مناشدات بالإفراج عن سجناء رأي في مصر على خلفية قرار رئاسي

في الأربعاء ١٠ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

شهدت الأوساط الحقوقية والإعلامية في مصر موجة من المناشدات والمطالبات بالإفراج عن عدد من السجناء السياسيين وسجناء الرأي، مباشرة بعد استجابة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لالتماس من المجلس القومي لحقوق الإنسان بالإفراج عن الناشط البارز علاء عبد الفتاح؛ إذ أعادت هذه الخطوة الأمل لدى عائلات السجناء السياسيين، الذين يرون فيها بارقة أمل لإنهاء سنوات طويلة من الحبس الاحتياطي أو تنفيذ الأحكام.

وأعلنت أسرة الشاب والرياضي أيمن موسى، البالغ من العمر 32 عامًا، أنها قدمت طلبًا رسميًا إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان للنظر في حالته ضمن قوائم العفو الرئاسي. ووفقًا لبيان صادر عن الأسرة، فإنّ أيمن كان يبلغ من العمر 19 عامًا عند اعتقاله، وقضى 12 عامًا كاملة في السجن.

وأكدت الأسرة أن المناشدة هي "رجاء إنساني" لا يحمل أي نية للضغط، وأن أيمن "حياته تدمرت وعمره ضاع" بسبب طول فترة الحبس. وأشار البيان إلى أن والده توفي "من الحسرة"، وأن أيمن يأمل في العودة إلى حياته وأسرته ومستقبله. وأعربت الأسرة، عن أملها في أن تفحص السلطات حالته وتنظر في إمكانية شموله بالعفو القادم عن المحكوم عليهم، مناشدة كل من لديه "قلب ورحمة" بالمساعدة في توصيل طلب العفو الرسمي للجهات المعنية.

موسى يقضي حكمًا بالسجن 15 عامًا، منذ القبض عليه في حملة أمنية عشوائية استهدفت عشرات الشباب من محيط منطقة رمسيس بوسط العاصمة القاهرة، لتفريق مظاهرات اندلعت عقب الإطاحة بالحكم المدني برئاسة الرئيس الراحل محمد مرسي، بعد مذبحتي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس/آب 2013. وكان أيمن موسى، عمره حينها 19 عامًا. ضُم للقضية رقم 10325 لسنة 2013 جنايات الأزبكية (أحداث الأزبكية – رمسيس)، مع 67 شخصًا آخرين، وتمت محاكمتهم جماعيًا بالسجن 15 عامًا، بعد رفض نقض الحكم بالجملة لجميع المتهمين في القضية.

في السياق ذاته، ناشد نقيب الصحافيين، خالد البلشي، الرئيس السيسي، بإصدار عفو رئاسي عن الصحافيين محمد إبراهيم رضوان، المعروف بـ "محمد أكسجين"، وحسين علي أحمد كريم، المعروف بـ "حسين كريم". في إطار التوجه الرئاسي لدراسة الالتماسات المقدمة من المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن العفو عن مجموعة من المحكوم عليهم.

وأوضح النقيب، في بيان رسمي، أن محمد أكسجين محكوم عليه في القضية رقم 855 لسنة 2020، وهي نفس القضية التي حكم فيها على علاء عبد الفتاح. وجدد البلشي، مطالب النقابة، الموجهة إلى النائب العام، لمراجعة أوضاع وإخلاء سبيل أكثر من 19 صحافيًا محبوسًا احتياطيًا، لافتًا إلى أن 14 منهم تجاوزت فترات حبسهم عامين كاملين، وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي وفقًا للقانون المصري. وقدّمت النقابة قائمة بأسماء الصحافيين المحبوسين إلى مكتب النائب العام، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، ووزير المجالس النيابية والتواصل السياسي. وأكد نقيب الصحافيين على المطالب الدائمة للنقابة بالإفراج عن جميع المحبوسين على ذمة قضايا رأي.

وفي رسالة مؤثرة، عبرت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، عن قلقها البالغ بشأن مصير المحبوسين في سجن بدر، وتحديدًا في "قطاع 2". وذكرت أن الأخبار انقطعت عنهم تمامًا، وأنهم لا يعرفون "إن كانوا على قيد الحياة أم لا". ووجهت مناشدة إلى "أصحاب الضمائر" بالتحرك، مؤكدة أن هناك "موعدًا أمام المحكمة الإلهية".

