لمحة فى تطبيق الشريعة السنية فى الدولة الطولونية
(4 ) شريعة التجسس فى دولة أحمد بن طولون ( 254 : 270 )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٩ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

لمحة فى تطبيق الشريعة السنية فى الدولة الطولونية
(4 ) شريعة التجسس فى دولة أحمد بن طولون ( 254 : 270 )
مقدمة
1 ـ الدولة العباسية كانت دولة دينية سنية ، واليها انتمى معظم العالم الاسلامى وقتها ـ ما عدا فترة الحكم الشيعى فى الدولة الفاطمية وفترات أخرى متفرقة. واليها أيضا انتمت الدول التى استقلت ذاتيا وسياسيا عن السلطة العباسية فى بغداد مثل الدولة الطولونية فى مصر و الشام .
كل أولئك الحكام من خلفاء وولاة طبقوا الشريعة السنية بمفهوم الاستبداد وحق الحاكم فى فعل أى شىء باسم الشرع ، حتى لو كان متغلبا على الحكم ـ بالمصطلح الفقهى ـ أى كان ثائرا نجح بالقوة والغلبة فى السيطرة على الحكم.
ومن أولئك الذين تغلبوا على الحكم كان الوالى احمد بن طولون. والواقع إنه أكثر حاكم تلمح فى تاريخه بعض ملامح الاستقامة والعدل ، بحيث يصلح أن يكون نموذجا فى العصور الوسطى لما يسمى بالمستبد العادل ،إذا صحّ وجود هذا الصنف من البشر حتى فى العصور الوسطى عصور الاستبداد والظلم والدولة الدينية والحروب الدينية والاضطهادات الدينية و المحاكمات الدينية.
ونتوقف هنا مع لمحة من تطبيق أحمد بن طولون فى تطبيقه للشريعة السنية ، فى مجال تفرّد فيه وتفوق ، وهو فنّ التجسس أبان صراعه مع الموفق العباسى أخ الخليفة ( المغلوب على أمره ) المعتمد على الله العباسى ، ولقد سيطر الموفق على أخيه المعتمد ، ودارت حرب علنية وخفية بين الموفق العباسى وابن طولون ، كان التجسس أبرز ملامحها.
أولا :
ونعطى بعض التفصيلات :
1 ـ من الآثار السيئة للخليفة المتوكل العباسى ( 232 : 247 هجرية ) أنه استقدم الأتراك ليحلوا فى الجيش العباسى محل العرب والفرس ، وكانت النتيجة أن تحكم القواد الأتراك فى الخلافة العباسية ، يقتلون خلفاءها ، وكان المتوكل أول ضحاياهم. لم يقتصر الأمر على ذلك بل استطاع قواد من الأتراك حكم بعض الولايات ، وكان منهم أحمد بن طولون ( 254 : 270 ) الذى قام بتكوين الدولة الطولونية فى مصر و الشام ودخل فى حروب مع الخلافة العباسية.
2 ـ على أن الدولة العباسية في فترة ضعفها وتراخي قبضتها على الولايات قد اهتمت أكثر بتوزيع السلطة في الولايات بين أكثر من شخص وجعلت كل واحد منهم عينا على الآخر ، وذلك حتى لا يستطيع أحدهم أن يستأثر وحده بالحكم ويستقل بالولاية، وتلك الطريقة أدت إلى تفوق الحرب السرية القائمة على التجسس والمكائد. وقد جربت الدولة العباسية خبرتها في حرب التجسس مع ابن طولون حين انفرد بحكم مصر، ولكن كان ابن طولون أكثر خبرة في حرب الذكاء والتجسس ، ونتتبع طرفا من مباراة التجسس بين ابن طولون في مصر والموفق العباسي في بغداد .
ثانيا :
المسرح السياسي بين بغداد والفسطاط
1 ـ في ذلك الوقت كانت مقاليد الحكم في الخلافة العباسية فى يد أبي أحمد الموفق طلحة الذي جعل أخاه الخليفة المعتمد علي الله لا يملك شيئا في الخلافة إلا مجرد الاسم .
وقد اضطر الخليفة المعتمد إلى تقسيم الإشراف على الدولة العباسية بين أخيه الموفق وابنه المفوض ، فتولى الموفق حكم القسم الشرقي في الدولة العباسية ، وكان المفوض مشرفا على القسم الغربي ومنه مصر.
وبينما تمتع القسم الغربي بالهدوء والثروة كان الموفق يعاني من ثورة الزنج في القسم الشرقي ويدخل في حروب متتالية ولا يفي الدخل لتمويل تلك المعارك فأرسل الموفق رسالة إلي أحمد بن طولون الذي يحكم مصر – أهم ولايات القسم الغربى – لكي يرسل المدد من الأموال ، وبعث إليه ابن طولون بمليون ومائتي ألف دينار ، ولكن استقل الموفق ذلك المبلغ فأرسل إلي ابن طولون بخطاب شديد اللهجة ورد عليه ابن طولون بالتي هي أسوأ .
