أولا :
1 ـ أصبح دخولى لموقع أهل القرآن يسبب لى ألما نفسيا . لم أكن أتصور أن اصل الى هذه الحالة . ولكن يخفف منها أن أقرأ بعض المقالات الجادة ومنها ما يكتبه أخى ابراهيم دادى.
ابراهيم دادى له خط يلتزم به ، وهو أساس انشاء هذا الموقع ، هذا الخط هو عرض للتناقض بين الاسلام وأحاديث الدين السّنى ، وهو خبير بالأحاديث ، وضليع فى نقدها وعرضها على القرآن الكريم ، ويضع تساؤلاته فى توضيح هذا التناقض ببساطة ، ويعزز ذلك بالاستشهاد بالقرآن الكريم.
بعض الأخوة يتجه مباشرة للقرآن الكريم فيكتب عن القرآن ومن القرآن ، فيسبب لى أزمة نفسية فعلا ..أحتار بين الالغاء وتحمل ما يكتبونه من أخطاء . صحيح أنهم لم يخرقوا شروط النشر ، ولكن أحكامهم الخاطئة تطعن فى القرآن الكريم ، وهذا لا يليق بنا (اهل القرآن ) و لا يليق بموقع (اهل القرآن ) .
لا أشك فى حسن النية عندهم ، ولكن الواضح أنهم لا يلتزمون بمنهج الاجتهاد القرآنى الذى يتطلب فهم المصطلحات القرآنية من خلال القرآن الكريم ، ثم تجميع كل الايات الخاصة بالموضوع ، وتدبرها بدون أدنى هوى أو حكم سابق. بدون ذلك يكون تحريفا لمعانى القرآن الكريم بزعم الاجتهاد . والاجتهاد ليس ميدانا مفتوحا ، بل له أصوله التى أشرنا لها ، كما أن المجتهد لا يوجد هكذا من فراغ ، فلا بد له من خلفية علمية تسنده وتعينه، كما لا بد له من كتابات سابقة علمية محترمة معروفة ومنشورة. ولديه من الشجاعة الأدبية ما يجعله يتراجع عن الخطأ لو ظهر له الصواب ، بل عليه أن يعلن أنه أخطأ فى بحث كذا ، وأن الصحيح الذى اهتدى له هو كذا . فالاجتهاد فى القرآن الكريم ـ بالذات ـ مسئولية . وبدون المقدرة العلمية وأخلاق العلماء يصبح الاجتهاد فى القرآن الكريم ملعبا لكل من يريد .
وهذا لا يليق بالقرآن الكريم وقدسيته وفريضة التدبر فيه .
2 ـ ثم أن هذا الموقع لا تنقصه الاكتشافات الجديدة من كنوز القرآن ، وكلها اكتشافات جاءت بالمنهج العلمى ليتعلم منها من يريد ، وليبنى عليها لو أراد .
ونتمنى التوفيق للجميع فى الوصول للمزيد بالتزام المنهج العلمى .ونتمنى أن يتوقف هذا العبث بالقرآن الكريم ، فلسنا موقعا حرا مفتوحا على مصراعيه ،بل مدرسة للعلم والتعلم . والطالب فيها لا بد أن يقرأ كثيرا ، و المجتهد فيها لا بد أن يكون مؤهلا للاجتهاد ، من ناحية الموضوع وأن يكون ملتزما من ناحية الاسلوب . وهذه النصيحة تحتاج شرحا .
3 ـ من ناحية الاسلوب :
قد يكون الموضوع جيدا ، وأدلته قرآنية واضحة ، ولكن الاسلوب يخالف المنهج القرآنى فى الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة واللين ، أى يقول للناس قولا لينا بدون أدنى تفريط فى الحقيقة . قول الحق القرآنى بدون إلتزام بهذا المنهج القرآنى لا يخدم الدعوة للاصلاح . وأرجو أن يتحاشاه الأحبة من مجتهدى أهل القرآن .
وأطالب نفسى بهذا قبل الجميع . أتذكر أننى خلال ذروة الاضطهاد فى مصر فى الثمانينيات و التسعينيات كنت أرد بقوة ونبرة حادة ، حتى كنت أكتب المقال وأبعثه للنشر بدون أن أراجعه . كان هذا ردفعل لما أعانيه ، وهو رد فعل مفهوم وطبيعى . ولكن بعد أن نجوت بنفسى من القوم الظالمين بدأت أعالج هذا فى كتاباتى ، فاصبحت أعيد قراءة ما أكتب ، وأحذف الكثير من العبارات التى بحذفها لا يتغير المعنى ، بل يكون حذفها أدعى لأن يقتنع القارىء المخالف فى الرأى .
هذه نصيحتى لأخى الاستاذ أنيس ، خصوصا وأنه لم يلق ما لاقيناه وما لا يزال أهلونا يلاقونه . أطلب منه أن يكون لينا هينا فى أسلوبه حتى لا ينفر الناس مما يكتب .
