لم تكن حرائق مرافق الكهرباء والاتصالات التي شهدتها مصر خلال الأسبوعين الماضيين وليدة عوامل لحظية، وإنما هي نتيجة عوامل تراكمية، تنذر بتفاقم الأزمة خلال الفترة المقبلة، منها هشاشة البنية التحتية والسرقات ونقص التمويل وهروب العمالة الماهرة للخارج بحثاً عن معيشة أفضل.
وسجل قطاع الكهرباء في مصر حرائق عدة على مدار الأسبوعين الماضيين، بمحطات المحولات وشبكات التوزيع، أتت على محتوياتها بمدينة العاشر من رمضان الصناعية، شرق العاصمة، وأخرى في منطقة الورديان بالإسكندرية شمال البلاد، بالإضافة إلى حالات الاحتراق التي وقعت في موزعات وكابلات مغذية للأحياء السكنية بالمحافظات المصرية. كثرة الحرائق أثارت مخاوف لدى المواطنين الذين شاهدوا كما كبيراً منها، فبعضها وقع بمراكز اتصالات منها سنترال رمسيس الذي يوصف بالعقل التكنولوجي للبلاد، وصوامع ومحلات تجارية بوتيرة متكررة، في موسم ذروة استهلاك الكهرباء خلال فترة الصيف، بما عرض حياة الناس واستثماراتهم للخطر.
وأرجعت وزارة الكهرباء في بيانات رسمية كثرة الحرائق إلى زيادة استهلاك المشتركين في ساعات الذروة بالصيف لتزيد عن 34 جيغا واط يومياً، وارتفاع معدل السرقات التي تجري في المناطق العشوائية، وصناعات كثيفة استخدام للطاقة، تسرق نحو 30% من قدرة الشبكات في المناطق التابعة لشركتي كهرباء شمال وجنوب العاصمة القاهرة، بينما تصل إلى نحو 18% في بعض المحافظات، بما يسبب مشاكل فنية طارئة.
ورغم وجود حسابات دقيقة لدى الوزارة، عن معدلات فقد الكهرباء محلياً بنسب تفوق ضعف المعدل العالمي المحدد بـ6%، كشف مسؤولون في الشركة القابضة لكهرباء مصر، عن قصور كبير في عدد المؤهلين لتشغيل محطات المحولات وشبكات التوزيع الرئيسية، زادت حدتها في السنوات الخمس الأخيرة، مع توقف تعيين عمالة فنية جديدة، مقابل خروج آلاف العاملين على المعاش سنويا.
وأكد مسؤول في الشركة القابضة للكهرباء استقالة مئات المهندسين والعمال الفنيين المدربين خلال العام الجاري، للعمل في دول الخليج التي تشهد نمواً كبيراً في مشروعات الطاقة بها، خاصة بعد استنفاد العديد منهم مدد الإجازة المتاحة أمام كل منهم للعمل في الخارج، ومنهم من استقال طلباً للعمل في جهات أجنبية لديها مشروعات كهرباء في مصر أو الخارج، للحصول على مرتبات جيدة، ولشعورهم بتراجع قيمة الرواتب ومكافآت نهاية الخدمة في قطاع الكهرباء وارتفاع مستوى تكلفة المعيشة.وأوضح مسؤولون في الشركة المصرية لنقل الكهرباء أن نقص العمالة المدربة أحد العوامل المؤدية إلىى تراجع عمليات الصيانة الدورية للشبكات والمحطات منوهين إلى تفاقم الحرائق بشبكات الكهرباء الرئيسية، بعد لجوء قطاع الكهرباء إلى التقشف المالي الشديد، الذي بدأت مظاهره، بعدم توفير بدائل المحولات ومعدات احتياطية للشبكات في المخازن وفقا للحدود القانونية والفنية، والتخلص من كافة المخزون الموجود في محطات التوليد والتوزيع، دون تمييز بين الصالح منها والمستعمل، وبيعه على مدار السنوات الثلاث الماضية، دون إحلالها بأخرى لمواجهة حالات الطوارئ.