2 ـ وبذلك بدأت الحرب العلنية بين ابن طولون والموفق المسيطر على الخلافة العباسية.. وقبل هذا الموقف العلني كانت الحرب السرية – حرب الذكاء والتجسس قد بدأت بين الفريقين واستمرت تغلف الحرب العلنية بينهما .
ثالثا :
حرب التجسس بين الموفق العباسى وأحمد بن طولون
1ـ كان الموفق يطمع في السيطرة على كل الولايات وخصوصا مصر ، وكان أخوه الخليفة المعتمد المسلوب الإرادة يتمنى فشل أخيه الموفق ، لذلك كانت الصلة وثيقة بين المعتمد وابن طولون ، وكانت المراسلات السرية هي السبيل المتاح للطرفين من وراء الموفق الذي وضع العيون والجواسيس حول أخيه في البلاط العباسي ، كما زرع مصر بالجواسيس لتأليب القواد ضد ابن طولون.
2ـ وحكاية المعونة المالية التي طلبها الموفق من ابن طولون للمساعدة في حرب الدولة العباسية ضد حركة الزنج – هذه الحكاية ليست إلا ستارا للحرب السرية بين الموفق وابن طولون، والقصة الحقيقية هي رغبة الموفق في الاحاطة بأخبار ابن طولون في مصر بعد أن استطاع ابن طولون توطيد نفوذه فيها وطرد عامل الخراج وعامل البريد ، وبعد موافقة الخليفة المعتمد على أن يستأثر ابن طولون بحكمها . ورأي الموفق أن نجاح ابن طولون في مصر يعتبر نجاحا لأخيه الخليفة الذي ليس له من الخلافة إلا الاسم فقط ، لذلك أرسل (نحرير) خادم الخليفة المتوكل – الخليفة الأسبق ـ والهدف المعلن هو طلب معونة للدولة العباسية في حروبها ضد الثائر العلوي وحركة الزنج ، أما المهمة السرية فهي إيصال خطابات من الموفق إلي القادة الذين يحيطون بابن طولون ليقتلوه ، ومن قتله فله حكم مصر بدلا منه .
3 ـ وكانت تلك المهمة السرية قد أحيطت بأعلى درجات الكتمان حتى أن "أصحاب الأخبار" أو الجبهة التجسسية التي زرعها ابن طولون في البلاط العباسي وفي بغداد لم تعلم عنها شيئا. والذي علم بها هو الخليفة المعتمد نفسه عن طريق ندمائه وغلمانه وجواريه ، فأسرع يرسل إلي صديقه ابن طولون سرا يخبره بحقيقة المهمة التي جاء من أجلها ( نحرير) ، فأسرع ابن طولون باتخاذ الإجراءات المناسبة . وفي وسط الاحتفالات الهائلة التي أقامها لتكريم مبعوث الخلافة العباسية استطاع عملاء ابن طولون نسخ الرسائل السرية التي كانت في حوزته ، ومن خلال الترحيب الهائل بالسيد (نحرير) تم منعه من مغادرة القصر أو الاتصال بأي أحد ماعدا أصحاب الأخبار(أو مباحث أمن الدولة ) التابعين لابن طولون. .
وبعد أن جمع له ابن طولون الأموال بالتمام والكمال قام بتوصيله حتى العريش في موكب فخم وأشهد عليه باستلام الأموال ثم ودعه..
وعاد إلى الفسطاط ووضع العيون حول القادة الذين كانت لهم رسائل في حوزة (نحرير) يرى رد الفعل لديهم، وقد تحققت الشكوك في بعضهم فاعتقله أو أعدمه ، وكان منهم بدر الخفيفي وابن عيسى الصفدي ،وكانا من كبار أصحابه المتمتعين بثقته .
4 ـ ومع أن ابن طولون بعث للموفق بكل ما طلبه من الأموال إلا أن الموفق غضب لأن ابن طولون أفشل المهمة الحقيقية لمبعوثه (نحرير).
وهنا تحولت الخصومة السرية إلى حرب علنية ، وانعكست على حرب التجسس بينهما فأصبحت أكثر شراسة وإثارة .
رابعا :
جهاز ابن طولون السري
1 ـ وكان لابن طولون جهازه السري داخل مصر وخارجها .
2 ـ وجهازه السري في مصر يستحق مقالا مطولا ، ولكن نكتفي بإشارة سريعة لنرى كيف أحكم قبضته على مصر وكيف أرسي سدا منيعا ضد محاولات الاختراق المستمرة لغريمه الموفق العباسي .
