البعل و الزوج هل هناك فرق بينهما؟

مصطفى فهمى في السبت ٢١ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

البعل و الزوج هل هناك فرق بينهما؟
دعوة للتفكر
إن اللاحق فى هذا البحث لهو دعوة للتفكير و التفكر و العقل و التدبر لما هو وارد إلينا و مشهور لدينا بالنقل سواء كنا من العامة أو من الخاصة من فقه و تفسير و أثر - وهو بالضرورة ليس كل ما قيل - نأخذه مأخذ المسلمات و نقدسه و نلحقه بالشارع سبحانه و تعالى و نجزم و نرهب الناس أن هذا مراده.
تم اختيارى لموضوع مشهور فى اللغة، مؤثرا فى الفقه، قد يكون صادما لأغلب الناس و ذلك عن عمد ليكون مثالا لعموم الحال و ليس لخصوص الموضوع.

المنهج 
إن اللغة العربية من الثراء بحيث لا توجد كلمات أو صفات مرادفة بل الكلمات أو الصفات ذات معنى محدد أو حالة بذاتها بل الكلمات و الصفات تكون فى كثير من الأحوال لها أكثر من معنى
مثال: الأسد هو أسم الجنس و الشبل و الليث و الغضنفر و الهزبر هى صفات لحالات يكون فيها الأسد
السيف و الحسام و الهندى هى صفات الأشكال مختلفة من السلاح الأبيض
لا يجب إن نفهم الحرف و الكلمة و فى القرآن بمراد المفسرين أو المعاجم و لكن بمراد الله فى قرآنه و ذلك يكون بالتتبع و التقصى بجمع الآيات المذكور فيها المراد فهمه حيث القرآن يفسر بعضه البعض

بعل و زوج
على خلاف ما جاء بالقواميس و الأثر و التفسير أنهم لمسوا المعنى و لكن لم يدركوا المقصود.
وجاء المعجم أن (البعل هو الزوج و هو رب الشيء و مالكة و استبعل أى أبى عليه و تبعلت أى أطاعت بعلها أو تزينت له و البعال أى الجماع و ملاعبة الرجل أهله وباعلت أى اتخذت بعلا و باعل أى جالس) ولكننا نرى أن القرآن بين معنى الكلمة بمعنى أدق من المتعارف عليه و المشهور، بل و مغاير لما جاء بالمعاجم لأن ما جاء بالمعاجم فى كثير من الأحيان يكون متأثرا بما جاء بكتب التفسير و الأثر.
و زاوج الشئ أى خالطه – و الزوج يقال لفردين لا ثالث لهما

ونستشهد لهذه الدعوة بالآية التالية بوجوب إعمال العقل وعدم القصر على النقل غير العاقل و التشبث به
"وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ"

هل البعل هو الزوج؟
و الجدير بالذكر و الغائب عن الكثير، هو أن البعل (فى إطار الأسرة) ليس هو الزوج فقط كما يظن الكثير.
فالبعل فى اللغة هو المعيل أو الكفيل أو المؤاكل و المشارب و الملاعب وعليه يمكن أن يكون البعل كل من الأب و الأخ و الابن أو من فى حجره امرأة.
و البعل إن كان هو المعيل فعلية قوامة و رعاية من يعولهم. (للتفصيل بحث (هل القوامة حق مطلق للرجل على المرأة؟)) http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=4607
و البعل يكون زوجا فى إطار الزواج الكامل (بالمس و المعاشرة) لمن تصلح شرعا زوجا له.
و الزوج يصير بعلا إذا امتنع عن المعاشرة الجنسية مع زوجه سواء عن تقدم فى العمر أو مرض أو مانع شرعي (مثل فترة العدة للمرأة عند الطلاق الشرعى)

آيات وصف البعل و دلالة اختلاف الحال عن الزوج
1ـ {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) الصافات}
أسم إله صنم و ملك وليس له محل فى الموضوع (للتفصيل هنا)
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%B9%D9%84
2ـ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) البقرة}
الزوج هنا سمى بعلا فى فترة ما بين وقوع طلاق المرأة و بين ردها فى الفترة المقدرة والتى لا يجوز فيها للمطلقة الزواج من آخر وهى فترة عليه فيها إعالتها و لكن لا يقوم بالمس و المعاشرة وإلا تكون رجعت له كزوج و كان هو زوجا
3ـ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) النساء}
أن النشوز و الإعراض من البعل المعيل المقصر فى واجباته و يتضمن عدم المس و المعاشرة من الزوج لزوجه
4ـ {قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود}
يتضح من سياق الآيات على لسان العجوز امرأة إبراهيم بأنه صار بعلا و بلغ من العمر مما قد يجعله شيخا عزوفا عن المس و المعاشرة و لأنها أصبحت عجوز لا تصلح أو لأنها لا تبغى مسا و لا معاشرة و بالتالى ليس عندها سببا منطقيا لأن يكون لها ولد من إبراهيم بانعدام المس و المعاشرة لأى من الأسباب السابقة
5ـ {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) النور} 
لبيان معنى البعل فى هذه الآية يتأتى علينا شرح موجز عن زينة المرأة و لنا فيها بحث مستقل (بحث زينة المرأة (هل هى جسدها أم ماذا؟))
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=4307
بصرف النظر عن ماهية الزينة فزينة المرأة حسب الآية تنقسم إلى:
(1) زينة ظاهرة و هى تكون تلك الزينة الظاهرة المعتادة كمظهر محتشم تظهر به فى مجتمعها
(2) الزينة و هى ما تحجب بالزينة الظاهرة المعتادة و تكشف بالتحلل و التحرر من الزينة الظاهرة لفئات معينة منها البعل
فإن كان البعل هنا هو الزوج، و الزوج لا يُحجب عنه شيء من امرأته، فلا منطق أن بصنف مع باقى الفئات التى ذُكرت فى الآية. و هذا ليس بمعقول و يكون البعل هنا ليس المقصود به الزوج
وهنا يستقيم المعنى بأن البعل فى كل الأحوال هو حال غير حال كامل الزوج كما ذكرنا سابقا.

لإظهار الفرق بين البعل و الزوج نستعين الآيات التى ذكر فيها كلمة (زوج)
1ـ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) البقرة}
المطلوب من الزوج الجديد إقامة حالة مس و معاشرة للمرأة و إلا صار بعلا بخلاف ما أمر به الله أن يكون زوجا
2ـ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) البقرة}
عدم منع المرأة من الزواج بعد طلاقها و إشهاره و الزواج يعنى إقامة حالة مس و معاشرة كاملة مع الزوج
3ـ {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان}
إن المنطق المعقول لوجود ذرية من الأزواج، هو حالة مس معاشرة كاملة أوجود زوج صالح النطفة
4ـ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) المعارج}
حفظ الفروج إلا على الأزواج تدل على حالة الزوجية الكاملة قائمة بمس و معاشرة
و نتطرق للمعنى و المفهوم للزوج بأنه يدل على مس و معاشرة فى بحث تالى مستقل بإذن الله
الخلاصة
ومما سبق ندلل بأن الله قد أظهر بمحكم كلامه أن معنى الزوج غير معنى البعل و أن (الزوج) هو حالة أخص من الأعم (البعل) وله أحكام و صفات و حدود تفترق عنه

هذا قولنا و فهمنا من مكاننا و فى زماننا و حسب علمنا و يجب أن يأتى من بعدنا من يفعل مثلنا.
و الله أعلم
مصطفى فهمى
المراجع:
(1) العقل للفهم. (2) القرآن بفهمه بالعقل. (3) المعجم لمعرفة لسان العرب

اجمالي القراءات 175428