خلال إعلان جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن) ختام مشروع "مسارات آمنة - سياسات لمناهضة العنف في بيئة وعالم العمل"، المدعوم من الصندوق الأفريقي لتنمية المرأة، اليوم الأربعاء، دعا متخصصون إلى تحسين الأطر القانونية لظروف عمل المرأة في الأردن وتوفير الحماية لها بما يسهم في تمكينها اقتصادياً وتوسيع مشاركتها في سوق العمل.
وعلى هامش الإعلان، قالت المديرة التنفيذية لجمعية "تضامن" ومستشارتها إنعام العشا لـ"العربي الجديد" إنّ مشروع "مسارات آمنة" في الأردن "يتضمّن عدداً من المسارات، أبرزها المسار التشريعي والحماية الاجتماعية، وهو يركّز بصورة أساسية على التمكين الاقتصادي للمرأة الأردنية، فوجود مصادر دخل مستقرّة ومستمرّة للنساء هو المدخل الأساسي لحماية المرأة اجتماعياً واقتصادياً حتى تنال حقوقها". وأضافت العشا أنّ العنف في ازدياد في مختلف دول العالم، خصوصاً في منطقتنا التي تتعرّض لعدم استقرار سياسي، لافتةً إلى أنّ المنطقة لم تعد ملتهبة فقط، بل "محترقة" بسبب الحروب والأزمات والضغوط الاقتصادية، الأمر الذي يفرض صعوبات حقيقية تواجه المرأة والأسرة والمجتمع ككلّ.
وبيّنت العشا أنّ "تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً في الأردن هو جزء أساسي من تحقيق التنمية المستدامة في البلاد، خصوصاً أنّ النساء يمثّلنَ نحو 60% من خرّيجي التعليم الجامعي، و60.4% من طلاب الماجستير، و57.1% من طلاب الدكتوراه، فيما لا يتجاوز معدّل مشاركتهنّ الاقتصادية 14.9% مقارنة بـ53.4% للرجال، وذلك بفجوة تصل إلى 38.5 نقطة مئوية، الأمر الذي يجعل مثل هذه البرامج التدريبية ضرورة وطنية".
من جهتها، قالت النائبة السابقة في البرلمان الأردني أسماء الرواحنة لـ"العربي الجديد": "اليوم، نتحدّث عن تنمية مستدامة. وهذه التنمية تتطلب عدم تسجيل عنف ضدّ أيّ شخص في المجتمع، فكيف بالمرأة التي تؤسّس المجتمع؟ فإذا كان العنف يسلّط على المرأة في داخل أسرتها ومجتمعها، فمن شأن ذلك أن يحدّ من خروجها إلى سوق العمل"، وبالتالي من "مساهمتها في الاقتصاد الوطني". وأضافت: "لا نتحدّث عن عنصر واحد، فللمرأة دور قيادي كبير، لكنّ العنف الواقع على النساء سواءً اقتصادياً أو نفسياً أو جسدياً يعيق حركتها، وما نشهده من حروب في المنطقة تدفع المرأة ثمنه دائماً".
وشدّدت الرواحنة على "أهمية تضافر كلّ الجهود في الأردن لمواجهة العنف الواقع على المرأة بكلّ أشكاله ومستوياته، من خلال تحسين الأطر القانونية لظروف عمل المرأة"، مؤكدةً أنّ "هذا العنف يُعَدّ أحد الأسباب التي تعيق مساهمتها في الاقتصاد الوطني، خصوصاً بسبب الظروف الاجتماعية". لكنّها لفتت إلى أنّ "المشرّع الأردني أقرّ قوانين عديدة تساهم في دعم مشاركة المرأة في سوق العمل".وتابعت الرواحنة أنّه "نحن في الأردن اليوم في حاجة إلى نهضة ثقافية قبل كلّ شيء، ترسّخ مشاركة المرأة وتمنحها دورها الحقيقي في بناء الاقتصاد الوطني. ومن شأن ذلك أن يساهم في زيادة مشاركتها الاقتصادية. والثقافة الاجتماعية عنصر أساسي، فالمرأة هي المكمّل للرجل في بناء الاقتصاد الوطني، وعدم منحها هذا الحقّ يسبّب اختلالاً في البنية الاقتصادية".
وعن مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل والنشاط الاقتصادي من منظور إعلامي، قالت الصحافية ليندا معايعة لـ"العربي الجديد": "لا تُعَدّ مشاركة المرأة كبيرة في سوق العمل الأردني"، وتقدّر النسبة بـ"نحو 15%، وهي نسبة خجولة جداً. وفي معظم الأحيان، تعمل النساء في الأردن في قطاعَي التعليم والصحة، بالإضافة إلى عدد من الأعمال في مجال الخدمات". وتابعت: "للأسف، ثمّة عنف اجتماعي يُمارَس حيناً على المرأة، ما يجعلها لا تُقبل على بعض الأعمال، إلى جانب تعرّضها في بعض الأحيان إلى عنف نفسي، وكذلك لفظي واقتصادي. وثمّة دراسات تشير إلى وجود حالات تحرّش في بيئة العمل، الأمر الذي يتطلّب تحسين الأطر القانونية لظروف عمل المرأة في الأردن".
في سياق متصل، شدّدت معايعة على أنّ "المرأة اليوم، خصوصاً المستقلة ومعيلة عائلتها، تحتاج إلى عمل براتب مجزٍ حتى تتمكّن من مساعدة نفسها وعائلتها، في ظلّ ارتفاع الأسعار والصعوبات الاقتصادية التي تواجه الأسرة الأردنية".
وكانت فعالية اليوم قد تضمّنت جلسات حوارية تناولت "دور اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة في تعزيز ودعم مشاركة المرأة بسوق العمل"، و"أبرز المستجدات القانونية المتعلقة ببيئة العمل وخاصة المتعلقة بالنساء"، و"واقع مشاركة المرأة في سوق العمل وانعكاساتها على الفرد والأسرة والمجتمع من منظور النوع الاجتماعي"، إلى جانب "إضاءات على المرأة والعمل من منظور ديني اجتماعي"، و"مشاركة المرأة في سوق العمل والنشاط الاقتصادي من منظور إعلامي".