كان ابن طولون يدرك أن جهاز الحكم الذي يحكم به مصر إنما هم في الأصل عملاء للدولة العباسية مثله تماما في البداية، وإنه إذا كان قد استطاع أن يستخلص مصر لنفسه فإن رفاقه من القادة يشعرون بأنه متمرد، وكل منهم يطمع في أن يتخلص منه لتعينه الدولة واليا شرعيا مكانه . وبالإضافة للقادة العسكريين فهناك الكتاب الذين يقومون بالأعمال الإدارية والحسابية، وأولئك أيضا وافدون من البلاط العباسي وولاؤهم للموفق قد يغلب ولاءهم لابن طولون ، لذلك كان حذر ابن طولون من المحيطين به شديدا ، وكانت مراقبته لهم طيلة الليل والنهار، فلم يكن أحد ليخرج من مصر إلا بإذن أو تصريح أو جواز سفر. وقد حدث أن أرسل وفدا منهم إلى البلاط العباسي ليمدحوا ابن طولون ويشكروا سيرته في الحكم ، فأرسل مع الوفد فريقا من " أصحاب الأخبار " من حيث لا يعلمون ، وكان أصحاب الأخبار يحصون على رجال الوفد أنفاسهم ، ثم عادوا بتقرير مفصل لابن طولون جعله يطمئن إلي حسن أداء الوفد لمهمته.
3 ـ إلا أنه لم يطمئن أبدا إلي أحد من أعوانه ، ولا يتسامح مع خطأ لأحدهم مهما بلغت مكانته عنده.
فابن الواسطي الكاتب كان اقرب المقربين إليه ، حتى أنه كان يضربه بيده ليعلمه كما يفعل بأولاده ، وقد غضب عليه ابن طولون مرة فطرده من العمل فألقى الواسطي بنفسه أمام القصر يلازمه ليل نهار ولا يأكل ولا يشرب ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منه خوفا من " أصحاب الأخبار ".
وكانت أخباره تصل لابن طولون أولا بأول ، وفي النهاية استدعاه ابن طولون ورضي عنه ..
4ـ وأحد المقربين إلي ابن طولون حكى أنه انصرف من عنده ليلا بعد عمل مرهق وأثناء خروجه من القصر غلبه النوم فألقى بنفسه في زقاق مظلم داخل القصر ونام ، واستيقظ ففوجيء بابن طولون يقف في ناحية من دهاليز القصر وهو يتكلم مع خادم ذلك الكاتب ، واكتشف أن ذلك الخادم الوفي إنما هو جاسوس عليه زرعه ابن طولون لينقل إليه أخباره .. 5 ـ وأخبار ابن طولون في التجسس على كبار دولته من العجائب .
ولكن الأعجب منها براعته في التجسس الخارجي على البلاط العباسي وخصمه الموفق . والأعجب من ذلك فراسته الشخصية في اكتشاف الجواسيس الذين كانوا يفلتون من مصفاة جهازه الإخباري " أصحاب الأخبار" أو مباحث أمن دولته .
خامسا :
تجسس ابن طولون في البلاط العباسى : التمويل و التجنيد
1 ـ أسند ابن طولون مهمة التجسس على البلاط العباسي إلي " طيفور" الذي كان يدير العملية بأسرها ، وعن طريقه صنع ابن طولون في بغداد وسامرا ( سر من رأي) شبكات تجسس ذات كفاءة عالية.
2 ـ والغريب أن ابن طولون وضع نظاما راقيا للتمويل يفي بكل الأعباء المالية لتلك الشبكة برغم قطع العلاقات الإقتصادية بين مصر وبغداد ، وقد إعتمد في توفير الأموال على شبكة معقدة من الأعمال التجارية يقوم عليها في مصر صديقه معمر الجوهري الذي كان صاحب نفوذ قوي في العراق ومصر، وكان له أخ من كبار التجار ووثيق الصلة بطوائف التجار وخصوصا تجار الجواهر ، وكانت مصالح التجار مع مصر الغنية بمواردها في ذلك الوقت أكثر من مصلحتهم المباشرة مع العراق الذي تعرض للتخريب خصوصا في الجنوب بسبب ثورة الزنج . وفهم ابن طولون حقيقة الموقف فأدخل كبار التجار في مشروعه التجسسي ، منها تمويل العمليات التجسسية لطيفور ثم يدفع لهم ابن طولون ديونهم بضائع من مصر ، وأكثر من هذا ، قام التجار بعنصر ضغط على القادة العسكريين الأتراك في بغداد ، فكانوا يقدمون قروضا لهم بشروط ميسرة ، ثم إذا عرفوا أن أحدهم على وشك أن يذهب في بعثة عسكرية ضد ابن طولون أخافوه وأطمعوه ومازالوا به حتى يعتذر. ومعمر الجوهري وأخوه في بغداد قاما على شبكة التمويل هذه ، كان أخو معمر الجوهري فى بغداد يجمع الأموال من التجار سرا ويعطيها لطيفور ، وكان معمر الجوهري في الفسطاط بمصر يقوم بالتسديد للتجار البغداديين بعقد الصفقات التجارية لهم فى مصر وكتابة الصكوك والسفاتج لهم ، (السفتجة مصطلح عباسى يعبر عن شكل من أشكال انتقال الأموال يشبه الشيكات السياحية في أيامنا ).
