بعد خروج منتظر الزيدي من محبسه هل يستحق أن يكون بطلآ ؟

شادي طلعت في الأربعاء ٣٠ - سبتمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

واقعة منتظر الزيدي و قذفه الرئيس الأمريكي بالحذاء واقعة تستوجب الرصد و التحليل ، لأسباب لو تأملنا في معانيها و تفادينا سلبياتها و أخذنا بإيجابياتها لتغيرنا بكل تاكيد للأفضل ، و قد يتساءل البعض لماذا و كيف ؟

و قبل الإجابة أود أن أقول أنني كنت أود أن أكتب عن الواقعة منذ حدوثها ، و لكن منعني من الكتابة أنني لم أسمع دفاع منتظر الزيدي ، و خشيت أن أكون متجنيآ عليه لرفضي أي أسلوب آخر غير إسلوب الحوار ، و لكن بعد خروج الزيدي من محبسه و سرده للواقعة بقناة الجزيرة وجدت نفسي أزددت إصرارآ بالكتابة عن الواقعة و كذلك بالكتابة عن منتظر الزيدي و أيضآ بالكتابة عن العرب و طبعآ بالكتابة عن الولايات المتحدة الأمريكية و التي هي طرف أساسي في الواقعة ، و لنبحث سويآ في أسباب الواقعة و لنبحث أيضآ الدروس المستفادة من خلال 4 تساؤلات :

 

أولآ / لماذا قام الزيدي بالتعبير عن رأيه بهذا الشكل الغير متحضر و البعيد عن الحوار ؟

من وجهة نظر الزيدي الواقعة تعبير عن إحتجاجه مع أنه شخص يؤمن بالحوار كما قال في لقاءه بالجزيرة ، و لكنه بحكم مهنته كصحفي و مراسل لأحد القنوات و عمله كمصور أحيانآ ، إستطاع أن يشاهد ما لا يستطيع و لا يحتمل أيآ منا مشاهدته من مناظر تقشعر لها الأبدان ! و تأبى النفس أن تراها و إن رأتها فإنها لا تنساها ، فها هو الزيدي يعيش في جو من الرعب النفسي فالرؤس المهشمة و الأطفال القتلى و النساء الأرامل و البنات المغتصبات و مليون شهيد منذ إحتلال العراق ، كلها أمور تذهب العقل ! و تميت القلب و تجعل من الضعيف قوي يبحث عن الثأر و الإنتقام و هي حالة أعتقد أنها قد أصابت العديد ممن كانوا في نفس موقف منتظر الزيدي و نفس مهنته التي يسرت له رؤية ما ذكرناه ، و في النهاية أجد نفسي أحترم الزيدي على رد فعله و قذفه للرئيس الأمريكي بحذائه تعبيرآ منه عن رفضه للوجود الأمريكي .

 

ثانيآ / رد فعل الشارع العربي على الواقعة ؟

كان رد فعل الشارع العربي على الواقعة متعاطفآ جدآ مع الزيدي و ما أقدم عليه ، بل ظلوا شهورآ يتحدثون عنه و عن قصته البطولية و إعتبروه بطلآ أعاد و إسترد للعرب كرامتهم و ردد بعض العرب أن حذاء الزيدي فوق رؤسهم !

و كان هذا على مستوى الشارع العربي و أيضآ على المستوى السياسي خاصة من الدول العربية التي أذاقت أمريكا زعمائها الديكتاتورين صنوفآ متعددة من الذل و إمتهان الكرامة أمام شعوبهم المغلوبة على أمرها ! و لكن على المستوى السياسي العراقي ماذا فعلوا مع الزيدي ؟ لقد كان رد الفعل السياسي و التابع للنظام الحاكم العراقي عنيفآ جدآ في التعامل مع الرجل فقد أذاقوه أشد أنواع العذاب ، لدرجة أن الزيدي و هو يسرد ما حدث معه قال .. ما فعله معي صهاينة العراق تجاوز ما يفعله صهاينة إسرائيل مع الفلسطينين ! و هذا في حد ذاته مصيبة فالحكام العرب قسوتهم على شعوبهم تفوق قسوة المحتل فهم لا يعرفون الإنسانية و لا يعرفون الرحمة ! و لا يهمهم في النهاية إلا إرضاء الولايات المتحدة الأمريكية فقط حتى و لو كان على حساب الشعوب المسلوبة الحرية و الإرادة !

 

ثالثآ / ما هو رد الفعل الأمريكي على واقعة الزيدي و الرئيس الأمريكي ؟

قابل بوش الواقعة بعد أن تمكن العرب من الإمساك بالزيدي بإبتسامة قائلآ هذا ثمن الحرية ! و لم تشغل الواقعة أذهان الشعب الأمريكي أو أذهان الشعوب المتحضرة و السؤال هو لماذا ؟ و الإجابة لأن أمريكا و الشعوب المتحضرة دول قامت على الديمقراطية و الرئيس فيها ليس إله يعبد و لا حاكم يملك شعبه ، بل هو شخص من الشعب لو صلح أمره إستمر و لو خرج عن حدود المألوف قوموه و إن إستمر أقالوه ، و الواقعة تحدث في أمريكا بشكل مستمر قد لا تكون بقذف الأحذية و لكنها تكون أشد من ذلك !

و من هنا وجدت نفسي أحترم الشعب الأمريكي و أحترم تلك الدولة الديمقراطية و التي يحكمها باراك أوباما الآن و هو من قوم كانوا مضطهدين من قبل ! و إحترمت تلك الدولة أكثر بعدم تدخلها في الحكم على منتظر الزيدي ، و زاد إحترامي لها أكثر بعد أن سمعت الزيدي و هو يسرد ما حدث معه بعد الواقعة و هو يقول .. و ظل الضرب على رأسي و على جسدي من كل إتجاه من العرب العراقيين ! و لم يتوقفوا عني إلا بعد أن أتى الحرس الخاص بالرئيس الأمريكي و أمر العرب العراقيين بالتوقف عن الضرب ! و ما ساء الزيدي أكثر هو السمع و الطاعة ممن كانوا يضربوه للأوامر الأمريكية و كفهم عن ضربه !

 

رابعآ / هل يعتبر الزيدي بطلآ عند العرب في الوقت الحاضر ؟

الإجابة نعم و سيظل بطلآ لسببين أولآ أنه عربي و العرب لا يعرفون الديمقراطية و ثانيآ لأن الواقعة كانت ضد الرئيس الأمريكي و أمريكا بلد يحترم الديمقراطية .

 

و حتى لا أنتقص من شأن منتظر الزيدي فإنني حقآ أقدم إليه التحية لأنه عبر عن رأيه في ظل حكم عربي ديكتاتوري ، و فكرة تصفيته جسديآ كانت قائمة إلا أنه إستطاع أن يعبر عن رأيه ، كما أنني أقدم إليه التحية نظرآ لصدقه و إخلاصه و هذا ما إتضح بعد خروجه من محبسه .

 

و لكن في النهاية أقول إن قذف بوش بالحذاء ليس حلآ و الفارق بين العرب و بين الشعوب المتحضرة في سلوكياتها مئات السنين ! و لن نخطوا خطوة إلى الأمام إلا بعد أن نصلح من أنفسنا .

 

 

اجمالي القراءات 10562