لا تقتصر أزمة البطالة في العراق على الرجال إنّما تطاول كذلك النساء اللواتي يسجّلنَ معدّلات مضاعفة مقارنة بأقرانهنّ الذكور، فيما يُرصَد بينهنّ عدد أكبر من عمليات البحث عن فرص عمل، بحسب بيانات وزارة التخطيط. وتمثّل البطالة واحدة من أبرز القضايا المجتمعية التي تثير قلق العائلات والمنظمات المهتمّة بشؤون المرأة.
وكان المتحدّث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي قد أفاد، في تصريح صحافي أخير، بأنّ "نسب البطالة تراجعت في العراق عموماً. فبعد أن كانت تصل إلى 16.5% في عام 2022، انخفضت إلى 13% مع بداية عام 2025"، معيداً الأمر إلى "تحسّن واضح في سوق العمل العراقي". وأشار الهنداوي إلى "تفاوت كبير في نسب البطالة بين الجنسَين"، مبيّناً أنّ "النسبة لدى النساء تصل إلى نحو 18%، أي ما يقرب الضعف مقارنة بالرجال الذين يسجّلون ما بين 9 إلى 10%".
ولفت الهنداوي، في التصريح نفسه، إلى أنّ ارتفاع النسب بين نساء العراق "يتعلّق بأسباب اجتماعية، بالإضافة إلى عدم توفّر فرص عمل مناسبة لهنّ، ما يجعل الرجال أكثر استفادة من سوق العمل". لكنّه لم يتحدّث عن معالجات لبطالة النساء تحديداً، ولم يركّز على الآثار المجتمعية المترتّبة على ذلك.من جهتها، ترى منظمات نسوية وناشطات في العراق أنّ بطالة النساء لم تعد مجرّد مؤشّر اقتصادي، بل تحوّلت إلى عامل سلبي يتسبّب بمشكلات اجتماعية أخرى، خصوصاً أنّ كثيرات يحتجنَ إلى فرص عمل لإعالة عائلاتهنّ. وتقول الناشطة النسوية حنان الزيدي لـ"العربي الجديد" إنّ "عدم توفّر فرص عمل للنساء ينعكس بصورة مباشرة على ارتفاع معدّلات تأخّر سنّ الزواج، وزيادة فترات اعتماد العراقيات على العائلة". وتشير الزيدي إلى أنّ "الحاجة إلى توفير متطلبات الحياة اليومية وعدم القدرة على توفيرها يزيد الشعور بالإحباط والعزلة لدى شريحة واسعة من الشابات اللواتي يجدنَ أنفسهنّ خارج دائرة العمل والإنتاج والاضطلاع بالدور المجتمعي".
وفي العراق، يُنظَر إلى بطالة المرأة بوصفها "أزمة صامتة"، بحسب ما يقول الأكاديمي المتخصّص في علم الاجتماع رضا العزاوي، والذي يوضح لـ"العربي الجديد" أنّه "يُنظَر في الغالب إلى عمل المرأة في العراق على أنّه مسألة ثانوية ومن دون أهمية. لذا فإنّ الجهات المسؤولة لا تولي اهتماماً عاماً بتوفير فرص عمل للنساء، إذ إنّ المرأة مسؤولة من الرجل". يضيف أنّ "هذه النظرة، مع ارتفاع نسب البطالة وعدم توفّر فرص العمل، تتّضح نتائجها يوماً بعد آخر في البلاد، فالمجتمع يخسر طاقات تعليمية وأكاديمية وصحية وغير ذلك من الأعمال التي من الممكن أن يكون للمرأة دور بارز فيها تنافس من خلاله الرجل".ويبيّن العزاوي أنّ "جامعات العراق تخرّج سنوياً أعداداً كبيرة من الشابات، لكنّ فرص اندماجهنّ في سوق العمل تبقى محدودة، الأمر الذي يُضعف مردود التعليم الذي حصلنَ عليه، بالإضافة إلى تعميق الفجوة ما بين طموحات العراقيات والواقع الذي يعشنه. ولهذا كلّه آثار غير سهلة على العراقيات". ووسط هذه التحديات، يتساءل العزاوي عن "الخطط الحكومية لمعالجة هذا الخلل المجتمعي، والمعالجات التي تنتظرها كلّ تلك الأعداد من العراقيات اللواتي ينتظرنَ أدوارهنّ المجتمعية".