعل لهم من أنفسهم أزواجا والمراد خلق لهم من بعضهم نساء وهذا يعنى أنه أنشأ من بعض الرجال إناث هن زوجات رجال أخرين وجعل لهم من أزواجهم والمراد وخلق لهم من زوجاتهم التالى بنين أى صبيان وحفدة أى بنات مصداق لقوله بسورة الشورى "أو يزوجهم ذكرانا وإناثا"ويبين لهم أنه رزقهم من الطيبات أى أعطاهم من النافعات ،ويسأل الله نبيه(ص) أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون والمراد هل بالكفر يصدقون وبوحى الله هم يجحدون مصداق لقوله بسورة النحل"أفبنعمة الله يجحدون"؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بوجوب الكفر بالباطل والتصديق بالحق والقول حتى الرزق جزء من آية حذف بعضها وما بعده جزء من آية حذف بعضها .

"ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض بعضا أى لا يصنعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يعبدون أى يطيعون أى يدعون من دون أى غير الله مصداق لقوله بسورة النحل"والذين يدعون من دون الله"ما لا يملك لهم رزقا والمراد الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض وفسر هذا بأن الآلهة المزعومة لا يستطيعون أى لا يقدرون على نصرهم أو نصر أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون"والخطاب للنبى(ص).

"فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون"المعنى فلا تقولوا لله الأقوال إن الله يعرف وأنتم لا تعرفون،يطلب الله من الكفار ألا يضربوا له الأمثال والمراد ألا يقولوا له الأقوال الكاذبة لإثبات صحة أقوالهم لأنهم سبق أن ضربوا له الأمثال مصداق لقوله بسورة الإسراء"انظر كيف ضربوا لك الأمثال" ويبين لهم السبب فى طلبه لذلك وهو أنه يعلم أى يعرف كل شىء وهم لا يعلمون أى لا يعرفون الحق والخطاب للكفار.

"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" المعنى قال الله عظة عبدا محكوما لا يستطيع شىء ومن أعطيناه منا عطاء طيبا فهو يصرف منه خفاء وعلنا هل يتساوون الطاعة لله إن أغلبهم لا يعرفون،يبين الله للنبى(ص) أنه ضرب مثلا أى قال عظة والمراد قال حكما هو عبدا مملوكا لا يقدر على شىء والمراد أسيرا محكوما لا يستطيع عمل شىء نافع ومن رزقناه منا رزقا حسنا أى ومن أعطيناه منا عطاء طيبا والمراد ومن أوحينا له وحيا جميلا فهو ينفق منه سرا وجهرا أى فهو يعمل به خفاء وعلنا ،ثم يسأل الله هل يستوون أى هل يتساوون فى الأجر والجزاء ؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن العبد المملوك غير القادر على نفع نفسه والمراد به الكافر لا يتساوى مع المرزوق المنفق فى السر والجهر والمراد به المسلم فى الجزاء،ويبين الله له أن الحمد وهو الطاعة واجبة لحكمه وحده ويبين أن أكثر الناس لا يعلمون أى أن معظم الخلق لا يطيعون أى يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولله غيب السموات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىء قدير"المعنى ولله علم السر فى السموات والأرض وما وقوع القيامة إلا كنظرة النظر أى هو واقع إن الله لكل أمر فاعل ،يبين الله للنبى(ص) أن لله غيب والمراد إن الله يعلم السر فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض" ويبين لنا أمر الساعة وهو وقوع القيامة يشبه لمح البصر وهو وقت حدوث نظرة العين الخاطفة وفسر هذا بأنه أقرب أى واقع مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا وقعت الواقعة "ويبين لنا أنه على كل شىء قدير والمراد إنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص).

"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون"المعنى والله أطلعكم من أرحام والداتكم لا تعرفون علما وخلق لكم العقل أى البصائر أى القلوب لعلكم تسلمون،يبين الله للناس أنه أخرجهم من بطون أمهاتهم والمراد أنه أطلعهم من أرحام والداتهم وهم لا يعلمون شيئا أى لا يعرفون أمرا وهذا يعنى أن الطفل يولد وهو لا يعرف أى شىء مهما كان صغيرا ،ويبين لهم أنه جعل أى خلق أى "أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة "وهذا أنه خلق لهم السمع وهو القلب مصداق لقوله بسورة الأعراف "فطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون  "وهو الأبصار مصداق لقوله بسورة الأعراف "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا"وهى الأفئدة أى العقول والسبب فى خلقها لعلهم يشكرون أى "لعلكم تسلمون"كما جاء بنفس السورة والمراد ليطيعوا حكم الله  والخطاب للناس.

