بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة و اهل القرآن
ما لكم اهل القرآن تتحرجون من التطرق لموضوع الصلاة و كأنها اصبحت عقدة بالنسبة للبعض , و عند التطرق لهذا الموضوع تنقسمون على انفسكم , تحسون بالشك مما انتم عليه من هداية و كفاية بالقرآن الكريم, فريق منكم يرتد بشدة الى الدين الارضى و الروايات البشرية و يعترف بوجود وحى آخر(وحى خاص) الى الرسول محمد عليه السلام , و فريق آ خر يتطرف الى اقصى اليمين فيلتوى على آيات الله و يحملها ما لا تحتمل لاثبات وج&ariجهة نظره و يجعل الصلاة ثلاث او يجعل الصلاة مجرد دعاء فقط بدون هيئة او حركات تدل عليها.
فلسنا هنا فى مضمار منافسة و عناد لأثبات وجهات نظر معينة, ولا مجال ايضا للتعصب لفكرة, نحن هنا لتدبر هذا الكتاب الكريم الذى بين ايدينا.
وللاسف الاكثرية صامتة .
لذلك كتبت هذا المقال المتواضع للدفاع عما اؤمن به.
و نبدأ بسؤال, ما حكمة الله تعالى فى انه بين لنا فى كتابه العزيز كيفية الوضوء و التيمم فى قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
( سورة المائدة , Al-Maeda, Chapter #5, Verse #6)
وان للصلاة مواقيت محددة.
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ( سورة النساء , An-Nisa, Chapter #4, Verse #103)
ولم يفصل لنا سبحانه هيئة الصلاة او مواقيتاها او اعداد الركعات و السجدات؟ و كيف نوفق بين هذا و الآية الكريمة:
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
( سورة الأنعام , Al-Anaam, Chapter #6, Verse #38)
اولا: دعونا نتفق على شىء و هو ان هيئة الصلاة لا يمكن تفصيلها بكلمات حتى فى الروايات البشرية و تحتاج لايضاحها تماما رؤية صور توضيحية, تبين كيفية الركوع و السجود.
ثانيا: لنتتبع معا الان آيات الله الكريمة بخصوص هذا الموضوع.
1- الله سبحانه يأمر نبيه الكريم ابراهيم عليه السلام ببناء البيت .
بقوله تعالى:
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #127)
2- النبى ابراهيم عليه السلام يدعو الله ان يريه مناسك عبادته سبحانه و يجعل من ذريته أمة مسلمة.
يقول تعالى:
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #128)
- و نلاحظ هنا لفظ أرنا مناسكنا حيث ان المناسك من حج و صلاة لا تعرف الا بالرؤية.
3- يأمره سبحانه بتطهير البيت للحجاج و المصلين.
بقوله تعالى:
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ( سورة الحج , Al-Hajj, Chapter #22, Verse #26)
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #125)
4- ثم يرسل الله سبحانه رسوله الكريم محمدا عليه السلام, و يأمره باتباع ملة ابراهيم.
يقول عز و جل:
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
( سورة النحل , An-Nahl, Chapter #16, Verse #123)
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
( سورة الأنعام , Al-Anaam, Chapter #6, Verse #161)
و يأمر المؤمنين باتباع ملة سيدنا ابراهيم عليه السلام.
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا
( سورة النساء , An-Nisa, Chapter #4, Verse #125)
فما هى ملة ابراهيم التى امر الله سبحانه رسوله باتباعها غير هذه المناسك التى اراها الله لنبيه ابراهيم فرسالة التوحيد موجودة فى القرآن الكريم, و كيف نتصور ان يأمر سبحانه رسوله الكريم و المؤمنين باتباع شىء غير موجود.
5- ثم يأمر الله بتحويل اتجاه القبلة.
يقول تعالى:
قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #144)
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #150)
6- لم تكن صدمة المشركين و اهل الكتاب و بعض المسلمين ابدا فى الصلاة وكيفيتها بل كانت صدمتهم الكبرى فى تغيير اتجاه القبلة.
يقول تعالى:
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #143)
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #142)
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #145)
وان لم تكن الصلاة معروفة فى حينها لما كان هناك مجال للاختلاف على القبلة.
و اكاد اجزم ان ما ضاع من الصلاة من ملة ابراهيم عليه السلام هو الوضوء و كيفيته لذا ذكره لنا المولى عز و جل بتفصيلاته فى كتابه الحكيم.
و انا شخصيا اؤمن بما سبق من آيات الله الكريمة عن الايمان بالروايات البشرية مثل "صلوا كما رأيتمونى اصلى" , او "خذوا عنى مناسككم" و التى اذا دققنا النظر في هذه المرويات, نجد انها مستوحاة من لفظ القرآن الكريم مع استبدال نبى الله ابراهيم برسول الله محمد عليهما الصلاة و السلام.
و ارى ايضا استحالة حدوث تغيير فى الصلاة من حيث المواقيت او عدد الركعات لتواترها عمليا منذ ظهور الاسلام حتى الان, و يتطلب تغييرها تواطؤ جميع المسلمين فى جميع بلاد الدنيا فى نفس التوقيت لتغييرها, وهذا مستحيل حدوثه من وجهة نظرى.
والله اعلم.
وننهى بقول الله تعالى:
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِوَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ( سورة البقرة , Al-Baqara, Chapter #2, Verse #177)
صدق الله العظيم