إن داعاة الديمقراطية في مصر لا زالوا يعانون من المرارة نتيجة مطالبتهم بالديمقراطية ، و لكنهم لا زالوا يعملون في السر و العلن و كلهم أملآ في أن تنعم مصر في يوم ما بالديمقراطية ، و لكن بعد أن تصل مصر إلى الديمقراطية المنشودة و أنا لا أعرف متى سيحدث هذا فقد يكون بعد عام و قد يكون بعد عامين و قد يكون بعد 100 عام أو أكثر ! لكن ستظل في مصر حريات أيضآ مكبوتة ، و هي الحرية بمعنى الكلمة ، و لكنها هذه المرة مقيدة بسلوكيات متخلفة و هي تخص الشعب و لا تخص الحكومة فقط !
فمن قريب تم إتهام فنان مصري بالشذوذ الجنسي و معه فنانون آخرون ، و اليوم نجد نزاعآ بين شخصيتين معروفتين إعلاميآ أحدهما رياضي و الآخر محامي ، و المحامي يقول أنه يملك تسجيل فيديو لخصمه الرياضي يحمل فضائح جنسية .
و هذه ليست أمور جديدة على الواقع المصري فبالأمس وزعت سيديهات لرجل أعمال معروف مع إحدى الفنانات ! و المؤسف في الأمر هو سلوك الشعب نفسه فالناس تتبارى على السرعة في الحصول على تلك التسجيلات الفاضحة ، و من الأمور المضحكة أن الصحف التي تتحدث عن الفضائح الجنسية هي الأكثر مبيعآ !
و العجيب أن ترى الفقير الذي لا يجد قوت يومه و الغني الذي يساوي الوقت له مكاسب مالية يسعيان لرؤية هذه الفضائح أو يسعيان لمعرفة ما تم نشره من فضائح ! و إجمالآ كل ما يمس عورات الآخرين ، و هذا حقآ أمر حقير تنهى عنه كافة الأديان و المعتقدات ، و نتساءل ماذا يستفيد من يشاهد أو يتتبع عورات الآخرين ؟ و ماذا يستفيد من يشهر بالآخرين و يقوم بالتصوير أو التسجيل الصوتي أو المرئي ؟
إنها جميعآ أعمال حقيرة و وضيعة و أنا هنا لا أستثني الدولة في هذه المسألة المؤلمة ، فبالامس تسربت سيديهات فاضحة لأحد رجال الأعمال و كانت هذه السيديهات ضمن أحراز النيابة العامة في قضايا تخص ذلك الرجل فكيف خرجت هذه الأحراز من سراي النيابة ؟
إن التهديد بالصور أو بالتسجيلات الصوتية أو بالمرئية لهو أحط أنواع الخصومة و هي أساليب وضيعة ، ساعد على إنتشارها ثقافة شعب متخلفة ، و هي تفتح باب لخراب البيوت و إنهيارها ، و تفتح باب لإنتشار الدعارة و ترويجها و تفتح باب للذل و الإنكسار لمن يقعون و العياذ بالله تحت طائلة عقابها !؟
و أنا هنا لا أدافع عن أحد و لا أدافع عن الرذيلة و لا أدافع عن أي سلوك مشين ، و لكني أدافع عن حق من حقوق الإنسان حق كفله الله للإنسان ، فكل إنسان حر يفعل ما يشاء و عقابه عند الله ، و الله ستار على عباده فكيف لعباده أن يفضحوا ما ستره الله ؟ إن مروجي هذه الثقافات المنحطة و من يقفون ورائها لهم أحق بالعقاب و المساءلة و ليس من ظهروا في الصور أو التسجيلات صوتية كانت أو مرئية ، و عقابهم يجب أن ينبع أولآ من سلوك الشعب نفسه بنفر تلك الأساليب و رفض مشاهدتها حتى لو أتيح للشعب ذلك ، يجب أن لا يروج الناس لمثل تلك الأساليب ، فجميعنا نعيش في مجتمع لو إنتشرت فيه مثل تلك الأساليب المنحطه لسقط المجتمع سقطة لن يقوم منها إلا بعد مئات السنين ، ذلك لأن الجميع يقدس الأسرة و يحترم قيمها ، و جميعنا له صلات قرابة بالنساء فإن لم تكن أمه فهي أخته أو زوجته أو إبنته ، فكيف يسمح شخص لنفسه أن يشاهد أخت صديقه في وضع جنسي في حين أنه لا يقبل ذلك على أخته ؟ و كيف يأمن الزوج أو الزوجة على نفسيهما من بعضهما البعض و كلاهما يستطيع تصوير الآخر في أوضاع جنسية قد يحتفظون بها لإستخدامها لو تطلب الأمر ذلك ؟ و كيف يأمن المشاهير على انفسهم في مجتمع مثل المجتمع المصري يرفع و يقدس الفضائح فتصرفاتهم ستكون مقيدة إلى أبعد درجة خوفآ من أي صورة قد تؤخذ و تنشر ؟
رباه أنجدنا و أنجد أمتنا من هذه الجائحة فلو تمادت مات مجتمعنا و إنهارت قيمنا ، و العجيب أن من يشاهد مثل تلك الفضائح يقول لا حول و لا قوة إلا بالله إنهم قوم فاسقون ، و الحقيقة أنه أول الفاسقين الضائعين لأنه سمح لنفسه أن يشاهد عورة غيرة !
ما أريد أن أقوله لكل من يقرأ مقالي هذا حاربوا كل من يروج لفضيحة الغير بدون وجه حق ، و لا تروجوا لأي فضيحة جنسية لأي إنسان حتى و لو كان أسوأ خلق الله ، و لو شعرتم بميل لمشاهدة عورات غيركم فإني أرجوكم أن تضعوا أنفسكم مكان من تريدون مشاهدة عورته أو تقرؤن عن فضائحه ، و أسألوا أنفسكم هل تقبلون ذلك على أنفسكم أو أبنائكم أو أزواجكم أو أولادكم أو آبائكم أو أحبابكم ! هل تقبلون أن يشاهد غيركم عوراتكم ؟ عودوا إلى الله و انظروا إلى أحوالكم و مستقبلكم و مستقبل أبنائكم و لا تتبعوا عورات غيركم .
و على الله قصد السبيل