في ظل تراجع المساعدات الغربية وتصاعد الضغوط الداخلية، تتجه اليابان نحو تقديم قروض ميسّرة للدول الأفريقية، في محاولة لتخفيف عبء الديون المتراكمة بفعل الإقراض الصيني ضمن مبادرة "الحزام والطريق".
ورغم القيود المالية وصعود التيارات الرافضة للإنفاق الخارجي، ترى طوكيو في أفريقيا فرصة لإعادة توجيه جهودها التنموية، خاصة مع تحوّل اقتصادات جنوب شرق آسيا إلى الاكتفاء الذاتي.
تحوّل في فلسفة الدعم
نائب رئيس وكالة التعاون الدولي اليابانية ناوكي أندو أكد تمسك بلاده بنموذج "المساعدة التنموية" بدلا من "المساعدات التقليدية"، مشيرا إلى أن إعادة تدوير القروض المسددة من دول آسيوية يتيح هامشا للتحرك دون زيادة الإنفاق، في ظل تراجع الدعم الأميركي والأوروبي لقطاعات حيوية.
مواجهة الإقراض المكلف
تسعى اليابان لتقديم بديل للإقراض الصيني عالي التكلفة، الذي ساهم في تضخم ديون الدول الأفريقية منذ 2013.
وترى وزارة الخارجية اليابانية أن خروج دول آسيوية من دائرة الاستفادة يفتح المجال أمام أفريقيا لتكون المستفيد الرئيسي الجديد.
كما ساهم إصدار سندات اليوروبوند وتراجع أسعار السلع الأساسية في تفاقم أزمة الديون، ما يجعل التحرك الياباني محاولة لملء فراغ المانحين التقليديين.
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف يخاطب مؤتمر طوكيو الدولي التاسع للتنمية في أفريقيا (تيكاد 9) بيوكوهاما (الفرنسية)
تيكاد.. منصة الاستثمار المتباطئ
يأتي التوجه الياباني قبيل انعقاد الدورة التاسعة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد)، الذي أعاد رئيس الوزراء السابق شينزو آبي تشكيله ليصبح منصة لتعزيز الاستثمارات اليابانية في القارة.
ورغم التسهيلات الحكومية، لم تتجاوز الاستثمارات المباشرة 9.6 مليارات دولار، مقارنة بالقفزات العالمية.
القطاع الخاص.. بين الحذر والحاجة
يرى أندو أن فلسفة القطاع الخاص الياباني تقوم على "التنمية أولا"، ما يفسر الحذر في دخول السوق الأفريقية، في وقت تبحث فيه الدول الأفريقية عن بدائل فورية لموازنة النفوذ الصيني.
ورغم تمويل اليابان نحو 80 مشروعا بنيويا بقيمة 8.5 مليارات دولار منذ 1993، فإن هذا الرقم يظل محدودا مقارنة بـ182 مليار دولار قدمتها الصين منذ عام 2000، وفق بيانات جامعة بوسطن.
نموذج ثالث
وفقا لأستاذ العلوم السياسية بجامعة يوتا، هوارد ليهمان، لا تسعى اليابان لمنافسة الصين مباشرة، بل لتقديم نموذج يركز على البنية التحتية الصغيرة وبناء القدرات، في إطار صياغة مسار مستقل لعلاقتها بالقارة الأفريقية.