إذا ما تحدثنا عن دور الإعلام الجديد في التعبئة السياسية فإننا يجب أن نعلم أولآ / متى بدأ هذا الدور ، و ما مدى تأثيره في المرحلة السابقة ، و ثانيآ / ماذا ننتظر في المرحلة القادمة إن شاء الله :
أولآ / متى بدأ دور الإعلام الجديد في التعبئة السياسية و ما مدى تأثيره في المرحلة السابقة ؟
بدأ هذا الدور في الظهور مع بداية عام 2005 و هو عام الإنتفاضة السياسية المصرية التي شهدت العديد و العديد من التغيرات على الساحة ، ففي هذا العام و لأول مرة تنحل عقدة لسان المعارضة و التي كانت تخشى الإقتراب من إنتقاد الرئيس ، و لأول مرة تظهر حركات سياسية للمطالبة بالتغيير ، و لأول مرة يأتي رئيس الجمهورية بالإنتخاب ....... إلخ .
1- و في ظل هذه الإنتفاضة السياسية قامت الدولة بحشد كافة أسلحتها لمواجهة الخطر القادم من المعارضة و بدأت بإستخدام أجهزتها الإعلامية لتشويه صورة كل من يقول "لا" في وجه النظام ، و لم تكتفي الدولة بذلك بل قامت أيضآ بشن حملات إعلامية على كل من يحاول إنتقاد النظام حتى و لو كان النقد بناءآ ! و قد نتج عن ذلك إتجاه المعارضة إلى البحث عن بديل إعلامي لا يخضع لرقابة الدولة و يسمح للمعارضة بنشر كل رسائلها و آراءها و أفكارها ، و قد سعت أحزاب المعارضة عن طريق المدونين منذ عام 2005 و حتى الآن إلى زيادة المساحة الإعلامية عبر الإنترنت و تم تدريب أعضاء الأحزاب و المنظمات على إستخدام الكمبيوتر و الإنترنت حتى يصل صوتها إلى أكبر عدد ممكن ، و ساعدت منظمات المجتمع المدني الأحزاب في هذه المهمة فهي على الجانب الآخر لا تلقى الدعم من الإعلام الحكومي ، بل تتهم على الدوام بالعمالة و الخيانة ! و قد إستطاعت الأحزاب بمعاونة منظمات المجتمع المدني في فتح قنوات عبر الإعلام الجديد ، و جميع تلك القنوات تكاد تكون متفقة و مساندة بعضها البعض لأنها إتفقت جميعآ على رصد الحقائق و نشرها و كشف الفساد و الدعوة إلى نشر الديمقراطية و محاولة تعميم ثقافة حقوق الإنسان ، و قد ظهرت ثمار إستخدام الإعلام الجديد لقمتها عام 2008 يوم 6 إبريل وقت أن خرج عمال المحلة الكبرى متظاهرين ضد قرارات الدولة التعسقية و التي نالت من حقوقهم مما نتج عنه إشتباكات بين الأهالي و قوات الشرطة و التي إستعانت بقوات أمن محافظتي المنوفية و كفر الشيخ لإحكام السيطرة الأمنية على أهالي المحلة و كانت أحداث 6 إبريل هي قمة الهرم في التعبئة السياسية خلال المرحلة السابقة منذ عام 2005 و حتى عام 2009 .
- يبقى أن نعرف قيمة النتائج التي تحققت خلال الفترة الماضية و حتى نستطيع تقييم تلك المرحلة فيجب أن نعلم أهداف التعبئة السياسية المرجوة عن طريق الإعلام الجديد ، و سنجدها منحصرة في نقاط محددة و هي "تحقيق الديمقراطية – نشر ثقافة حقوق الإنسان – إعداد إعلام حر قادر على كشف الحقائق" و بالنظر إلى قمة إنجازات تأثير الإعلام الجديد في المرحلة السابقة ، سنجد أن المعارضة السياسية و منظمات المجتمع المدني ، لم تتمكنا من إستغلال الإعلام الجديد بالشكل الصحيح ، بمعنى أدق لم يستطع مستخدموا الإعلام الجديد حشد الناخبين أمام صناديق الإقتراع في إنتخابات الرئاسة الماضية 2005 و إنتخابات المحليات 2008 و الإستفتاءات على التعديلات الدستورية 2005 و 2007،و ترجع أسباب الفشل إلى عدة نقاط كان سببها المدونين سواء من الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني من خلال نشر أن الإنتخابات يتم تزويرها ، و أن الناخبين لن يغيروا شيئآ في العملية الإنتخابية ، و بطبيعة الحال لم تكن الأحزاب السياسية أو المجتمع المدني تقصد تقليص دور الديمقراطية ، إلا أنها قد إستخدمت آلية خاطئة في حشد الناس ، و بالتالي لم يحقق الإعلام الجديد دوره في التعبئة السياسية إلا في التعبير عن الرفض فقط .
