وصلت إلى مدينة الموصل شمالي العراق دفعة جديدة من نازحي مخيم الهول السوري، هي أولى دفعات العائدين من المخيم بعد إسقاط نظام بشار الأسد، وقال مسؤول دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى خالد عبد الكريم لـ "العربي الجديد"، إن "دفعة جديدة وصلت من مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل"، موضحاً أن "الدفعة التي عادت هي الـ 19 وتضم 193 عائلة تضم أكثر من 700 شخص".
وأشار عبد الكريم إلى أن "العائلات العائدة هي من أهالي محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار"، مبيناً أن "وزارة الهجرة تقوم بتسلم النازحين العائدين من الهول ومن ثم إيوائهم في مخيم الجدعة بشكل مؤقت لغرض إعادة تأهيلهم لدمجهم من جديد في المجتمع".
وتعمل الحكومة العراقية على إعادة مئات العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول تدريجياً، حيث تنقل دفعات من العائلات على نحو زمني متقارب ويخضعون بداية إلى الإقامة في مخيم الجدعة، جنوبي الموصل، ويتلقون فيه دورات تأهيل نفسي ومجتمعي وعلاجي قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.
ويؤكد مصدر مطلع في وزارة الهجرة أن عدد العراقيين الذين كانوا في مخيم الهول "يزيد عن 27 ألف عراقي، ولكن هذا العدد تراجع إلى 17 ألفاً بعد نجاح السلطات العراقية في إعادة نحو 10 آلاف نازح طيلة السنوات الـ 4 الماضية".
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن "وزارة الهجرة تعمل عبر مستشارية الأمن القومي العراقية على إعادة وجبات جديدة من نازحي الهول خلال المرحلة المقبلة"، مبيناً أن جميع العائدين يتم تدقيق ملفاتهم من الناحية الأمنية، وأن كل من توجد عليه مؤشرات أمنية يتم اعتقاله ونقله إلى مراكز التحقيق والاحتجاز الأمنية، فيما يتم إعادة الآخرين إلى مركز التأهيل في مخيم الجدعة لأشهر محدودة ومن ثم إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية إن لم تتسبب تلك العودة بنزاعات عشائرية".
ولفت إلى أن "إعادة النازحين من الهول يتم عبر التنسيق بين مستشارية الأمن القومي العراقية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات الأميركية"، موضحاً أن "التنسيق لا يتم مع الحكومة السورية المؤقتة على اعتبار أن المنطقة التي يوجد فيها الهول خاضعة للقوات الكردية والأميركية ولا سلطة للحكومة السورية الجديدة عليها".
وتؤكد بيانات وزارة الهجرة العراقية المتكررة أن نزلاء المخيم يقسمون إلى عائلات مسلحي داعش الذين لم يجدوا مكاناً لإيوائهم سوى مخيم الهول، والفئة الثانية تضم مدنيين أجبروا على النزوح في السنوات الأخيرة بسبب العمليات العسكرية في العراق.
وفي وقت سابق، أكدت وزارة الهجرة تقديم توصيات إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإعادة نازحي مخيم الهول من العراقيين غير المتورطين في قضايا أمنية، فيما بينت أنه لا وجود لمشكلات تمنع عودة النازحين الطوعية.
ويرى الصحافي والباحث العراقي علي الحمداني، أن عودة دفعات متتالية من نازحي مخيم الهول إلى العراق "خطوة إيجابية تفضي إلى إغلاق المخيم"، لكنه أكد وجود "تباطؤ كبير في عمليات إعادة النازحين، حيث لا يتجاوز عدد العائدين في العام الواحد أكثر من 3 آلاف شخص، وذلك يعني أن غلق المخيم لن يكون متاحاً قبل العام 2030".شدد الحمداني في حديث مع "العربي الجديد" على "أهمية أن تسارع السلطات العراقية بإعادة النازحين من المخيم السوري، وأن يضغطوا على الجانب الأميركي لإعادة جميع العراقيين هناك"، مبيناً أن "بقاء النازحين لسنوات أخرى في الهول يعني زيادة المخاطر على الأمن العراقي بسبب وجود عدد ليس بالقليل من أنصار الفكر المتطرف داخل المخيم، وكذلك فإن الحرمان الذي يعيشه الأطفال في المخيم سيؤدي إلى تحولهم إلى مشاريع قابلة للاختراق والاستهداف من قبل الأجندات الطائفية والإرهابية".
ونهاية العام 2024 شدد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لإغلاق مخيم الهول السوري وإعادة جميع نزلائه إلى بلدانهم، فيما جدد دعوته لدول العالم التي لديها رعايا في المخيم إلى الإسراع في إعادة رعاياهم، محذراً من أن بقاء المخيم قرب الحدود مع العراق يشكل تهديداً للأمن العراقي.