امتدت مصر الليبرالية من عام 1919حتى سنة 1952 تميزت تلك الفترة بحياة سياسية ديناميكية وذخرت بالكثير من السياسيين العظماء مثل عبد العزيز فهمي باشا وزعيم الأمة سعد زغلول وحزب الوفد الذي استطاع صهر عنصري الأمة في نسيج واحد و تمتعت مصر باقتصاد قوى وسماحة مطلقة فرئيس مجلس النواب ويصا واصف باشا كان يصرح دائما انه نائب عن دائرة لا يوجد بها قبطيا واحدا سوى نائبها وشغل بطرس غالى باشا رئيس وزارة مصر ونجح مرشح الوفد بطرس حكيم في الفوز بدائرة المراغة بلد الشيخ المراغى ش&ia;يخ الجامع الأزهر وكانت نسبة النواب الأقباط في الحياة النيابية عالية جدا هكذا كانت مصر في العصر الليبرالي " العصر الجميل " .
اثر انقلاب يوليو على مصر ساهم في تحطيم صورة مصر الجميلة في كل مناحي الحياة سياسيا اجتماعيا واقتصاديا...الخ وصارت مصر بفكر الرجل الواحد.
فسياسيا اصبح الكل يسير بفكر الرائد والملهم الواحد ولا صوت يعلوا فوق كلمة الرئيس فضرب العلامة السنهورى في عقر دار القضاء بالحذاء من الوزير سعد زايد وكتب إحسان عبد القدوس مقالة " العصابة التي تحكم مصر " فاعتقل وخرج بعد استضافة في أحد المعتقلات ليكتب في الحب وتجنب الكتبة في السياسة وقدم الوزير ثروت عكاشة استقالته فمزق رئيس الجمهورية عبد الناصر الاستقالة مصرحا " أنا لا اقبل استقالة الخدام والوزراء " وقام انقلاب يوليو بإخصاء سياسي للمصريين فعقمت مصر من العظماء أمثال عبد العزيز فهمي وسعد زغلول وويصا واصف .
دون الأستاذ طارق البشرى في كتابه " المسلمون والأقباط في إطار الوحدة الوطنية " بعد وضع دستور 1923 نوقش في الصحف فطلب الأستاذ محمود عزمي " المسلم " بوضع ضمانات لتمثيل الأقباط في البرلمان عارضة الأستاذ عزيز مرهم " قبطي " مؤكدا أن الضمان الحقيقي وحدة عنصري الأمة !!، ولكن تغير الوضع رأسا على عقب بعد انقلاب يوليو فقادة الانقلاب كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين " حسين الشافعي وعبد الناصر والسادات " فقاموا بزرع روح التعصب والكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد فنشروا فكرهم الكارة للآخر، فنبذ الأقباط لهويتهم الدينية فمنذ ذلك ضعف تمثيل الأقباط في الحياة النيابية ولم تظهر فكرة تعيين عدد من النواب إلا في انتخابات عام 1954.
رفع الاستاذ هيكل منظر الثورة " أهل الثقة وأهل الخبرة " وتفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة !! فسدت مصر إداريا وماليا أهدرت موارد الدولة على يد اهل الثقة فسلبوا ونهبوا واعتبروا مصر ومن عليها ورث لهم حتى لم تسلم فنانات مصر من نزوات أهل الثقة، وما نراه اليوم من فساد في كل مناحي الحياة هو نتيجة طبيعية لتغلغل قيادات الجيش " أهل الثقة " في كل مراكز مصر القيادية " محافظين رؤساء أحياء رؤساء مجالس إدارات ...الخ .
معارك عبد الناصر ووهم العروبة الكاذب وصورة الزعيم الأوحد ساهمت في ضياع اقتصاد مصر وانحدارها" ففى عهد الملك فاروق كان الجنية المصري يساوى أربع دولارات أمريكية " فتارة حرب في اليمن وتارة في الجزائر ووحدة فاشلة مع سوريا كل هذه الأسباب ساهمت في تدمير مصر اقتصاديا بسبب تلك المغامرات الخاسرة نزف اقتصاد مصر وفقدت مكانتها الاقتصادية فى المنطقة بل أصبحت عالة على المجتمع الدولي بعد فقدان قوتها الاقتصادية وبدلا من صرف موارد الدولة في البنية التحية والتطوير أهدرت موارد الدولة في حروب دينكوشوتية خاسرة وأحلام الزعامة.
هناك من يرد على ذلك بفساد الملك و أعوانه ولكن الحقيقة تؤكد أن الفساد الحالي فاق الرؤوس وطيور السمان البشرى فاق الحصر فانقلاب يوليو كان انقلاب داخلي لتحطيم مصر و اخصاء مصر سياسيا والسماح بغزو بدوي للمحروسة فصحر قلوب البشر تجاه بعضهم البعض فعم التطرف والإرهاب والفتنة ونهاية دولة المؤسسات .
الإدارة الحسنة خيرا من الدخل الجيد " مثل برتغالي "
ملك صالح خير من شرائع عادلة " مثل دانمركي "
العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والشرف