- نخلص في النهاية إلى أن الإعلام الجديد أصبح يمثل أداة هامة في التعبئة السياسية إلا أنه لم يتم إستغلاله بالشكل الصحيح حتى وقتنا الحالي و بقي أن تبحث منظمات المجتمع المدني عن آلية جديدة لأستغلال الإعلام الجديد بالشكل الذي يعود بالنفع العام على المواطنين و الدولة عن طريق تشجيعهم عى المشاركة في الحياة السياسية .
ثانيآ / ما نتمنى أن يحققه الإعلام الجديد في المرحلة المقبلة :
- إن المرحلة المقبلة هي من أهم مراحل التاريخ المصري فها نحن مقبلون على إنتخابات مصيرية يتحدد على إثرها تاريخ أمة فالإنتخابات البرلمانية عام 2010 يعقبها إنتخابات رئاسية عام 2011 و الإنتخابات البرلمانية لا تقل أهمية عن إنتخابات الرئاسة بل إنها تعد أكثر أهمية ، لأنها هي التي ستحدد طبقآ للدستور مرشحي إنتخابات الرئاسة فالحزب الذي لا يملك عدد مقاعد معين في مجلسي الشعب و الشورى طبقآ للدستور ليس من حقه أن يقوم بترشيح أحد أعضاءه لإنتخابات الرئاسة .
- إن الدور المنوط بمنظمات المجتمع المدني القيام به ليس فقط مراقبة الإنتخابات فما فائدة مراقبة إنتخابات معروف نتيجتها طبقآ لعومل مسبقة ، كأن لا يذهب الناس أصلآ إلى صناديق الإقتراع ؟! و ما فائدة مراقبة إنتخابات الرئاسة في ظل عدم وجود أكثر من منافس؟!
بات واجبآ على المدونين أن يغيروا من لغتهم السياسية و المفعمة دائمآ بالإحباط ، و أن يبتعدوا عن كل ما يصيب المواطن بالوهن السياسي ، و أن يرفعوا من روحه و يشعروه بأنه قادر على التغيير و أن مشاركته السياسية هي حق من حقوقه و أن صوته مؤثر و قد يكون مرجحآ ، و أن يشعروا كل من يتخذ موقفآ سلبيآ تجاه المشاركة السياسية بأنه قد إفتأت على حق المجتمع قبل أن يفتأت على حقه ، و يجب أن يعلم المواطنين اللذين لا يذهبون إلى صناديق الإقتراع أنهم سبب الفشل الذي تعاني منه الدولة فلو أنهم شاركوا بإبداء أصواتهم لتغير الحال و لتمكنوا من إختيار الأصلح .
- و في ظل الإعلام الجديد أصبح بإمكان منظمات المجتمع المدني أن تقدم إصلاحآ حقيقيآ و أصبح بإمكانها أن تصل إلى المواطن في كافة ربوع البلاد و لكن السؤال هو "على ماذا تحتوي حقيبة المجتمع المدني هل تحتوي على أخبار محبطة مسبقآ حتى تشعر المواطن العادي بأن مشاركته لن تغير شئ أم أنها تشعره بأنه سيد قراره و هو من يحدد مصير نفسه ؟ وحتى يؤدي الإعلام الجديد دوره في التعبئة السياسية فإنه لابد لنا من أن نلحق بالتطور عن طريق نقل و تبادل الخبرات و العمل وفق خطة منهجية سليمة .
