بعد أن اتهمتها عمتها في سن الـ13 بأنها ساحرة مسؤولة عن مصائب الأسرة، فرت "فايث" من منزلها الريفي في ولاية أكوا إيبوم جنوبي نيجيريا، بعدما حرمت من الطعام لأيام.
واليوم، وهي في الـ19 من عمرها، تدرس تكنولوجيا المختبرات العلمية في معهد تقني بمدينة إيكيت، وتحلم بأن تصبح طبيبة.
تغير مصير فايث بعد أن قطعت سيرا على الأقدام مسافة 20 كيلومترا بلا طعام، لتصل إلى مركز إيواء تديره شبكة إنقاذ الأطفال وإعادة تأهيلهم (كرارن)، المعنية بمساعدة الأطفال المتهمين بالسحر.
فتى اتهمته والدته بالسحر يكتب على السبورة خلال نشاط صفي في مدينة إيكيت النيجيرية (رويترز)
وتقدر المنظمة أن أكثر من 30 ألف طفل نيجيري واجهوا مثل هذه الاتهامات خلال العقدين الماضيين، رغم وجود قوانين تحظر إساءة معاملة الأطفال بسبب مزاعم السحر.
وقال إيما إيتاوما، مدير البرامج في كرارن "حين يتهم الطفل بالسحر، غالبا ما يضرب ويهمل ويترك في الشوارع. نحن ننقذهم ونمنحهم فرصة للتعلم".
تنتشر هذه الظاهرة بشكل خاص في ولايات الجنوب الساحلية مثل أكوا إيبوم وكروس ريفر، حيث تسود المعتقدات التقليدية التي تربط المصائب بالقوى الخارقة، إلى جانب تأثير بعض القساوسة والمشعوذين الذين يزعمون قدرتهم على "طرد الأرواح الشريرة" مقابل المال.
واجب مدرسي للطلاب المتهمين بالسحر في مقر شبكة حقوق الطفل وإعادة التأهيل بمدينة إيكيت (رويترز)
ورغم جهود التوعية، لا تزال المشكلة قائمة. وتقول منظمات مثل "شبكة التوجيه المجتمعي للأطفال المشردين" ومؤسسة "الطريق إلى الشعوب" إن التعليم هو السبيل لبناء مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال.
وتوفر هذه المنظمات، التي تعتمد جزئيا على التمويل الذاتي، الغذاء والمأوى والتعليم.
ومنذ عام 2003، ساعدت كرارن نحو 200 طفل متهم بالسحر على الوصول إلى التعليم العالي.
وقالت أنيتا مايكل، مؤسسة شبكة التوجيه المجتمعي للأطفال المشردين "حين يتعلم الطفل القراءة والكتابة والتفكير، يكتسب قوة الاختيار".
أطفال تأثروا بوصمة السحر يعملون على واجب مدرسي في مقر شبكة حقوق الطفل وإعادة التأهيل بمدينة إيكيت (رويترز)
ورغم أن الاتهامات تطلق غالبا داخل الأسر أو أثناء طقوس دينية، فإن القليل من المؤيدين لهذه الممارسات يبدون استعدادا للحديث عنها علنا. ورفض قس في إيكيت التعليق، في حين تجاهل آخر بارز الاتصالات بشأن القضية.
وقال ليوناردو سانتوس، المؤسس المشارك لمنظمة "واي تو ذا نيشنز" (الطريق إلى الشعوب)، إن التقدم بطيء رغم سنوات من المناصرة، وإن الاتهامات لا تزال تتكرر.
سكن التلاميذ الذي اتهمتهم أسرهم بالسحر بمدينة إيكيت النيجيرية (رويترز)
في مركز كرارن، روى طفل يبلغ 13 عاما كيف اقتادته والدته إلى الأدغال في سن التاسعة وهاجمته بساطور، مما تسبب في جروح بالرقبة والكتف والظهر، ثم غطته بالأعشاب وتركته ليموت، بعد أن اتهمه قس محلي بالسحر.
خريطة نيجيريا (الجزيرة)
قال الطفل باكيا "مكثت في الأدغال 3 أيام. لم أستطع المشي، فزحفت على ركبتي حتى وصلت إلى الطريق" حيث عثر عليه أحد المارة، وأطعمه وأخذه إلى المستشفى، ثم نقل إلى مركز إعادة تأهيل حيث يعيش الآن ويتابع دراسته.
ويحلم هذا الطفل بأن يصبح محاميا "لكي أرفع دعوى ضد أمي بسبب ما فعلته بي".