فرنسا تصدر قائمة جديدة لجزائريين تريد ترحيلهم

في الجمعة ١٤ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر حكومية فرنسية تأكيدات جديدة بأن باريس تستعد لتسليم الجزائر قائمة بأسماء عدد من المواطنين الجزائريين الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم إلى بلادهم، بينهم الشخص المتهم بتنفيذ عملية الطعن في ميلوز، شرقي فرنسا، التي أدّت إلى مقتل شخص في فبراير/شباط الماضي. ونقلت الوكالة، أمس الخميس، عن ثلاثة مصادر أن عدد الجزائريين الذين ترغب باريس في ترحيلهم أقل من مئة شخص، وأجمعت هذه المصادر أن القائمة سترسل اليوم الجمعة أو في الأيام المقبلة، وذكرت نفس المصادر أن هذه القائمة أولية، ما يعني أن هناك قوائم أخرى قادمة.

وترفض الجزائر منذ يناير/كانون الثاني الماضي استقبال رعاياها المبعدين من فرنسا مبررة ذلك بعدم حصول باريس على الترخيص القنصلي اللازم لترحيلهم، وأدى رفض الجزائر لتفاقم حجم ومستوى الأزمة السياسية وزيادة توتر العلاقات بين البلدين، وبحسب تقارير فرنسية فإنّ الجزائر أعادت مبعدين جزائريين إلى فرنسا على نفس الطائرات التي حملتهم للجزائر 22 مرة، وضمنهم رعايا جزائريين يحملون جوازات سفر صالحة وليسوا بحاجة إلى وثيقة الموافقة القنصلية الجزائرية في فرنسا.

وتضاف قائمة الـ100 جزائري المراد إبعادهم وترحيلهم إلى قائمة أخرى تضم 700 آخرين كان أعلن عنهم وزير الداخلية الفرنسي رونو روتايو، الأربعاء الماضي، وقال إنهم "موجودون في الحجز الإداري" وتطالب السلطات الفرنسية الجزائر بقبول ترحيلهم واستصدار وثائق سفر لهم. فيما تتحدث بعض المصادر عن وجود ألف جزائري تريد باريس إبعادهم بأقصى سرعة ممكنة.

لكن توقع رد جزائري إيجابي على استقبالهم في الوقت الراهن يبدو غير وارد تماماً، خاصة أن السلطات الجزائرية كانت اتخذت الثلاثاء الماضي قراراً أكثر تصلباً يقضي بتعليق التعاون بين ثلاث قنصليات جزائرية في كل من نيس ومرسيليا ومونبلييه في الجنوب الفرنسي (من بين 20 قنصلية) مع سلطات المحافظات الفرنسية، ووقف التعاون القنصلي وجميع الإجراءات القنصلية المتعلقة بالمساجين والمحتجزين الجزائريين في فرنسا، ورفض أي تعاون أو منح معلومات أو أي تصاريح قنصلية تخصهم حتى إشعار آخر.

وتبدو الأزمة الجزائرية الفرنسية مرشحة لمزيد من الانسداد، خاصة مع غياب أي مؤشرات حتى الآن لفتح قنوات اتصال سياسي أو تواصل أو تدخل لعقلاء وسياسيين، من الجانب الفرنسي خاصة، لتهدئة الأزمة وطرح بدائل للنقاش بين حكومتي البلدين، إذ إنّ طرح باريس المزيد من قوائم المرحّلين، ومطالبة الجزائر بقبولهم، يقابله رفض جزائري على الجانب الآخر ما يعني استمرار الأزمة. ويرى المحلل السياسي نصر الدين حداد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "منحى الأزمة الجزائرية مازال في تصاعد، وهذا يُظهر أن الجزائر وباريس لم تقتنعا بعد بأن الوقت مناسب لبحث ترتيبات التسوية، وكل طرف يعتبر أنه مازال يملك أوراق ضغط، ولذلك تستمر باريس في طرح المزيد من قوائم المرحّلين، وتستمر الجزائر في موقفها المتصلب".وأضاف حداد: "غالباً في مثل هذه الأزمات تكون هناك قنوات اتصال خلفية، ومساهمات من شخصيات من خارج الإطار الرسمي للبحث عن مخارج للأزمة، لكن في الأزمة القائمة ليس واضحاً في الوقت الحالي ما إذا كانت هناك فعلاً اتصالات خلفية تجري لتجاوز الأزمة، فالرئيس الجزائري كان واضحاً في تصريحاته عندما اعتبر أن الأمر بيد الرئيس الفرنسي الذي عليه أن يتخذ المطلوب لوقف السياسات اليمينية وتغيير الخطاب تجاه الجزائر".

وأدى رفض الجزائر استقبال مواطنين يقيمون بصورة غير شرعية في فرنسا إلى توتر العلاقات بين البلدين، والتي تدهورت أساساً منذ يوليو/تموز 2024 بعد إعلان باريس الاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في منطقة الصحراء المتنازع عليها، وتبدي الجزائر تصلباً لافتاً في موضوع الترحيل، وترفض قبول أي تعاون في هذا المجال تحت الضغط والتهديد الفرنسي.وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو هدد، الأربعاء الماضي، باتخاذ مزيد من التدابير التقييدية الموجهة خاصّة إلى المسؤولين الجزائريين وأفراد عائلاتهم، بهدف الضغط على السلطات الجزائرية لقبول التعاون في ملف الترحيل، وقال إن هناك حزمة من "الإجراءات القادمة التي ستكون فعالة بطريقة دقيقة وانتقائية، إذ ستشمل هؤلاء الذين يأتون إلى فرنسا من أجل قضاء إجازاتهم، ومن يرسلون أولادهم للدراسة في المدارس الجيدة ومن يأتي للعلاج أيضاً"، وهذه التدابير تأتي بعد قرار سابق بمنع دخول المسؤولين الجزائريين الحاملين لجوازات السفر الدبلوماسية ووثائق السفر الخاصة (جوازات سفر مهمة)، المعفاة من التأشيرة، إذ كانت باريس منعت رئيس الديوان السابق للرئاسة الجزائرية عبد العزيز خلاف، وزوجة السفير الجزائري في مالي، وشخصيات أخرى من الدخول إلى الأراضي الفرنسية.