المدونات و اللحاق بالتطور
مع أن الإعلام الجديد بكافة تنوع وسائلة من مدونات و شبكات إجتماعية و شبكات الفيديو باتت تحقق العديد من المكاسب على المستويين السياسي و المجتمع المدني إلا أن ذلك بات يفرض على المدونين أن يطوروا من أنفسهم حتى يلحقوا بالتطور السريع لكافة وسائل الإعلام الجديد ، و التطور ليس فقط في التقنيات الحديثة بل يجب عليهم أن يطوروا من آدائهم الفني المهني ، و على منظمات المجتمع المدني أن تقوم بورش عمل تدريبية لهم ، فنحن نعيش عصر الإعلام المفتوح إلا أنه في ظل هذا الإنفتاح تكون المدونات المعروضة كثيرة جدآ ، و ما نخشاه في ظل هذا الكم الهائل من المدونات أن تكون بلا فائدة أو أن تكون متشابه ، و في هذه الحالة من الممكن أن يفقد الإعلام الجديد تأثيره ، و حتى نتفادى مثل هذا الأمر فإنه لا بد لمنظمات المجتمع المدني من رفع كفاءة العاملين بمكاتبهم الإعلامية و بات على المدونين أيضآ أن يبحثوا عن أساليب جديدة في عرض مدوناتهم حتى تكون جذابة من ناحية المضمون و الشكل و أن يلتحقوا بكافة الدورات التدريبية في مجال الإعلام الجديد .
إن المرحلة القادمة للإعلام الجديد لن تقبل بأخطاء المدونين فالمدونين أصبحوا ممثيلن عن إعلام حر ليس له رقيب و يزداد مشاهدي هذا الإعلام يومآ بعد يوم و كلما إنتشرت القنوات الإعلامية عبر الإنترنت كلما زادت المسؤلية على المدونين ، و أكثر المدونون هم من غير الصحفيين و هم على غير دراية بآلية نشر الخبر و كيفية لفت إنتباه القارئ إليه و من هنا أصبح تدريب المدونين على آليات العمل الصحفي ضرورة خلال المرحلة المقبلة .
آليات تطوير الإعلام الجديد
أولآ / التدريب على فن كتابة الخبر و المقال وآلية عرضهما :
حتى يستطيع القارئ إستكمال ما يقرأه فلا بد للخبر أن يكون مميزآ و غير مكرر ، و في دنيا الصحافة و الإعلام المفتوح أصبحت الأخبار تنتقل بسرعة شديدة و أصبحت رسائل الــ SMS ترسل فور بداية الحدث و القارئ في هذه الحالة لن يلجأ إلى قراءة خبر مكرر ، فعلى سبيل المثال لو ألقى أوباما خطابآ حول العمال و تحدث عن مشاكلهم و معوقاتهم و قرر تخصيص جزء من الميزانية إلى العمال بيمة 2 مليار دولار ، فإن مثل هذا الخبر سينتشر فور حدوثه و ستتناقل كافة وسائل الإعلام الخبر بما جاء فيه ، و لكن إذا ما قام أحد المدونين بنشر الخبر تحت عنوان مختلف مثل أوباما يدمر الإقتصاد الأمريكي في غضون عام ! فمثل هذا الخبر يكون جذابآ و جديدآ للقارئ حيث أنه لم يعرض من قبل إلا أن المدون هنا أخذ مقطع من خطاب أوباما ، و هو الخاص بتخصيص جزء من الميزانية لصالح العمال بمبلغ 2 مليار دولار ثم قام المدون بعمل بحث حول الوضع الإقتصادي الأمريكي في غضون عام و إكتشف أن في مثل هذا القرار خطر قادم على المصالح الأمريكية إذا ما إستقطع هذا المبلغ من الميزانية ! بمثل هذا الخبر إستطاع المدون جذب الإنتباه و تناول الموضوع من زاوية أخرى ، هذا بالإضافة إلى أنه يستطيع أن يطعم الخبر بأي رسالة يريد أن تصل إلى الناس .
