احتفت صحف وقنوات مصرية تتبع شركة المتحدة للخدمات الإعلامية (مملوكة للمخابرات العامة)، اليوم الأربعاء، بفوز عدد من رموز "المعارضة الشكلية" من الجولة الأولى في انتخابات المرحلة الثانية من مجلس النواب وفق النتائج التي أعلنتها اللجان العامة في المحافظات، وفي مقدمتهم رئيس حزب العدل عبد المنعم إمام، وضياء الدين داوود، وأحمد فرغل، وإسلام قرطام.
وكما حدث في المرحلة الأولى من الانتخابات، استحوذت أحزاب مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية، التي تقود قائمة انتخابية مدعومة من أجهزة الدولة الأمنية باسم "من أجل مصر"، على حصة الأسد من مقاعد النظام الفردي سواء بحسمها من الجولة الأولى، أو بخوض مرشحيها جولة الإعادة. فيما حصدت القائمة جميع مقاعد نظام القوائم المغلقة، بعد ترشحها منفردة في جميع الدوائر بالمرحلتين الأولى والثانية.
وكشف إعلان النتائج الأولية عن نسب مشاركة هزيلة في كثير من اللجان الفرعية، التي لم تتعد نسبة 5% في بعض اللجان، رغم محاولات المرشحين المستميتة حشد الناخبين بكافة السبل، واستمرار ظاهرة شراء الأصوات في محافظات المرحلة الثانية، التي جرت على مدى يومين في 13 محافظة هي القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وشمال سيناء، وجنوب سيناء.ومن الجولة الأولى، حسم مرشحا حزب مستقبل وطن أبانوب عزت ومحمد راضي مقعدي دائرتي الساحل وروض الفرج في شبرا، على الترتيب. وفاز الأول بفارق كبير على حساب منافسه الأقرب النائب السابق عمرو الجوهري، نجل عضو مجلس الشورى السابق عن الحزب الوطني المنحل سعد الجوهري، والثاني على حساب مرشحة حزب الإصلاح والنهضة مونيكا مجدي.
وألقت أجهزة الأمن القبض على والدة مونيكا وشقيقتها، قبل إخلاء سبيلهما من قسم شرطة روض الفرج بعد 12 ساعة من الاحتجاز التعسفي، على خلفية نشرها العديد من الفيديوهات عبر صفحتها على فيسبوك، التي توثّق فيها عمليات شراء الأصوات لصالح منافسها ضابط الشرطة السابق محمد راضي، نجل النائب الراحل عن الحزب الوطني عبد الرحمن راضي.
وقالت مونيكا، في فيديو نشرته عقب الإعلان عن فوز راضي: "لكل من يحتفل الآن بالفوز في دائرة روض الفرج، أؤكد لكم أنه فوز مزور، ومليء بالبلطجة والترويع وكل أشكال الظلم الذي تعرضنا له كمرشحين. هذا احتفال بأرقام وأصوات وهمية لم تدخل لجان الاقتراع من الأصل، وسأتقدم بشكوى إلى الهيئة الوطنية للانتخابات تتضمن جميع المخالفات في الدائرة".
وأبانوب وراضي من أبرز المتورطين في اعتداءات نقابة المهندسين التي تعود إلى عام 2023، حين اعتدى أنصار حزب مستقبل وطن على عدد من المهندسين بالضرب بإيعاز من أجهزة الأمن، في أثناء انعقاد جمعيتهم العمومية غير العادية المخصصة للتصويت على سحب الثقة من النقيب الحالي طارق النبراوي.
ووثقت مقاطع فيديو وصور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قيادة أبانوب وراضي (آنذاك) لعدد كبير من "البلطجية" الذين اعتدوا على المهندسين المؤيدين للنبراوي، بعدما سمح أفراد الأمن بدخولهم إلى مقر التصويت، وتحطيم صناديق الاقتراع، وتمزيق ما بها من بطاقات، بعد إظهار النتائج رفض الغالبية الكاسحة من المصوتين سحب الثقة من النقيب.
وفي دائرة الزاوية الحمراء (مقعدان)، حسم النائب الحالي أمين مسعود، رئيس مجلس إدارة مجموعة الأشراف للتطوير العقاري، النتيجة لصالحه من الجولة الأولى ليمثل الدائرة للدورة الثالثة على التوالي، وهو أحد أشهر المرشحين المتورطين في وقائع الرُّشا الانتخابية، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو متداولة، منها فيديو للأهالي أثناء التحفظ على أحد مندوبيه، وهو يحمل حقيبة مليئة بالأموال، لتوزيعها على الناخبين أمام إحدى لجان الاقتراع.