"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك  لآيات لقوم يؤمنون"المعنى هل لم يعلموا أن الطير مهيئات فى جو السماء ما يبقيهن إلا الله إن فى الإبقاء لبراهين لناس يصدقون ،يسأل الله ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله والمراد هل لم يعرفوا أن الطير مهيئات لجو السماء ما يبقيهم طائرات إلا الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس بقدرة الله وحده على إعطاء الطيور القدرة على البقاء فى جو السماء أى فترة وفى بقاء الطير فى الجو آيات أى براهين دالة على قدرة الله ووجوب عبادته وحده لقوم يؤمنون أى لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة النحل"لقوم يعقلون"والخطاب للنبى(ص).

"والله جعل لكم من بيوتكم مسكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين"المعنى والله خلق لكم من مساكنكم راحة وخلق لكم من جلود الأنعام مساكنا تستخدمونها يوم رحيلكم ويوم بقاءكم ومن أصوافها وأوبارها وشعورها فرشا أى نفعا حتى وقت،يبين الله للناس أنه جعل لهم من بيوتهم سكن والمراد خلق لهم من منازلهم مأمن والمراد مكان للراحة وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتا والمراد أنه خلق لهم من جلود الأنعام مسكنا يستخفونها والمراد يستخدمونها يوم الظعن وهو يوم الإنتقال والرحيل ويوم الإقامة وهو يوم البقاء فى المكان،ويبين الله للناس أن من أصواف الغنم ووبر الإبل وشعر الماعز والبقر يصنعون التالى الأثاث وهو الفرش وفسره الله بأنه المتاع أى النفع إلى حين أى إلى وقت وهذا يعنى أن لكل شىء يستخدم عمر ينتهى فيه والخطاب وما بعده للناس.

 "والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته لعلكم تسلمون "المعنى والله أنشأ لكم من الذى جعل خيالات وخلق لكم من الجبال مساكنا وخلق لكم ثياب تمنعكم أذاكم ،هكذا يكمل منحته لكم لعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم مما خلق ظلالا والمراد أنشأ لهم من الذى جعل خيالات تتبعهم هم والمخلوقات الأخرى كما جعل لهم من الجبال أكنانا أى كما خلق لهم من صخور الرواسى بيوتا للراحة ،ويبين لهم أنه جعل لهم سرايبل تقيهم الحر والمراد خلق لهم أثواب تحميهم من القيظ وسرابيل تقيهم من البأس والمراد أثواب تحميهم من أذى الحرب والمراد أن الله خلق المواد التى تصنع منها هذه الثياب وأعطاهم القدرة على صنعها ،ويبين لهم أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى خلق الأشياء يتم الله نعمته أى يكمل الله لهم منحته والسبب لعلهم يسلمون أى لعلهم يطيعون الوحى الإلهى .

"فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون"المعنى فإن كفروا فإنما عليك البيان العظيم يعلمون منحة الله ثم يكفرون بها ومعظمهم المكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بحكم الله فالواجب عليه هو البلاغ المبين وهو التوصيل الأمين لحكم الله للناس ويبين له أن الناس يعرفون نعمة الله والمراد يعلمون كتاب الله ثم ينكرونها أى يكذبون أى يكفرون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه "ويبين أن أكثرهم الكافرون أى معظمهم الكاذبون مصداق لقوله بسورة الشعراء"وأكثرهم كاذبون ".

"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون "المعنى ويوم نخرج من كل جماعة حاكما ثم لا يسمح للذين كذبوا أى ليسوا يتكلمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم القيامة يبعث من كل أمة شهيدا والمراد أن يوم القيامة يخرج أى ينزع من كل فرقة شاهد يشهد على الفرقة وهو رسولهم مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا"ويبين له أنه لا يؤذن للذين كفروا وفسر هذا بأنهم لا يستعتبون والمراد لا يسمح للذين كذبوا حكم الله بالنطق أى لا يعتذرون بالكلام يوم القيامة مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون "والخطاب وما قبله  وما بعده للنبى(ص).

"وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون"المعنى وإذا شاهد الذين كفروا العقاب فلا يرفع عنهم ولا هم يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ظلموا أى أجرموا إذا رأوا العذاب والمراد إذا شاهدوا النار مصداق لقوله بسورة الكهف"ورأى المجرمون النار" لا يخفف عنهم أى لا يخرجون منها مصداق لقوله بسورة الجاثية "فاليوم لا يخرجون منها"وفسر هذا بأنهم لا ينظرون أى لا ينصرون مصداق لقوله بسورة البقرة "فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون"والمراد لا يخرجون من النار كما يحبون  والخطاب وما بعده  وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون "المعنى وإذا شاهد الذين كفروا أنصارهم قالوا إلهنا هؤلاء أنصارنا الذين نعبد من غيرك فقالوا لهم الكلام إنكم لمفترون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين أشركوا أى كفروا بحكم الله إذا رأوا أى شاهدوا شركاءهم وهم أنصارهم أى آلهتهم المزعومة قالوا لله ربنا هؤلاء شركاءنا الذين ندعوا من دونك والمراد هؤلاء شفعاؤنا الذين نطيع من سواك وهذا يعنى أنهم يلقون المسئولية على آلهتهم المزعومة فألقوا إليهم القول والمراد فقال لهم أنصارهم الكلام التالى إنكم لكاذبون أى لمفترون والمراد"ما كنتم إيانا تعبدون"كما قال بسورة يونس وهذا يعنى أن أنصارهم وهم آلهتهم المزعومة ينفون مسئوليتهم عن ذلك ويعلنون أن الأخرين هم الذين ضلوا بأهواءهم .

"وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون"المعنى وقالوا لله يومذاك الخير وبعد عنهم ما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنهم ألقوا إلى الله يومئذ السلم والمراد أنهم قالوا لملائكة الله يومذاك الخير ما كنا نعمل من سوء مصداق لقوله بسورة النحل"فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء"ويبين له أنهم ضل عنهم ما كانوا يفترون أى تبرأ منهم الذى كانوا يزعمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون "وهذا يعنى أن آلهتهم المزعومة أعلنت أنهم لم يعبدوهم أبدا .

"الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق عذاب بما كانوا يفسقون "المعنى الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أضفنا لهم عقابا إلى عقاب بما كانوا يكفرون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن دين الله زدناهم عذابا فوق العذاب والمراد أذقناهم سعيرا بعد سعير مصداق لقوله بسورة الإسراء"زدناهم سعيرا"وهذا يعنى استمرارية العقاب والسبب ما كانوا يفسقون أى "بما كانوا يكفرون "كما قال بسورة الأنعام.

"ويوم نبعث من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين "المعنى ويوم نرسل من كل فرقة حاكما عليهم من وسطهم وأتينا بك حاكما على هؤلاء وأوحينا لك الوحى تفصيلا لكل موضوع ورشاد أى نفع أى حكم للمطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم نبعث من كل أمة شهيدا والمراد يوم ننزع من كل فرقة شاهدا مصداق لقوله بسورة القصص"ونزعنا من كل أمة شهيدا "وهذا يعنى أنه يخرج من كل جماعة رسولهم ليقول ما فعلوه معه من أنفسهم والمراد من بين أفرادهم ويبين له أنه جاء به على هؤلاء شهيدا والمراد أنه أتى به على الناس فى عصره شاهدا أى قاضيا عليهم بقوله ،ويبين له أنه نزل عليه الكتاب تبيانا لكل شىء والمراد أنه أوحى له الوحى وهو القرآن وبيانه تفصيلا لكل قضية مصداق لقوله بسورة يوسف"وتفصيل كل شىء"وفسر هذا بأنه هدى أى رحمة أى بشرى أى موعظة أى نفع للمسلمين وهم المطيعين أى المتقين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وموعظة للمتقين".  

"إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون "المعنى إن الله يوصى بالقسط أى البر أى إعطاء ذى الحقوق ويزجر عن الشر أى الفساد أى الظلم لعلكم تفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن الله يأمر بالعدل والمراد يوصى بالقسط وفسره بأنه الإحسان وفسره بأنه إيتاء ذى القربى أى إعطاء صاحب الحق حقه وهو ينهى أى يزجر عن الفحشاء وفسرها بأنها المنكر وفسرها بأنها البغى وهو دعوة أى عبادة غير الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله" والله يعظهم أى يبلغهم بحكمه والسبب أن يذكروا أى يطيعوا حكم الله والخطاب وما بعده للمؤمنين.

"وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون "المعنى وأتموا ميثاق الله إذا واثقتم أى لا تخالفوا المواثيق بعد توثيقها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا إن الله يعرف ما تعملون ،يبين الله للمؤمنين أن يفوا أى يتموا بعهد الله إذا عاهدوا وهى العقود أى أحكام الله إذا أعلنوا طاعتهم له مصداق لقوله بسورة  المائدة"أوفوا بالعقود"وفسر هذا بأنهم لا ينقضوا الأيمان بعد توكيدها والمراد لا يخالفوا عهود الله بعد توثيقها وهى الرضا بها مصداق لقوله بسورة الرعد"الذين ينقضون عهد الله"ويبين لهم أنهم جعلوا الله عليهم وكيلا والمراد رضوا به عليهم شهيدا مصداق لقوله بسورة النساء"وكفى بالله شهيدا"ويبين لهم أن الله يعلم ما يفعلون أى أن الله يعرف الذى يكسبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويعلم ما يكسبون".

"ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون "المعنى ولا تصبحوا كالتى فكت نسيجها من بعد بأس ضعفا تجعلون مواثيقكم سببا بينكم كى لا تكون جماعة هى أفضل من جماعة إنما يختبركم الله به وليوضحن لكم يوم البعث ما كنتم تتنازعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا والمراد ألا يصبحوا كالتى حلت نسيجها المغزول من بعد شدة ضعيفا وذلك بحلها وفكها له ويبين الله لهم العمل الذى يجعلهم كتلك المرأة وهو أن يتخذوا أيمانهم دخلا بينهم والمراد أن يجعلوا مواثيقهم وهى حلفاناتهم سببا لهم كى  تكون أمة هى أربى من أمة والمراد كى تصبح جماعة هى أحسن من جماعة وهذا يعنى أن يقسموا كذبا على المال وغيره ليزيدوا جمع على جمع أخر ويبين لهم أنه يبلوهم أى يمتحنهم باليمين ويبين لهم أنه يبين لهم يوم القيامة ما كانوا فيه يختلفون والمراد ينبئهم يوم البعث بما كانوا به يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "فينبئكم بما كنتم تعملون "وهذا يعنى أنه يحكم عليهم فى ذلك اليوم كما قال بسورة الحج"الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون "والخطاب للمؤمنين.

"ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون "المعنى ولو أراد الله لخلقكم جماعة متحدة ولكن يعذب من يريد ويرحم من يريد ولتحاسبوا عن الذى كنتم تفعلون ،يبين الله للناس أنه لو شاء لجعلهم أمة واحدة والمراد لو أراد لخلقهم جماعة متحدة على الهدى مصداق لقوله بسورة الأنعام "ولو شاء لجمعكم على الهدى"ويبين لهم أنه يضل من يشاء ويهدى من يشاء والمراد أنه يعذب من يريد وهو الكافر ويرحم من يريد وهو المؤمن مصداق لقوله بسورة العنكبوت "يرحم من يشاء ويعذب من يشاء"ويفسر هذا بأنه سوف يسألهم عما كانوا يعملون والمراد سوف يحاسبهم عن الذى كانوا يفعلون والخطاب للناس  .

"ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم "المعنى ولا تجعلوا حلفاناتاكم واسطة بينكم فتسقط نفس بعد رسوخها وتدخلوا العقاب بما رددتم عن دين الله ولكم عقاب شديد،يطلب الله من المؤمنين ألا يتخذوا أيمانهم دخلا بينهم والمراد ألا يجعلوا حلفاناتهم سببا لأخذ حقوق الناس وبألفاظ أخرى ألا يجعلوا أقسامهم واسطة للحصول على حقوق الغير ويبين لهم نتيجة فعل ذلك وهى أن تزل القدم بعد ثبوتها أى تكفر النفس بعد إيمانها ومن ثم تذوق السوء أى تدخل العذاب والسبب ما صدوا عن سبيل الله والمراد ما بعدتم عن طاعة دين الله وهو كفرهم وفى هذا قال بسورة الأنعام"فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون"وفسر الله السوء بأنه العذاب العظيم أى العقاب الشديد مصداق لقوله بسورة فاطر"والذين كفروا لهم عذاب شديد".

"ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون"المعنى ولا تأخذوا بميثاق الله متاعا فانيا ،إن الذى لدى الله هو أفضل لكم إن كنتم تفهمون،يطلب الله من المؤمنين ألا يشتروا بعهد الله ثمنا قليلا والمراد ألا يأخذوا فى مقابل ترك طاعة آيات الله متاعا قصيرا هو متاع الدنيا مصداق لقوله بسورة البقرة "ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا "ويبين لهم إنما عند الله خير لهم والمراد أن الدار الأخرة أحسن للذين يتقون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وللدار الأخرة خير للذين يتقون"هذا إن كانوا يعلمون أى يعرفون فيطيعون حكم الله الذى يعرفون والخطاب للمؤمنين.

"ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"المعنى ما لديكم يفنى وما لدى الله دائم ولنعطين الذين أطاعوا ثوابهم بأفضل الذى كانوا يفعلون ،يبين الله للناس أن ما عندهم ينفد والمراد أن الذى لديهم فى الدنيا يفنى وما عند الله باق والمراد الذى لدى الله فى الأخرة دائم ويبين لهم أنه يجزى الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون أى يعطى الذين صدقوا ثوابهم بسبب أفضل الذى كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ليجزى الصادقين بصدقهم".