نستطيع أن نضرب مثلآ آخر حول توجيه رسالة إلى الناس بأن يتوجهوا إلى صناديق الإقتراع في إنتخابات مجلس الشعب القادمة ، فلو أننا نقلنا الرسالة كما هي فإنها لن تكون جديدة على القارئ بل قد يكون مل من سماعها و لكن إذا ما نشر أحد المدونين مثلآ خبرآ أنه في أحد القرى تريد الدولة ان تستولي على أراض المزارعين و أن هذا الأمر سيتحقق بعد إنتخابات مجلس الشعب القادمة ، فإن مثل هذا الخبر على إعتبار أنه خبر صحيح في هذا المثل سيجعل من المزارعين يتسائلون عن آلية صنع مثل هذا القرار فإذا ما تبين لهم أن سيتم عن طريق مرشح معين فإنهم جميعآ سيقبلون على صناديق الإقتراع حتى لا يفوز المرشح الذي سيسبب لهم أضرارآ لو نجح في الإنتخابات .
من هنا يتبين لنا أن المدونون قد أصبحوا بحاجة إلى إثقال أنفسهم بعلم الصحافة و النشر كما أنهم بحاجة إلى تغيير لغة الخطاب التي يتحدثون بها إذا ما أرادوا إرسال رسالة معينة .
ثانيآ / التخصص :
التخصص أمر مطلوب بين المدونين أيضآ فعالم السياسة المصري كبير الحجم جدآ و لا يستطيع فرد واحد الإلمام به كما أن المجتمع المدني أيضآ في إزياد مستمر و من هنا يصبح التخصص أمرآ مطلوبآ و فعالآ للغاية ، إذ أنه سيجعل لكل مدون شكله الخاص و يحقق الهدف المنشود للمجتمع المدني و هو أنه مجموعة أجزاء تكمل بعضها البعض و لا تعرف التنافس ، كما أنه سيضيف إلى المدونين قيمة معنوية كبيرة للغاية ، و إن كان التخصص أمر معمول به على أرض الواقع في بعض المجالات إلا أننا يجب أن نذكره و نؤكد عليه ، فعلى سبيل المثال كان للمدونين تأثير كبير في إنتخابات نقابة المحامين الماضية و كان لهم قيمة معنوية كبير في عيون المرشحين على منصب نقيب المحامين ، و كانوا أحد أسباب نجاح نقيب لمحامين الحالي بسبب هجومهم الدائم على منافسه و الذي كان مدعمآ بالمستندات ! و يحسب للمدونين اللذين خصصوا مدوناتهم لنقابة المحامين أنهم قد ألموا بكافة المشاكل و المواضيع المتعلقة بنقابتهم و كانوا هم أقدر الناس على الرد بل و على توجيه المحامين في صناديق الإقتراع .
فلو تحقق التخصص بشكل كامل بين المدونين لزاد إبداعهم و علمهم و لأثقلت خبراتهم في مجالاتهم ، و من ثم يزداد تأثيرهم على الصعيد العام .
ثالثآ / التصوير و فن عرض الصور :
من أهم وسائل التأثير على القارئ أو المشاهد هي الصور و لكن ليس كل الصور مؤثرة و قد يأتي 5 مدونون و يصورون موقف ما و كل يصور لإثبات أنه كان في الحدث ليس إلا ! و قد تكون صورة واحدة من الخمس صور هي التي تحقق التأثير المطلوب ، و قد لا تحقق جميعها أي تأثير ذلك لأنها جميعآ قد أخذت من زوايا لا تؤدي إلى إحداث تأثير في نفس المشاهد الذي يراها إما لأنها قد التقطت لإثبات التواجد أثناء الحدث أو لأن المدون قد قام بعرض صور مؤثرة من وجهة نظره و لم يعرض صور مؤثرة من وجهة نظر علمية .
