البخارى وبدعةالعلاج بالقرآن

عثمان محمد علي في السبت ٢١ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الإسراء -82

البخارى وبدعة العلاج بالقرآن :

ظهرت فى السنوات الآخيرة مرة آخرى ظاهرة العلاج بالقرآن ، ولقد  استُغل فيها كتاب الله فى دجل الدجالين ،وشعوذة المشعوذين بكل فجور وتعد على كتاب الله ،تحت ما يسمى العلاج بالقرآن الكريم  للأمراض العضوية ،وفك الأعمال السحرية ،والمربوطين جنسياً (حديثى الزواج)..ومما يؤسف له أنه قد إستغلها بعض الأطباء ،ونسوا أن من أهم وظائفهم أن يبحثوا عن السب الحقيقى للأمراض العضوية لتشخيصها ،ثم التعامل معها ،ومحاولة علاجها ،وقطع الطريق أمام إنتكاسة علاجها وعودتها  مرة آخرى .

وبالبحث فى هذا  الموضوع وجدنا أنه يعود إلى مرجعية دينية بخارية ،أوجدها ،وأصّل لها (البخارى) بإفتراءاته على النبى الخاتم عليه الصلاة والسلام .ففى رواية له تحت رقم 5296 فى باب الطب يقول فيها (عن عن عن عن عن إبن عباس – أن نفراً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم –مروا بماءٍ فيهم لديغ أو سليم فعرض لهم رجلاً من أهل الماء فقال هل فيكم من راقٍٍ ٍ ؟ إن فى الماء رجلاً لديغاً أو سليماً،فإنطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على (شاة) فبرأ ،فجاء بالشاة إلى أصحابه فكرهوا ذلك ،وقالوا ،أخذت على كتاب الله أجراً ؟ حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذَ على كتاب الله أجراً ،فقال رسول الله (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله )).

وهنا نجد أن الرواية ذكرت شيئين ضد شرع الله فى القرآن العظيم ،وهما ، إستخدام القرآن فى الرقية والعلاج العضوى

، والثانى

،إشتراط أخذ الأجر مقابل تلاوة القرآن .

 ونذكر لتفنيد الجزء الأول ،

أن القرآن العظيم كتاب هداية ،ونور ،وطريق مستقيم يأخذ بيد من إتبعه ،وجعله أمامه ،ومشى دُبره وخلفه ،إلى دار السلام .وإلى المقام المحمود فى جنة الخلد  ،وأنه لم ينزل ليكون كتاباً فى الطب ،وإن ما جاء فيه من إشارات عن شفاء الصدور ،فهو شفاء للنفس من الهموم ،وللطمأنينة والسكينة الناتجة عن الإيمان به ،عندما تتلى على المؤمنين المطبقين لآياته ،المنهيون بنواهيه .وهذا ما يشعر به المؤمنين حقاً . ولم يأتى لإخراج (العفاريت والجن ) وعلاج اللديغ (كمن لُدغ من ثعبان أو عقرب وخلافه ) ،

وعن التعامل مع الشياطين فقد حدد ربنا سبحانه وتعالى فى قرآنه العظيم كيف نتعامل معهم عندما نقرأ القرآن فى قوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فإستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) ...وفى قوله تعالى ( قل أعوذ برب الناس ،ملك الناس ، إله الناس ، من شر الوسواس الخناس ، الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس ) ، إذاً الإنتصار على الشيطان يكون بطلب العون من الله والإستعاذة به سبحانه وتعالى على الشيطان ووساوسة، ومن خلال تطبيق الإيمان العملى بآيات الله فى القرآن الكريم ،لأننا قد فهمنا من الآيات السابقات أن الشيطان يوسوس فى صدور الناس لحضها على فعل السوء والسيئات ،والفحشاء والمنكر والمعاصى .فالسبيل الوحيد للتخلص منه ووساوسه هو إحلال القرآن الكريم مكان وساوسه ،وذكر الله به (اى بالقرآن ) بشكل دائم ومستمر  ،وبذلك يكون شفاءاً لما فى الصدور كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى فى سورة يونس (57) حيث يقول (يا أيها الناس قد جائتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور ورحمة للمؤمنين ) .

وإذا كان الشيطان يوسوس فى الصدور ،وأن القرآن الكريم يشفى الصدور ،فهى عملية إحلال وإستبدال يقوم بها الشخص بإرادته ،طبقاً للكم الإيمانى الذى يمتلكه فى تلك اللحظة ،وقد صدق الله العظيم حين قال عن هذه القدرة على الإحلال والإستبدال والتغيير داخل النفس البشرية ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها  قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) . والغريب أن نجد القرآن الكريم كما انه يزيد المؤمنين إيمانا ،ورحمة وشفاءاً لما فى صدورهم ،فإنه لا يزيد الظالمين إلا خسارا،حيث يقول (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) ،فلربما تكون خسارتهم فى الدارين (الدنيا والآخرة).إذا فا لقرآن الكريم شفاء إيمانى لما فى صدور المؤمنين به ،وخسارة على الكافرين به ، ولا علاقة له بعلاج الأمراض العضوية ،ومنها ما ورد فى الرواية من علاجه (لللديغ ) اى الملدوغ من الثعبان أو العقرب أو ما شابه من الزواحف والحيوانات المتوحشة .

