لجنة برلمانية تقرّ قانون الإيجارات المصري: قنبلة موقوتة

في الثلاثاء ١٧ - يونيو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

وافقت لجنة الإسكان في مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان) المصري، الثلاثاء، نهائياً على مشروع القانون المقدم من الحكومة بصفة عاجلة بتعديل قوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجّر والمستأجر أو الإيجارات القديمة، ولم تدخل اللجنة أيّ تعديلات على مشروع القانون، استجابة لطلب ثلاثة من الوزراء حضروا اجتماعها، هم وزراء الإسكان والتنمية المحلية وشؤون المجالس النيابية، تمهيداً لإعداد تقرير بشأنه للعرض على مجلس النواب، في جلسته المنعقدة بتاريخ 29 يونيو/حزيران.

ورفض رئيس اللجنة محمد عطية الفيومي طلب النائب ضياء الدين داوود، بشأن عدم التصويت على المشروع القانون إلّا بعد مناقشته بصورة مستفيضة، بحجة أن القانون خضع لمناقشات سابقة داخل اللجنة، ويجب تمريره سريعاً قبل انقضاء دور الانعقاد السنوي الأخير للمجلس بتشكيله الحالي. وقال داوود معقباً: " هذه قضية لا فائز فيها أو مهزوم، فهي قضية البلد، ولذلك يجب أن تعقد اللجنة جلسات للحوار المجتمعي حول القانون يحضرها كل الأطراف المعنية. مصر تواجه ظروفاً استثنائية بسبب الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل، وهي ظروف تؤثر على حياة المواطنين وأحوالهم".

وأضاف داوود أن المنطقة تواجه حرباً مصيرية مع احتمالية نشوب حرب عالمية، وموازنة الدولة التي جرت الموافقة عليها ستشهد تعديلات مستقبلية حتى تتواكب مع التغيّرات الإقليمية. ويجب التأكيد بأن سلامة الجبهة الداخلية ليست بالانحياز إلى طرف على حساب آخر، خصوصاً أن حكم المحكمة الدستورية الصادر في عام 2002 حسم امتداد عقد الإيجار إلى الجيل الأول"، وتابع: "المصريون يعيشون في فترة بلغ فيها كيلو اللحوم الطازجة 500 جنيه، وتقديرات البنك الدولي تشير إلى 55% من المصريين باتوا تحت خط الفقر. ونحن نشكّك في قدرة الدولة على توفير مساكن بديلة للمستأجرين، لأنها تبيع وحدة الإسكان الاجتماعي التي تبلغ مساحتها 90 متراً بنحو مليون جنيه، وبالتالي نرى أن هذا القانون بمثابة قنبلة موقوتة".وشهد الشارع المصري حالةً من الغضب في الأشهر الأخيرة، بسبب مواد مشروع القانون المقترح سابقاً من الحكومة، الذي كان يقضي بإنهاء عقود الإيجارات السكنية القديمة بعد مرور خمس سنوات من تاريخ سريان القانون. ونص المشروع الجديد على تمديد فترة إنهاء عقود الإيجار القديم من خمس سنوات إلى سبع سنوات، في ما يخصّ الأماكن المؤجرة لغرض السكن، والإبقاء على مدة الخمس سنوات للأماكن المؤجّرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكن، مع إلزام المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك بانتهاء الفترة الانتقالية، والنص صراحة على إلغاء جميع قوانين الإيجارات القديمة بعد انتهاء الفترة الانتقالية.

وجاء التعديل وسط مخاوف حكومية من أن يسبب صدور القانون حالةَ اضطراب اجتماعي، بسبب الخلافات العميقة بين الملّاك والمستأجرين حول إيجارات نحو ثلاثة ملايين وحدة سكنية وتجارية على امتداد البلاد. ونص المشروع على زيادة القيمة الإيجارية الشهرية للأماكن المؤجرة لغرض السكن في المناطق المتميزة بواقع 20 مثلاً، بحد أدنى 1000 جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أمثال للوحدات الكائنة بالمنطقتَين المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيهاً للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية.

كما نص على زيادة القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجّرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكن بواقع خمسة أمثال القيمة الإيجارية الحالية، وزيادتها للأماكن المؤجرة لغرض السكن ولغير غرض السكن خلال الفترة الانتقالية بصفة دورية سنوياً، بواقع 15%. واستحدث المشروع حالات تجيز للمالك أو المؤجّر المطالبة بإخلاء العين المؤجرة، بخلاف الحالات الواردة بقوانين الإيجار القديم، إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكانَ المؤجَّر مغلقاً لمدة تزيد على سنة من دون مبرّر، أو إذا ما ثبت أنه يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية (بحسب الأحوال)، قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعد من أجله المكان المؤجر.ومن المتوقع أن يؤدي صدور قانون الإيجارات القديمة، في شكله الجديد، إلى موجة احتجاجات شعبية، لا سيّما في الأحياء القديمة والمكتظة بالسكان في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، حيث يعيش الملايين في وحدات مستأجرة بعقود قديمة تمتد لعقود طويلة، بأجور زهيدة لا تواكب أسعار اليوم، لكنّها تمثل الملاذ الوحيد لهؤلاء من الفقر والتشرد. وسبق أن نظّمت رابطة المستأجرين والجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية، بمشاركة عدد من أحزاب المعارضة، مؤتمراً جماهيرياً لرفض مشروع قانون الإيجارات، وحذرت من تشريد ملايين المستأجرين وإغلاق منشآت اقتصادية.

وشدد المشاركون، وبينهم نواب وشخصيات عامة، على أن القانون ينحاز للملّاك، ويهدّد الاستقرار الاجتماعي، في ظل غياب الحوار المجتمعي، وتجاهل أحكام المحكمة الدستورية بشأن زيادة الأجرة من دون الإخلاء. وتعتبر الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل عقود الإيجار القديم حماية لها من صعوبة توفير السكن في سوق الإيجارات الحرة التي أصبحت تكاليفها باهظة، وتتراوح حالياً بين خمسة آلاف وعشرة آلاف جنيه شهرياً في المتوسط.