الشيطنة والشياطين فى القرآن

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٢٢ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الشيطنة والشياطين فى القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب الشيطنة والشياطين فى القرآن .
ماهية الشيطنة :
هى البعد عن أى شىء ولكنها اكتسبت معنى البعد عن الخير أى البعد عن طاعة حكم الله ،يقال هذا شيطان ويعنون بالقول هذا بعيد عن الخير ويقولون تشيطن فلان ويريدون بذلك تباعد فلان عن الخير أى بألفاظ أخرى عصى فلان الله ومن ثم فالشيطنة هى عصيان الله أى البعد عن طاعة حكم الله فى الغالب لورودها بمعنى أخر غير عصيان &Ccedicedil;لله وهو البعد عن الخير الممثل فى الصحة فى القرآن.
أنواع الشياطين :
الشياطين وهم البعداء عن الخير والمراد العصاة لحكم الله على نوعين :
1-شياطين وهم كفار الجن 2- شياطين وهم كفار الإنس وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن ".
والسبب فى كون الشياطين من هذين النوعين فقط هو أنهما النوعان المخيران بين الكفر والإسلام أى النوعان اللذان أعطيا حق الاختيار بين عبادة الله وعبادة غيره مع تحريم عبادة الغير عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الذاريات "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ".
المراد بكلمة الشيطان :
إن كلمة الشيطان تطلق على الكافر أيا كان نوعه ولكنها لها تحديدات فى القرآن هى
-الشهوة المحرمة كما بقوله بسورة المائدة "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء ".
-الكتابى وجمعه أهل الكتاب الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم "فشياطينهم هم أهل الكتاب الكفار المنافقين الكبار الذين يصادقون الصغار منهم .
-الكافر كما بقوله بسورة المجادلة "إن حزب الشيطان هم الخاسرون ".
-المرض كما بقوله بسورة ص"إنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب "
لمن يوسوس الشيطان ؟
إن الشيطان وهو الشهوة يوسوس أى يأمر بالمنكرات كل من الجنة وهم الجن والناس وهم البشر وفى هذا قال تعالى بسورة الناس "الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "إذا فهو لا يأمر سوى نوعين هما الجن والإنس .
مكان الوسوسة :
إن مكان الوسوسة أى الأمر بالفحشاء والمنكر هو صدور أى نفوس الناس والناس نوعين الجن والإنس وفى هذا قال تعالى بسورة الناس "الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس ".
بماذا يوسوس الشيطان ؟
إن الشيطان يوسوس أى يزين أى يأمر بالسوء أى السيئات وهى الفحشاء أى الذنوب وهى التقول على الله دون علم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون "وقد فسر الله السوء أى الفحشاء بأنه المنكر وفى هذا قال تعالى بسورة النور "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر "وقد سمى الله الأمر بالفحشاء الوعد بالفقر أى بالأذى وذلك فى قوله بسورة البقرة "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ".
النهى عن إتباع الشيطان :
نهى الله الناس عن إتباع خطوات الشيطان أى طاعة أقوال أى تنفيذ وساوس الشهوة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "و"يا أيها الذين أمنوا ادخلوا فى السلم ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "وقال بسورة النور "يا أيها الذين أمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان "والشهوة أنواع عدة هى النساء عند الرجال والرجال عند النساء وإنجاب البنين وكنز المال والطعام والشراب والسلطان والقوة وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث "والشهوات هى الشيطان الموجود فى نفس الإنسان بدليل أن الله بين لنا أن الخلف الكافر قد اتبعها وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ".
السبب فى النهى عن اتباع الشيطان :
لقد نهى الله الناس عن اتباع الشهوات وبين لهم سبب نهيه عن اتباع الشيطان وهو أن الشيطان عدو الإنسان وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "و"ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "كما قال بسورة يس "ألم أعهد إليكم يا بنى أدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين "وبالطبع العدو هدفه هو إلحاق الأذى بمن يعاديه والممثل فى دخول السعير أى النار وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت "أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ".
فعل الشيطان مع الإنسان :
إن تعامل الشيطان وهو القرين وهو الشهوات التى هى جزء من تكوين النفس الإنسانية يقوم على الأتى:
-تخويف الإنسان من عصيانه والمراد إذاعة الرعب فى نفس الإنسان من عصيان أمره وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوهم إن كنتم مؤمنين ".