أكد المصدر لـ"العربي الجديد" أن ندرة العمالة حالت دون قيام الفنيين بعمل الصيانة الدورية للشبكات، وفي حالة الطوارئ، يجري عمل الصيانة بانتداب شركات خارجية، غير مسموح لها بعمل الصيانات الكاملة للمحطات والشبكات أو وضع حلول دورية، لعدم وجود ميزانية لمواجهة تلك المصروفات.
تكشف حرائق محطات المحولات وشبكات التوزيع في المحافظات، عن هشاشة البنية التحتية لقطاع الكهرباء في مواجهة الكوارث المفاجئة والعادية. فرغم المبالغ الهائلة التي جرى إنفاقها على قطاع الكهرباء بما يزيد عن نصف تريليون جنيه (حوالي 10.1 مليارات دولار) خلال السنوات العشر الماضية، وجهت نحو 30% منها لدعم شبكات التوزيع على الجهود الفائقة والعالية والمتوسطة، عدا ما تحصله شبكات التوزيع من أموال المواطنين، الراغبين في توصيل الكهرباء لمنازلهم ومشروعاتهم، فإن الشبكات تتعرض للانهيار في الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة طبيعياً والناتجة عن زيادة الأحمال والاستهلاك.
تشير بيانات جهاز الإحصاء الحكومي إلى وقوع 46 ألفا و925 حادثة حريق في أنحاء البلاد خلال 2024، بزيادة 3.2% عن 2023، مع تركز الزيادة بحدوثها بنسبة 50% خلال الصيف
وتشير بيانات جهاز الإحصاء الحكومي إلى وقوع 46 ألفا و925 حادثة حريق في أنحاء البلاد خلال عام 2024، بزيادة 3.2% عن عام 2023، مع تركز الزيادة بحدوثها بنسبة 50% خلال فصل الصيف، حيث تدفع درجات الحرارة المتصاعدة، إلى استخدام مكثف لأجهزة التبريد والتكييف، بما يثقل شبكة الكهرباء ويزيد من احتمالات حدوث أعطاء كهربائية تؤدي إلى الحرائق. تمتد آثار حرائق الكهرباء إلى قطاعات أخرى كثيرة خاصة بالمصانع ومناطق التخزين، والتي ظهرت توابعها في حريق بمستودعات دمياط والمطاعم والعقارات مؤخراً.
ويشير عطية عطية أستاذ الطاقة وعميد كلية الهندسة في الجامعة البريطانية بالقاهرة، إلى وجود عدة عوامل تؤدي إلى الحرائق في محطات الكهرباء والمحولات وشبكات التوزيع، والتي تزيد مع ارتفاع درجات الحرارة، مبينا ضرورة الفحص الكامل والشامل لأي شبكة أقيمت بهذه المشروعات، لتحديد مدى جودة أنظمة العزل الموجودة بالكابلات والملفات، وتقييم الوصلات التي تربط بين الكابلات والأسلاك التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة، وتؤثر على العزل الموجود بالشبكة، بما قد يسبب اشتعال الحرائق.وأوضح مسؤولون في الشركة المصرية لنقل الكهرباء أن نقص العمالة المدربة أحد العوامل المؤدية إلىى تراجع عمليات الصيانة الدورية للشبكات والمحطات منوهين إلى تفاقم الحرائق بشبكات الكهرباء الرئيسية، بعد لجوء قطاع الكهرباء إلى التقشف المالي الشديد، الذي بدأت مظاهره، بعدم توفير بدائل المحولات ومعدات احتياطية للشبكات في المخازن وفقا للحدود القانونية والفنية، والتخلص من كافة المخزون الموجود في محطات التوليد والتوزيع، دون تمييز بين الصالح منها والمستعمل، وبيعه على مدار السنوات الثلاث الماضية، دون إحلالها بأخرى لمواجهة حالات الطوارئ.
أكد المصدر لـ"العربي الجديد" أن ندرة العمالة حالت دون قيام الفنيين بعمل الصيانة الدورية للشبكات، وفي حالة الطوارئ، يجري عمل الصيانة بانتداب شركات خارجية، غير مسموح لها بعمل الصيانات الكاملة للمحطات والشبكات أو وضع حلول دورية، لعدم وجود ميزانية لمواجهة تلك المصروفات.
