الإمارات السبع.. تفاوت كبير في الثروة والنفوذ

في الأحد ٠٨ - مارس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

من بين جميع الإمارات السبع لدولة الإمارات العربية المتحدة، تبرز على الساحتين الإقليمية والدولية إمارتا "أبوظبي" و"دبي" فقط، بينما تغيب 5 إمارات أخرى عن المشهد السياسي والاقتصادي، وهي: "عجمان، والفجيرة، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والشارقة".

وعلى الرغم من حجم النفوذ الذي تحظى به العاصمة الإماراتية أبوظبي، فإن خلافا مكتوما بين حكام الاتحاد، يظهر من آن لآخر، بسبب عدم الرضا عن سياسات ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد".

وتتمتع الإمارات السبع التي تتكون منها الدولة بقدر كبير من الاستقلالية، ويحكم الدولة مجلس يتكون من الحكام السبع الذين يتولون صلاحية تعيين رئيس الحكومة وأعضائها.

وفي يوليو/تموز 2018، كان انشقاق نجل حاكم إمارة الفجيرة، الشيخ "راشد بن حمد الشرقي"، علامة فارقة على وجود أزمة حقيقية داخل البيت الإماراتي، جراء تفرد أبوظبي بالقرار والنفوذ.

وقد بدأت الخلافات بن حكام الإمارات تتوسع منذ قرار البلاد المشاركة في حرب اليمن عام 2015، خاصة أن ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" لم يتشاور مع حكام الإمارات الآخرين، في قرار المشاركة في حرب اليمن، وأن إمارة الفجيرة، إحدى أصغر الإمارات السبع وأقلها نفوذا، تحملت الوزر الأكبر من عدد القتلى الإماراتيين باليمن، وفق تصريحات "الشرقي" لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

ووفق إحصائيات عام 2018، يشكل سكان أبوظبي 55% من مواطني دولة الإمارات، بينما نسبة المتوفين من أبنائها في حرب اليمن تبلغ 21% وهو ما يثبت محدودية خسائر أبوظبي مقارنة بعدد مواطنيها.

وسلط انشقاق الأمير الإماراتي، الأضواء بقوة، على أسرار الحكم في الإمارات، وهيمنة ولي عهد أبوظبي على القرار السياسي بالبلاد، وتهميش حكام الإمارات الآخرين.

مركزية الثروة

ويبدو أن الخلاف بين حكام الإمارات يتجاوز الصراع السياسي، إلى وجود اختلالات حقيقية في توزيع ثروات البلاد، وتفاوت في مستويات التنمية بين الإمارات السبع، إذ تتركز الثروة في إمارة أبوظبي الغنية بالنفط، ودبي مركز التجارة والأعمال في الشرق الأوسط.

ووفق بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن هناك فجوة دخل كبيرة بين الإمارات الغنية كأبوظبي ودبي وبقية الإمارات الشمالية، حيث يعادل دخل الفرد في أبوظبي أكثر من 6 أضعاف دخل الفرد في عجمان.

وتتفاوت موارد كل إمارة مقارنة بالأخرى، ما تسبب في عدم وجود تنمية متوازنة، وتراجع مستوى المعيشة في الإمارات الشمالية الفقيرة، وما تلا ذلك من بزوغ سياسة تميز للإماراتيين المولودين في أبوظبي ودبي عن سائر الإماراتيين المولودين شمالي البلاد.

ويبدو التفاوت المشار إليه سابقا، بشكل جلي في امتلاك الإماراتين الأغنى صناديق سيادية بمليارات الدولارات، بينما لا تملك حكومات الإمارات الشمالية أي صناديق سيادية.

ويمتلك جهاز أبوظبي للاستثمار، أصولا بقيمة 697 مليار دولار، وفقا لما ذكره "معهد صناديق الثروة السيادية"، ما يجعله ثالث أكبر صندوق سيادي في العالم عام 2019.

وتستحوذ مؤسسة دبي للاستثمار على أصول تجاوز قيمتها 233.8 مليار دولار، تجعلها في المرتبة الـ13 عالميا.

وتأتي شركة "مبادلة للتنمية"(مملوكة لحكومة أبوظبي) في المركز الـ14 بأصول ناهزت 226 مليار دولار.

وحل صندوق الثروة السيادي الاتحادي "جهاز الإمارات للاستثمار"، في المركز 27، بإجمالي أصول بلغت قيمتها 34 مليار دولار.

وجاءت هيئة رأس الخيمة للاستثمار في المركز 60 بأصول تقارب 1.2 مليار دولار، بينما لا تمتلك 4 إمارات هي "عجمان، والفجيرة، وأم القيوين، والشارقة" أي صناديق.

استثماريا، يستحوذ جهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة مبادلة (مملوكة لأبوظبي)، على أكثر من 80% من الاستثمارات الإماراتية الخارجية، حيث توجد استثماراتهما في أكثر من 100 دولة في العالم.

تباطؤ التنمية

بخلاف ذلك، يقول خبراء أمميون، إن نموذج التنمية الاقتصادية في الإمارات ليس موحدا، ويختلف من إمارة إلى أخرى، ما يبطئ معدلات التنمية في البلاد.