وبذلك ضمن طيفور السيولة المالية التي تمكنه من أداء مهمته ، فلم يقتصر على تجنيد الجواسيس من علية القوم وبعث الأخبار إلي ابن طولون وإنما عمل على إجهاض كل مخططات الموفق ، فإذا أراد الموفق ترشيح أحد القادة ليذهب لحرب ابن طولون ، كان طيفور يسرع بالاتصال إليه ويسلمه رسالة ودية من ابن طولون يبثه فيه أشواقه ويعتذر له عن التقصير ويعطيه الأموال ويعده بإرسال المزيد منها، ويرجو أن يراسله إذا أراد أي معونة أو هدية ويلمح في وسط الرسالة إلى وعثاء السفر وإجهاد الطريق ومشقة الانتقال وكراهيته لأن تكون خصومه بينه وبينة . فإذا اقرأ القائد خطاب ابن طولون وأخذ أمواله أحس بالتحرج ويعتذر للموفق عن الخروج لحرب ابن طولون ويصبح من عملائه وينتظر هداياه وأمواله وينعم بالراحة .
3 ـ وكتب طيفور إلي سيده ابن طولون يخبره أن هناك قائدا اعتاد الهجوم على ابن طولون في مجلس الموفق ولا يمل من التحريض عليه، فبعث ابن طولون إلى طيفور برسالة سرية وأموال وأمره أن يعطى تلك الرسالة إلي ذلك القائد سرا ، وتسلم القائد رسالة ابن طولون ومعها ألفا دينار ، وفي الرسالة شكره ابن طولون وأخبره بأنه سعيد بما يسمع من هجوم ذلك القائد عليه وأنه قد عينه عينا على الموفق والبلاط العباسي فلا يمكن أن يشك فيه أحد ، ويطلب منه المزيد من الهجوم والتشنيع حتى تزداد مكانته لدى الموفق ، وأنه سيواصل إمداده بالمال كلما استمر في هجومه ، وأنه يطمع أيضا في تزويده بالأخبار عن طريق الوسيط الذي سيواصل إعطاءه بالمال . ووقع الرجل في مأزق حين قرأ رسالة ابن طولون وخاف إن رفض العرض أن يوقع به أتباع ابن طولون في قصر الخلافة العباسية فاضطر لقبول العرض وصار من جواسيس ابن طولون ينقل أخبار الموفق إلي طيفور عبر سلسلة من الوسائط . وظل ذلك الرجل يواصل مهمته إلي أن اكتشفه الموفق فضربه بالسوط وسجنه.
سادسا :
فراسة ابن طولون فى اكتشاف الجواسيس العباسيين:
1 ـ كان لابن طولون صديق فى (سامرا )أو ( سر من رأى ) كاتبا بارعا فى الأدب، توثقت بينهما الصلة ايام الشباب ، ثم باعدت بينهما الأيام إذ ظل صديقه فى العراق بينما صار ابن طولون حاكما لمصر وغريما للموفق العباسى الرجل القوى الذى يسيطر على الخلافة وعلى اخيه الخليفة المعتمد . واشتاق ابن طولون لصديقه الكاتب فكتب له يطلب ان يأتى لزيارته فى مصر ليرى كيف أحكم أموره بها ، ويعده بمنصب جليل ، ولكن الصديق اعتذر بلطف .
ثم فوجىء ابن طولون بعدها بصديقه يبعث له ان اشواقه زادت لرؤيته ، وإنه قرر أن يأتى لمصر ليزوره مهما كانت مشقة السفر.
تشكك أحمد بن طولون فى هذا التحول الغريب ، ولكن رد موافقا ، بعد أن أمر (طيفور ) أن يستكشف له خبره ، فجاءت له رسالة طيفور بأن صديقه الكاتب قد توثقت علاقته بالموفق وصار من رجاله .
ثم وصل الصديق الى حدود مصر فأعد ابن طولون له استقبالا ضخما فى مدينة العباسة ( وهى مدينة قرب بلبيس شرق الدلتا كانت وقتها محطة للقوافل بين مصر و الشام ) وأعد له مواكب ومآدب فخمة ، فكاد عقل الكاتب يطير من روعة ما رأى. ثم استقبله فى قصره وبالغ فى إكرامه ، وظل يؤاكله ويسامره ليتعرف على احواله واحوال الموفق ، فكان الصديق يبالغ فى سب وشتم الموفق مما أدى الى تأكد ابن طولون من شكوكه فيه ، ولكنه كان يريد دليلا ، فأمر باستحضار خادمين لصديقه ، وبالترغيب و الترهيب عرف حقيقة صديقه ، إذ أعطاه الخادمان سفطا فيه ثمانون كتابا من الموفق الى كبار قادة ابن طولون يعدهم فيه بأن من يقتل ابن طولون فله حكم مصر مكانه . بعد أن عرف ابن طولون حقيقة صديقه الكاتب أمر الطرسوسى صاحب الشرطة بالقبض عليه ومصادرة كل ما معه.