في رسالة مؤثرة، عبرت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، عن قلقها البالغ بشأن مصير المحبوسين في سجن بدر

كذلك، كشف المحامي خالد بدوي، عن تدهور الحالة الصحية لزوجته المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، البالغة من العمر 66 عامًا. وذكر بدوي، أنه قدم طلبًا للإفراج الصحي عن زوجته، التي قضت في السجن ما يقارب سبع سنوات. وأوضح أنها أنهت مدة حكمها البالغة خمس سنوات، إلا أنه تم "تدويرها" على قضيتين جديدتين بنفس التهم.

ووفقًا لما علم به بدوي، من زوجته، خلال آخر زيارة، فقد تعرضت لأزمتين قلبيتين خلال أسبوع واحد داخل محبسها، مؤكدًا أن "لا يُفتح لها باب ولا تُسمع لها استغاثة". وأشار بدوي إلى أن هدى عبد المنعم، التي كانت عضوًا في المجلس القومي لحقوق الإنسان، لم تُذكر في الالتماس المقدم إلى الرئيس بالعفو عن السجناء، مبديًا أمله في أن تُدرج حالتها ضمن الدراسات الرئاسية.

أيضًا، عبرت زوجة القيادي العمالي شادي محمد عن شعورها بالأمل بعد انتشار أنباء عن توجيه الرئيس بدراسة ملف علاء عبد الفتاح، معتبرة أن ذلك يمثل "انفراجة يأتي من آخر النفق". وأكدت أنها "تطمع" في إنهاء "ملف المعتقلين"، مشيرة إلى أن الكثيرين ممن قضوا فترات حكمهم ما زالوا خلف القضبان، أو يقضون سنوات في الحبس الاحتياطي.

وذكرت الزوجة عددًا من الأسماء التي تطالب بالإفراج عنها، ومنهم ياسر أمين، محمود شعبان، أحمد عرابي، شريف الروبي، نرمين حسين، مروة عرفة، آية كمال، بالإضافة إلى صحافيين مثل حمدي الزعيم وأحمد سبيع. كما أشارت إلى حالات أخرى مثل ممدوح كمال وأشرف عمر المحبوسين بسبب "رسم كاريكاتير"، وكبار السن الذين "أكل السجن من صحتهم"، والشباب المتضامنين مع فلسطين، والمختفين قسريًا مثل أحمد حسن وعبد الرحمن.

وختمت رسالتها بالقول إن الأمل "يعود مرة أخرى"، وأنها تأمل أن "يُمحى هذا الكابوس من قاموسنا"، معبرة عن تطلعها إلى "الحرية للجميع".ويُعد ملف السجناء السياسيين في مصر من أبرز القضايا التي تثير جدلاً محليًا ودوليًا منذ عام 2013. وتنتقد منظمات حقوقية دولية ومحلية، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، السلطات المصرية بسبب ما تصفه بـ "الاعتقالات التعسفية" و"الإخفاء القسري" و"الحبس الاحتياطي المطوّل" الذي قد يمتد لسنوات دون محاكمة عادلة.

وتقدر هذه المنظمات أعداد السجناء السياسيين بعشرات الآلاف، وتُتهم السلطات المصرية باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة والنشطاء. وفي المقابل، تؤكد الحكومة المصرية أن السجون لا تضم سجناء رأي، وأن جميع المحتجزين محبوسون على خلفية قضايا جنائية أو أمنية وفقًا للقانون. وفي محاولة للتعامل مع هذا الملف، أطلقت الحكومة "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في عام 2021، كما أعاد الرئيس تفعيل "لجنة العفو الرئاسي"، والتي نجحت في الإفراج عن مئات من المحبوسين. ومع ذلك، تؤكد منظمات حقوقية أن عدد من يُفرج عنهم قليل مقارنة بأعداد من يُعتقلون أو يُعاد تدويرهم على قضايا جديدة، وأن مشكلة الحبس الاحتياطي المطول لا تزال قائمة.