كان لي حظ بزيارة سويسرا لمدة ليست بالقصيرة ، و كم كنت أتمنى مرور الأيام بسرعة قبل ذهابي إلى تلك الدولة و ذلك لطول مدة السفر ، و التي كانت 21 يومآ و هي فترة ليست بالقصيرة خاصة و أنها كانت منحة دراسية و في نفس الوقت دعوة من الأمم المتحدة لحضور جلسات مجلس حقوق الإنسان في دورته رقم 11 ، و التي تمت بالتنسيق مع مؤسسة فريدم هاوس .
كما أن معلوماتي عن سويسرا قبل سفري إليها لم تكن بالكثيرة خاصة و أن هذا البلد يختلف عن غيره من بلدان أوربا حيث أنه لا يعلن عن نفسه أبدآ ! فلا هو يقوم بعمل دعايات سياحية و لا هو يسعى للشهرة أبدآ ، و كان من المنطقي أنني لو خيرت قبل سفري إلى هذا البلد أن أختار بلدآ آخر ، لكنت بالفعل إخترت بلدآ آخر غير سويسرا فليس بها أكبر ساعة بالعالم و ليس بها برج إيفل و لا برج بيزا المائل.. إلخ
إلا أن القدر شاء لي أن أزور هذه البلد ، و حقآ أقول حسنآ فعل معي القدر .
فلقد رأيت في هذه البلد أشياء كثيرة كلها جميلة و كم تمنيت لو أن عدواها تنتقل إلى و طني ، و ما شاهدته لا يعني فقط روعة المنظر و الجمال الإلهي و الذي لا دخل للبشر في صنعه و إنما و ما أبهرني أكثر هو سلوك شعبها الذي يؤكد أن لسويسرا خصوصية مختلفة عن أي بلد آخر ، و في كتابي هذا سأتحدث عن 3 عناصر أساسية و هي :
1 - سلوكيات شعب سويسرا .
2 - الطبيعة الخلابة .
3 - خصوصية مدن سويسرا .
---------------------
1 - سلوكيات شعب سويسرا .
و أستطيع أن أوجز أهم ما يميز سلوك هذا الشعب في الآتي :
أولآ / نظام الحكم الديمقراطي :
فبعد إجراء الإنتخابات البرلمانية يطلب من أكبر 4 أحزاب إختيار 2 شخص لتولي وزاراتين بإستثناء أصغر تلك الأحزاب أعضاء بالبرلمان حيث يطلب منه ترشيح شخص واحد لتولي وزارة ، و بالتالي فإن أعداد الوزراء يكونون 7 فقط ، و يتناوبون منصب رئيس الدولة كل عام ! فرئيس الدولة لا يحكم أكثر من عام واحد .
ثانيآ / تقديس العمل و الإستمتاع بأوقات الفراغ :
مايميز تلك البلد أيضآ ، و هي ميزة قد توجد في أوربا كلها هي أن الشعب يدرك تمامآ أهمية العمل و يتضح هذا جليآ مع مواعيد العمل و النوم في وقت مبكر و الإستيقاظ أيضآ في وقت مبكر ، كما أن الناس أيضآ مهتمون بالإستمتاع بأوقا الفراغ و يتضح هذا جليآ في عطلات نهاية الإسبوع .
ثالثآ / الإهتمام بالمظهر الشخصي :
ما يمتاز به سكان تلك الدولة أيضآ هو أنهم جميعآ يحافظون على مظهرهم بشكل أكثر من جيد و لا مجال للتنازل عن هذه الميزة أبدآ و أذكر أنني كنت في عشاء عمل و كانت تجلس معي إحدى السيدات و لم نكن إنتهينا من العمل فطلبت منها أن تنتظر ساعة أخرى فقالت لي أن هذه الساعة ستكون من أوقات نومها و التي هي 8 ساعات فقلت لها و ما المانع فقالت لي أن قلة ساعات النوم تؤثر على شكل الإنسان و تحدث تغيرات بشكل البشرة ، فاحترمت وجهة نظرها بل و قمت بتحيتها أيضآ .