2 ـ هذا الطرسوسى نفسه يحكى أن ابن طولون كان فى موكب جيشه فلمح رجلا بين الناس ، فتأمل فيه ابن طولون وامر بالقبض عليه ، وحقق معه بنفسه فمالبث الرجل أن اعترف بأنه جاسوس للموفق وأن معه رسائل للقادة فى مصر بأن يقتلوا ابن طولون . وأحضرت الرسائل لأبن طولون فأمر بسجن الجاسوس فى سجن المطبق.
وسئل ابن طولون : كيف عرفت أن هذا الرجل جاسوس ؟ فقال : رأيته فى وسط الناس وهو مشغول بالنظر لى والتأمل فىّ ، لا يطرف عنى بنظر الى جليس أو غيره فارتبت به .
3 ـ وكان ابن طولون يأكل فى بستانه ويطل من شرفة البستان على الطريق ، فرأى سائلا شحاذا فى ثوب خلق قديم ، فأرسل اليه مع الخدم صينية مليئة باللحم والدجاج والفواكه والحلوى . وظل يراقب الرجل السائل ، ثم بعدها أمر باعتقاله ، وحقق معه فأحسن الرجل السؤال ولم يضطرب ، فقال له ابن طولون فجأة : هات ما معك من الكتب الى بعثك بها الموفق . فاعترف الرجل بما لديه من الكتب وأحضرها. وسجنه ابن طولون ثم أطلقه بعد ثلاثة أيام. وسئل نفس السؤال : كيف عرفت أنه جاسوس ؟ فقال : رأيته لم يهش للطعام مع أنه سائل فقير فشككت فى امره .
4 ـ وكان من عادة ابن طولون أن يركب مع أصحابه فى السحر يفتش فى الأماكن التى يعيث فيها اللصوص وقطاع الطرق ، فمن ظفر به منهم أمر بضرب عنقه . وفى إحدى جولاته صادف جنازة بها نساء تصرخ ، فأمر بأن يرافق الجنازة نفر من الجند لحماية أهلها. ثم مالبث أن رأى جنازة أخرى فاستمع الى صراخ النسوة ، ثم أمر بايقاف السائرين فيها وتفتيشهم . فاكتشفوا بين النسوة رجلين متنكرين فى ثوب النساء ، وكانا قد هربا من سجن المطبق ولم يعثر عليهما ، فأرسلهما الى نفس السجن. وسئل كيف عرفت ؟ فقال : أن النساء فى الجنازة الأولى كن يبكين بحرقة ، أما فى تلك الجنازة ( الصناعية ) فكانت نساؤها يتصنعن البكاء.
سابعا :
إبن طولون يحكم قبضته على مصر
وواضح من الأمثلة السابقة أن ابن طولون قد أحكم قبضته على البلد بحيث أن من يفرّ منه يجد صعوبه فى الاختفاء وفى الخروج من مصر على حد سواء، ووردت فى هذا السياق روايات كثيرة ، منها :
1 ـ إن أحد من يثق بهم ابن طولون قد استغل منصبه فى الاستزاق من الناس ، وكان يعلم بعض أسرار ابن طولون ، وعلم ابن طولون باستغلاله لمنصبه وعرف الرجل بالخبر فخاف من عقاب ابن طولون فهرب ، ولأنه يعرف بعض أسرار ابن طولون فقد حرص ابن طولون على ضبطه وإحضاره ، وأثناء سير ابن طولون فى منطقة المعافر رأى وقت الغروب جنازة وخلفها نحو عشرة انفس فقط فاستراب بها ، وسأل من يحمل النعش عن موضع حفر القبر للمتوفى فاضطرب هو وأصحابه ، وحط النعش ، فكشف ابن طولون الغطاء فإذا به الرجل الهارب ، وقد رام الخروج من البلد فما استطاع من كثرة الرصد ، وضاقت به الحيل فاهتدى الى فكرة أن يختفى داخل نعش ويصنع جنازة وهمية ليفر الى الصحراء هاربا من الفسطاط والقطائع ( عاصمة مصر وقتها قبل بناء القاهرة ) ، فأمر به ابن طولون الى سجن المطبق.