فعلى سبيل المثال لو أن قصف حدث على المسجد الأقصى و تم من خلاله أن فقد 10 أشخاص رؤسهم كما تم فيه قصف مأذنة بجوار المسجد الأقصى ، و تم التصوير لكلا الموقفين و آثر مدون أن يعرض صورة الــ 10 أشخاص المقطعة رؤوسهم و آثر مدون آخر عرض صورة المأذنة التي تعرضت للقصف ، سنجد أن تأثير مشاهدة القتلى ليس تأثير حماسي للمشاهد و إنما تأثير قد يصيب المشاهد أو القارئ بالمرض و الغثيان ! لأن مشاهدة مثل ذلك المنظر البشع تقشعر له الأبدان و بالتالي إذا ماوجد القارئ مثل هذه الصورة فإنه قد لا يكمل قراءة الخبر نظرآ لحالة نفسية سيئة أصابته بعد رؤية القتلى و بدلآ من أن يتخذ موقفآ إيجابيآ تجاه الأزمة فإنه يبحث لنفسه عن مخرج للحالة النفسية التي أصابته من جراء منظر القتلى ! في حين أن رؤية مأذنة تعرضت لقصف قد يثير الحماسة لدى القارئ و يجعله يتخذ موقفآ إيجابيآ تجاه الأزمة .
من هنا تتضح ضرورة و أهمية التدريب على التصوير و التدريب على نوع الصور المؤثرة في المواقف العديدة التي تختلف من موقع لآخر ، كما أن الصورة يمكن أن تنقل الخبر بدون أي عرض كتابي و أهميتها تزداد في المدونات كلما زاد علم المدون و خبراته بالتصوير .
رابعآ / الفيلم و آلية صناعته :
الفيلم قد يكون جامعآ بين الكتابة و الصور و التسجيل الصوتي و الفيديو ، و قد يشمل فقرة واحدة مما ذكرنا و قدد يجمع فقرتين أو ثلاث ، المهم في النهاية أن الفيلم يجب أن يكون له رسالة و يجب أن يكون هناك رؤية لدى المدون و خبرة في آلية صناعة الفيلم إذ أن الفيلم يجب أن يكون قصيرآ في مدة عرضه و كلما قصرت مدة العرض كلما كان أفضل ، إلا أن لصناعة الفيلم آلية يجب أن يعلمها المدون فعلى سبيل المثال لو أراد المدون إجراء حديث مع أحد الأشخاص حول حقوق الإنسان فهل يأخذ معه كاميرا كبيرة الحجم و ذات إمكانيات كثيرة ، أم يأخذ معه كاميرا صغيرة الحجم و ذات إمكانيات قليلة ؟ قد يجيب البعض أن الكاميرا الكبيرة قد تكون أفضل ! في حين أن الكاميرا الصغيرة تكون هي الأفضل في حال لو أننا نريد إخراج أكبر مخزون من المعلومات لدى المتحدث ، فالإنسان بطبيعته يرهب الكاميرا و كلما زاد حجم الكاميرا كلما زادت رهبة المتحدث و ينتج عن تلك الرهبة فقدانه للكثير من المعلومات ، و لكن لوكانت الكاميرا صغيرة لأصبحت رهبة المتحدث قلية ، و لو كانت الكاميرا لهاتف محمول لكان ذلك أفضل فالمدون في النهاية هو صاحب رسالة و ليس مخرجآ سينمائيآ ! يبحث عن إمكانيات الصورة العالية الجودة .
كما أن آلية عرض الصور في الفيلم يجب أن تكون مجزئة و مرتبة طبقآ للأحداث حتى يسهل على المشاهد فهم الرسالة التي يريد المدون أن يوصلها إليه ، و قد تكون غير مرتبة و في هذه الحالة يجب أن تكون مدعمة بالكتابة التي توضح سير الحدث فقد يكون لعدم ترتيبها وجهة نظر أفضل في توصيل الرسالة .
و يجب أن تكون الكتابة في الفيلم للتوضيح فقط أو لعرض مصادر المعومات و لو زادت العروض الكتابية في الفيلم لزاد ملل المشاهد من الفيلم .
و ما ذكرناه عن الصور و آلية إختيارها في العرض ينطبق أيضآ على الفيديو و نضرب مثال على ذلك ، بالإنتفاضة الفلسطينية بعد مقتل الطفل محمد الدرة فما تسبب في ثورة الناس ليس مشهد الطفل و هو يقتل ! و لكنها كانت تعبيرات الأب و إنفعالاته التي صورتها الكاميرات بعد مقتل اطفل .