والجزء الثانى من الرواية:

 يؤكد على أنهم قد أخذوا على تلاوته أجراً ، بل إنهم فى رواية أخرى يذكرون أنهم إشترطوا على أهل الماء أن يأخذوا منهم أجراً قبل أن يقرآوا لهم منه شيئاً . وأن النبى عليه الصلاة والسلام قد أقرهم على ذلك ،وقال لهم (هل هناك أحق من كتاب الله لتأخذوا عليه أجراً) ، بل وإقتسم معهم ما تبقى من الشاة التى أخذوها منهم أجراً .

 والغريب .. أن هذا يخالف ما جاء عن الأجر على كتاب الله ،وخاصة فيما ذُكر من آيات متعلقة برسول الله عليه السلام .فقد ركز القرآن تركيزاً شديداً على عدم طلب أو اخذ أجرٍ على كتاب الله ، لأن أجره على الله (وما تسئلهم عليه من إجرٍ إن هو إلا ذكر للعالمين ))  ... (( قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) ... وتكررت الآية فى سورة الشعراء خمس مرات ( قل ما أسألكم عليه من إجرٍ إن أجرى إلا على رب العالمين ) ..وفى سورة سبأ يقول ربنا سبحانه ( قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد ) . ومن هنا نفهم أن القرآن جاء موجها للنبى عليه السلام ،ومن آمن معه من المؤمنين الا يطلبوا عليه أجرا ،والا يأخذوا عليه أجراً ،وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلاً .... أما من يؤمنون معه بكتب آخرى كالبخارى وغيره ،فإنهم يبيعونه بثمن بخس مهما كبر فى أعينهم  بطلبهم عليه أجراً ، ويغالون فى أجورهم ،ويستخدمونه فى تجارتهم الدنيوية وفى دجلهم وشعوذتهم على الناس .وهذا ما نجده ممن يقولون  أنهم يعالجون بالقرآن ،وممن لا يفتون من المشايخ ،أوممن لا  يجيبون على اسئلة الناس أو السائلين إلا بعد أن يدفعوا لهم ثمن فتواهم ،

وهنا يحق لنا أن نسأل ،هل أصحاب (الماء ) أو اصحاب القصة ،طالما أنهم يؤمنون بالقرآن ،فلماذا لم يفعلوا ذلك ويقرأوا منه على لديغهم بدلا من إنتظار الآخرين ليقرأوا لهم ؟؟  هل يتركون لديغهم يموت بين أيديهم إنتظاراً لمن سيرسله القدر لإنقاذه ؟؟؟

وكذلك ::

هل تاجر النبى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين بالقرآن ليرتزقوا به ؟؟

وهل إستخدموه فى فك السحر ،والشعوذة ،والرقية ،ودجل الدجالين ؟؟؟؟

وهل تركوا التعبد به وتطبيق آياته ،وإستبدلوهما بجعله أحجبة وتمائم وغسل للمجانين والمهوسين كما يقول المشايخ وعلى رأسهم البخارى ؟؟

فأنا أؤمن بطهارة النبى عليه الصلاة والسلام وبراءته من كل هذا ،وأنه لم يخالف القرآن الكريم قط ، وانه برىء من هذه الأكاذيب التى نسبها له البخارى وغيره .

وفى النهاية نقول ،

أيها السادة القرآن الكريم كتاب هداية  ، ونهج نور ، ودستور حياة ،وليس كتاباً فى الطب أو الصيدلة . فإبحثوا عن علاج لأمراضكم العضوية داخل مختبراكم عند أولى الأمر من الصيادلة والكيماوين والأطباء ، وإبتعدوا عن الدجالين والمشعوذين الذين يخدعوكم بإسم (العلاج بالقرآن) وبالتمائم والرقية وغيرهما .

وإلى لقاء آخر مع فضح إفتراءات البخارى على نبى الهداية والرحمة ،وخاتم النبين والمرسلين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ...

----ملاحظة ----

كُتبت ونًُشرت هذه المقالة بجريدة الأحرار المصرية - فى يوم 24-9-1999. تحت سلسلة (محاكمة البخارى) .وأعتقد أنها ما زالت سارية ومواتية للرد على ما قام به (يوسف البدرى) من دجل وشعوذة مع (صحافية ) جريدة (الفجر) ،وما يقوم به بعدها ،وما يشارك  به إخوانه ممن  يتبعون كتاب البخارى ،ويقدمونه على كتاب رب العالمين (القرآن الكريم ) .

 

 

 

اجمالي القراءات 16643