2 ـ وقد عيّن ابن طولون فى وظيفة التفتيش والبحث عن المطلوبين والمشتبه فيهم حماد ابن على الأزدى الذى يحكى بنفسه أن ابن طولون (تغيّر) أى ( غضب وانقلب )على أحد العاملين لديه واسمه نعيم ، فهرب منه نعيم فأمر حماد الأزدى بطلبه وقال له : لا تطلبه فى داره بالفسطاط ولا فى ضيعته ولا عند أحد من إخوانه ، فإنه أضعف قلبا ودينا من أن يقيم فى هذه الأماكن ، ولكن أطلبه فى الأديرة وعند النصارى فانك تجده فى زى راهب ، وقد دخل فى جملتهم لأنه حاذق بالقبطية فصيح بها . فعثر عليه هناك ، وجىء به الى ابن طولون فى زى الرهبان فلما رآه قال له : أرتددت عن الاسلام ؟ السيف والنطع ..فقال : لا والله ما ارتددت عن الاسلام وانما تسترت بهذا الزى لأخفى ، ولكن أين يتهيأ لى استتار منك ؟.
نفهم مما سبق أن اللغة القبطية المصرية القديمة كانت لا تزال حيّة منطوقة قرب العاصمة المصرية فى عهد ابن طولون ، ولكن أخذت فى الانقشاع أمام العربية الى أن أصبحت بعد عصر ابن طولون بستة قرون معروفة فقط فى جنوب الصعيد ، وفقا لما نعرفه فى كتابات المقريزى فى القرن الثامن الهجرى.
والآن اندثرت اللغة القبطية ، ويحاول بعض الأقباط حاليا بعثها من مرقدها من جديد .
ونفهم أيضا وجود حد الردة وامكانية تطبيقه فوريا .وهناك روايات اخرى فى تاريخ ابن طولون تؤكده ، وهذا ملمح أساس من ملامح الشريعة السنية ، فمن حق الحاكم المستبد قتل من يشاء بلا مساءلة ،إما بحد الردة ،وإما بسيف الشرع السنى الذى يخوّل له قتل من يشاء ، وهو ( لا يسأل عما يفعل ) كأنه رب العزة ـ جلّ وعلا .
3 ـ ولم يكن لأحد أن يسافر خارج مصر إلا بموافقة ابن طولون ،اى يعطيه (جواز سفر )، وتردد هذا بين ثنايا الروايات ، كأن يقال عن عفو ابن طولون عن أحدهم وسماحه له بالسفر الى طرسوس : ( ووصله بمال جزيل ، وكتب له جوازا ). وفى رواية أن رجلا اشترى خادما من تركة ابن المفضل (وإنه أخذ جوازا وخرج بالغلام الى الشام ،يؤمل فى بيعه هناك ربحا ، فلما بلغ العريش وكان بها وال يعرف بحبيب المعرفى قد نصبه أحمد بن طولون ليتامل ما يرد من الكتب ونفيس الأمتعة الى الفسطاط ، فقرأ الجواز ، وقال : كان يجب أن يحكى فى هذا الجواز حلية هذا الخادم) ، وأرجع الرجل الى أحمد بن طولون ، وأعاد ابن طولون التحقيق معه ، وكتب له جوازا آخر ، ودفع للرجل نفقة الرجوع .
ثامنا :
قطعة حية عن عصر ابن طولون :
1 ـ وكل هذه المعلومات نستقيها من كتاب ( سيرة أحمد بن طولون ) الذى كتبه البلوى (محمد بن عبد الله)، والذى لم يكن بعيدا عن عصر ابن طولون . ومن كتب فى تاريخ ابن طولون أيضا ابن الداية (أحمد بن يوسف ) وكان والده معاصرا لأحمد بن طولون فى مصر ، وتعرض للسجن فى عهده ، وقد كتب ابن الداية (سيرة احمد بن طولون ) وكتب سيرة أخرى لخمارويه بن أحمد بن طولون ، عدا بعض الأخبار عن عصر ابن طولون فى كتابه ( المكافأة ) . وتوفى ابن الداية عام 330 .
وابن الداية كان معاصرا للمؤرخ الكبير المسعودى المتوفى عام 346 ، وقد تعرض المسعودى فى تاريخه ( مروج الذهب ) لأخبار أحمد بن طولون وابنه خمارويه فى سياق تأريخه للخليفتين العباسيين المعتمد والمعتضد .
أما مؤرخنا هنا :(البلوى) فقد كان أكثر تفصيلا ودقة من سابقيه ، وقد مات البلوى بعد ابن الداية ، بعد عام 330 . وقد عاش البلوى بعد موت احمد بن طولون ت 270 ، وبعد انقراض الدولة الطولونية عام 292 ، وفيها ساءت الأحوال فى مصر مما جعل عصر ابن طولون ماضيا جميلا يتناقل الناس أخباره ويكتب فيه المؤرخون.