خامسآ / وسائل الأمان لحفظ المدونات من الإختراق :
تعددت في الوقت الحالي برامج الإختراق للمدونات و الإيميلات و كل ما يمت للإنترنت بصلة و أصبحت تلك البرامج تشكل خطرآ حقيقيآ على المدونين و حتى أكون صريحآ في عرضي فإنه لا يوجد رقم سري غير قابل للإختراق حتى و لو كانت نسبة قوته 100 % ! و لكن في ظل هذه الحقيقة يطرح سؤال نفسه و هو كيف يتعامل المدونون و كيف يمارسون عملهم ؟
- بداية يجب أن تكون نسبة قوة الرقم السري من 70 % فما فوق فلو كانت أقل من ذلك لأصبح هذا أمر يشكل خطرآ على المدون .
- يجب أن يقوم المدون بتغيير رقمه السري على الأقصى كل 3 أشهر .
- يجب أن يكون الرقم السري بعيدآ عن أي رقم يحيط بمعلومات المدون مثل تاريخ ميلاده أو رقم هاتفه المحمول أو رقم بطاقته أو باسبوره أو .... إلخ .
- يجب أن يكون لكل مدون جهاز الكمبيوتر الخاص به و يجب على المدون أن يحاول بقدر الإمكان أن لا يمارس عمله إلا من خلال جهازه خاص .
- يجب أن يكون لجهاز الكمبيوتر الخاص بالمدون رقم سري أيضآ .
- يجب على المدونين أن يكون لهم حساب على gmail لأنه أأمن حساب و الأصعب في الإختراق ، و أن لا يعتمدوا على أي حساب آخر على hotmail أو yahoo فكلاهما سهل الإختراق جدآ.
- يجب أن يشمل الجهاز الخاص بالمدون برنامج خاص بمحاربة الفيروسات التي تتجدد بشكل يومي .
- يجب أن لا يفتح المدون أي رسالة غير معلومة الهوية .
- الحذر من الكتابة على الشات و إن كان لابد من الحدي فيفضل أن يكون حديث صوتي ، لأنه في حال الإختراق يمكن أن يحصل المخترق على كافة المحادثات الكتابية ، أما المحادثات الصوتية لا يستطيع أحد إستعادتها .
سادسآ / الحماية القانونية للمدونين :
بداية تعريف السب هو توجيه عبارات تنال من شرف أو كرامة الشخص أو تجعله محل بغض من الناس ، بينما القذف توجيه اتهام أو صفات إلى شخص لو ثبتت عليه لوقع تحت طائلة القانون .
ففي ظل حق التقاضي و رفع دعاوى السب و القذف و غير ذلك من نصوص مواد القانون التي يمكن أن تعود على المدونين بالضرر بات عليهم أن يطلعوا على هذه النصوص و يعرفوا آلية الحماية من التعرض لها فعلى سبيل المثال لو أن مسؤلآ تشوب حوله شبهات بأنه يتربح من وظيفته مما قد يقع تحت بند من بنود القانون سواء سرقة أو إختلاس أو إستيلاء على مال عام أو .... إلخ .
ففي حال النشر عن هذا المسؤل يجب أن يبتعد المدونون عن وصفه بأنه لص أو سارق أو غير ذلك من الألفاظ التي تقع تحت بند السب فالمدون حينما يتعامل مع أخبار الفساد التي يحتمل أن يبرئ فيها المسؤل ، فإنه لا يستطيع أن يمتنع عن النشر و في نفس الوقت يخشى أن يقع تحت طائلة القانون ! و للخروج من هذه الأزمة ننصح المدون بأن يوجه الإتهام فقط دون أن يوجه سبآ للمسؤل بحيث تكون تهمته إذا ما برئ المسؤل تقع تحت بند القذف فمن خلال هذا البند يستطيع المدون أن يقول ما يشاء فهو يعرض أمورآ بمستندات وصلت إليه عبر مصادره الخاصه ، و المحاكمات في قضايا القذف يكون فيها جدال و دفاع بخلاف قضايا السب التي تكون التهمة فيها ثابتة و تجعل المدونين تحت طائلة القانون .