-الوعد وهو التمنية والمراد الترغيب فى المعصية وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ".
-الانساء وهو الترك والمراد أن ينسى الإنسان الحق وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "وكل هذا يسمى أسماء عدة منها وسوسة ونزغ ومس واستفزاز وجلب ومشاركة وهذه التسميات كلها وسيلتها واحدة هى الدعوة مصداق لقول الشيطان بسورة إبراهيم "وما كان عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم "
السلطان والشيطان :
إن الشيطان أى القرين أى الشهوات ليس لها سلطان أى قوة تجبر الذين أمنوا على تنفيذ الوساوس وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "إنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون "وقال بسورة الحجر "إن عبادى ليس لك عليهم سلطان "إذا لا سلطان للشيطان على المسلمين وأما الكفار وهم الذين يتولونه أى ينصرونه أى يشركونه فإن له سلطان أى قوة عليهم هم من أعطوها له ووافقوا عليها بإرادتهم وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون "وهم الغاوين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين".
ماهية سلطان الشيطان :
إن سلطان الشيطان وهو الشهوة يتمثل فى دعوته أى قوله والمراد حكمه الذى يوسوس به للإنسان ونتيجة هذا السلطان أى الأمر هى استجابة الإنسان له وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى ".
إلى من يأتى الشيطان ؟
إن الشيطان أى القرين أى الشهوة تتنزل أى تأتى والمراد أن الشيطان يوسوس لكل أفاك أثيم والمراد كل كاذب مذنب وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم "وقد سمى الله التنزل إرسال فهو يرسل الشياطين أى قرناء السوء إلى الكفار لتؤزهم أزا أى لتغويهم إغواء أى لتضلهم الإضلال الكامل وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "ألم تر إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ".
الشياطين والرسل (ص):
إن للشيطان وهو الكافر كان له مع كل رسول موقف هو الإلقاء فى أمنية الرسول والمراد التحريف فى قول النبى والله سبحانه ينسخ أى يمحو ما يلقى أى ما يقول الشيطان والمراد أن الله يمحو التحريف الذى يقوله الكافر وبعد ذلك يحكم أى يثبت الله آياته وفى هذا قال تعالى بسورة الحج "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته "وتحريف الشيطان أى قول الكافر المحرف للوحى يجعله الله فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم والمراد أن الله يجعل التحريف اختبار للكفار والمنافقين يسقطون فيه وفى هذا قال بسورة الحج "ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ".
القرين هو الشيطان :
القرين هو الشيطان وهو الكافر وقد بين الله لنا أن من يكن الشيطان له قرينا أى صاحبا فإنه هو القرين السوء أى الصاحب المؤذى وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا "وفى الأخرة يتم حشر كل من الذين ظلموا وزوجاتهم وما كانوا يعبدون وهم الذين كانوا يطيعون فى الدنيا أى قرناء السوء إلى النار وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم "وقد دار حوار بين الكفار والقرناء فى النار جاء فيه قال الكفار إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أى إنكم كنتم تضلونا بالقوة رد القرناء فقالوا بل لم تكونوا مؤمنين بوحى الله ثم قالوا وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين أى ظالمين فصدق علينا قول إلهنا إنا لذائقون أى إنا لداخلون النار فما كان منا إلا أن أغويناكم إنا كنا غاوين وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين "وأما المسلمون فى الجنة فإنهم يقبلون على بعضهم ويتساءلون أيضا فيقول أحدهم :إنى كان لى قرين أى شيطان أى صاحب كافر يقول :هل أنت من المصدقين بأننا إذا متنا وكنا ترابا وعظاما هل إنا عائدون عند ذلك يقال للكل هل أنتم مطلعون ؟أى هل أنتم مشاهدون للقرين ؟عند ذلك يطلب الكل أن يشاهد كل واحد منهم قرينه فيطلع أى فيصعد فيراه وهو فى النار فيقول له تالله إن كدت لتدخلنى النار ولولا نعمة ربى لكنت من المعذبين وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنى كان لى قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه فى سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين "وقد بين الله لنا أن الذى يعش أى يعمى عن ذكر الرحمن والمراد أن الذى يترك طاعة الله يقيض له الله والمراد يجعل له الله شيطان يكون له قرين أى صاحب هو الكافر أى الشهوات وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ".
