مقترح حق الزواج للمحكومين بالمؤبد في سجون كردستان العراق نحو التطبيق

في الخميس ٢٥ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

تدرس وزارة العدل في حكومة إقليم كردستان العراق بشكل موسّع مقترحاً يمنح السجناء المحكومين بالمؤبد حق الزواج وفق ضوابط محددة. وتأتي هذه الخطوة في إطار ما وُصف بتعزيز البعد الإنساني بإدارة السجون، والسعي إلى إعادة دمج السجناء في المجتمع على المدى الطويل.

المقترح الذي تقدّمت به وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الإقليم إلى مجلس الشورى ما زال قيد الدراسة، لكنه يحظى بتأييد ملحوظ. ووفقاً لبيان لوزارة العدل، صدر الثلاثاء، فإنه "جرى تبادل الآراء القانونية والدستورية بشأن الملف، وقد خضع لمناقشات موسعة بحضور ممثلين عن منظمات وأوساط قانونية واجتماعية"، مؤكدا أن "الهدف هو الوصول إلى رأي قانوني يصدر عن مجلس الشورى بما يخدم المصلحة العامة".



من جهته، قال المدير العام للإصلاح في الإقليم إحسان بابان إن "بعض نزلاء السجون المحكومين بالمؤبد يرغبون في إتمام زواجهم داخل السجن عبر الخلوة الشرعية، وقد طلبت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رأي مجلس شورى الإقليم لتفادي أي إشكال قانوني عند اتخاذ القرار"، وأوضح في تصريح لمحطة إخبارية كردية أن "القوانين المعمول بها في الإقليم لا تتضمن نصاً يحظر هذا الأمر، لكنه يستدعي متابعة دقيقة"، مؤكداً أن "الرد النهائي سيُعلن بعد صدور قرار مجلس الشورى سواء بالقبول أو الرفض".

إلى ذلك، يؤكد مؤيدون لهذا المقترح أهميته من الناحية النفسية والأسرية بالنسبة للسجناء. وفي السياق، يوضح المسؤول في وزارة العمل في الإقليم محمد برواري، لـ"العربي الجديد"، أن "السماح للمحكومين بالمؤبد بحق الزواج ضمن قيود قانونية وإدارية صارمة قد يساهم في التخفيف من حدة التوتر داخل السجون، ويمنح السجناء فرصة للحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية". وأضاف أن "وزارة العمل ترى أهميته الكبيرة في إصلاح السجناء، لحاجتهم إلى أسر تحتويهم، لما لذلك من تأثيرات إيجابية على نفسيتهم".

من جانبها، تقول الباحثة الاجتماعية هناء علي إن "المقترح يطرح تحدّيات معقدة على المستويين الاجتماعي والأخلاقي"، مبينة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "منح السجين حق الزواج يساعد على التقليل من حالات الاضطراب النفسي، ويمنحه شعورا بالانتماء المجتمعي، لكن ينبغي أن يكون ذلك ضمن ضوابط مشددة تضمن عدم الإضرار بحقوق المرأة والعائلة التي يؤسسها السجين". وتشير المتحدثة إلى أن هذا المقترح من الحقوق الأساسية المكفولة دوليا، وأن تنظيمه ضمن إطار قانوني صارم قد يوازن بين البعد الإنساني ومقتضيات العدالة.وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن المقترح ما زال في دائرة المناقشات، غير أنه حصل على دعم جيد قد يدفع باتجاه تنزيله على أرض الواقع، لكنه في الوقت نفسه أثارا جدلا مجتمعيا وقانونيا من طرف جهات غير مؤيدة له.

وشدد مختصون في القانون على أن المقترح يجب أن يدرس ضمن إطار قانوني دقيق، يجمع بين الدستور العراقي والتشريعات الجنائية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويقول الحقوقي حسان الزيدي إن "الدستور العراقي يكفل الزواج باعتباره حقاً أساسياً، إلا أن ممارسته داخل السجون لا يمكن أن تكون مطلقة، ويمكن تقييدها بما يضمن الأمن والنظام وحماية الحقوق".

ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "يجب أن تكون هناك ضوابط صارمة تشمل استثناء بعض المتورطين بجرائم خطيرة من الزواج إلا بموافقات قضائية استثنائية، مع التأكد من أهليتهم العقلية والبدنية، الى جانب إشراف ومتابعة مستمرة لمنع أي استغلال أو تجاوز للحقوق"، ويشدد على أن "المقترح يجب أن يكون مقرونا بنصوص قانونية دقيقة وآليات رقابية صارمة لضمان الموازنة بين البعد الإنساني للسجين وحقوق المجتمع مع الالتزام بالمعايير الدولية بهذا الشأن".

يذكر أن سجون إقليم كردستان العراق تضم 512 سجيناً محكوماً بالسجن المؤبد، بحسب أرقام رسمية.
اجمالي القراءات 174