كاتب إيطالي: هل تحقق القاعدة سابقة وتسيطر على دولة مالي؟

في الأحد ٠٢ - نوفمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

في قلب أفريقيا تتشكل ملامح سيناريو سياسي لافت، حيث جماعة نصرة الإسلام والمسلمين -أكبر فصيل مرتبط مباشرة بتنظيم القاعدة في المنطقة- تقترب بخطى حثيثة من العاصمة باماكو، وفقا لتقرير نشره موقع شيناري إيكونوميشي الإيطالي.

ويوضح الكاتب فابيو لوغانو أن ذلك لن يتم عبر هجوم خاطف، بل عبر حصار اقتصادي خانق يهمّش الحكومة ويصيب مؤسسات الدولة بالشلل.ووصف الكاتب ما يحدث في مالي بأنه نسخة أفريقية مختلفة مما يجري في القارة السمراء عادة، إذ لا يعتمد على السيطرة العسكرية السريعة، بل على استنزاف بطيء يترك العاصمة تتهاوى من الداخل.

وبينما تنشغل القوى الدولية بصراعات أخرى، تتقدّم القاعدة نحو أن تصبح السلطة الحاكمة في بلد كامل، في سابقة ستكون الأولى من نوعها إذا ما اكتملت حلقاتها، بحسب الكاتب.

حصار
ووفقا للتقرير، لم يعد التهديد الأبرز في مالي هو الهجمات أو التفجيرات، بل نقص الوقود، ذلك المورد الذي تحوّل إلى سلاح إستراتيجي بيد المقاتلين المسلحين.

فمن خلال قطع خطوط الإمداد إلى العاصمة، نجحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في إرغام الحكومة وخصومها على الوقوف مكتوفي الأيدي، عاجزين عن تحريك الآليات أو حماية الطرق أو حتى تأمين الخدمات الأساسية.

وتعتمد الجماعة على تكتيك "التطويق الزاحف"، أي محاصرة باماكو اقتصاديا دون الدخول في معركة مباشرة، ثم ترك الأزمات تتعاظم حتى يصبح سقوط المدينة نتيجة طبيعية للشلل الكامل.

ويوضح فابيو لوغانو أن تسجيلات نشرها مقاتلو الجماعة مؤخرا تظهر سيارات محترقة وقوافل وقود صودرت أو أُحرقت، في حين تقف القوات الحكومية على بعد ساعات عاجزة عن التدخل بسبب نفاد محروقاتها. وفي بلدة كاتي، المعقل العسكري الأكبر قرب العاصمة، تنتظر الوحدات منذ أسابيع ما يكفيها لتشغيل المركبات.

يبرز الكاتب أنه رغم اقتراب مقاتلي الجماعة من باماكو، فإن محللين يرجحون أنها لا تخطط لهجوم عسكري مباشر؛ فالعاصمة المكتظة بالسكان ستكلفهم خسائر فادحة، في حين يحقق الحصار نتائج أسرع وبكلفة أقل، والهدف هو انهيار النظام تلقائيا.

اقتصاد مختنق
ونقل عن الباحث في معهد السياسة الخارجية الأميركي رافائيل بارينس قوله "كل يوم يمرّ مع استمرار الحصار، يقترب النظام في باماكو خطوة إضافية من الانهيار".

وبحسب الكاتب، فقد انعكس نقص الوقود مباشرة على حياة الماليين، حيث تضاعفت أسعار البنزين ثلاث مرات، واصطف الناس أمام المحطات أياما بحثا عن لتر واحد. ومع تفاقم الأزمة، أوقفت الحكومة الدراسة وأغلقت بعض محطات الكهرباء لتقنين ما تبقى من مخزون.

ويروي سكان في العاصمة -يوضح فابيو لوغانو- كيف تحوّلت حركتهم اليومية إلى رحلة بحث عن وسيلة نقل أو وقود، في وقت ترتفع فيه أسعار السلع الأساسية مع تراجع حركة الشاحنات. ويقول أحدهم "اليوم لا يوجد شيء في المحطات.. وكأن المدينة تُخنق ببطء".

ورغم وصول قافلة وقود محمية من قوات روسية عبر كوت ديفوار، فإن ذلك بدا أقرب إلى مسكن مؤقت لا يغيّر مسار الأزمة، مع استمرار تقطيع الجماعة خطوط الإمداد.

مقاتلين جهاديين في مدينة تمبكتو.
وحول وصول مالي إلى هذه اللحظة الحرجة، يعود التقرير إلى عام 2012 حين بدأ التمرّد بقيادة إياد أغ غالي، الذي تحوّل من موسيقي من روّاد الروك إلى أحد أبرز قادة القاعدة في أفريقيا. ومنذ ذلك الحين، عجزت كل التدخلات الدولية عن وقف تمدّده.

ثم جاءت الانقلابات المتتالية منذ 2020 لتزيد حالة الفراغ السياسي، كما اتخذت السلطة العسكرية الجديدة قرارين مفصليين: طرد القوات الفرنسية، ثم الاستعانة بقوات فاغنر الروسية، وفقا للكاتب فابيو لوغانو.

ويضيف أنه بعد انهيار فاغنر وظهور "الفيلق الأفريقي" الروسي لم يتحسّن الوضع، فقد وقعت دوريات روسية ومالية مشتركة في كمائن متكررة، مما مكن المقاتلين المسلحين من جمع مزيد من السلاح واستكمال الطوق حول العاصمة.

ويبرز الكاتب أنه رغم اقتراب مقاتلي الجماعة من باماكو، فإن محللين يرجّحون أنها لا تخطط لهجوم عسكري مباشر؛ فالعاصمة المكتظة بالسكان ستكلفهم خسائر فادحة، في حين يحقق الحصار نتائج أسرع وبكلفة أقل، والهدف هو انهيار النظام تلقائيا.