"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"المعنى من فعل حسنا من رجل أو امرأة وهو مصدق فلنعيشنه معيشة هانئة أى لندخلنهم جنتهم بأفضل الذى كانوا يفعلون ،يبين الله للناس أن من عمل صالحا أى أن من فعل فعلا حسنا من ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهو مؤمن أى مصدق بحكم الله فلنحيينه حياة طيبة والمراد فلنعيشه معيشة راضية مصداق لقوله بسورة القارعة "فهو فى عيشة راضية" وفسر هذا بأنه يجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون والمراد أنه يدخلهم جنتهم بأفضل ما كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة غافر"ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة "والخطاب وما قبله للناس.

"فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم "المعنى فإذا تلوت الوحى فاحتمى بالله من الكافر الملعون،يطلب الله من رسوله (ص)أن يستعذ به من الشيطان الرجيم والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الله وهو سماعه أى الإنصات له من وسوسة الكافر الملعون مصداق لقوله بسورة الأعراف"فإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ".

"إنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون"المعنى إنه ليس له حكم على الذين صدقوا وعلى إلههم يعتمدون إنما حكمه على الذين يطيعونه أى الذين هم له عابدون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الشيطان وهو الشهوة ليس له سلطان أى حكم نافذ على الآتين الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعلى ربهم يتوكلون والمراد وبطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه ويبين له أن سلطانه أى حكم الشيطان وهو الشهوة نافذ فى التالين الذين يتولونه أى يتبعون وسوسته وفسرهم الله بأنهم الذين هم به مشركون والمراد الذين هم للشهوة مطيعون والخطاب وما قبله للنبى(ص).

"وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون"المعنى وإذا غيرنا حكم مكان حكم والله أعرف بما يوحى قالوا إنما أنت كاذب ،إن أغلبهم لا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا بدل آية مكان آية والمراد إذا وضع حكم مكان حكم أخر والمراد إذا نسخ حكم ووضع حكم  بدلا منه والله أعلم بما ينزل والمراد والله أعرف بالذى يوحى قالوا إنما أنت مفتر أى كاذب والمراد متقول على الله مصداق لقوله بسورة الطور"أم يقولون تقوله"ويبين لنا أن أكثرهم لا يعلمون والمراد إن أغلبهم لا يطيعون أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا وهدى وبشرى للمسلمين "المعنى قل أوحاه جبريل (ص)من إلهك بالعدل لينصر الذين صدقوا أى نفع أى فائدة للمطيعين،يطلب الله من نبيه(ص) أن يقول عن القرآن :نزله روح القدس أى أوحاه جبريل (ص)وهو مبعوث الله من الرب وهو الله بالحق وهو العدل مصداق لقوله بسورة النجم"إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى" وهذا يعنى أن القرآن عدل سبب نزوله أن يثبت الذين أمنوا والمراد أن ينصر به الذين صدقوا وفسره بأنه هدى أى بشرى أى نفع للمسلمين وهم المطيعين لحكم الله أى المؤمنين مصداق لقوله بسورة النمل"هدى وبشرى للمؤمنين".

"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين "المعنى ولقد نعرف أنهم يقولون إنما يعرفه إنسان كلام الذين يلقون له غامض وهذا كلام واضح عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه يعلم أى يعرف أنهم يقولون "إنما يعلمه بشر والمراد إنما يلقيه له إنسان وهذا يعنى أن من يعلم محمد(ص)هو إنسان أجنبى ،ويبين الله لهم أن لسان الذين يلحدون إليه أعجمى والمراد أن كلام الذين يلقون له غامض والمراد أن كلامه غير مفهوم ومحمد(ص)لا يفهم هذا الكلام لأنه لم يتعلم هذه اللغة الأجنبية بوصفه أمى وأما القرآن فهو لسان عربى مبين أى حكم واضح مفهوم مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا".

"إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم "المعنى إن الذين لا يصدقون بأحكام الله لا يرحمهم الله أى لهم عقاب شديد ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين لا يؤمنون بآيات الله وهم الذين لا يصدقون بأحكام الله أى كفروا بأحكام الله لا يهديهم الله أى لا يرحمهم الله وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب شديد مصداق لقوله بسورة فاطر"الذين كفروا لهم عذاب شديد" والخطاب وما قبله للنبى(ص).

"إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم "المعنى إنما يقول الكفر الذين لا يصدقون بأحكام الله وأولئك هم المفترون من كذب بالله من بعد تصديقه إلا من أجبر وصدره عامر بالتصديق وأما من فرح بالتكذيب نفسا فلهم سخط من الله أى لهم عقاب شديد ،يبين الله لنا أن الذى يفترى على الله الكذب والمراد أن الذى ينسب إلى الله الباطل هم الذين لا يؤمنون بآيات الله وهم الذين لا يصدقون بأحكام الله أى كفروا بآيات الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن الذين كفروا بآيات الله"وفسرهم الله بأنهم الكاذبون أى المفترون وهم من كفر بالله من بعد إيمانه والمراد من كذب بحكم الله من بعد تصديقه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان والمراد إلا من أجبر ونفسه ساكن بالتصديق وهذا يعنى أن الكاذب ليس هو المجبر على الكفر وقلبه يسكنه الإيمان ويبين لنا أن الكاذب هو من شرح بالكفر صدرا والمراد من فرح بالتكذيب نفسا وهو عليه غضب من الله أى "سخط من الله "كما قال بسورة آل عمران وفسره بأنه عذاب عظيم أى عقاب شديد مصداق لقوله بسورة فاطر"ولهم عذاب شديد"والخطاب للنبى(ص) وما بعده

"ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الأخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم فى الأخرة هم الخاسرون"المعنى ذلك بأنهم فضلوا المعيشة الأولى على جنة القيامة وأن الله لا يرحم الناس المكذبين أولئك الذين ختم الله على نفوسهم أى قلوبهم أى صدورهم وأولئك هم الساهون لا كذب أنهم فى القيامة هم المعذبون ،يبين الله للمؤمنين أن ذلك وهو العذاب نصيب الكفار والسبب أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الأخرة أى فضلوا متاع المعيشة الأولى على جنة القيامة والمراد فضلوا الكفر على الإيمان مصداق لقوله بسورة التوبة"استحبوا الكفر على الإيمان"ويفسر هذا بأنه لا يهدى القوم الكافرين أى لا يرحم الناس الظالمين والمراد لا يحب المعتدين مصداق لقوله بسورة البقرة"إن الله لا يحب المعتدين"ويبين لنا أن أولئك طبع أى ختم الله على قلوبهم أى سمعهم أى أبصارهم والمراد وضع على نفوسهم حاجز يمنعهم من الإيمان وهو كفرهم مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة "ويبين لنا أنهم الغافلون أى الساهون أى التاركون طاعة حكم الله ويبين أن لا جرم أى لا كذب فى التالى أنهم فى الأخرة هم الخاسرون  أى أنهم فى القيامة هم المعذبون فى النار مصداق لقوله بسورة هود"أولئك الذين ليس لهم فى الأخرة إلا النار"والخطاب للنبى(ص).

"ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم"المعنى ثم إن إلهك للذين انتقلوا من بعد ما عذبوا ثم حاربوا أى تحملوا إن إلهك من بعدها لعفو نافع ،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو خالقه للذين هاجروا من بعد ما فتنوا أى للذين انتقلوا من بلدهم إلى بلد الإسلام من بعد ما أوذوا ثم جاهدوا أى صبروا أى أطاعوا حكم الله غفور رحيم أى نافع مفيد وهذا يعنى  أنه يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم بسبب هجرتهم وجهادهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"يوم تأتى كل نفس  تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون "المعنى يوم تحضر كل نفس تدافع عن عملها وتعطى كل نفس بما صنعت وهم لا يبخسون،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها والمراد أن يوم القيامة يحضر كل فرد يدافع عن عمله وتوفى كل نفس ما عملت أى ويجزى كل فرد بما كسب مصداق لقوله بسورة إبراهيم"ليجزى الله كل نفس ما كسبت "وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون "كما قال بسورة هود أى لا ينقصون حقا .

