صحف أمريكية: خطاب أوباما ينبئ بهزيمة بلادنا

في الجمعة ٠٥ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

صحف أمريكية: خطاب أوباما ينبئ بهزيمة بلادنا

إفتكار البنداري




الحزب الجمهوري رأي أن أوباما قدًّم أمريكا "ضعيفة" أمام خصومها كإيران
"ضد مصلحة أمريكا الوطنية.. وتحول كبير في سياستها قد يؤدي إلى هزيمتها ذاتيا".. رأي اشتركت فيه وسائل إعلام أمريكية تابعة للتيار المحافظ خلال تعليقاتها اليوم الجمعة على خطاب الرئيس باراك أوباما، الذي دعا فيه يوم الخميس من القاهرة إلى بداية جديدة مع العالم الإسلامي.
واستندت عدة مقالات وتقارير بتلك الوسائل الإعلامية في تبرير رأيها هذا بما وصفته بـ"التغيير السلبي" في السياسة الأمريكية الخارجية، الذي بدا في "قبوله" بوصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم، ومواصلة إيران برنامجها النووي "السلمي"، و"اعترافه" بحركة حماس، ورفضه لبناء المستوطنات الإسرائيلية، و"تعاطفه" مع معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي، بحسب تعبيرات كتاب هذه المقالات.

وبداية مع صحيفة "واشنطن بوست" التي رصدت بشكل خاص كلمات أوباما بشأن القضية الفلسطينية قال تشارلز كروثمر في مقال لاذع: "أوباما في خطاب القاهرة قال إنه يقول الحقيقة، ولكن الحقيقة أنه لم يتفوه بكلمة صادقة واحدة".

طالع أيضا:
أوباما "النجم" يبهر الجماهير ويثير الشكوك!
نص خطاب أوباما للعالم الإسلامي
أوباما والعالم الإسلامي (ملف)

واستشهد الكاتب على رأيه بتجديد أوباما إصراره على أن توقف إسرائيل البناء في المستوطنات حتى ما تسميه النمو الطبيعي، قائلا إن هذا يعني "حكما على مستقبل نمو السكان في تلك المستوطنات بالموت، أو في أحسن الأحوال بمواجهة مشاكل إسكانية واجتماعية كبيرة؛ لأن المواليد الجدد لن يجدوا منازل ليسكنوا فيها مستقبلا".

وعن ربط أوباما بين معاناة الفلسطينيين على مدار 60 عاما بالاحتلال لم يرجع كروثمر هذه المعاناة للاحتلال بل إلى "فساد المسئولين عن الملف الفلسطيني منذ 60 عاما ونزعتهم إلى الاستبداد بالرأي وتسليح المتطرفين دينيا، ورفضهم كل العروض الخاصة بقيام الدولة سابقا مثلما حدث مع الحاج عبد القادر الحسيني (أحد قيادات المقاومة ضد العصابات الصهيوينة) عام 1947 الذي رفض قرار تقسيم فلسطين، ثم (رئيس السلطة الراحل) ياسر عرفات عام 2000"، بحد قوله.

وحذر من أن أمريكا إذا استمرت على نهج أوباما الذي عرضه الخطاب "فإن الفخر الذي شعرت به أمريكا حين إعلان فوزه في نهاية العام 2008 قد يتحول إلى هزيمة ذاتية لأمريكا"، في إشارة إلى تعارض بعض ما ورد في خطابه مع رؤى الإدارة المحافظة السابقة.

وبالمثل حكم المشرف على منتدى القراء في ذات الصحيفة على خطاب الرئيس الأمريكي بأنه كان "غنيا في تأثيره العاطفي، فقيرا في مصداقيته، بعيدا كل البعد عن المصلحة الوطنية"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا الخطاب قد يؤدي إلى إضعاف الأصوات الإصلاحية في العالم الإسلامي التي تؤيد أمريكا وتعمل على إزالة النظم الديكتاتورية.

قبول بالحكم الإسلامي

ومن جانبها حذرت صحيفة "واشنطن تايمز" من أن خطاب أوباما تضمن "تلميحا" إلى قبوله نتائج الانتخابات في البلدان الإسلامية، حتى وإن حملت منظمات إسلامية إلى الحكم، حين قال: "إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمي يراعي القانون، حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا، وسوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة شرط أن تحترم جميع أفراد الشعب في ممارستها للحكم".

واعتبرت "واشنطن تايمز" أن عبارة أوباما السابقة موجهة إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي حضر نواب منها بالبرلمان الخطاب وكذلك إلى حزب الله اللبناني الذي يستعد لخوض انتخابات نيابية جديدة في 7 يونيو الجاري، وكذلك إلى حماس التي لم يصفها بالإرهابية طوال الخطاب الذي استمر على مدى 55 دقيقة.