ووفقاً للهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء (حكومية)، كانت نسبة البطالة أعلى في الإمارات الشمالية خاصة رأس الخيمة والفجيرة، بينما تقل بالطبع في دبي وأبوظبي.

ويفيد مسح أجراه البنك الدولي في وقت سابق، شمل مؤشرات توزيع الدخل والإنفاق، أن هناك عدم مساواة مرتفعة سواء في توزيع الدخل، أو الإنفاق بين المواطنين، أو الوافدين، أو على مستوى الدولة.

وتفاوتت درجة (عدم المساواة) في توزيع الدخل بين الإمارات، حيث تراوحت بين درجة (عدم مساواة مرتفعة للغاية) في الفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين، ودرجة (عدم مساواة مرتفعة) لبقية الإمارات.

ويؤكد تفاقم حالة التفاوت بين الإمارات السبع، تلقي الإمارات الأكثر فقرا منحا مالية وقروضا من أبوظبي، ومنح مواطني الإمارات الأخرى أراضي سكنية في أبوظبي وفق شروط محددة، لكن هذه المنح لم تنجح أبدا في ردم الهوة القائمة بين الإمارات الاتحادية.

خسائر فادحة

وتتكبد إمارات بعينها خسائر فادحة، جراء تداعيات سياسات أبوظبي، أبرزها الفجيرة التي تحتضن عبر مينائها خدمات تموين السفن أثناء مرورها من الخليج العربي عبر مضيق هرمز إلى المصافي في جميع أنحاء العالم.

ولذا، فقد عانى اقتصاد الفجيرة كثيرا على خلفية التوتر القائم بين أبوظبي وطهران، والهجمات على ناقلات النفط، العام الماضي.

وفي السياق ذاته، تفاقم الخلاف بين أبوظبي والإمارات الأخرى، إثر معارضة 3 حكام، هم حاكم دبي، وحاكم الشارقة، وحاكم أم القيوين، التورط في حرب ضد إيران، بحسب موقع "تاكتيكال ريبورت" الاستخباراتي الأمريكي.

وفقدت دبي أكثر من 20 ألف وظيفة في قطاع الخدمات وقطاع الاتصالات، بسبب حصار قطر يونيو/حزيران 2017، إضافة إلى خسائر الأسهم والقطاعات الاقتصادية المختلفة، بشكل قد يجعل دبي نفسها ضحية لسياسات أبوظبي، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وتقول شبكة "بلومبرج" الأمريكية، إن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه دبي، يعود إلى المغامرات التي تخوضها الإمارات في عديد من الملفات الخارجية.

وفي يوليو/تموز 2019، ظهر معالم الخلاف المكتوم بين الإمارات عندما غاب ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" عن مراسم دفن نجل حاكم الشارقة "خالد سلطان القاسمي"، الذي توفي في ظروف غامضة ببريطانيا.

ولا يمكن إغفال حملة القمع التي شنتها أبوظبي في 2011، وطالت الشيخ "سلطان بن كايد القاسمي"، ابن عم حاكم رأس الخيمة، الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات في العام 2013، ضمن سلسلة أحكام أخرى طالت قادة حركة الإصلاح، المحسوبة على جماعة "الإخوان المسلمون" في الإمارات.

وتمتع "الإصلاح" بنفوذ في رأس الخيمة وسائر الإمارات الشمالية، لذلك كان المساس بالحركة مسألة خلافية بين أبوظبي ورأس الخيمة، فضلا عن كون سياسات القمع التي ينتهجها "بن زايد" لا تحظى في المجمل برضا إمارات الشمال.

سيطرة مالية

إزاء هذا التململ، سعت أبوظبي بقوة إلى تعزيز نفوذها من خلال سيطرتها المالية على الإمارات الشمالية بتغطية 90% من موازنة الحكومة الاتحادية، ما يعزز استئثارها بصناعة القرار الإماراتي.

ويؤثر عدم التوازن المالي بين الإمارات السبع على بوصلة القرار السياسي وتوزيع الأدور في دولة الإمارات، ففي حين تعد دبي هي الواجهة الدولية للبلاد، فإن مركز السلطة يتركز في أبوظبي، في حين تلعب إمارات الشمال دور مورد الجنود في معارك "بن زايد".

ويبدو ولي عهد أبوظبي هو الحاكم الفعلي للدولة، في ظل الغياب الفعلي لرئيس البلاد الشيخ "خليفة بن زايد آل نهيان"، بعد جلطة ألمت به في العام 2014.

وربما يعبر ما يردده إماراتيون من مواطني الإمارات الشمالية، في مجالسهم الخاصة، عن الوضع القائم في البلاد، وأزمة توزيع النفوذ والثروة بين الإمارات السبع، حينما يسخرون بالقول إن "الشيء الوحيد الذي تتفوق فيه الإمارات الشمالية على أبوظبي ودبي هو في عدد الشهداء في اليمن".

اجمالي القراءات 2411