"وضرب الله مثلا قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون"المعنى وقال الله موعظة بلدة كانت محفوظة ساكنة يحضر لها نفعها متتابعا من كل جهة فكذبت بآيات الله فعرفها الله آلام الجوع والرعب بما كانوا يجرمون،يبين الله للنبى(ص) مثلا أى عظة أى عبرة هى أن قرية كانت أمنة مطمئنة والمراد أن أهل بلدة كانوا محفوظين من العذاب محميين من الأذى يأتيهم رزقهم رغدا والمراد يجيئهم نفعهم من كل نوع متتابعا من كل مكان أى جهة وهذا يعنى أنهم كانوا يعيشون فى سعادة وهناء فكفروا بأنعم الله والمراد فكذبوا بوحى الله والمراد فكذبوا بأحكام الله فكانت النتيجة هى أن أذاقهم الله لباس الجوع والخوف والمراد أن أصابهم الله بآلام الجوع وهو عدم الأكل والرعب وهو ألم عدم الإطمئنان والسبب ما كانوا يصنعون أى يفسقون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يفسقون " والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون "المعنى ولقد أتاهم مبعوث منهم فكفروا به فأصابهم العقاب وهم كافرون ،يبين الله للنبى(ص) أن أهل القرية جاءهم رسول منهم والمراد أتاهم مبعوث من وسطهم بوحى الله فكذبوه أى فكفروا به فكانت النتيجة أن أخذهم العذاب وهم ظالمون والمراد أهلكهم العقاب وهم مذنبون مصداق لقوله بسورة الأنفال"كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم ".

"فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون"المعنى فاطعموا مما أعطاكم نافعا مفيدا واحمدوا منحة الله إن كنتم إياه تطيعون ،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما رزقهم الله والمراد أن يطعموا مما أعطاهم الله الحلال الطيب وهو المباح النافع وأن يشكروا نعمة الله أى وأن يحمدوا عطاء الله لهم إن كانوا يعبدون أى يطيعون الله وحده والخطاب وما بعده للمؤمنين.   

"إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم"المعنى إنما منع عليكم الهالكة والدم وشحم الخنزير وما قصد به سوى الله فمن أجبر غير معتدى أى ليس مذنب فإن الله عفو نافع،يبين الله للمؤمنين أنه حرم أى منع عليهم تناول الطعام التالى :الميتة وهى البهيمة الهالكة والدم وهو الدم المسفوح الجارى كما قال بسورة الأنعام"أو دما مسفوحا"ولحم وهو شحم الخنزير وما أهل لغير الله به وهو ما قصد به سوى الله أى لم يذكر عليه اسم الله وذكر اسم أخر ،ويبين لنا أن من اضطر غير باغ ولا عاد والمراد من أجبر على الأكل فى مخمصة وهى الجوع غير قاصد لإثم أى غير متعمد لذنب فلا إثم عليه فإن الله غفور رحيم أى عفو نافع عن الأكل مصداق لقوله بسورة المائدة"فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم"وقوله بسورة البقرة "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه".

"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم "المعنى ولا تقولوا لما تزعم أفواهكم الباطل هذا مباح وهذا ممنوع لتقولوا على الله الباطل ،إن الذين يقولون على الله الباطل لا يفوزون نفع قصير ولهم عقاب موجع،يطلب الله من الناس ألا يقولوا لما تصف ألسنتهم الكذب والمراد ألا يقولوا للذى تقول أفواههم من الباطل هذا حلال وهذا حرام والمراد هذا مباح وهذا ممنوع وهذا يعنى أنهم يشرعون لأنفسهم المباح والممنوع والسبب فى ذلك هو أن يفتروا على الله الكذب والمراد أن ينسبوا إلى الله الباطل وهذا يعنى
أنهم يقولون على الله الذى لا يعلمون أنه من عنده مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "ويبين لهم أن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون والمراد أن الذين ينسبون إلى الله الباطل لا يفوزون وفسر هذا بأنهم لهم متاع قليل أى نفع قصير المدة فى الدنيا ثم لهم عذاب أليم أى عقاب شديد مصداق لقوله بسورة فاطر"لهم عذاب شديد" والخطاب للناس.

"وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "المعنى وعلى اليهود منعنا ما قلنا لك من قبل وما بخسناهم ولكن كانوا أنفسهم يهلكون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه حرم أى منع على الذين هادوا وهم اليهود ما قص عليه من قبل أى ما أنزل عليه من قبل وهو فى سورة الأنعام"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم "ويبين لنا أنه ما ظلمهم أى ما أنقصهم حقهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام "وإن يهلكون إلا أنفسهم "وهذا يعنى أنهم يدخلون أنفسهم النار بكفرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم "المعنى ثم إن إلهك للذين فعلوا الذنب بتعمد ثم أنابوا من بعد الذنب أى أحسنوا إن إلهك من بعدها لعفو نافع ،يبين الله لنبيه(ص)أن إلهه وهو ربه للذين عملوا السوء بجهالة وهم الذين فعلوا الذنب بتعمد ثم تابوا أى أنابوا إلى الحق بالإستغفار من بعد إذنابهم وفسر هذا بأنهم أصلحوا أى أحسنوا والله لهم غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يتوب أى يستغفر الله.

