ألقاب مملكة في غير موضعها..

منيرة حسين في الجمعة ٠٩ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

1ـ في شئون الدنيا لا بأس من التنادي بألقاب وأخوة يوسف حين قدموا إليه ولم يتعرفوا عليه خاطبوه بلقبه الرسمي " عزيز مصر" فقالوا " ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر:12/88". وإلي عهد قريب كان من الألقاب المصرية " عزتلو" وصاحب العزة.
أما في شئون الدين فالأسماء الحسنى لله وحده ، والأنبياء هم أعظم البشر ومع ذلك فغاية أحدهم أن يلحقه الله بالصالحين يقول يوسف يدعو ربه " أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين:12/101 والله تعالي حين يمتدح أحد الأنبياء يصفه بالعبودية لله " ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا "17/3 أي أنه في مملكة الله أو دين الله، فالألقاب الحسني أو الأسماء الحسني لله وحده ورسول الله يكفيه فخرا أن يكون عبدا لله .
وقوم موسى كانوا ينادونه باسمه المجرد يقولون يا موسى " وإذ قلتم يا موسى لن نصبر علي طعام واحد " 2/61 لم يقولوا له يا سيدنا أو يا مولانا أو يا صاحب الفضيلة وإذا خاطب أحدنا بعض رجال الدين فلم يقل له " يا صاحب الفضيلة " ربما غضب وانتفخ ، وإذا قال له " أنت يافلان" فربما اتهمه بالكفر ، هذا مع أنه من الممكن أن يخاطب الإنسان رب العزة تعالي فيقول له " أنت" يقول يوسف لربه " أنت ولي في الدنيا والآخرة " .
إذن كيف يجوز لنا أن نقول لله " أنت " ولا نستطيع أن نقول لأحد المعممين " أنت"؟؟
2ـ ويرجع السبب إلي أننا توارثنا ألقاب كنهودية آن لنا أن نتخلى عنها إذا أردنا أن تضيق الفجوة التي بيننا وبين كتاب الله فالأصل أن الكهنوت والألقاب الدينية لا وجود لها في دين الله ، وأن أي لقب ديني استحدثه المسلمون إنما هو ابتداع في دين الله ولابد أن يحمل في مفهومه اعتداء علي دين الله أو رسول الله عليه السلام ولقد كان الشيعة اسبق في خلق ذلك الكهنوت الديني فتكاثرت عندهم الألقاب من الإمام إلي الحجة إلي آية الله وروح الله . ثم ما لبثت أن زحفت هذه العدوى إلى مذهب السنة فتوارثنا ألقابا مماثلة .. ولنتوقف مع هذه الألقاب بعض الشيء:
" الإمام الأعظم" ونقصد به أبا حنيفة وقد توارثنا في عقد القران أن يقال "علي سنة الله ورسوله ومذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان " وإذا حدث تحريف في هذه الصيغة كأن حذف المأذون أبا حنيفة اعتقد الحاضرون أن عقد القران باطل !! وهذا يجعلنا نتساءل : هل قيل في زواج النبي عليه السلام بخديجة : على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة وهل يعتبر زواج الصحابة باطلا لأنهم ماتوا قبل ظهور أبي حنيفة ؟ ثم إذا كان أبو حنيفة هو "الإمام الأعظم " فأين نضع الرسول عليه السلام؟ ألا يعني ذلك بوضوح أن أبا حنيفة أعظم من خاتم النبيين عليه السلام ؟ وألا يعتبر هذا اللقب انتقاصا من قيمة الرسول عليه السلام بل وكل الأنبياء عليهم السلام ؟ .
• وقد كان الشيخ محمد عبده من أعظم العقليات التي أنجبها الأزهر ،ولو فرضنا أنه كان شيخا للجامع الأزهر عندئذ سيكون من ألقابه الرسمية " الإمام الأكبر " و" شيخ الإسلام "
وحين نقول لمحمد عبده " الإمام الأكبر " فهو انتقاص صريح من قدر خاتم النبيين وهو إمام المسلمين فإذا كان محمد عبده هو الإمام الأكبر فهل يعني ذلك أن رسول الله هو الإمام الأصغر ؟ ونستغفر الله العظيم !
• وحين نلقب الشيخ محمد عبده بشيخ الإسلام نكون أيضا قد اغتصبنا وصفا لا ينطبق إلا على رسول الله ، فمن غيره يكون شيخ للإسلام ؟ وهو الذي نزل عليه الإسلام قرآنا وقام به جهاداًً ودعوة ومعاناة إلى آخر لحظة في حياته ؟ .
• وقد يصفون الأزهر بأنه " منارة الإسلام " وهذا يعني أن الإسلام ظل بلا منارة طيلة عهد النبي والخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى أن أنشئ الأزهر بعد ظهور الإسلام بأربعمائة عام ألا يعد هذا اللقب للأزهر انتقاصا من قدر الإسلام ؟ إن الإسلام لأعظم وأقدس وأكبر من أن يذوب في الأزهر ، بل إنه غاية ما يشرف به الأزهر أن يكون أحد المعاهد التي تعبر عن الإسلام بصدق فلقد عرف المسلمون في تاريخهم جوامع ومساجد وجامعات تتنافس في خدمة الإسلام وتحاول أن تستضيء بنوره وهوادته.
• وقريب من ذلك ما يلقبون به الشيخ الصوفي أبا حامد الغزالي " حجة الإسلام" المتوفى سنة 505هـ ومعناه أن الإسلام بقي محروما من الحجة طيلة عهد النبي والصحابة إلي أن ظهر الغزالي في عصور التصوف والفلسفة أن القرآن هو حجة الإسلام الخالدة والباقية وإطلاق هذا اللقب علي الغزالي إنما هو انتقاص لكتاب الله العزيز ، يقول تعالي بعد أن أثبت الحجة علي المشركين " قل فلله الحجة البالغة : 6/149 ذلك أن حجة الإسلام تأتي وحيا إلهيا لكل الأنبياء يقول تعالي عن إبراهيم " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء 6/83 .
3ـ وهناك أخطاء شائعة ولكن أقل خطورة مثل تلقيب أسرة علي بن أبي طالب بأهل البيت وأهل بيت النبي هم زوجاته أمهات المؤمنين وذلك ما ورد في خطابهن المباشر " يا نساء النبي " وفيه يقول تعالي لهن " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا:33/33 ونفس اللقب قيل لزوجة إبراهيم عليه السلام حين بشرتها الملائكة بإسحاق فتعجبت " قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت "1/1/73.
وحتى في حديثنا العادي حين يقول أحدنا البيت أو أهل البيت فإنما يقصد الحريم والأولاد الصغار في البيت وفي النهاية فنحن لا نقصد المساس بالأشخاص وإنما لانريد لأحد أن ينتقص من قدر الإسلام والقرآن والرسول عيه السلام بدون أن يدري .. وحق الله أولي بالوفاء وهذا ما نحسب أن الآخرين يتفقون معنا فيه .. والرجوع للحق ـ حق الله ـ خير من التمادي في الباطل ..

اجمالي القراءات 13041