سابعآ / النشر عبر كافة الوسائل المتاحة :
كما سبق و أن ذكرنا فإن وسائل الإعلام الجديد في تطور دائم ، و مع التطور تزداد آليات النشر عبر الإنترنت و تتعدد الشبكات الإجتماعية ، و قد يكون المدون معروفآ بمدونته و بحسابه على شبكة الفيس بوك فقط ، و قد نجده ناجحآ جدآ عبر هذه القنوات ، إلا أن ذلك في الواقع لا يكفي إذ أن الشبكات الإجتماعية و المدونات في تزايد مستمر و هو ما يفرض على المدونين أن يلحقوا بكل ما هو جديد و متاح في نفس الوقت .
فالفيس بوك على سبيل المثال وسيلة غير متاحة في سوريا ، و بالتالي فمستخدمي الإعلام الجديد في سوريا يستخدمون شبكات إجتماعية غير الفيس بوك ! و على مستخدمي الإعلام الجديد في مصر أن يعرفوا تلك الشبكات الإجتماعية المستخدمة في سوريا إذا ما أرادوا التواصل معهم ، كما أن مستخدمي الإنترنت بخلاف المدونين لا يعرفون كافة الشبكات الإجتماعية و ليس لديهم القدرة على الوصول إلى كل ما هو جديد عبر الإنترنت .
من هنا يصبح إستخدام كافة الوسائل المتاحة عبر الإنتر نت أمرآ ضروريآ بالنسبة إلى المدونين و أصبح عليهم كاهل توصيل المعلومات إلى مستخدمي الإنترنت بأن يذهبوا هم إليهم و لا ينتظروهم ليأتوا بالصدفة و من أهم الشبكات الإجتماعية غير الفيس بوك التويتر و الوايت ويت .
ثامنآ / آلية الإعلان عن المدونة و الأخبار الجديدة :
إن دولة في حجم مصر بكافة مؤسساتها تكون متجددة الأخبار و الأحداث دائمآ و بالتالي يكون العبئ على كاهل المدونين مضاعفآ نظرآ لتدافع الأحداث في كل المجالات ، و لكن إذا ما تحقق التخصص كما ذكرنا في البداية فإن ذلك سيخفف من عبئ العمل على المدونين ، و يبقى على المدون 3 أمور حتى يتواصلوا مع الجميع و هي :
الأمر الأول / أن يكون للمدون جهاز لاب توب خاص به بحيث يستطيع التواصل مع الإنترنت في أي وقت .
الأمر الثاني / تحتوي بعض المدونات على قائمة خاصة بالإيميلات و هنا يجب على المدون أن يضيف إلى تلك القائمة كافة الإيميلات التي يعرفها حيث أن الأخبار الجديدة تصل مبشرة إلى كافة أعضاء القائمة البريدية .
االأمر الثالث / في حال وجود مدونات ليس لها قائمة بريدية يمكن للمدون أن يرسل كافة الأخبار عن طريق الإيميل الخاص به و يفضل أن يكون إيميل gmail لأنه يستطيع إرسال رسالتين في اليوم الواحد تحتوي كل رسالة على 500 عنوان بريدي ، أي 1000 عنوان بريدي كل 24 ساعة ، و ننصح في هذه الحالة أن تصحب كافة الرسائل رسالة ضمنية لكل من يريد أن يسحب بريده الإلكتروني من القائمة بأن يعاود الإرسال إلى المدون مرة أخرى حتى لا يتقدم المرسل إليهم بشكاوى من المدون ينتج عنها أحيانآ غلق البريد الإلكتروني للمدون .
في النهاية
على المدونين أن يطوروا من أدائهم فالمدون لا يقتصر عمله فقط على إنشاء مدونة فهو يجب أن يعرف التصوير و صناعة الفيلم و الإنتشار عبر كافة الشبكات الإجتماعية ، و عليه أيضآ أن يهتم بالمضمون و الشكل فكلما كانت المدونات سيئة المنظر كلما عزف القراء عنها ، و على منظمات المجتمع المدني أن تسعى جاهدة لتقديم كل جديد في عالم الإعلام الجديد للمدونين و عليها أيضآ إثقال المدونين بآليات العمل الصحفي ، و الأهم هو العمل على تغيير خطاب المدونين بأن يجعلوا لغتهم مفعمة بالأمل حتى يستطيعوا التواصل مع الناس ، و حثهم على أن يبتعدوا عن لغة الإحباط و السلبية .