كالفراش المبثوث

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٠ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هذا سؤال من الاستاذ عبد المجيد المرسلى يقول : ( السلام عليكم دكتور. ماذا تعنى كلمة الفراش المبثوت فى قوله تعالى ( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ) ؟
آحمد صبحي منصور

أولا

1 ـ عن البعث للبشر قال جل وعلا فى صورة مجازية تشبيهية : ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) القارعة ).

2 ـ الروعة هنا فى التشبيه بالفراشة . دورة حياة الفراشة يتخللها موت وبعث ، من أربع مراحل تتغير وتتحول فيها بشكل جذري وكامل، وتختلف كل مرحلة عن التي قبلها، بدءًا من بيضة صغير الحجم ، ثم يرقة تفقس من البيضة وتتغذى على أوراق الشجر. وبعد اكتمال نموها تقوم بتكوين غطاء يسمى الشرنقة حول نفسها ، وبهذا تبدأ المرحلة ما قبل الأخيرة من دورة حياتها، وفي هذه المرحلة تتحول اليرقة الصغيرة تحولا كاملا إلى فراشة بأجنحة كبيرة وجذابة وهذه هى المرحلة الأخيرة التي تخرج فيها الفراشة وتبدأ عملية التكاثر، وتُعاد دورة حياتها من جديد.

3 ـ الله الخالق جل وعلا يربط خلقنا ببعثنا ، أى دورة من الخلق ثم الموت ثم البعث .

قال جل وعلا :

3 / 1 : (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) الحج )

3 / 2 : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)   المؤمنون )

3 / 3 : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)    غافر )

4 ـ نحن نبدأ بذرة ملقحة فى الأرحام ، ثم نولد طفلا ، ثم تنتهى حياتنا الدنيا بالموت ، حيث يفنى الجسد ، وتصعد النفس الى البرزخ الذى أتت منه بذرة تحمل جسدا جديدا هو عملها ، وللأرض المادية ستة برازخ . بقيام الساعة تلقى الأرض بما كانت تحمله من ( بذور ) أو ( أنفس ) تكون مقبورة فى قبور ( اجداث ) برزخية ، تلقى بذورنا وتتخلى عنا وتتدمر لتأتى أرض خالدة وسماوات خالدة : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ). بالبعث ثم بالحشر نبرز ونتوجه الى لقاء الرحمن جل وعلا يوم الحساب . قال جل وعلا : (  إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6)  الانشقاق ) .

5 ـ هناك إنفجاران . الأول بتدمير العالم ، والتالى بالبعث . قال جل وعلا :

5 / 1 : ( مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)  يس )

5 / 2 : (  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)  الزمر )

6 ـ فى تصوير بعث الأنفس جماعات قال جل وعلا :

6 / 1 : ( فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) يس ) . ( ينسلون ) كما لو كانت الأرض البرزخية حُبلى بهم ، يتناسلون منها .

6 / 2 :  ( خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) القمر ). تخرج الأنفس من قبورها البرزخية تطير منتشرة ، كأنها جراد منتشر .

6 / 3 : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) المعارج ). تخيل المواشى البشرية وهى تذهب جماعات الى القبور المقدسة فى المدينة وكربلاء والقاهرة وغيرها ، يذهبون سراعا فى جماعات وهم فى سرور وشوق ، هو نفس الحال فى البعث ، الخروج من الأجداث سراعا ولكن فى ذلة ومذلة لا يملكون إلا الخضوع والخشوع .

 6/ 4 : وهذه هى ( القارعة )، وهذا معنى ( القارعة ( : ( الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) القارعة ) .

أخيرا

1 ـ ماذا أعدّ المحمديون لهذا اليوم ؟ أعدٌّوا البخارى وأساطير الشفاعة .!!

2 ـ كل عام وأنتم ..كما أنتم .! 

اجمالي القراءات 2364