وفي دائرة حدائق القبة (مقعد)، حصل مرشح حزب مستقبل وطن أحمد جعفر، وحزب المؤتمر سعيد الوسيمي، على أعلى الأصوات ليخوضا جولة الإعادة. أما في دائرة مدينة نصر فحسم أحمد إبراهيم البنا عن مستقبل وطن، ويوسف حسن رشدان (حماة الوطن)، وأحمد فتحي (الجبهة الوطنية)، مقاعد الدائرة الثلاثة بعد تحالفهم سوياً.
وفي دائرة التجمع الخامس (مقعدان)، فاز عبد المنعم إمام من الجولة الأولى، الذي كون تحالفاً انتخابياً ثنائياً مع مرشح مستقبل وطن رجل الأعمال محمد الحناوي. واحتفل إمام مع أنصاره في مقر حملته الانتخابية، وهو عبارة عن فيلا مملوكة لأحد الأجهزة السيادية بشارع التسعين في منطقة القاهرة الجديدة، وقد منحها إلى حزب العدل، الذي يروج إلى أنه "معارض"، في مارس/آذار من العام الماضي.
وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشف "العربي الجديد" عن كواليس قرار مستقبل وطن إخلاء عدد من الدوائر الفردية من مرشحي الحزب، بهدف تسهيل فوز مجموعة من رموز المعارضة "الشكلية" تحت قبة البرلمان، وهو ما تحقق بالفعل وفقاً للنتائج الأولية التي أعلنت عنها اللجان العامة في محافظات المرحلة الثانية.
ومن أبرز هؤلاء النائب المستقل عن دائرة كفر البطيخ بمحافظة دمياط ضياء الدين داوود، وأحمد فرغل عن دائرة المناخ والزهور في محافظة بورسعيد، اللذين فازا من الجولة الأولى، وأحمد الشرقاوي عن دائرة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وأحمد بلال البرلسي مرشح حزب التجمع عن دائرة المحلة الكبرى بالغربية، اللذين وصلا إلى جولة الإعادة في الدائرتين.
كذلك، فاز من الجولة الأولى عن دائرة البساتين ودار السلام بالقاهرة مرشح حزب المحافظين إسلام قرطام، نجل رئيس الحزب أكمل قرطام، إثر دخوله في تحالف ثلاثي على مقاعد الدائرة مع مرشح مستقبل وطن محمود الشيخ، وحماة الوطن علي عبد الونيس، بما يتعارض مع تشكيل حزبه تحالفاً انتخابياً "معارضاً" مع حزب الدستور باسم "الطريق الحر".وفي دائرة مصر القديمة، فاز المرشح المستقل طاهر الخولي، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة سابقاً، بمقعد الدائرة من الجولة الأولى، والذي عمد حزب مستقبل وطن إلى إخلاء الدائرة لمصلحته. وكان منافسه المرشح أحمد موهوب قد وثق -في بلاغ رسمي- توظيف الخولي لجمعية "نسائم مصر الخيرية" بمنطقة المنيل في عملية شراء الأصوات، وتوزيع الأموال في الجمعية على الناخبين بعد انتهائهم من التصويت مقابل 300 جنيه. (الدولار = 47.87 جنيهاً).
فيما خسر مرشح حزب المحافظين طلعت خليل، الذي يشغل منصب المنسق العام للحركة المدنية الديمقراطية، بفارق كبير أمام منافسه مرشح مستقبل وطن أحمد خشانة في دائرة محافظة السويس. وأخلت النيابة العامة سبيل خليل وشقيقته بكفالة عشرة آلاف جنيه لكل منهما، بعد احتجاز دام عدة ساعات بسبب تقدم رئيس لجنة فرعية بمذكرة قانونية ضدهما، ومطالبته قوات الأمن بـ"التحفظ عليهما"، بعد اتهامهما له بـ"تعطيل عمل اللجنة لفترة طويلة من دون سند من القانون".
أيضاً خسر رئيس نادي الزمالك السابق، المرشح المستقل مرتضى منصور، الانتخابات عن دائرة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، ومن المقرر أن تجرى الإعادة على مقعدي الدائرة بين أربعة مرشحين مستقلين، بعد خسارة مرشح مستقبل وطن رجل الأعمال أحمد الألفي. وبذلك يكون الأخير أول مرشح يخسر عن الحزب رسمياً منذ بداية المرحلة الأولى من الانتخابات الشهر الماضي.
وتتلقى اللجان العامة الطعون الانتخابية من المرشحين خلال 24 ساعة من إعلان الحصر العددي، تمهيداً لإرسالها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التي تفصل فيها خلال 24 ساعة أخرى، مع إخطار مقدم الطعن بنتيجة القرار في الموعد نفسه. وحددت الهيئة الثلاثاء الموافق 2 ديسمبر/كانون الأول المقبل موعداً لإعلان النتيجة الرسمية للمرحلة الثانية، بدعوى إتاحة المجال للانتهاء من أعمال الفرز، وتجميع الكشوف، وإضافة أصوات المصريين في الخارج.