يقترب مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي من الدخول حيز التشغيل، بوصفه أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية الهادفة إلى تعزيز استقرار المنظومة الكهربائية الوطنية، وفق ما كشفه مسؤول في وزارة الكهرباء العراقية لـ"العربي الجديد".
ويأتي هذا التطور بعد سنوات من المباحثات الفنية والسياسية، واستكمال مراحل متقدمة من البنى التحتية والتجارب التشغيلية، تمهيداً لبدء تزويد العراق بالطاقة، عبر شبكة إقليمية موثوقة. ويكتسب المشروع أهمية خاصة لكونه يشكل خطوة عملية نحو تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على الاستيراد من مصدر واحد، فضلاً عن دوره في سد جزء من فجوة الطلب المتزايد، لا سيما خلال ذروة الأحمال في فصل الصيف.
وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، لـ"العربي الجديد"، إن نسبة إنجاز مشروع الربط الكهربائي الخليجي مع العراق بلغت أكثر من 95%، والعمل مستمر لإكمال ما تبقى من المشروع بهدف دخوله حيز التنفيذ في النصف الأول من عام 2026.
ووفق موسى فإن العراق على تواصل دائم مع دول الخليج من أجل الإسراع في إطلاق هذا المشروع الحيوي، مشيراً إلى اجتماع عُقد مؤخراً في البحرين بين وفد وزارة الكهرباء العراقية وممثلين عن دول الخليج، جرى خلاله بحث آليات تشغيل الربط، وسبل تصدير الطاقة الكهربائية إلى العراق، مع استعراض التحضيرات التشغيلية، ومراجعة عقود التشغيل المزمع توقيعها، إلى جانب تقديم عروض مرئية تناولت طبيعة الشبكات الكهربائية لدى الطرفين، والأطر الأولية لعقود شراء الطاقة.
وأضاف أن العراق دخل مرحلة جديدة في مجال الربط الكهربائي الإقليمي، على غرار ما تطبقه دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، في إطار السعي لتحقيق التكامل في منظومات الطاقة، وتبادلها بين الدول، مؤكداً أن الربط سيساهم في استقرار منظومة الكهرباء، ويحقق فائدة فنية مهمة للشبكة الوطنية، فضلاً عن كونه خطوة استراتيجية لدمج العراق، ضمن سوق الطاقة الإقليمي، وتوسيع قدرته على تبادل الكهرباء مع دول الجوار والمنطقة.وختم موسى قوله إن القضايا الفنية وغيرها تجري بانسيابية عالية ما بين العراق وهيئة الربط الكهربائي الخليجي، ولا توجد معرقلات تؤخر إنجاز هذا المشروع، والعمل يجري لدخوله حيز التنفيذ في النصف الأول من عام 2026، ليكون عاملاً مهماً ومساعداً في استقرار منظومة الطاقة، خاصة في فصل الصيف.
ويواجه العراق أزمة طاقة مزمنة منذ ما يزيد عن 20 عاماً، وتعمل وزارة الكهرباء على عدد من المشاريع لحل الأزمة، من بينها مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، عبر التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة. وبلغ إنتاج العراق من الكهرباء العام الماضي 24 ألف ميغاواط، بينما يبلغ حالياً 25 ألف ميغاواط، ويصل العجز إلى نحو 14 ألف ميغاواط تقريباً، مما يضطر الحكومة العراقية إلى التقنين عبر قطع التيار الكهربائي لساعات معينة. ويستورد العراق حالياً ما بين 33% إلى 40% من احتياجاته من الكهرباء والغاز من إيران، لكنه لا يزال يعاني من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، خاصة في أشهر الصيف.
من جهته، قال الخبير العراقي في شؤون الطاقة، أحمد عسكر، لـ"العربي الجديد"، إن مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج يمثل تحولاً نوعياً في مسار التعاون الإقليمي بقطاع الطاقة، وهذا المشروع لا يقتصر على معالجة جانب فني يتعلق بتوفير الكهرباء، بل يعكس بعداً اقتصادياً واستراتيجياً بالغ الأهمية للعراق والمنطقة ككل.وبحسب عسكر فإن الربط يساهم بشكل مباشر في تعزيز موثوقية المنظومة الكهربائية الوطنية، وتقليل فجوات العجز خلال فترات الذروة، ولا سيما في فصل الصيف، عبر تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على مصدر واحد، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على استقرار التجهيز واستدامته.
وأضاف أن الأهمية الاقتصادية للمشروع تكمن في خفض كلف الإنتاج والتشغيل على المدى المتوسط، وتحسين كفاءة إدارة الطاقة، فضلاً عن خلق بيئة جاذبة للاستثمار في القطاعات الصناعية والخدمية، خاصة أن توفر الكهرباء المستقرة يعد أحد المرتكزات الأساسية لأي نمو اقتصادي حقيقي.
وتابع أن الربط يعكس رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز التكامل الإقليمي، وفتح آفاق جديدة للتعاون، وهذا النوع من المشاريع يرسخ الشراكات طويلة الأمد، ويعزز الثقة المتبادلة. وأكد عسكر أن المشروع يمثل خطوة متقدمة نحو الاندماج في منظومات الطاقة الإقليمية، بما ينسجم مع توجهات التحول نحو الطاقة المستدامة، ويمنح العراق مرونة أكبر في التخطيط المستقبلي لمنظومة الكهرباء.