تكشف حرائق محطات المحولات وشبكات التوزيع في المحافظات، عن هشاشة البنية التحتية لقطاع الكهرباء في مواجهة الكوارث المفاجئة والعادية. فرغم المبالغ الهائلة التي جرى إنفاقها على قطاع الكهرباء بما يزيد عن نصف تريليون جنيه (حوالي 10.1 مليارات دولار) خلال السنوات العشر الماضية، وجهت نحو 30% منها لدعم شبكات التوزيع على الجهود الفائقة والعالية والمتوسطة، عدا ما تحصله شبكات التوزيع من أموال المواطنين، الراغبين في توصيل الكهرباء لمنازلهم ومشروعاتهم، فإن الشبكات تتعرض للانهيار في الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة طبيعياً والناتجة عن زيادة الأحمال والاستهلاك.
تشير بيانات جهاز الإحصاء الحكومي إلى وقوع 46 ألفا و925 حادثة حريق في أنحاء البلاد خلال 2024، بزيادة 3.2% عن 2023، مع تركز الزيادة بحدوثها بنسبة 50% خلال الصيف
وتشير بيانات جهاز الإحصاء الحكومي إلى وقوع 46 ألفا و925 حادثة حريق في أنحاء البلاد خلال عام 2024، بزيادة 3.2% عن عام 2023، مع تركز الزيادة بحدوثها بنسبة 50% خلال فصل الصيف، حيث تدفع درجات الحرارة المتصاعدة، إلى استخدام مكثف لأجهزة التبريد والتكييف، بما يثقل شبكة الكهرباء ويزيد من احتمالات حدوث أعطاء كهربائية تؤدي إلى الحرائق. تمتد آثار حرائق الكهرباء إلى قطاعات أخرى كثيرة خاصة بالمصانع ومناطق التخزين، والتي ظهرت توابعها في حريق بمستودعات دمياط والمطاعم والعقارات مؤخراً.
ويشير عطية عطية أستاذ الطاقة وعميد كلية الهندسة في الجامعة البريطانية بالقاهرة، إلى وجود عدة عوامل تؤدي إلى الحرائق في محطات الكهرباء والمحولات وشبكات التوزيع، والتي تزيد مع ارتفاع درجات الحرارة، مبينا ضرورة الفحص الكامل والشامل لأي شبكة أقيمت بهذه المشروعات، لتحديد مدى جودة أنظمة العزل الموجودة بالكابلات والملفات، وتقييم الوصلات التي تربط بين الكابلات والأسلاك التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة، وتؤثر على العزل الموجود بالشبكة، بما قد يسبب اشتعال الحرائق.ويعتبر عطية أن الحمل الزائد على الدوائر الكهربائية أحد الأسباب الرئيسية التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأحمال عليها، وارتفاع درجات حرارة الأسلاك، والمحولات بما يزيد من احتمالات حدوث الحرائق، منوها إلى أن زيادة السرقات عبر التوصيلات غير القانونية لشبكات الكهرباء تزيد من مخاطر الفقد التجاري، وصعوبة وضع الحسابات المقننة لكمية الفقد، وتوليد حرارة تشعل الحرائق.
ويدعو خبير الطاقة شركات التوزيع والإنتاج إلى المراقبة الدورية للشبكات والمحولات، لتحديد مراكز الضعف بها، والعمل على صيانتها قبل ظهور المشاكل الفنية التي تسبب حرائق مفاجئة، مؤكداً على ضرورة فحص معدات الشبكات المركبة حديثاً، لتحديد مدى تناسبها مع البيئة المصرية، على مدار السنة، ومدى مطابقتها للمواصفات الفنية، والتوسع في إقامة مراكز التحكم في الشبكات على مستوى المحافظات والمدن ومراكز الاستهلاك الرئيسية، التي تجري من خلالها رقابة الاستهلاك وجودة الشبكات وفحص المعدات من بعد، بما يمنع الكوارث قبل وقوعها، مع تركيب أنظمة حماية من الحرائق والتدريب الدائم لكل العاملين بالكهرباء، على عمل الصيانة الدورية واستكشاف لحظي على مواجهة الأعطال والحرائق المفاجئة.