وهذا "الاحترام" الذي أعلنه أوباما لنتائج الانتخابات مناقض لسياسة سلفه جورج بوش الذي رفض الاعتراف بحكومة حماس رغم أنها جاءت عبر انتخابات شهد المراقبون الدوليون بنزاهتها في عام 2006، كما رفض الاعتراف بحزب الله اللبناني أو التعامل معه رغم تحقيقه نتائج كبيرة في الانتخابات النيابية السابقة.

اعتراف بحماس

وفي ذات السياق أفردت قناة "فوكس نيوز" الحديث عن موقف أوباما من حكومة حماس، وقالت: "الرئيس الأمريكي قدم اعترافا صريحا بحركة حماس الإرهابية رغم رفضها الاعتراف بإسرائيل"، مستشهدة على ذلك بما اعتبرتها "دعوة وجهها أوباما لحماس عبر خطابه بأن تلعب دورا في مستقبل الشعب الفلسطيني".

وكان أوباما قال: "حماس تحظى بشعبية بين بعض الفلسطينيين، ولكن يجب أن يدركوا أن عليهم مسئوليات، وأن يلعبوا دورا في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني بالوحدة، وأن ينبذوا العنف ويعترفوا باتفاقات السلام السابقة مع إسرائيل وأن يعترفوا بحق الأخيرة في الوجود"، ولم يصف أوباما حماس بالإرهابية ولا مرة واحدة في خطابه.

ونقلت القناة عن بعض المراقبين قولهم إنهم "صدموا" من هذا "الاعتراف" بحماس ودورها في مستقبل القضية الفلسطينية، من بينهم مارك ثيسين، كاتب الخطب السابق لجورج بوش، الذي وصفه بأنه "تحول كبير وسلبي" في السياسة الخارجية الأمريكية.

سياسة "مشوشة"

ورأى ديفيد بروكس في صحيفة "نيويورك تايمز" أن خطاب أوباما "خفَّض من سقف طموحات وأهداف" أمريكا في بعض ملفات سياستها تجاه الشرق الأوسط، ومنها الملف النووي الإيراني؛ "ففي حين كانت إدارة بوش تدعو إلى وقفه تماما، فإن أوباما في خطابه الذي دعا فيه إيران إلى حوار غير مشروط تحفظ فقط على استخدام البرنامج النووي الإيراني في تصنيع أسلحة نووية، مبديا قبوله استخدام كل دول العالم الطاقة النووية السلمية لأغراض التنمية".

وكذلك -يتابع بروكس- في حين كانت إدارة بوش تقاطع كلية الجماعات الإسلامية التي تعتبرها "إرهابية" مثل حماس وحزب الله بسب رفضها الاعتراف بإسرائيل، فإن أوباما "أبدى استعداده لقبول حكومات تكونها جماعات إسلامية؛ استنادا لنتائج صناديق الاقتراع".

وأضاف: "كما بدا خلال زيارته للقاهرة أنه لم يعط ملف الإصلاح الديمقراطي الاهتمام الكامل، وهو ما يعني ضربة قاسية لجماعات المعارضة التي تطالب بالإصلاح السياسي في دولة يحكمها رئيس واحد منذ نحو 3 عقود"، واختتمت الصحيفة بقولها إن خطاب أوباما "مثالي لدرجة أنه يجعل سياسة أمريكا القادمة مشوشة".

أمريكا "ضعيفة"

ومن الصحف التي تعكس في معظمها آراء الحزب الجمهوري المعارض إلى الحزب نفسه الذي رأى أن خطاب أوباما يجعل الولايات المتحدة "تبدو ضعيفة".

وقال جون بينر، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب: "أرحب بالرؤية التفاؤلية للرئيس، إلا أن القلق يتملكني من النقاط التي تتعلق بإيران والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فخطاب أوباما بدا وكأنه يلقي اللوم بالتساوي بين الفلسطينيين والإسرائيليين رغم إقراره بحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها"، بحسب ما نقله راديو "سوا" الأمريكي.

ويشير بينر في هذا إلى قول أوباما: "يجب على الفلسطينيين أن يتخلوا عن العنف، إن المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ولا يؤدي إلى النجاح"، وفي نفس الوقت طالب الإسرائيليين بالاعتراف بأن "حق فلسطين في البقاء هو حق لا يمكن إنكاره مثلما لا يمكن إنكار حق إسرائيل في البقاء"، مشددا في هذا الصدد على أن بلاده "لا تقبل مشروعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية التي تقوض الجهود المبذولة لتحقيق السلام".

اجمالي القراءات 3390