العراق: إجراءات لمنع القاصرين من ارتياد المقاهي في ديالى

في الأربعاء ٠١ - أكتوبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

مع تصاعد القلق الشعبي في العراق من ظاهرة ارتياد الأحداث للمقاهي المنتشرة بكثافة داخل الأحياء السكنية في البلاد، اتخذت الشرطة المحلية في محافظة ديالى العراقية إجراءات أمنية وتوعوية للحد من الظاهرة، التي باتت بحسب شكاوى الأهالي "بؤرة" لممارسات غير منضبطة وأماكن لانتشار السلوكيات السلبية.

ووفقاً لبيان الشرطة المجتمعية في المحافظة، مساء الاثنين، فإن "الشرطة في محافظة ديالى، بالتعاون مع شرطة الأحداث ومديرية مكافحة المخدرات وقيادة شرطة المحافظة ومديرية الأمن السياحي، بدأت تنفيذ حملات ميدانية شملت عدداً من الأقضية والنواحي ضمن المحافظة، بهدف التصدي للظواهر السلبية وتعزيز الوعي المجتمعي"، مبيناً أن "الحملة تضمنت متابعة مرتادي الكازينوهات والمقاهي، وتوعيتهم بمخاطر آفة المخدرات وتأثيرها السلبي على الفرد والمجتمع، فضلاً عن حثهم على الابتعاد عن رفقاء السوء"، ومضيفاً أن "الفرق الميدانية شددت على منع دخول الأحداث دون السن القانونية إلى المقاهي، كما نُشرت ثقافة الإبلاغ عن الجرائم والحالات السلبية عبر رقم خاص للطوارئ الموحد التابع لوزارة الداخلية".


الخطوة التي وصفت بأنها "إجراء وقائي"، جاءت بعد تصاعد الأصوات المطالبة بوضع حد لهذه الظاهرة السلبية، إذ تشير تقارير غير رسمية إلى أن أعداداً متزايدة من المراهقين يقضون ساعات طويلة داخل المقاهي بعيداً عن رقابة الأسر والمدراس، في أجواء لا تخلو من المخاطر الاجتماعية.

وقال مسؤول أمني في ديالى، فضّل عدم ذكر اسمه، إن "القوات الأمنية بدأت تسيير دوريات راجلة قرب المقاهي المشبوهة، ومتابعة إدارات الكوفيهات والزبائن والتأكد من هوياتهم"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "الشرطة المجتمعية أطلقت برامج تثقيفية للأهالي للتوعية بمخاطر ترك أبنائهم يرتادون مثل هذه الأماكن في سن مبكرة". مؤكداً أن "الهدف من هذه الإجراءات ليس العقاب وإنما الوقاية"، مشدداً على أن "المؤسسة الأمنية لا تستطيع وحدها ضبط الظاهرة من دون تعاون الأسر والمؤسسات التعليمية والدينية".

في المقابل، يرى أهالي المحافظة أن هذه الخطوات "غير كافية" وأنها تفتقر إلى الحزم المطلوب والإجراءات الصارمة، وقال أبو أحمد، وهو أحد أولياء الأمور في بعقوبة، إن "بعض الكوفيهات تحولت إلى أوكار لتسريب المخدرات والسجائر الإلكترونية، وهناك تقارير عن استغلال الأحداث من قبل أصحاب المقاهي لتحقيق أرباح سريعة، فضلاً عن استدراج الشباب الى سلوكيات منحرفة". وأضاف لـ"العربي الجديد"، "لا نعارض وجود أماكن ترفيهية للشباب، لكن المشكلة تكمن بغياب الرقابة وأنه جعل هذه الأماكن مصدراً للانحراف بدلاً من أن تكون متنفساً صحياً".

أما أم مهند، وهي ربة بيت من بلدة بعقوبة في ديالى، فأشارت إلى أن "الأهالي باتوا يشعرون بالعجز، إذ لا توجد قوانين صارمة تمنع أصحاب الكوفيهات من استقبال القاصرين"، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أن "كل ما يحدث من إجراءات هي مجرد حملات إعلامية وتنبيهات لا تغير من الواقع شيئاً".
ويعزو مراقبون ضعف الإجراءات التي تمنع نشاط تلك المقاهي داخل المناطق السكنية، إلى غياب لوائح تنظيمية واضحة تحدد شروط عمل المقاهي، سواء من حيث العمر المسموح به للزبائن، أو معايير السلامة والرقابة الصحية، فمعظم تلك المقاهي تعمل من من دون تراخيص دقيقة أو تحت غطاء قانوني فضفاض يسمح لها بتجاوز القوانين. وفي السياق، قال الخبير القانوني عماد البياتي إن "التشريعات الحالية لا تنظم عمل المقاهي بشكل تفصيلي، بل تترك الأمر لاجتهاد السلطات المحلية، وهو ما يخلق فراغاً قانونياً تستفيد منه إدارات الكوفيهات"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "الحل يكمن في إصدار تشريعات مركزية تضع اشتراطات صارمة وتشدد العقوبات على المخالفين".

من جهتهم، حذر خبراء اجتماعيون من التداعيات النفسية والاجتماعية لاستمرار الظاهرة، وقال الباحث الاجتماعي رائد الكبيسي إن "ارتباط الأحداث بمثل هذه الأماكن في سن مبكرة يكرّس عادات سلبية مثل التدخين وتعاطي المواد المخدرة، فضلاً عن الهروب من الدراسة والانغماس في أجواء بعيدة عن التربية الأسرية". مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "هذه الظاهرة تشكل بوابة لمشاكل أكبر على المدى البعيد، مثل العنف الأسري والتسرب المدرسي".ورغم ترحيب الأهالي بأي خطوة تحدّ من ارتياد أبنائهم هذه المقاهي، إلا أن التوقعات بشأن نتائج الحملة الحالية التي تنفذها الشرطة تبقى محدودة التأثير، وأن الإجراءات قد تحقق نجاحاً مؤقتاً في منع بعض الأحداث، لكنها لن توقف الظاهرة بشكل كامل، لغياب استراتيجية شاملة تعالج المشكلة من جذورها.
اجمالي القراءات 132