تشاؤم واسع يسود الأسر المغربية بشأن الأسعار والمعيشة والتشغيل

في السبت ١٩ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

هيئة الاحصاء تدعو إلى تنزيل سياسات مالية أكثر جرأة لدعم القدرة الشرائية
تشاؤم واسع يسود الأسر المغربية بشأن الأسعار والمعيشة والتشغيل
إيلاف من الرباط: كشفت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب (هيئة حكومية للاحصاء)، عن تشاؤم الأسر المغربية من الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأشهر الخمسة المقبلة من العام الجاري.

وتشير نتائج البحث الميداني، الذي أنجزته المندوبية وكشفت عن نتائجه الليلة الماضية بالرباط، إلى أن 57,6% من الأسر بالكاد تغطي مداخيلها الشهرية نفقاتها الضرورية، فيما تلجأ 40,6% إلى الاقتراض أو إلى مدخراتها لتغطية حاجياتها.

وعلى مستوى التوقعات، لا يتوقع تحسن الأوضاع سوى 15,1% من الأسر، بينما 23,6% ترجّح تدهورها، في وقت ترجّح فيه الأغلبية (61,3%) استمرار الوضع على ما هو عليه.

ورغم بعض الإشارات الإيجابية التي رصدتها المندوبية، في تقريرها الدوري حول نتائج بحث الظرفية لدى الأسر، سجلت أن "معظم المؤشرات تعكس استمرار القلق الشعبي، سواء إزاء تدهور المعيشة، أو غلاء الأسعار، أو محدودية فرص الادخار، أو المخاوف من البطالة"، حيث يستمر الغلاء وبتوقعات سوداوية.

وسجّلت الهيئة الحكومية للاحصاء، أن 94,2% من الأسر صرّحت، لخبرائها، بارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال العام المنصرم، وهي نسبة مرتفعة تعكس الضغط المتواصل على الاستهلاك.

وتتوقع 78,9% من الأسر استمرار هذا الغلاء خلال الأشهر الـ12 المقبلة، بينما لا يتوقع انخفاض الأسعار سوى 2,3% فقط، ما أبقى رصيد هذا المؤشر في مستوى سلبي بلغ ناقص 76,6 نقطة، مشيرة إلى أن الغالبية الساحقة من الأسر لا تزال غير مقتنعة بفعالية الإجراءات الحكومية في الحد من الارتفاعات المستمرة في كلفة المعيشة.

وبخصوص الإدخار، تؤكد المندوبية أن 91,3% من الأسر المغربية غير قادرة على الادخار خلال السنة المقبلة، وهي نسبة تعكس هشاشة مالية واسعة النطاق.

ويعني ذلك أن القدرة على مجابهة الصدمات أو التكيف مع ارتفاع النفقات تبقى محدودة، خاصة وأن فقط 1,8% من الأسر تمكنت فعلياً من ادخار جزء من مداخيلها. إذ استقر رصيد مؤشر الادخار في ناقص 82,6 نقطة، وهو من أدنى المستويات المسجلة خلال السنوات الأخيرة، بما يكرّس واقع العيش على الكفاف بالنسبة لغالبية الأسر.

وأعربت 72,7% من الأسر عن اعتقادها بأن الظرفية غير مناسبة لشراء تجهيزات كبرى أو سلع مستديمة، مثل الأثاث أو الأجهزة الإلكترونية، ما يعكس استمرار سلوك استهلاكي حذر بسبب الضغط المالي.

مستوى المعيشة في المنطقة الرمادية
صرحت 76% من الأسر المغربية بتدهور مستوى المعيشة طيلة الأشهر الـ12 الماضية، مقابل 6,8% فقط تحدثت عن تحسن.

وتوقعت 9,7% فقط عن أملها في تحسن الظروف المعيشية، بينما 45% توقعت استقرار الوضع، و44,9% ترجّح استمرار التدهور.

محدودية برامج التشغيل
وعلى مستوى سوق الشغل، توقعت 71,8% من الأسر ارتفاع عدد العاطلين خلال السنة المقبلة، في حين لم تتجاوز نسبة المتفائلين 14,3%.

لكن رغم هذا القلق، رصدت المندوبية تحسناً في رصيد المؤشر من ناقص 73,4 إلى ناقص 57,5 نقطة، في دلالة على بوادر انفراج نسبي في آفاق التشغيل، خاصة في ظل برامج حكومية من قبيل "أوراش" و"فرصة" ودعم المبادرات الذاتية.

وتحسب المندوبية السامية للتخطيط مؤشراتها التركيبية استناداً إلى سبعة متغيرات، تشمل تقييم الأسر لمستوى المعيشة، والبطالة، وفرص الإنفاق، والوضعية المالية الحاضرة والمستقبلية.

وبناء على هذه النتائج غير المرضية للأسر المغربية، دعت المندوبية السامية للتخطيط الحكومة إلى اعتماد سياسات مالية واجتماعية أكثر طموحاً، تستجيب لحالة القلق العام، عبر تعزيز الدعم المباشر للأسر، وتحفيز سوق العمل، وتوسيع آليات الحماية الاجتماعية.

كما شددت المندوبية على ضرورة توفير شروط كفيلة بترسيخ الثقة لدى المستهلك المغربي، عبر محاربة الغلاء، وتحسين عرض الشغل، وتسهيل ولوج الأسر إلى التمويل، من أجل دعم الاستهلاك الداخلي.