2 ـ وحتى نعايش عصر ابن طولون وثقافته ننقل عن كتاب البلوى ( سيرة أحمد بن طولون ) بالنصّ هذه الرواية ثم نتوقف معها بالتحليل ، يقول البلوى عن ابن طولون :
(وانصرف يوما من الصيد ، فاجتاز على شارع الحمراء فتأمل دارا تبنى هناك ، فوقعت عينه على بعض الرقّاصين ،فأمر بأخذه فقبض عليه ، ووافوه به الى الميدان ، فلما جلس أمر باحضاره ، فلما حضر أمر باحضار السياط والعقابين ، فلما شدّ صاح : أيها الأمير، لا تعجل على ّ من قبل أن تسألنى وتعلم ما عندى، فقال له : صدق. حلّوه. فلما حلّ قال له : أدن ، فلما دنا ، قال له : عرفنى خبرك ، واصدق تنج منى . قال : نعم أيها الأمير أنا جاسوس للموفق، وكانت معى كتب ففرقتها على أصحابها ،فوعدونى بكتب الجواب عنها ، فعملت رقاصا ليستتر أمرى ، وأسمع وأنا فى أوساط الناس من أحوال البلد وأخبار الأمير ما أحفظه ، حتى أذكره عند عودتى لمن أنفذنى ، كما يلزم من نصب لهذا المنصب. فقال له : صدقت، فعرفنى من اصحاب الكتب، فعرفه بهم واحدا واحدا. ووكل به من أخرجه عن البلد من وقته، وقال له: قل له (أى قل للموفق العباسى فى بغداد ): قد أطلعنا الله عز وجل على ما سترته، وأردت أذيتنا به ، وأظفرنا ونصرنا ، ولم يضرنا فعلك ، والحمد لله على ذلك. فلما كان فى الليل قبض على أولئك القوم أصحاب الكتب ، فمنهم من غرّقه ومنهم من طمّ عليه الحفر. فقال له موسى بن طونيق ، وكان خصيصا به :أيها الأمير ، كيف علمت أن هذا الرجل الرقاص جاسوس ؟ قال : لمحته على الاسقالة وعلى كتفه قصرية الطين ، ورأيت تكة ارمنى فانكرت ذلك وقلت : رقاص لا تكون تكته إلا خيطا أو كتانا ، فقبضت عليه وكان ما شاهدت منه. قال : أحسن الله توفيق الأمير.)( سيرة أحمد بن طولون 124 ، مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة ) .
رأيت نقل الرواية بالنصّ لنتعرف على لغة العصر وثقافته .
3 ـ كما نقول فان اللغة العربية تعرضت طيلة تاريخها قبل نزول القرآن وبعده الى تغير المصطلحات ومعانى الألفاظ حسب الزمان والمكان وحسب الفرق والطوائف ، فلكل فرقة مصطلحاتها الخاصة من النحويين والفقهاء والصوفية و السنية والشيعية . وقد يتصادف أن يأتى لفظ فى نص تاريخى يكون مستعملا فى عصره ثم انتهى استعماله وبطل بعدها ، وربما يأتى عصر جديد بمصطلحات جديدة يتميز بها ولم تكن معروفة من قبل مثل عصر المماليك بنظمه الخاصة وبألفاظه التركية والتى سادت وقتها عدة قرون ثم دخلت الان حيز النسيان ، ولكن لا تزال حية فى بطون الكتب و الحوليات التاريخية المملوكية والعثمانية .
ومن هنا نؤكد دائما على أن فهم المصطلحات القرآنية لا يكون إلا من داخل القرآن الكريم وليس بالقواميس أو بالتراث أو حتى بلغتنا العادية، وأنه لا بد للباحث التاريخى لعصر ما أن يعايش ذلك العصر بلغته ومصطلحاته وعقليته وثقافته حتى يترجم احوال ذلك العصر لعصرنا.
نقول هذا تعليقا على هذا النص التاريخى الذى يرجع الى الثقافة المصرية فى القرنين الثالث والرابع الهجريين.
لمن لا يعرف اللغة العربية وقتها لن يفهم حقيقة النص لاحتوائه على كلمة ( رقّاص ) لأن المعروف ان ( الرقّاص ) من ( الرقص ) ، ولكن المعنى وقتها كان يعنى الرجل الذى يعمل فى البناء يحمل الطوب والطين والحجارة يجرى بها فوق سقالات البناء، ولاهتزازه ليحفظ توازنه وهو يحمل الأثقال يجرى بها فوق السقالات أطلقوا عليه مصطلح ( الرقّاص ) . ساد هذا المصطلح ( الرقاص ) على هذا العامل فى البناء ، ثم دخل فى حيز النسيان .
