بسم الله الرحمن الرحيم
كتمــه الشيخـــان
نشر محرر أهل القرآن في يوم 24/ أفريل 2009 مقالا حول موضوع فتاوى أفرج عنها وأطلق سراحها الشيخ القرضاوي بعد أن حبسها وكتم سرها سنين عددا. وهي تتعلق بجواز مصافحة المرأة للأجنبي ونسخ عقوبة رجم الزاني . ومن جملة ما جاء في المقال الهام جدا ما يلي :
كان الشيخ أبو زهره – أحد كبار علماء الأزهر &CcCcedil;لراحلين– يرى أن رجم الزاني المحصن كان شريعة يهودية ، أقرّها الرسول في أول الأمر ، ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور .
وفي موضع آخر علّق الشيخ القرضاوي على قول البعض أن العالم المعسّر المشدّد أكبر ورعا وأعظم تقوى لله من الميـسّر قائلا : " إن هذا خطأ كبير لأن العالم الذي يفتي بالتيسير يتبع المنهج القرآني والهدي النبوي، ويتبع منهج الخلفاء الراشدين خاصة والصحابة عامة مثل حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس الذي اشتهر برخصه. "
ولعل أهمية المقال هي تلك التي تثير مزيدا من تساؤلات :
01) وحسب رأي الشيخ أبو زهرة أن رجم الزاني المحصن كان شريعة يهودية أقرها الرسول في أول الأمر ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور.
* هل يجوز الفهم أن الله سبحانه وتعالى كانت تعليماته وتشريعاته شتى، وغير متطابقة ؟ فمثلا أن ما تحمله الصحف الأولى– صحف إبراهيم وموسى- ليست بالضرورة مماثلة تماما أو تقريبا للتعليمات التي تلقاها عيسى بن مريم !? أو لما جاء في الحديث الموحى به إلى محمد بن عبد الله رسول الله عليه الصلاة والتسليم ؟
* هل يجوز أو هل يجب أن نعتقد أن مشيئة الله اقتضت أن يرجم الزاني حتى الموت في عهد موسى وربما عيسى، ثم تغيرت في عهد آخر رسله وكتبه عليهم السلام جميعا؟
* وهل ما افتتحت به سورة النور يلمّح أو يشير إلى أن الله أراد أن ينبهنا بأن تعليماته الحالية لا علاقة لها بالسابقة، ثم لأمر ما قال ما يلي: ( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون) رقم 1- النور–
* وإذا فرضنا أن ما قيل عن الرسول محمد عليه الصلاة والتسليم كان صحيحا وأنه حدث وأن استجاب لليهود الذين استفتوه وأقر عقوبة الزاني المحصن ولم ينكرها كتعليمات خاصة بهم . ألا يثير هذا الفرض تساؤلا آخر وهو :
أ) إذا كانت استجابة الرسول محمد لليهود في التشريع الذي بين أيديهم وهو الرجم حتى الموت ، إذا كان ذلك قبل نزول سورة النور، فذلك يشير إلى أنه كان هناك جو من ( الروح الرياضية ) والإنفتاح والتسامح وعدم الحرج والإحراج بين متساكنين مختلفي الهويات والملل والنحل ، وهذا هو الفقر المدقع الذي يرزح فيه البشر في هذا العصر، لاسيما الذين يعتنقون دينا ما .
وقد يتبادر إلى الأذهان أن ما نسب للرسول محمد عليه الصلاة والتسليم وهو جوازه أو حتى أمره بأن يرجم الزاني رجما إلى الموت هو أمر شديد قاس حيث يصعب التصور أن محمدا الرسول ذا الخلق العظيم يفعل ذلك أو يأمر به .
ب) ويمكن أن يستنتج منه أيضا أن الرسول كان يعرف ومقرا بأن لكل أمة شرعتها ومنهاجها : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) – المائدة رقم 48.
ج) ومن يدري لعل عقوبة رجم الزاني حتى الموت لم تكن أصلا مقررة من عند الله ، ولعلها كانت من الإسرائيليات ؟ وأن ما روج عنها هو نتيجة تحريف ؟ وأن ما نزل في سورة النور فيما بعد جاء بمثابة تصحيح لما كان سائدا من قبل ؟
د) التساؤل الأخير الحامل مسحة من أسف واستغراب هو: هل يا ترى سيأتي يوم تزدهر فيه اللغة العربية ويتفق أرباب اللغة على المعنى أوالمعاني الحقيقية الصحيحة التي يحملها أو يحتملها فعل : نسخ ؟ هل هو نفي أم إثبات ؟
02) أما عن تعليق الشيخ القرضاوي القائل والمقر بأن العالم الذي يفتي بالتيسير يتبع المنهج القرآني والهدي النبوي ويتبع منهج الخلفاء الراشدين خاصة والصحابة عامة مثل حبر الأمة الشيخ عبد الله بن عباس الذي اشتهر برخصه .
فإن هذا التعليق الذي تفضل به الشيخ القرضاوي يلد تعليقا آخر نراه ذا أهمية بل ويمكن أن يعتبر مربط الفرس ، ألا وهو:
* ما هي يا ترى المصفاة ؟ وما هو المعيار أو المقياس الذي يمكن أن نعتمده حتى نكون معتصمين حقا بحبل الله ؟
* وماذا نفعل أو كيف يكون موقفنا عندما تصطدم فتوى ما بالمنهج القرآني ؟
* ثم عندما نصدق أي قول أو أي تصرف أو موقف نسب للرسول محمد عليه الصلاة والتسليم وعندما نوظفه كأسوة( أو كسنة)،هل من المعقول أن نرتاح لذلك ونطمئن إليه ونحن في قرارة أنفسنا نعاني من وخز الضمير أو هجائه أو حتى استغرابه وهو لا يمل ولا يكـّل في سبيل أن يذكرنا بأننا لا يمكن أن نكون منصفين ما دمنا مغيبين عقولنا وغير محضريها وغيرمستشيريها، ولأن الأمر يتعلق بأن هناك فتوى وتشريعا غير متطابق مع المنهج القرآني .
* وهل نرتاح ولسان حالنا في ممارساتنا ومواقفنا يقول إننا نتهم الرسول بأنه حاد عن المنهج القرآني لاسيما عندما يكون ذلك مصطدما ومناقضا ومجمدا لما أراده الله بصريح العبارة وبما فهمناه بصريح الفهم ؟
* وهل يصل ابن عباس أن يتهم هو الآخر الرسول بتهمة الجنوح والإستكانة إلى ما يخالف المنهج القرآني ؟
* وفي الأخير علينا ألا ننسى أن كل هذه الفروض والتساؤلات نابعة من أساس صلب موجود ، ولا أدل على ذلك مما كتمه أولا ثم صرح به الشيخان : القرضاوي وأبو زهرة أحد كبار علماء الأزهر .