في ظل واقع مصري تصفه التقاريرُ الحقوقية بأنه يقمع الأصواتِ المعارضة ويسمح فقط للأصوات المؤيدة بالتعبير، خرجت 8 منظمات حقوقية مصرية لتعلن رفضها التام للدعوات التي انتشرت في مصر الأسابيع الأخيرة والمطالبة بتعديل الدستور المصري للسماح للرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية ثالثة.
وطالبت ثماني منظمات حقوقية في بيان صدر أمس الجمعة، الرئيس السيسي بعدم المساس بالدستور والامتثال لأحكامه، مطالبين المنادين بتعديل الدستور باحترام مواده الحالية التي تمنع السيسي من الترشح لفترة رئاسية جديدة.
وطالبت المنظمات الموقعة على البيان كافةَ الأقلام المصرية الحرّة بالضغط حتى يلتزم السيسي بأحكام الدستور ويغادر منصبه بمجرد انتهاء مدة ولايته الثانية والأخيرة في يونيو من العام 2022.
واعتبرت المنظمات الموقعة على البيان أن أصحاب الدعوات المطالبة بتعديل الدستور كان حري بهم المطالبة باحترام مواد الدستور، خصوصاً المتعلقة منها بالحقوق والحريات التي تُنتهك بشكل يومي منذ إقراره، بدلَ السعي إلى تعديل الدستور بغرض منح وضعية خاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي وتعزيز حكم الفرد، بحسب البيان.
والمنظمات الموقعة على البيان هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والجبهة المصرية لحقوق الإنسان والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و"كوميتي فور جستس" ومركز النديم والمفوضية المصرية للحقوق والحريات والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي ومؤسسة بلادي للحقوق والحريات.
وانتقد البيان الدعوات المطالبة بتعديل الدستور، معتبرًا أن تحديد الرئاسة بفترتين فقط هو تقريباً المكسب الوحيد الذي فاز به التيار الديمقراطي في 25 يناير 2011، وأن التضحية بهذا المكسب تمثل "عصفاً وتهديداً حقيقيين للاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد".
وشهدت مصر في الآونة الأخيرة ما اعتبره بعض المراقبين حملةً ممنهجةً، قادتها أصوات مؤيدة للنظام الحالي، تطالب بتعديل الدستور الحالي بهدف إبقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في سدّة الحكم وفي قمة المؤسسة العسكرية لما بعد عام 2022، وهو موعد انتهاء ولايته الثانية والأخيرة بحكم الدستور.
الحملة بدأها الصحافي المصري ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الحكومية، والمعروف بعلاقاته القوية بالنظام الحالي من خلال بعض مقالات الرأي التي تحدث فيها عن ضرورة تعديل مواد الدستور المصري من أجل إقرار وضع خاص بالرئيس عبد الفتاح السيسي بوصفه "مؤسس نظام 30 يونيو، ومطلق بيان الثالث من يوليو" بحسب الكاتب، وبعد هذا المقال مباشرة بدأت شخصيات أخرى منها صحافيون وسياسيون ونواب برلمان، وشخصيات عامة، وإعلاميون، بالعزف على الوتر ذاته تناشد السيسي التمديد.
ولم يكن بيان المنظمات الحقوقية المعارض لحملة التمديد للسيسي هو الأول من نوعه، ففي بداية يناير الجاري أعلن العشرات من المواطنين والسياسيين والشخصيات العامة في بيان رسمي، رفضَهم دعواتِ تعديل بعض مواد الدستور، معتبرين تلك "الدعوات التي بدأت تتردد في ساحات المحاكم ووسائل الإعلام، مطالبةً بتعديل بعض مواد الدستور هدفها الوحيد: إطلاق مدد الرئاسة للرئيس الحالي وتأبيده في الحكم".
واتهم البيانُ الرئيسَ السيسي بإحكام قبضته على البلاد وإغلاق المجال العام، والتأميم المقنع لوسائل الإعلام عن طريق بيع الصحف والقنوات الخاصة للأجهزة الأمنية وإطلاق يدها لتوجيه الخطاب الإعلامي في مصر، إضافة إلى حبس المعارضين السياسيين على خلفية قضايا واتهامات وهمية، على حد تعبير البيان.
كما دعا البيان إلى احترام الدستور ووقف التلاعب به لأغراض شخصية، وإعادة فتح المجال العام، وإطلاق عملية إصلاح شامل عبر "خلق بيئة مواتية للسلم الاجتماعي ترتكز على مبادئ المساواة وعدم التمييز، والمصالحة الوطنية الشاملة بين كل الأطراف السياسية والدينية والعرقية".
وتتهم عديد المنظمات الدولية النظام المصري الحالي بتحويل البلاد إلى سجن كبير للمعارضين، وبحصر الظهور في وسائل الإعلام المصرية الخاصة منها و الحكومية على مؤيدي السيسي، وبانتهاك مواد الدستور المتعلقة بالحريات، لكن الدولة المصرية ترفض هذه الاتهامات وتقول إنها تحترم الدستور والقانون.