في رسالة نارية وجهها عضو المجمع العلمي المصري هاني محمود النقراشي للحكومة حول ظاهرة الحرائق الأخيرة بمرفقي الكهرباء والاتصالات، أوضح أن هناك قصوراً في تخطيط شبكات الكهرباء التي تعتمد على نقط ارتكاز رئيسية بحجة تيسير عمليات الربط، مؤكدا أن هذا "التخطيط العقيم" تستعمله وزارة الكهرباء في شبكاتها، بما حال دون ربط بعض وحدات محطات توليد الكهرباء التي أقامتها شركة "سيمنز" الألمانية في مناطق البرلس شمال البلاد والعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة وبني سويف جنوب العاصمة، التي شيدت خلال الفترة من 2015-2020، وتمتاز بكفاءة عالية، مع ذلك لم تتصل بالشبكة الكهربائية الموحدة حتى الآن، لأن المسارات الجديدة وتوصيلاتها لم تكتمل بعد.
يدعو حسام بدراوي إلى إطلاق خطة قوية لمراجعة أنظمة الأمان بالمنشآت الحيوية، ونشر الوعي بمخاطر الإهمال والاشتعال الذاتي والتوصيلات العشوائية وإعادة هيكلة أجهزة الدفاع المدني
وقال النقراشي الذي شغل منصب مستشار لمشروعات الطاقة الجديدة في رئاسة الجمهورية خلال الفترة من 2014-2020، في الرسالة التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، إن التخطيط الحديث ينشئ جزرا كهربائية تمكن القائمين على شبكات الكهرباء من فصل أي منها عن الشبكة الرئيسية دون أي ارتباك للتيار الكهربائي الموجود بالشبكات الفرعية، مشترطا وجود تيار في الجزر الكهربائية، وتوفير الأمان ضد تذبذب التيار.
ودعا النقراشي الحكومة إلى التوسع في إقامة مشروعات الطاقة المتجددة، وخاصة الشمسية، وربطها بالشبكات المحلية، لتمتص أي مشاكل ناجمة عن انقطاعات التيار بالشبكة المصرية الموحدة، بما يضمن عدم انقطاع التيار بأنحاء البلاد، في حالات الكوارث الطبيعية والأخطاء الفنية المفاجئة، وتشغيل المحطات الحديثة التي توفر استخدام الطاقة، مع إلغاء نظام التوقيت الصيفي، الذي أثبت فشله في توفير الكهرباء والمحروقات على مدار الأعوام الماضية، والذي دفع الحكومة إلى استيراد المزيد من الغاز المسال بالرغم من ارتفاع سعره، لعدم قدرة وزارة الكهرباء على تشغيل محطات التوليد الحديثة الموفرة للطاقة.
مصر| عودة تدريجية للعمل في القطاعات المتضررة من حريق سنترال رمسيس
بدوره، يرجع الأمين العام الأخير للحزب الوطني المنحل حسام بدراوي كثرة الحرائق الأخيرة في شبكات الكهرباء إلى خلل منهجي يظهر في ضعف أنظمة الحماية من الحرائق وتهالك البنية التحتية الكهربائية والتراخي في تطبيق معايير الأمان داخل المنشآت، سواء العامة أو الخاصة، مبينا في تصريحات صحافية أن تكرار الحوادث يعطي إحساساً شعبياً بالخطر ولو لم يكن مدبراً، وهو ما يستوجب رداً مؤسسياً ذكياً ومقنعاً، لا يُسطح المشكلة (يقلل منها) ولا ينكرها ولا يوجه اتهاماً لمن يتساءل عن خطورتها وتكرارها.
ويدعو بدراوي إلى إطلاق خطة قوية لمراجعة أنظمة الأمان بالمنشآت الحيوية، ونشر الوعي بمخاطر الإهمال والاشتعال الذاتي والتوصيلات العشوائية وإعادة هيكلة أجهزة الدفاع المدني والأمن الصناعي، وجعل السلامة جزءا من المناهج الدراسية، مع تعميم أجهزة الرقابة المرئية والإنذار المبكر.