وهنا نفهم النص كالاتى : رجع ابن طولون من رحلة صيد فاجتاز شارعا ( شارع الحمراء فى الفسطاط ) فرأى رجلا يعمل فى بناء بيت ويحمل قصرية طين فوق كتفه ، وتميز ابن طولون بدقة ملاحظته فراى تكة لباس هذا الرجل (موضة ) أرمنية لا يرتديها إلا المياسير من العراقيين ، وأن العادة فى المصريين أن تكون تكة لباسهم مجرد خيط أى حبل ،أو قماش من كتان ، فأمر باعتقاله وهدده بالعذاب فاعترف بأنه جاسوس جاء يحمل كتبا للقادة من الموفق بقتل ابن طولون ،وأنه قد سلمهم تلك الكتب ، ولم يصله منهم رد فاضطر للانتظار ، وحتى لا يكتشف أمره عمل أجيرا فى البناء، وفى نفس الوقت كان يختلط بالناس ويسجل أحوالهم وما يقولونه عن ابن طولون ليعطيه للموفق . وسرعان ما اعتقل ابن طولون أولئك القادة الذين تسلموا الرسائل من ذلك الجاسوس فكتموا أمرها ،وأمر بقتلهم تغريقا و دفنا وهم أحياء .
4 ـ ويلاحظ ملامح الدين السنى فى النصّ ، نقصد التدين السطحى ، فيتردد كثيرا ذكر اسم الله جل وعلا فى الحديث بين ابن طولون وأعوانه : (قال : أحسن الله توفيق الأمير) وفى رسالة ابن طولون للموفق (قد أطلعنا الله عز وجل على ما سترته، وأردت أذيتنا به ، وأظفرنا ونصرنا ، ولم يضرنا فعلك ، والحمد لله على ذلك.). ولكن الاكثار من ذكر اسم الله جل وعلا لم يمنعه من ادمان سفك الدماء بمجرد الشبهة ، وفى الرواية السابقة لم يرد فيها أنه تحقق من تحرك أولئك القادة ضده ، ولم يحقق معهم بل بادر بقتلهم تغريقا ودفنا وهم أحياء . فالعادة أن المستبد يعتمد أكثر على ارهاب الناس بالسرعة فى سفك الدماء والأخذ بالشبهة و استخدام أسوأ أنواع القتل ، مع أفظع أنواع التعذيب ، ولو (تغير خاطره )أو تتغير مشاعره نحو أحد من أتباعه فمصيره السجن ومصادرة الأموال و التعذيب وربما القتل. وكان سجن المطبق لأحمد بن طولون مزدحما بالمشتبه فيهم.
وكل ذلك الاستبداد والظلم وكل تلك الجرائم كان يغلفها ابن طولون بكثرة ذكره اسم الله تعالى فى كلامه ورسائله، وتلك الطريقة فى التدين السطحى شريعة سنية لا تزال سائدة حتى الآن .
أخيرا : هل نجح تفوقه فى التجسس فى حماية دولته ؟
1 ـ أحكم ابن طولون قبضته على مصر وتفوق على غريمه الموفق فى التجسس ، وهزمه فى الحروب العلنية . ولكن كما يقول المثل العربى ( من مأمنه يؤتى الحذر ) فان الخطر والتآمر على ابن طولون جاءه من أقرب الناس اليه ، من إبنه العباس الذى ثار على أبيه واستولى على الأموال و تبعه رجال ذهب بهم الى برقة ، وانتهى أمره بالهزيمة والأسر ، وأمره أبوه أن يقتل بيده من تبقى من أصحابه ، فقتلهم عدا إثنين عفا عنهما ابن طولون ، وضرب ابن طولون ولده العباس مائة جلدة .
بعدها تمرد على ابن طولون غلامه لؤلؤ أقرب الناس اليه ، فخرج عليه ولحق بالموفق.
المستفاد أن شدة المستبد فى التحرز وعبقريته فى تحرى الأمن لنفسه ودولته لا يمكن أن تنجيه مهما فعل ، فالأمن لا يتحقق إلا بالعدل ، ولا يوجد عدل مع الاستبداد ، وعبارة المستبد العادل اسطورة لا يمكن أن تتحقق .
2 ـ وفى سيرة ابن طولون ـ بالذات ـ يتجلى ملمحان ، تعرضنا لأحدهما وهو براعته فى الشئون الأمنية ، ورأينا أنها لم تغن عنه شيئا ، والناحية الأخرى سنتوقف معها فيما بعد فى مقال مستقل ،إذ تميز ابن طولون بالحرص على العدل ، بحيث يمكن أن يطلق عليه بعض السطحيين أنه ( مستبد عادل ) ولقد حاول ابن طولون أن يكون عادلا فلم ينجح فى الجمع بين الاستبداد السياسى والعدل مع الناس.
3 ـ ولكن يكفيه شرف المحاولة ، فهناك مستبدون فى عصرنا ـ عصر حقوق الانسان والديمقراطية ـ لم يحاولوا ـ مجرد محاولة ـ إقامة العدل بين الناس العاديين الخانعين للمستبد والذين لا شأن لهم بالسياسة . بل إن بعض المستبدين فى عصرنا يستخدم القضاء سياسيا للانتقام من خصومه السياسيين ، بل يستخدمه ضد المسالمين الذين يجتهدون فى توضيح حقائق الاسلام ، كما يفعل حسنى مبارك مع اهل القرآن .

اجمالي القراءات 22864