بسم الله الرحمن الرحيم
هل يعقل أن يتحدث الخالق بحديث فيختلف مخلوقوه في فهمه ؟
(( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهــي لله ومن تبعني وقــل للذين أوتوا الكتاب والأميــين آسلمتم ، فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد )) - 20- آل عمران –
الظاهر أن القول يوجه لفئتين اثنتين من العباد :
أ- الفئة الأولى هم أولئك الذين أوتوا الكتاب وبلغوه .
ب- والفئة الثانية هم أولئك الذين لم يبلغهم الكتاب ، أو لما يبلغهم بعد .
وعليه ، و&UacuUacute;ندما نحصر الفهم في أن ( الأمــي، والأميين ) هم أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة - لا غير - سيتبادر حتما إلى الأذهان هذا التساؤل ؟
أن يوجه السؤال القائل : أسلمتم ، للذين أوتوا الكتاب أي الذين بلغوا التوراة والذين بلغوا الإنجيل ، يبقى ذلك مفهوما ومعقولا .
أما أن يوجه نفس السؤال القائل: أسلمتم ، للذين لا يعرفون القراءة والكتابة ، فإن ذلك يبقى حسب الظاهر مصدر تساؤلات أخرى محيرة ،ومنها :
ماذا يراد يا ترى بهذا السؤال الخطير المصيري عندما يوجه لفئة ( لا تعرف الكتابة ولا القراءة ) ؟
ولنفرض أن من بين الفئة الأولى ، أي في الذين بلغتهم تعليمات الله في التوراة وتعليماته في الإنجيل ، لنفرض أن من بينهم عبادا لا يعرفون الكتابة ولا القراءة ، فما محلهم هم في هذا الفهم ؟
هل يعقل أن لا يفهم حديث الخالق لعباده عندما يكون مخاطبا إياهم بلسانهم الواضح الفصيح ؟
ألا يمكن أن تكون هناك أمية من شكل غريب وهي أبعد وأعمق وأخطر وهي تلك التي كبلت فهم المسلمين الذين تلقوا تعليمات الله من خلال رسوله عليه الصلاة والتسليم منذ أزيد من أربعة عشر قرنا من الزمن ، وحصرت فهمهم في أن لكلمة أمي تفسيرا واحدا لا شريك له وهو جهل الكتابة والقراءة لا غير ؟
ألا يجوز للعبد أن يجهر بهذا السؤال بلا وجل ولا خوف ولا حزن بعد أن يكون وضعه لنفسه :
كيف يعقل أن يخاطب الله عباده بلسانهم المبين ولا يتبينوه ولا يفقهوه أو لا يجمعوا على فهم واحد متحد لا لبس فيه ؟
وذلك السؤال الكبير الذي وجه إلى الرسول عليه الصلاة والتسليم الوارد في الآيات : 1 + 2 + 3 + 4 + 5 في سورة العلق القائل والآمر : (( إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ))
ما هو الشرح الذي نعتمده ونطمئن إليه ؟
* هل هو الشرح الذي يقول إن المعنى الحقيقي من هذه الآيات هو للتلميح أو التصريح بأن محمدا ، ذلك العبد ، الإنسان ، الذي اختاره سبحانه وتعالى ليحمله تلك الرسالة الموجهة للبشرية جمعاء هو مجرد شخص زاده قليل بل ومنعدم في مادة القراءة والكتابة ، ومع ذلك فقد وجه إليه ذلك الأمــر الذي لا قبل لمتلقيه ولا حول له ولا قوة في أن يرد عليه ؟
• أم إن هذا الأمر هو ليلفت انتباه العباد إلى أهمية القراءة والكتابة وأهمية العلم ككل لتنمية الألباب حتى تبلغ أشدها وتتمكن من تدبر حديث الرحمان الذي أنزله للتدبر والإهتداء إلى سبله ؟
* وهل يتفق المسلمون ويجمعون على فهم واحد لا يقبل أي تأويل لمعنى الكلمة التي قالها الله سبحانه وتعالى وهي – الأميين - الأمي - في الآيات القرآنية التالية : ؟؟؟؟
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75). آل عمران .
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(2) سورة الجمعة
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(157). الأعراف.
قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(158) الأعراف.