بسم الله الرحمن الرحيم
كتب هذا المقال الصحفي الأمريكي طوماس فريدمان، و هو عند البعض ،كاتب واقعي و موضوعي ،و عند آخرين مثالي أكثر من اللزوم. ما لفت نظري في مقاله إتساق و تطابق ما يدعو إليه، مع دعوة الدكتور أحمد صبحي منصور في إصلاح حال المسلمين من داخل الإسلام، مع فارق الثلاثين أو الأربعين سنة منذ بدأ الدكتور نشر أفكاره ، و لا يظنن أحد أن هذه الدعوة لن تؤتي ثمارها، فما ذلك على الله بعزيز، و لنا في أنبياء الله و رسله خير مثال يحتذى.
بدى لي أن أترجم المقال و أنشره ولعل في تعليقاتنا ما يفيد به و يستفاد منه و الله من وراء القصد
دعونا لا نخدع أنفسنا.....أي تهديد تمثله "أفغانستان الحقيقية" للأمن القومي الأمريكي،هناك تهديد يشابهه آتٍ من ،سَمِّها "أفغانستان التقديرية أو الإفتراضية أو التخيلية". و هي عبارة عن مئات المواقع الجهادية على الشبكة العنكبوتية، التي تُلهم و تدرب وتثقف و تجند الشباب المسلم للجهاد ضد أمريكا و الغرب. إن أي تجييش أو اندفاق عسكري في أفغانستان لن يكتب له النجاح و الدعم الذاتي، إن لم يصاحبه تجييش و اندفاق مواز له من قِبَل القيادات السياسية و الدينية في العالمين العربي و الإسلامي ،ضد أولئك الذين يعززون و يؤيدون العنف الجهادي على أرض الواقع في بلاد المسلمين و في مجال الإنترنت في "أفغانستان التقديرية الإفتراضية التخيلية".
في الأسبوع الماضي، تم القبض في باكستان على خمسة أشخاص من شمال ولاية فرجنيا، ذهبوا إليها كما أخبروا الدوائر الأمنية هناك،للجهاد ضد القوات الأمريكية.اتصلوا في بادئ الأمر بمنظمتين إرهابيتين في باكستان عبر البريد الإلكتروني،كما أوردت صحيفة الواشنطن بوست يوم الأحد، "زاد التجنيد التصاعدي على الإنترنت عن طريق موقع الفيس بُكْ و موقع اليو تيوب و زيادة مهارات الناس في استعمال الإنترت"....هذا ما صرح به مسؤول كبير في وزارة الأمن القومي...." بازدياد مطرد،بدأ دور المُجَنِّدين يتناقص في المساجد و مراكزتجمع الجاليات لوقوعها تحت المراقبة ، فما فعلوه استدراكاً هو الإنتقال بنشاطهم إلى الإنترنت" قال هذا التعقيب ، إيفان كُلْمَنْ،كبير خبراء مؤسسةٍ خاصة لترَصّد ْو تَتبّع ْمواقع المتطرفين على الشبكة العنكبوتية.
فريق أوباما مولع بذكر عدد حلفائنا في الإئتلاف الأفغاني،و لكن مع الأسف، نحن لسنا بحاجة إلى مزيد من حلفائنا في حلف شمال الأطلسي لقتل مزيد من أفراد طالبان و القاعدة. ما نحتاجه هو المزيد من حلفائنا العرب و المسلمين لوأد الأفكار المتطرفة و التي،شكراً( لأفغانستان الإنترنت)،تنتشر بشكل رهيب بالمقارنة بعمّا مضى.
فقط العرب و المسلمون يمكنهم قيادة حرب الأفكار داخل الإسلام. قامت عندنا حرب أهلية هنا في أميركا في منتصف القرن التاسع عشر،لأن كثيراً من الناس كانوا يعتقدون أفكاراً سيئة ، تحديداً، أنه بإمكانك استعباد الناس بسبب لون بشرتهم، و لقد هزمنا هذه الأفكار و الأشخاص و القيادات و المؤسسات التي كانت تتبناها،و قد فعلنا ذلك بشراسة و حدة ،إلى أنه و بعد مرور أجيال خمسة،فإن أحفاد هؤلاء لم يغفروا لأهل الشمال فعلهم ذلك.
الإسلام بحاجة إلى حرب أهلية....فلديه أقلية عنيفة،تؤمن بمبادئ سيئة، ليس فقط أنه من الطبيعي و المقبول قتل غير المسلمين من "الكفار"الذين يرفضون الخضوع لسلطان المسلمين،بل يستحلون قتل المسلمين الذين لاينصاعوا لنظام حياة قاسِ ٍ و متشدد،ويخضعوا لحكم خليفة مسلم.
الشيء المخيف في هذا الأمر، أن هذه الأقلية الجهادية العنيفة تتمتع بنوع من الشرعية في العالم الإسلامي اليوم. قليل من القيادات السياسية و الدينية تتجرأ انتقادهم علناً.أما القيادات العربية المحسوبة على العلمانية،فيغمزوا لهم من طرف خفي،"سنعتقلكم و نقبض عليكم إذا ما هاجمتمونا، ولكن إذا تركتموننا و شأننا و فعلتم الأمر بعيداً عنا، فلا مشاكل بيننا"
كم من الفتاوي صدرت من كبار رجالات الإسلام تندد بأسامة بن لادن و القاعدة ؟.... قليل جداً..أين كان الشعور بالغضب في الأسبوع الماضي،في نفس اليوم الذي وافق فيه البرلمان العراقي على إجراء إنتخابات حرة و نزيهة، تشارك فيهاأحزاب عدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق الحديث،قام إنتحاريون بتفجيرات خمسة في عدة وزارات و جامعة و معهد الفنون الجميلة، أدت إلى مقتل 127 فرداً و جرح أكثر من 400 العديد منهم أطفال ؟
ليس فقط لم يكن هناك تنديد ذي بال من العالم الإسلامي،المشغول وقتها بالإحتجاج و التنديد على منع المآذن في سويسرا،بل حتى واشنطن لم يُسمع منها و لا صوت خافت.لم يعبر الرئيس أوباما عن أي غضب جماهيري علني، لقد حان الوقت لفعل ذلك.
