مصر: تضامن حقوقي مع المحامي أسامة الششتاوي بعد اعتقاله

في الخميس ١٣ - نوفمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

تشهد الأوساط القانونية والحقوقية في مصر حالة من الغليان والتضامن الواسع عقب اعتقال المحامي بالنقض والمرشح السابق لمنصب نقيب المحامين، أسامة فتحي الششتاوي، وصدور قرار من نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية رقم 844 لسنة 2025، بتهمٍ تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون" و"نشر أخبار كاذبة". اعتقل الششتاوي في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالقرب من منزله، في منطقة النزهة الجديدة بالقاهرة، بواسطة قوة أمنية يُعتقد أنها تابعة لجهاز الأمن الوطني، وفق ما أفادت به مصادر حقوقية.

وأُفيد بأن الششتاوي تعرض أثناء احتجازه للسب والضرب خلال التحقيق، قبل أن يُعرض على نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه احتياطياً. وكان الششتاوي أثار قبل يومين من اعتقاله قلقاً واسعاً في صفوف زملائه، بعدما نشر عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك بلاغاً قال فيه إن "مجهولين يراقبونه منذ أيام"، موضحاً أن بعض سكان المنطقة أبلغوه بأن أشخاصاً يحملون صورته ويسألون عنه. وأضاف في البلاغ، الذي دوّنه بخط يده، أنه يشعر بأن حياته "باتت مهددة بالخطر" وأنه "سيحمل الجهات المسؤولة كامل المسؤولية عمّا قد يتعرض له". ورغم تحذيراته تلك، اختفى الششتاوي في ظروف غامضة بعد يومين فقط، قبل أن تؤكد مصادر قانونية مساء الأربعاء أنه جرى التحقيق معه أمام نيابة أمن الدولة.

وأثار قرار الحبس ردود فعل قوية داخل نقابة المحامين، حيث أصدر عدد من أعضاء مجلس النقابة ومحامون بارزون بيانات تضامن مع الششتاوي، معتبرين أن ما جرى يمثل "تعدياً خطيراً على المهنة واستقلالها". وقال عمرو الخشاب، عضو مجلس النقابة العامة، في بيان نُشر عبر صفحاته الرسمية: "تم تقديم بلاغ للنائب العام بشأن كافة الانتهاكات التي تعرض لها الزميل أسامة الششتاوي. كل الشكر للأستاذ نبيه الجنادي الذي حضر التحقيق وحمل الأمانة. نقابة المحامين تمرض ولا تموت، ووحدتنا هي السند. كفى قبضاً وتعدياً وظلماً، فالمحامون سيظلون رجالاً في وجه الانتهاك".

وفي السياق ذاته، كتب المحامي الحقوقي محمد رمضان تعليقاً على الواقعة: "أصبحت فئة المحامين أكثر الفئات عرضة للاعتقال. كان المحامي صمام الأمان لموكليه، واليوم صار عليه أن يخشى الدفاع عن موكله فيزج به في السجن. لقد جعلوا من مهنة المحاماة جريمة". كما أصدرت منظمة عدالة لحقوق الإنسان بياناً عبّرت فيه عن قلقها البالغ إزاء استمرار استهداف المحامين، معتبرةً أن القبض على الششتاوي "يشكل انتهاكاً واضحاً لحرية الرأي والتعبير وحق المواطنين في التضامن السلمي".
وجاء في بيان المنظمة: "تم القبض على الأستاذ أسامة الششتاوي بعد نشره منشورًا عبّر فيه عن تضامنه مع محامٍ مصري تعرض للاعتداء داخل الحرم المكي، ودعا زملاءه إلى التحرك لمناصرته. إن ما جرى يمثل تصعيدًا ضد الأصوات المهنية المستقلة واستخدامًا مفرطًا لقضايا الإرهاب لتقييد حرية التعبير". وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عن الششتاوي وضمان سلامته الجسدية والقانونية، داعيةً السلطات المصرية إلى احترام استقلال مهنة المحاماة ووقف الملاحقات الأمنية بحق المحامين والحقوقيين.

كما أصدرت لجنة الدفاع عن سجناء الرأي بياناً أعربت فيه عن "بالغ إدانتها واستنكارها" لما وصفته بـ"الاعتقال التعسفي" للمحامي الششتاوي، مؤكدة أن الاتهامات الموجهة إليه "واهية وفضفاضة" وتستهدف إسكات الأصوات الحرة. وقالت اللجنة في بيانها: "ما يتعرض له الأستاذ أسامة الششتاوي هو اعتداء صارخ على حرية الرأي والتعبير وعلى استقلال مهنة المحاماة، التي تمثل ركيزة أساسية في صون العدالة وسيادة القانون. استخدام تهم الإرهاب والأخبار الكاذبة أصبح وسيلة لإسكات كل رأي مستقل". وطالبت اللجنة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، داعية نقابة المحامين وجموع المحامين في مصر إلى الدفاع عن زميلهم وعن كرامة المهنة واستقلالها.وشارك في المتابعة القانونية للواقعة عدد من المحامين البارزين، من بينهم نبيه الجنادي، الذي حضر التحقيق مع الششتاوي، بالإضافة إلى نور نوري، عمرو الخشاب، خالد السني، ممدوح حافظ، ومحمد بكر. وقد تقدم بعضهم ببلاغ رسمي بشأن اختفاء زميلهم قبل ظهوره أمام النيابة. ولم تُصدر نقابة المحامين حتى الآن بياناً رسمياً حول القضية، رغم تزايد الدعوات داخل أوساطها لاتخاذ موقف واضح إزاء ما وُصف بأنه "تعدٍّ سافر على كرامة المهنة".

وتحولت قضية الششتاوي إلى رمز لحالة التوتر المتصاعدة بين السلطة التنفيذية والمجتمع القانوني، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار اعتقال المحامين إلى إضعاف استقلال القضاء وتقويض الثقة في العدالة. وأعادت القضية ملف استهداف المحامين في مصر إلى الواجهة، والذي سبق أن تناولته منظمات دولية عدة، أبرزها اللجنة الدولية للحقوقيين التي نددت في تقارير سابقة بما وصفته بـ”الهجمات المنهجية ضد المحامين”، مشيرةً إلى استخدام قوانين الإرهاب والأخبار الكاذبة كأدوات لملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان. وتؤكد منظمات حقوقية مصرية ودولية أن هذه السياسات “تهدد بنسف مبدأ سيادة القانون”، لأن المحامين يمثلون خط الدفاع الأول عن العدالة وحقوق المواطنين، ولا يمكن تصور نظام قضائي عادل في ظل تجريم أداء المحامي لمهنته.