"إن إبراهيم كان أمة قانتا حنيفا ولم يكن من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "المعنى إن إبراهيم (ص)كان إماما مطيعا لله مستقيما ولم يكن من الكافرين حامدا لمنحه اختاره وأرشده إلى دين معتدل و أعطيناه فى الدنيا نافعة وإنه فى القيامة لمن المحسنين، يبين الله لنبيه(ص)أن إبراهيم(ص)كان أمة أى إماما والمراد رسولا قانتا لله أى متبعا لدين الله وفسره بأنه حنيفا أى مستقيما والمراد مطيعا لدين الله ولم يك من المشركين وهم المكذبين بدين الله ويفسر الله هذا بأنه كان شاكرا لأنعمه أى حامدا لعطاياه والمراد مطيعا لأحكام دين الله ويبين له أنه اجتباه أى اختاره من الناس لحمل رسالته وفسر هذا بأنه هداه إلى صراط مستقيم والمراد أرشده إلى دين عادل وهو الكتاب أى الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وفسر هذا بأنه أتاه فى الدنيا حسنة أى أعطاه فى الأولى حكم وهو دين يحكم به العالم وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المسلمين ورثة جنة النعيم مصداق لقوله بسورة الصافات "واجعلنى من ورثة جنة النعيم " والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "المعنى ثم ألقينا أن أطع دين إبراهيم (ص)عادلا أى ما كان من الكافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى له أى ألقى له والمراد قال له التالى :اتبع ملة إبراهيم حنيفا والمراد أطع دين إبراهيم(ص) عادلا والمراد اعتنق دين إبراهيم (ص)المستقيم وفسر هذا بأنه ما كان من المشركين أى الكافرين بدين الله .

"إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون "المعنى إنما شرع السبت للذين تنازعوا فيه وإن إلهك ليفصل بينهم يوم البعث فيما كانوا فيه يتنازعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن السبت وهو يوم الراحة جعل على الذين اختلفوا فيه أى شرع على الذين تنازعوا فيه والمراد فرض على الذين كذبوا به ،ويبين له أنه يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون والمراد يقضى بينهم يوم البعث فى الذى كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه ".

"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "المعنى ناد إلى دين خالقك بالنصيحة أى الكلمة الجميلة وناقشهم بالتى هى أفضل إن إلهك هو أعرف بمن بعد عن دينه وهو أعرف بالمطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن يدعوا أى ينادى الناس إلى سبيل الرب والمراد إلى اتباع دين الله بالتالى الحكمة وهى الموعظة الحسنة والمراد الوحى الطيب وفسر هذا بأن يجادلهم بالتى هى أحسن والمراد يحاورهم بالتى هى أفضل وهى الحكمة ويبين له أن ربه وهو خالقه أعلم بمن ضل عن سبيله والمراد أعرف بالذى كفر بدينه وهم الظالمين مصداق لقوله بسورة الأنعام"والله أعلم بالظالمين"وهو أعلم بالمهتدين أى وهو أعرف بالشاكرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"أليس الله بأعلم بالشاكرين "وهم المطيعين لحكم الله والخطاب للنبى(ص) .

"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين "المعنى وإن أوذيتم فأذوا بمثل ما أوذيتم به ولئن أطعتم لهو أفضل للطائعين ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن عاقبوا أى أذوا من الأخرين فعليهم أن يعاقبوا أن يؤذوا بمثل ما عوقبوا أى بشبه الذى أوذوا به والمراد أن يقتصوا من العدو كما اعتدى عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "ويبين لهم أنهم إن صبروا أى أطاعوا حكم الله فهو خير للصابرين أى أفضل للمطيعين والخطاب للنبى

"واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن ولا تك فى ضيق مما يمكرون "المعنى وأطع وما طاعتك إلا لله ولا تغتم أى لا تصبح فى هم من الذى يكيدون ،يطلب الله من رسوله(ص)أن يصبر أى يطيع حكم الله مصداق لقوله بسورة الإنسان"واصبر لحكم ربك"ويبين لهم أن صبره بالله والمراد أن طاعته هى لحكم الله ويطلب منه ألا يحزن أى ألا يغتم ويفسر هذا بألا يك فى ضيق مما يمكرون والمراد ألا يصبح فى خوف بسبب ما يعملون من السوء والخطاب  وما بعده للمؤمنين.

"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون "المعنى إن الله يدافع عن الذين أطاعوا أى الذين هم مصلحون ،يبين الله لنبيه(ص)والمسلمين أن الله مع الذين اتقوا والمراد "إن الله يدافع عن الذين أمنوا "كما قال بسورة الحج وفسر المتقين بأنهم محسنون أى مصلحون

اجمالي القراءات 42473