رابعآ / الإيمان بالنظافة :
يؤمن شعب تلك الدولة بالنظافة إيمانآ لا يقبل الشك و النظافة ليست فقط النظافة الشخصية و إنما أيضآ الحفاظ على النظافة العامة ، بشكل يجعل من هو غريب عن تلك البلاد و لا يؤمن بعقيدة النظافة يكون مجبرآ على الإيمان بها خجلآ منه أن يسئ إلى الجمال العام الذي تتمتع به تلك البلاد ، فعلى ما رأت عيناي من زيارة خمس مدن و هي جنيف و لوزان و فيفي و مونترو و برن ، فإنني أكاد أجزم أنني لم أرى ورقة ملقاة على الأرض أو خارج سلة المهملات .
خامسآ / إحترام الأجانب :
من أكثر الأمور التي أثرت في نفسي إحترام أهل سويسرا للأجانب بشكل غير بالفعل في سلوكي أنا الشخصي ، حيث أنني لم أشعر لحظة أنني في بلد غريب ، بل وصل بي الأمر إلى أنني كنت أشعر أنني في وطني ، فلم أجد من أي من أفراد الدولة أي نظرات تميز أو عنصرية ، لم أجد إلا الإحترام و الترحيب الدائم .
سادسآ / المباشرة و الصراحة و عدم المجاملات :
سمات تجدها في سلوك هذا الشعب فلا هم يعرفون الرياء أو الكذب ، و لماذا يكذبون أو ينافقون و هم ينعمون بالحرية فلا هم يخفون مشاعرهم و لا هم محبطون بسبب الكبت الناتج عن العادات و التقاليد .
------------------------
2- الطبيعة الخلابة :
تشعر و أنت في سويسرا أنك أمام منظر مرسوم و تكاد تمعن النظر مرة و مرتين و أكثر ، حتى تتيقن من أنك أمام منظر حقيقي هدية من الله و تكاد المشاعر و الأحاسيس تخرج منك رغمآ عنك كلما تماديت في السير أو التنقل من بلد لبلد ففي كل خطوة تجد منظرآ بديعآ لا يكاد أن يوصف ! من شدة جماله ، و المبهر أكثر هو الإبداع في إظهار هذا الجمال الرباني سواء بالبيوت الخلابة في الجمال أو ببناء الجسور ذات العراقة و الحضارة في نفس الوقت ، تشعر و أنت تنظر إلى الطبيعة إلى أهمية الجمال و راحة النفس تشعر بالطمأنينة و كأنك في جنة من جنات الله عز و جل .
فنادرآ ما تجد جبال لا يغطيها الجليد أو النباتات مهما كان حجم تلك الجبال ! و تتعجب حينما تعلم أن ألله هو من غطى تلك الجبال بالخضرة التي تتسم بالتنسيق و كأن مهندسون و خبراء زراعيون من يقومون بالإشراف على زراعتها !
-------------------------
3- خصوصية مدن سويسرا :
لو قررت أن تعيش في سويسرا فإنك تحتار في أي مدينة تقيم فكل مدنها جميلة ، و العجيب هو الإختلاف فكل مدنها مختلفة ، فالخصوصية تميز بين هذه و تلك فإحداها مفتوح على العالم مثل جنيف ، و أخرى تباري العالم في عطايا الله لها من جمال طبيعي مثل مونترو ، و ثالثة تتمسك بعراقة الماضي و الحضارة الأوربية مثل برن .. إلخ
في النهاية ستجد أن أنك ستحتار لو خيرت ، فالأذواق عديدة و كلها جميلة و كلها لها خصوصية .
-----------------------
قبل أن أنهي مقالي أود أن أحكي تفاصيل إتصال تم بيني و بين أحد أصدقائي حيث إتصل بي يسألني و أنا بالخارج ، كم عام بيننا و بين تلك البلاد ؟ فلم أجبه و أترك لكم الإجابة عن هذا السؤال نيابة عني .
و على الله قصد السبيل