هل يكون الشفاء في البلازما؟ بارقة أمل لإيجاد حل لكارثة كورونا

في الإثنين ٢٠ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

بدأت المستشفيات الأمريكية بعلاج المرضى المصابين بـ”كوفيد-19″ بـ”البلازما” التي تحتوي على مضادات حيوية تقوي مناعة المريض لأجل هزم فيروس كورونا في جسم الإنسان. جاء ذلك بعد أن أعطت الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير الضوء الأخضر لاستخدام هذا العلاج. وستبدأ فرنسا العمل به الأسبوع المقبل، في حين يُجهل حتى الآن مدى فاعليته في التصدي للوباء.

يسابق العلماء والأطباء الزمن للتوصل إلى دواء ولقاح مضاد لفيروس كورونا الذي يفتك بالعالم، إذ خلف حتى اليوم 53 ألف حالة وفاة. وإذا كان تصنيع اللقاح يتطلب مزيداً من الوقت قد تصل مدته على الأقل إلى عام حسب الخبراء، فأطباء العالم يحاولون اليوم إيجاد علاج في أسرع وقت، يوقف نزيف الوفيات.

6 آلاف إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال يوم واحد في روسيا – رويترز

ولاح أمل جديد هذه المرة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعطت الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير الضوء الأخضر للمستشفيات لاستخدام “البلازما”، وهي جزء من الدم السائل تتركز فيه الأجسام المضادة بعد مرض ما، لعلاج المصابين بفيروس كورونا، خاصة منهم أولئك المصنفين في حالة خطرة. وقارب عدد الوفيات في هذا البلد ستة آلاف، كما تجاوز عدد الإصابات 245 ألفاً، بحسب تقرير لقناة فرانس 24.

التبرع بالدم لإنقاذ حياة مرضى كوفيد-19

وعلى هذا الأساس دعا مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك المرضى السابقين بـ”كوفيد-19″ إلى التبرع بالبلازما. ولا يمكن أن يساهم المريض بالوباء في العملية، ومن شُفي منه نهائياً عليه أن ينتظر 14 يوماً قبل تبرعه، شرط أن يكون جسمه في الوقت نفسه خالياً من جميع الأمراض المعدية كالإيدز (السيدا) وأمراض الكبد الخطرة.

وسارعت عائلات المرضى، على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الاستفسار عن طريقة التبرع. ويبدو أن الإقبال كان واسعاً. في حين يشدد مسؤولو الصحة على التزام شروط التبرع. وقالت الدكتورة جولي ليدجروود، من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية: “لا نريد أخذ البلازما من شخص لديه استجابة مناعية متواضعة، إن ذلك لن يكون مفيداً”.

الروبوت يقوم بوظائف التمريض لمصابي كورونا / رويترز

والعلاج بالبلازما ليس بجديد بالنسبة للأطباء، وثبتت فاعليته لدى المتعافين، في دراسات على نطاق ضيق بالسنوات الأخيرة، ضد أمراض مُعدية أخرى مثل إيبولا وسارس. واستُخدم لأول مرة في 1918 ضد وباء الإنفلونزا الإسبانية، وأيضاً الحصبة والالتهاب الرئوي البكتيري وعديد من الإصابات الأخرى قبل ظهور الطب الحديث.

الدكتور يحيى مكي عبدالمؤمن، الطبيب الاختصاصي في علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي في ليون الفرنسية، كان واحداً من الأطباء الذين لجأوا إلى البلازما، إذ يقول في تصريح لـ”فرانس24″، إنه وصفه “لعلاج مصابين أطفال ورجال بفيروس (بارفوفيروس باء19)، وأعطى نتيجة إيجابية”. كما يقدَّم هذا العلاج، يشرح الدكتور الفرنسي الجزائري، “للمرضى الذين خضعوا لعملية زرع الأعضاء، خاصةً الكلى، لأن هذا النوع من العمليات يضعف مناعتهم”.

مضادات حيوية ضد كورونا

تحتوي البلازما على كمية مهمة من المضادات الحيوية القادرة على تقوية مناعة المريض في وجه خطر الفيروس. وهناك من هذه المضادات ما يُعرف بـ”إي إي جي”، حسب شروحات الدكتور يحيى مكي لـ”فرانس24″، توجد في دم المصابين والمرضى الذين استطاعوا التغلب عليه.

وبالإضافة إلى “إي جي جي” التي تبقى في الدم سنوات، يتوفر جسم الإنسان على مضادات حيوية أخرى تدعى “إي جي إم”، لا يتجاوز بقاؤها في جسم الإنسان ستة أشهر. ويشير الدكتور مكي إلى أن هذه المضادات الحيوية لها القدرة على التصدي للفيروسات التي تهاجم جسم الإنسان، إلا أنها “تتناقص لدى المسنين”؛ وهو ما يفسر أن الأشخاص الطاعنين في السن يكونون أكثر عرضة للخطر إذا أصيبوا بـ”كوفيد-19”.

ويتوفر الجسم على ثلاثة أجهزة مناعية، يضيف محدثنا، تحميه من الطفيليات والبكتيريا والفيروسات. وهذه المناعة يمكن أن تتعرض للتدهور ليس فقط بسبب كبر السن، وإنما أيضاً بفعل الإصابة بأمراض مزمنة.

كل تبرُّع “قد ينقذ حياة ثلاثة إلى أربعة أشخاص”

وعلى غرار الولايات المتحدة، انطلق العلاج بالبلازما في إيطاليا أيضاً، في حين ستبدأ فرنسا العمل به الأسبوع المقبل. وكان الأطباء في الصين بدورهم قد وصفوه لمرضاهم. لكن لم يحسم الأطباء ما إذا كان هذا النوع من العلاج كافياً للقضاء على الفيروس، وتكون البشرية بذلك قد انتصرت على الوباء، الذي تشن عليه حرباً منذ أسابيع.

كورونا يهاجم حتى الجهاز العصبي للمريض/ رويترز

“من الصعب علمياً معرفة مدى نجاعة الدواء ضد المرض، حتى نجربه”، بحسب قول الدكتور ديفيد رايش، رئيس مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك، قبل أن يضيف في تصريح نقلته عنه وكالة “أسوشييتد برس”، أن “العلاج تم البدء به، ونأمل أن تكلل العملية بالنجاح”، إلا أن التجارب الراهنة لن تؤدي إلى حلول سحرية، حسبما يؤكد بروس ساشياس، المسؤول الطبي عن مركز التبرع بالدم في نيويورك المكلف بجمع عينات البلازما في أكبر مدينة أمريكية، ويوضح: “علينا أن ندرك أننا نجهل كل شيء عن الموضوع”، وهو ما يشدد عليه الأخصائيان إلداد هود وستيفن سبيتالنيك اللذان يشرفان على التجارب في مستشفى إيرفينغ التابع لجامعة كولومبيا.

ويوضح الطبيب سبيتالنيك: “نظن أنه بعد سبعة أيام إلى 14 يوماً من بداية الإصابة، يطور المصابون رد فعل مناعياً ويفرزون كميات كبيرة من الأجسام المضادة. لكن لا نعرف بالتحديد متى تبلغ عملية الإنتاج هذه ذروتها”. وتشير بعض البيانات إلى أن الذروة تحصل بعد 28 يوماً من الإصابة، ويأمل أن توفر أبحاثهما صورة أوضح. ويؤكد الطبيب هود أن كل تبرُّع بالبلازما “قد ينقذ حياة ثلاثة إلى أربعة أشخاص”.

اجمالي القراءات 1754