دراسة حديثة: أومواموا لم يكن مذنبا ولا كويكبا بل جبلا جليديا كونيا

في الخميس ١٨ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مر عامان ونصف العام منذ أن اكتشف علماء الفلك في هاواي جسما غريبا على شكل سيجار يسافر بسرعة عبر النظام الشمسي في مسار بعيد.

اليوم، ذهب أومواموا، الذي اشتق اسمه من لغة سكان هاواي الأصليين الذي يعني "المستكشف"، بعيدا في مكان ما بين مداري زحل ونبتون. ولكن حتى اللحظة الراهنة، لا يزال الفلكيون يتساءلون ويتجادلون بشأن هويته.

الفلكيون مذاهب شتى

في مقاله الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يكشف الكاتب دنيس أوفربي عن مذاهب الفلكيين في تحديد هوية أومواموا.

يقول أوفربي: كان يُعتقد أن أومواموا أولا كويكب بينجمي، أي قطعة من الصخور التي ألقى بها نظام نجمي آخر. ثم قرر علماء الفلك بعد ذلك أنه مذنب انفلت بعيدا عن بعض النجوم والكواكب البعيدة.

ولفترة وجيزة، تكهنوا بأنه يمكن أن يكون هيكلا فضائيا، أو مسبارا مهجورا مثل سفينة الفضاء العملاقة في رواية آرثر سي كلارك "موعد مع راما"، أو جزء من كوكب صغير انفصل بسبب تفاعل الجاذبية أو التصادم.

وذكر الكاتب أن عالمي فلك في جامعة ييل اقترحا أن أومواموا لم يكن كويكبا ولا مذنبا. بدلا من ذلك، كان جبلا جليديا كونيا يتمثل في قطعة من الهيدروجين المجمد.

علاوة على ذلك، فإنه كان بمثابة بقايا بدائية، لم تنشأ من نظام كوكبي أو نظام نجوم آخر على الإطلاق ولكن من مكان وزمان حيث لم تكن النجوم والكواكب موجودة بعد: تلك النواة العميقة المظلمة للسحابة بين النجوم، وهي من أحد تجمعات الغاز والغبار الضخمة التي تحجب الممرات النجمية لدرب التبانة، وأين تولد النجوم في بعض الأحيان.

مكعب ثلج كبير

ولكن إذا كان التقييم دقيقا، فإنه سيزود الفلكيين بنظرة مباشرة على كيفية ولادة النجوم، وهو جزء من الكون لم تستطع التكنولوجيا البشرية اكتشافه.

إذ يمكن لهذه السحب، التي تتكون في الغالب من الهيدروجين الجزيئي المتبقي من الانفجار الكبير، أن تحتوي على كتلة من عشرات الآلاف من الشموس وتمتد مئات السنين الضوئية.

وبحسب الكاتب، فإن في مركز هذه السحب، حيث لا توجد شمس تشرق بعد، بالإضافة إلى أنه محمي من الإشعاعات، يمكن أن تنخفض درجة الحرارة بما يكفي لتجميد الهيدروجين نفسه، وهو العنصر الأخف وزنا والأكثر تقلبا وانتشارا في الكون.

في المقابل، تلتصق هذه الجسيمات المجمدة بحبيبات صغيرة من الغبار بين النجوم، وتنمو في غضون بضعة آلاف من السنين لتصبح مكعب ثلج يبلغ عرضه ألف قدم.

المزيد من جبال الجليد

حسب ما ورد في رسالة بريد إلكتروني لداريل سيليغمان، وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة شيكاغو، "إن أومواموا اختفى الآن ولم يعد بالإمكان رؤيته بأي شكل من الأشكال".

لكنه أضاف أنه إذا كان هو وزملاؤه على حق في استنتاجاتهم، فمن المؤكد أنه سيقع اكتشاف المزيد من الجبال الجليدية الكونية من خلال مرصد فيرا روبين الجديد في تشيلي.

وأشار الكاتب إلى أن وكالة الفضاء الأوروبية تفكر بجدية في مشروع أطلقت عليه اسم "اعتراض المذنب" الذي يتمثل في إرساء مركبة فضائية في الفضاء بالقرب من الأرض بهدف رصد المذنبات وغيرها من الأجسام الدخيلة التي تمر عبر النظام الشمسي.

ووفقا للدكتور سيليغمان "إذا كانت فرضية الهيدروجين صحيحة، فينبغي أن نتمكن من إثبات نظريتنا من خلال رصد أجسام أخرى في المستقبل".

‘عندما عبر أومواموا قرب الشمس وصل الهيدروجين الذائب عبر السطح الجليدي إلى حدود الغليان مما أنتج السرعة المرصودة (ناسا)

أومواموا قرب الشمس

وأوضح الكاتب أن علماء الفلك توصلوا في النهاية إلى أن الجسم كان يمتد طوله إلى حوالي ألف قدم وعلى شكل السيجار، لكن التحليلات كشفت أن نسقه كان سريعا عند خروجه من النظام الشمسي، وهو دليل على أن الغاز الذي يغلي على سطح الجسم الجليدي سرّع من نسقه، وهذا يعني أنه كان مذنبا بالأساس.

ولكن عندما حاول الدكتور سيليغمان ومرشده الدكتور غريغ لافلين محاكاة سلوك المذنب بناء على حسابات مقدار الطاقة التي كان سيحصل عليها من الشمس، وجدوا أن الجليد المائي، المكون الرئيسي للمذنبات العادية، لم يوفر ما يكفي من الجاذبية لتفسير سرعة المذنب.

وأضاف لافلين "عندما عبر أومواموا بالقرب من الشمس واكتسب دفئها، وصل الهيدروجين الذائب عبر السطح الجليدي إلى حدود الغليان، مما أنتج السرعة المرصودة، وجعل أومواموا يتخذ شكله الغريب الممدود، تماما كما يتحول لوح صابون إلى شريحة صغيرة بعد عدة استعمالات".

اجمالي القراءات 1600