4 ـ من ناحية الموضوع :
ألاحظ أن البحث الأسهل المتاح للجميع هو ما يكتب فيه الاستاذ ابراهيم دادى باقتدار ، أى عرض التناقض بين الاسلام واحاديث الدين السنى ، وقد كتب باقتدار أيضا الاستاذ حسن جرادات سلسلة رائعة ذهبية فى عرض الفكر السنى و الشيعى على القرآن فاستفدنا منه الكثير ، أكرمه الله جل وعلا. وفى نفس المجال يكتب د . عثمان محمد على والاساذ محمد صادق آخرون . وأرجو أن يتابعهم ثلة من أهل القرآن فتلك هى المهمة الأساس للموقع كما قلت . وهى أساس أيضا يؤهلهم للخطوة الأعلى وهى التأصيل القرآنى والاجتهاد القرآنى.
وبناء على اقتراح الأستاذ شريف هادى أنشأنا بابا للتأصيل ، وهو مفتوح لمن يكون مؤهلا للتاصيل القرآنى ، وربما أقوم باختيار بعض الأبحاث التى تصلح للنشر فيه .
ومنذ ثلاثين عاما وأنا أكتب فى التأصيل القرآنى ، وبعض ما كتبت منشور هنا ، وبعضه لا يزال ينتظر النشر ، والمقصود أن يكون ما نكتبه فرصة للقراءة لمن يريد السير على طريق الاجتهاد فى القرآن الكريم .ولأن المجتهد فى التأصيل القرآنى يحتاج الى خلفية قرآنية فهناك أبواب أكتبها فى القاموس القرآنى و فى القصص القرآنى . ولأن المجتهد يحتاج الى خلفية تاريخية فهناك أبحاث فى تاريخ المسلمين منها ما يرصد جوانب غامضة فى تاريخ المسلمين ، ومنها ما يتوقف مع علم التاريخ نفسه ، وكيفية البحث فيه ، و تاريخ علم التاريخ نفسه ، ومناهج المؤرخين . ونشرنا الكثير ، وهناك المزيد . ولانطالب أحدا بأن يلتزم بوجهة نظرنا ، ولكن لو كان لديه رأى آخر مخالف فليعرضه مدعما بالأدلة .
أى إننا هنا مدرسة ، يكتب فيها نخبة من الأساتذة . ولكن الذى يحدث أن بعض الشباب لم يقرأ كل ما نكتبه ، ولم يستعد علميا للاجتهاد فى القرآن الكريم ، مع أننى نبهت من قبل على أخطاء القرآنيين فى الاجتهاد واختلافاتهم وأسبابها . ولكن يبدو أن ما أكتبه لا يلتفت اليه أحد لأن من أقصدهم بالنصح والارشاد ، ومن أحرص على تأهيلهم لقيادة الفكر القرآنى قد أعطوا أنفسهم ـ مقدما ـ درجة الاجتهاد ، وفاجأونا بكتابات تثبت أنهم أحوج ما يكون للقراءة و ليس الكتابة .
5 ـ لا يكفى أن تكون متمردا على القديم وراغبا فى استخراج حقائق القرآن الكريم ، بل لا بد أن تؤهل نفسك لهذا ، وإلا تحولت آيات القرآن الكريم الى موضوعات جدلية ، والجدال فى آيات الله جل وعلا من سمات المشركين ، كما قلنا فى مقال ( ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا ) . وهذا الجدل الممنوع يضيع وقت الكاتب و وقت الاخرين ، ويبذر الشقاق و السباب بين أهل الموقع .
6 ـ أتمنى من الاستاذ محمد فادى الحفار أن يترفق بنا .. وأن يكون عند حسن ظننا . أتمنى أن يبدأ بالطريق الأول وهو عرض التناقض بين الاسلام و الأحاديث السنية ، وأن يعطى وقتا أكبر لقراءة المنشور على هذا الموقع . وأن يؤجل مؤقتا آراءه القرآنية الى أن يقرأ ويستوعب كل المكتوب هنا ، وأن يلتزم حين البحث فى القرآن بالمنهج العلمى طلبا للحق.
أخيرا
كل منا مسئول على ما يكتب ، وسيؤتى به يوم القيامة مرهونا وأسيرا لما خطه قلمه .وهو وموقف للعلماء بالغ الصعوبة ،لأنهم مؤاخذون بما يكتبون ، ولأن ما يكتبون ـ من حق أو من باطل ـ يؤثر على الآخرين .
أرجو أن نعى أن الأمر ليس لهوا ولا لعبا بل هو مستقبل فيه الجنة أو النار . ليس الأمر تفاخرا بالكتابة وبالقدرة على الجدل و السفسطة ، بل هو نعيم أبدى أو عذاب أبدى .
نرجو ألاّ نكون من الذين يضلون الناس بغير علم ، وألا نكون ممن يشترى بآيات الله جل وعلا ثمنا قليلا ، وألا نكون ممن يكتم الحق .
ملاحظة :
كنت أريد أن أكتب تعليقات على الكتابات التى آلمتنى فاخترت أن أكتب هذا المقال لتكون الفائدة أعم ، وأملا فى استجابة ممن يهمنى أمرهم من شباب أهل القرآن .
والله جل وعلا هو المستعان .