حث تقرير لوكالة بولمبيرغ الدول الغربية على استقاء الدروس من الأخطاء التي ارتكبتها إيطاليا خلال مواجهتها لوباء كورونا المستجد، لتجنب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا نتيجة انتشار الفيروس الغامض.
وقال التقرير إن إيطاليا قامت بجهد مقدر أسهم في تخفيف حدة الكارثة، رغم ما صاحبه من قصور، لكونها الدولة الأوربية الأولى التي كانت في خطة المواجهة، لكن الدول الغربية لم تحذ حذوها وتستفد من أخطائها. وحث التقرير تلك الدول على القيام بذلك في أقرب وقت ممكن، مع الاستفادة أيضا من تجربة دول آسيا في هذا الخصوص.
ومنذ ظهور المرض في أراضيها، تبذل إيطاليا جهودا كبيرة للحد من تفشي وباء كورونا وتعول على سياسة الإغلاق التي تتبعها للقضاء على الفيروس بما في ذلك وقف كل الأنشطة الاقتصادية غير الضرورية.
وهناك مؤشرات على أن هذه الإجراءات غير المسبوقة تعمل، لكن الكلفة البشرية والاقتصادية ستكون كبيرة جدا في ظل غياب سياسة واضحة لمعالجة الوضع على المدى الطويل، حسب تقرير بلومبيرغ.
وقال التقرير إن إيطاليا ارتكبت أخطاء كان ينبغي على العالم الغربي الاستفادة منها لتفادي التفشي الكبير للمرض في أراضيها، لكنه لم يفعل، حسب التقرير.
ويرى التقرير أن هناك عدة أسباب معقولة تفسر سبب هذا التفشي منها أن معظم سكان إيطاليا مسنون مع متوسط عمر يقدر بـ 45 عاما. والمعروف أن كورونا تشكل خطورة كبيرة على كبار السن.
ويرى التقرير أن العادات الاجتماعية للإيطاليين وحبهم للتلاقي ساعد في تفشي المرض خاصة في صفوف الكبار. مع العلم بأن اليابان لديها فئة كبيرة من كبار السن لكنها لم تمر بذات محنة الإيطاليين.
وما فاقم من الوضع حسب بلومبيرغ هو وجود مستشفيات صغيرة بلومباردي( الجزء الأكثر ضررا في شمال البلاد) أساءت التعامل مع الحالات الأولى للمرض. وهذا ما قد يفسر إصابة 4 آلاف من الأطقم الطبية المختلفة بالفيروس.
وفي حين أن إيطاليا أجرت قرابة ربع مليون اختبار لكشف الفيروس، لكنها فشلت في وضع استراتيجية شاملة للتتبع والعزل الذاتي وهي وسائل أثبتت فعاليتها بشدة في دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة.
يضاف إلى ذلك زيادة معدلات التلوث بالمنطقة ما عرض الشريحة الضعيفة من المجتمع وهم كبار السن، إلى خطر الإصابة بالوباء.
عامل آخر يرى تقرير بلومبيرغ أنه ساهم في تدهور الوضع في إيطاليا، وهو تساهل المسؤولين الحكومين عند انتشار الوباء حيث قال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي وقتها في يناير الماضي "البلد مستعد بالكامل للتعامل مع الوباء وإنه يتخذ أشد سياسات الاحتواء في أوروبا" للحد منه.
الحكومة الإيطالية وبعد أن أدركت خطورة الموقف قامت بسرعة باتخاذ إجراءات مشددة، لكنها مجزأة على غرار إغلاق بلدة واحدة في إقليم لومباردي المكون من 11 بلدة عرضة لخطرة الوباء.
استمرت الإجراءات المجزأة بإغلاق المدارس، ثم منع التجمعات. ومع تزايد مخاطر الوباء أعلنت الدولة إغلاقا شاملا في 10 مارس. ثم فرض الحجر المنزلي على الناس لغير الضرورة، وتم إغلاق المطاعم والبارات.
وفي خطوة تنم عن مدى سوء الحال الذي وصلت إليه إيطاليا تم وقف الأنشطة الصناعية، وكلها إجراءات لم تضم إرشادات حول كيفية التعامل مع الوضع على المدى الطويل حيث "من المستحيل إبقاء الاقتصاد مغلقا لأشهر" حسب التقرير.
يرى تقرير بلومبيرغ أن إيطاليا دولة تستحق الثناء لكونها أول دولة أوربية تفرض مثل هذه الإجراءت الصارمة رغم أنها دولة ديمقراطية، وقد أثبتت تلك الإجراءات فعاليتها رغم ما صاحبها من قصور.
فيوم الأحد تباطأ معدل انتشار الفيروس بنحو 10 في المئة. كما انخفض معدل الوفيات، لكن ما يؤخذ عليها إيطاليا، أنها تصرفت بشكل مجزأ.
ونوه تقرير بلومبيرغ إلى أن الأخطاء المرتكبة في إيطاليا تتكرر في مناطق أخرى في أوربا تشهد ذات الوباء، مثل فرنسا وإسبانيا اللتين انتظرتا كثيرا من أجل فرض إغلاق شامل حسب تقرير بلومبيرغ.
أما بريطانيا فقد أجرت تحولات دراماتيكية في خططها "الأولية الناعمة" لمواجهة المرض، لكنها لا تزال تكافح من أجل اتخاذ إجراءات صارمة لفرض التباعد الاجتماعي.
في الولايات المتحدة، قامت السلطات بتكثيف اختبارات الكشف عن المرض مؤخرا وهي تجهد بشدة لمواكبة الطلب المتزايد.
وختم التقرير بتكرار أن إيطاليا تستحق الإشادة في جهودها لمواجهة الوباء، لكن دول آسيا قامت بعمل "أفضل" في الجمع بين الأولويات المختلفة لمكافحة الوباء، والحفاظ في آن معا، على مصالحها بقدر الإمكان "هذا هو المكان الذي يجب على الغرب البحث فيه عاجلا عن إجابات طويلة المدى" لأزمة كورونا حسب التقرير.
وتجاوزت إيطاليا في عدد ضحايا وباء كورونا، الدولة التي انطلق منها المرض وهي الصين. وأدى انتشار فيروس كورونا المستجد إلى وفاة ما لا يقل عن 15189 شخصا حول العالم، غالبيتهم في أوروبا، استنادا إلى أرقام رسمية الاثنين.
وتدفع إيطاليا الثمن الأكبر في العالم إذ بلغت حصيلة الوفيات الإجمالية لديها 5576 حالة بينها 651 وفاة خلال 24 ساعة بحسب الحصيلة الأخيرة المتوفرة الأحد. لكن هذا العدد تراجع مقارنة بعدد الوفيات اليومي الأكبر التي سجّلته في اليوم السابق وهو 793 حالة. فيما بلغ عدد ضحايا الصين في حدود 3300 قتيل.
يشار إلى أن أكثر منطقة تعرضت للضرر في إيطاليا هي إقليم لومباردي في الشمال وهو منطقة صناعية لها ارتباط وثيق بالصين بؤرة المرض ما قد يفسر سبب اندلاع المرض في ايطاليا بهذه المنطقة التي رصد فيها نصف حالات الإصابة المسجلة في إيطاليا، ناهيك عن ثلث الوفيات.