"ما كان المسلمون يتحدثون عنه الأسبوع الماضي هو مآذن سويسرا،و ليس مقتل أولئك في العراق و أفغانستان."نوه بذلك مأمون فندي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد العالمي للدراسات الإستراتيجية بلندن .
"يبحث الناس عن الأمور التافهة عندما لا يرغبوا في لوم أنفسهم،عندما يفقدوا الشجاعة في استجماع القيم الأخلاقية لاستصدار فتوى مضادة تقول:استقرار العراق واجب إسلامي،و إحلال السلام في أفغانستان جزء من ديمومة الأمة الإسلامية.
فقل لي من فضلك، كيف لنا أن نساعد في بناء كيان قويم و مكتف ذاتياً في أفغانستان و باكستان إذا كان الجهاديون يقومون بقتل مسلمين مثلهم بالعشرات و لا من يسأل أو يسائل؟
وجهة نظر صدئة استحوذت على التفكير بعد الحادي عشر من سبتمبر-أيلول...مفادها أن العرب و المسلمين مجرد (أشياء)، غير مسؤولون عن أي شيء في حياتهم،و أننا (الفاعلون)الوحيدون المسؤولون عما يجري في هذا العالم.لقد استصغرناهم إلى أقصى حد.
ليس العرب و المسلمون مجرد أشياء ، بل هم فاعلون مؤثرون، إنهم يتوقون إلى و قادرون على تحمل المسؤولية و علينا تشجيعهم على تحمل مسؤولية عالمهم .إذا كنا نريد منطقة آمنة متسامحة أكثر مما يريدها هم أنفسهم،فسيسعدهم حمل معاطفنا لنا(بينما نحارب)، و سيمسكوا ألسنتهم عن نقد أشد متطرفيهم، و سنخسر نحن هنا و سيخسروا هم هناك،في أفغانستان الحقيقية و الإنترنتية.
طوماس فريدمان
-نقاط للبحث
1-هل صحيح أن أفغانستان تمثل تهديداً للأمن القومي أم هو تصور في فكر الساسة الأمريكيين؟ فيتنام، الصين ، الإتحاد السوفيتي ، كلهم في يوم من الأيام كانوا يمثلون تهديداً للأمن القومي و بقدرات أقوى و أفعل....ثم ماذا ؟
2-ما نوعية هذا التهديد ؟هل لأنها كانت نقطة إنطلاق للأعمال(العدوانية ، الإرهابية ، المقاومية...سَمّها ما شئت)؟....دعك من المسميات و لنركز على مضمون الأفعال.....لا عليك...سننقل نقطة الإنطلاق إلى الصومال أو العراق أو دارفور..أو ..أو...ثم ماذا
3-هل نجاح مئات المواقع( الجهادية) في تجنيد جيل جديد من (الإرهابيين أو العدوانيين أو المقاومين) عائد إلى ميول و طباع خلقت و ولدت فيهم ؟ أم أن هناك تفسير آخرلذلك؟....لاحظ يا سيدي أننا نسير خطوة خطوة و الحمد لله نبتعد عن تعابير(الكفار النصارى و العلوج و المستعمرين و الإمبرياليين الخ..الخ)
4-هذا التجييش و الإندفاق الذي يتكلمون عنه، و الملازم للتجييش و الإندفاق العسكري ، إذا أتى من أمثال عباس،و القذافي،و زين العابدين،و البشير، و هذا الملك أو ذاك، و ليعذرني بقية الظلمة و المستبدين لعدم ذكر أسمائهم، فالعمر قصير، أقول، إذا كانت هذه الفئة هي من ستتولى عملية (إحياء علوم الدين،حسب موديلكم)، هل تظنون و لو للحظة أن هناك أمل في نجاحكم؟
5-هؤلاء الخمسة أشخاص الذين ذهبوا إلى باكستان للجهاد أو الإنتحار،سَمِهِم ْما يعجبك، لا زلتم مصممون على تسميتهم ، بالمُغَرّر بهم ؟ أذكر في ستينات القرن الماضي ، عندما كانت تنقض أجهزة المباحث و المخابرات و ما أدراك في مصر ، على جماعات الإخوان المسلمين، كانت أجهزة (جورج غوبلزهم) تصفهم بالمغرر بهم...أطباء و مهندسون و رجالات أعمال.. و مغرر بهم ؟ ألا من توصيف أفضل يماشي و يساير المنطق ؟
6- نأتي إلى فقرة الحرب الأهلية ، و هنا في اعتقادي ، بيت القصيد .
نعم نحن بحاجة إلى حرب و لكن ليست أهلية...نحن بحاجة إلى حرب الفساد المدعوم من الغرب ،نحن بحاجة للمساعدة في تطبيق مفاهيم الديمقراطية المطبقة عندكم والتي، بقدرة قادر،تتحول إلى (القبول بالأمر الواقع) عندما يصل الأمر إلى شواطئنا. نحن بحاجة للمساعدة في دفع الظلم ، نحن بحاجة لتطبيق مبادئ و شرعية الأمم المتحدة على الأرض و ليس الكلام عنها من خلف المنابر. و إلى أن يتحقق ذلك،فليس أسهل على هذه المواقع الإنترنتية من تجنيد المزيد من (الجهاديين)
و شكراً لقصر نظركم