إيجاد علاج لفيروس كورونا بات من أولويات الأطباء والعلماء بكل أنحاء العالم، وفي حين يلجأ بعضهم إلى تطوير تقنيات جديدة للقضاء على الفيروس، قررت كندا فتح دفاتر الطب القديمة واللجوء إلى العلاج الذي أسهم في شفاء حالات عديدة عند تفشي فيروس سارس، ألا وهو: العلاج بالبلازما.
فما هي الدراسة التي ستجريها كندا في سبيل علاج كورونا؟ وما هو العلاج بالبلازما؟ وهل يكون علاجاً فعالاً ضد فيروس كورونا؟ ومن هم الأشخاص الذين ستشملهم الدراسة التجريبية لهذا العلاج؟ ستجدون في هذا المقال أجوبة لجميع أسئلتكم:
علاج كورونا بالبلازما
ستشمل الدراسة 1000 مريض من جميع أنحاء البلاد، وستتوزع مقراتها على ما لا يقل عن 40 مستشفى كندياً، وسيشرف عليها أطباء من جامعة مونتريال وجامعة أوتاوا وجامعة تورونتو وماكماستر وجامعة كولومبيا البريطانية، وجامعات مرموقة أخرى.
تقوم فكرة العلاج ببساطة على أخذ بلازما من أجسام المرضى الذين أصابهم الفيروس ثم تماثلوا للشفاء، على اعتبار أن أجسادهم استطاعت تطوير أجسام مضادة للمرض.
وقد جاءت خطة العلاج التجريبي الكندية في غضون أيام فقط.
إذ انضم مجموعة من اثني عشر من علماء أمراض الدم والأطباء إلى مكالمة Zoom في 29 مارس/آذار، ووضعوا خطة تستغرق عادةً ما بين ستة أشهر وسنة لإجراء تجربة نموذجية.
ويضع العلماء الآن اللمسات الأخيرة على خطط التمويل والبنية التحتية، في حين يعمل بنك الدم بكندا مع وزارات الصحة الإقليمية للتواصل مع المرضى الذين استعادوا عافيتهم بعد إصابتهم بالفيروس، ودعوتهم إلى التبرع بالدم.
ما هو الحقن بالبلازما؟
تقنية العلاج بالبلازما المحتوية على الأجسام المضادة قديمة جداً.
فقد كانت أول محاولة استُخدمت فيها هذه الطريقة في عام 1890، ويُعتبر أول استخدام حقيقي لها في وباء الإنفلونزا الإسبانية الكبير، في عام 1918.
ويشمل العلاج التجريبي ضد فيروس كورونا حقن البلازما الغنية بالأجسام المضادة من المرضى الذين تعافوا من الفيروس في أولئك الذين لا يزالون مصابين.
وقد تمت تجربة هذا النوع من العلاج على نطاق بسيط وصغير للغاية، في تجارب بالصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
خطوات العلاج التجريبي لكورونا
ستقوم مراكز التبرع في جميع أنحاء كندا باستخراج البلازما، وهو مكون سائل أصفر اللون من دماء المرضى الذين تم شفاؤهم من فيروس كورونا.
ومن الجدير بالذكر، أن التبرع بالبلازما لا يختلف عن التبرع بالدم التقليدي، ويستغرق نحو 45 دقيقة.
بعد ذلك سيتم اختبار هذه البلازما؛ لمعرفة ما إذا كانت تحتوي على الحد الأدنى من الأجسام المضادة التي يمكن اعتبارها مفيدة كعلاج مناعي.
بعد ذلك يتم تجميد البلازما وإرسالها إلى المستشفيات المشارِكة وإدخالها في أجساد المرضى الذين تُعتبر حالتهم حرجة؛ لمعرفة ما إذا كان بإمكان البلازما أن تساعد في علاجهم.
وفقاً للدكتور دونالد أرنولد، أخصائي أمراض الدم في جامعة ماكماستر الذي يقود التجربة، فإن “النظرية التي يعتمد عليها في العلاج التجريبي هي أن الأشخاص الذين تعافوا من عدوى COVID قد تكون لديهم أجسام مضادة لمحاربة الفيروس”.
وسيدير اثنان من موردي الدم في كندا، Canadian Blood Services و Héma-Québec ، التبرعات من أولئك الذين تعافوا بالكامل من COVID-19.
من سيستفيد من العلاج؟
سيتمكن جميع المرضى ذوي الحالات الحرجة الذين يدخلون إلى المشافي التي تطبَّق فيها التجربة ويحتاجون أجهزة للتنفس، من الاشتراك في العلاج التجريبي.
قال الدكتور أرنولد إن “ثلثي المرضى سيحصلون على الدم الغني بالأجسام المضادة”، وسيتلقى هؤلاء رعاية طبية منتظمة.
يمكن أن تكتمل التجربة في أقل من ثلاثة أشهر، وبحسب الدكتور أرنولد، “إذا كنا واقعيين أكثر فقد يمتد الأمر من ستة إلى 10 أشهر قبل أن يحصلوا على نتائج نهائية”.
قال الدكتور أرنولد: “التحدي هو الوصول إلى إجابة بأسرع وقت ممكن، حتى نتمكن من البدء في استخدام هذا المنتَج إذا كان فعالاً حقاً، أو ندرك أنه ليس كذلك ونتوقف عن استخدامه”.
سوابق علاجية بالبلازما
العلاج بالبلازما ليس تقنية جديدة من نوعها، فخلال تفشي السارس، تم علاج 80 مريضاً عن طريق البلازما.
وقد أظهرت مراجعة لتلك الدراسة، أنه كلما كان نقل الدم في وقت مبكر، حققت البلازما نتيجة علاجية أفضل.
ولم يعانِ أي من المرضى في تلك التجربة من ردود فعل سلبية بعد العلاج.
في أواخر الشهر الماضي، أُجريت دراسة صينية صغيرة على خمسة مرضى مصابين بالفيروس باستخدام هذه التقنية.
هؤلاء الـ5 كانت حالتهم سيئة للغاية، إذ كانوا لا يستطيعون التنفس دون استخدام أجهزة خاصة، لكن بعد تلقي العلاج بالبلازما، استطاع 3 مرضى من هؤلاء الـ5 الاستغناء عن أجهزة التنفس وتحسنت حالتهم بشكل ملحوظ.
جدوى هذا العلاج
لا يعتبر العلاج بالبلازما خطيراً بالنسبة للمريض، لكن يشكك بعض الأطباء في جدواه بعلاج فيروس كورونا.
في كل الأحوال، العالم بأجمعه الآن ينتظر نتائج تلك الدراسة، ولا يسعنا سوى أن ننتظر لنعرف ما إذا كانت البلازما علاجاً محتملاً لـCOVID-19، أم مجرد استنزاف للموارد والوقت.