الواجب عند نزغ الشيطان :
إن الشيطان وهو القرين يقوم بالنزغ وهو الوسوسة للإنسان عند ذلك يجب على المسلم أن يستعيذ بالله أى أن يحتمى بطاعة حكم الله من العذاب وفى هذا قال تعالى بسورتى فصلت والأعراف "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ".
شيطان الأبوين :
أن الشيطان وهو قرين السوء أى الشهوات فى نفس كل من آدم (ص) وزوجته وسوست لهما كى تكشف لهما ما خفى من عوراتهما وقد قامت الشهوات بتحسين الأكل للأبوين بأن ذكرت لهما أن سبب النهى هو أن يكونا ملكين أو أن يكونا خالدين وزادت على ذلك القسم وهو الحلف على أنها لهما ناصحة وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنى لكما من الناصحين " وبالطبع الشيطان المراد القرين السوء الموجود داخل الإنسان وهو جزء منه ولذا فإن
آدم (ص)هو الذى غوى أى عصى الله ولذا قال تعالى بسورة طه "وعصى آدم ربه فغوى".
الاستعاذة والقرآن :
طلب الله من المسلم أن يستعيذ بالله والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الله من وسوسة الشيطان الرجيم وذلك عند قراءة القرآن أى عند طاعة حكم الوحى وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ".
الاستعاذة من الشيطان :
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول رب أعوذ بك من همزات الشياطين أى احتمى بطاعتك من وساوس القرناء ،رب أعوذ بك أن يحضرون أى احتمى بطاعتك أن يضلون وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون "وطلب من المسلم أن يستعيذ بالله أى أن يحتمى بطاعة حكم الله عند وسوسة الشيطان أى الشهوة وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله "والاستعاذة ليست قول يقال وإنما هى قول يتبعه فعل فليس المطلوب أن أقول أعوذ بالله من الشيطان ثم أطيع الشيطان ولكن المطلوب أن أقول القول ثم أطيع حكم الله فى المسألة التى يوسوس بها الشيطان .
مس الشيطان :
إن مس الشيطان هو وسوسة قرين السوء وقد ورد الأتى عن المس :
أن المسلمين إذا مسهم أى تمكن منهم طائف من الشيطان والمراد إذا تمكن منهم قول الشيطان ففعلوا الباطل الذى يقوله فإنهم يتذكرون أى يتوبون فإذا هم مبصرون والمراد أن المسلمين إذا تمكن منهم قول الشيطان ففعلوه فإنهم يتوبون فإذا هم مسلمون مرة أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "وقد شبه الله آكلة الربا بأنهم يقومون كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس والمراد أن آكل الربا حاله كحال الذى يوجهه الشيطان أى الشهوة من التمكن فيه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ".
المبذرون إخوان الشياطين :
المبذرون هم الكافرون المسرفون ولذا فهم إخوان الشياطين أى الكفار وما دام المبذر أخ للشيطان فهو كافر والسبب أن الشيطان وهو قرين السوء كان كافرا بربه وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "إن المبذرين إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ".
ماذا يعبد الكفار ؟
إن الكفار يدعون أى يعبدون الشيطان المريد وهو القرين المريد السوء والمراد أن كل كافر من الكفار يعبد أى يطيع قرينه السيىء أى شهوته وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "وإن يدعون إلا شيطانا مريدا".
ما يريد الشيطان من إباحة الخمر والميسر :
أراد الشيطان وهو قرين السوء – وهو أحد الناس – بإباحته الخمر والميسر إيقاع العداوة والبغضاء والمراد نشر الكراهية بين الناس والصد عن ذكر الله أى الصد عن الصلاة أى عن طاعة حكم الله وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة "وهكذا كل تشريع يشرعه الشيطان الممثل فى القرين أى الشهوة يريد من خلفه صد الناس عن طاعة الله .
العلاقة بين الشياطين أى حزب الشيطان :
جعل الله رسول من الرسل عدو هو شياطين أى كفار الجن والإنس وهؤلاء الشياطين أى الكفار علاقتهم ببعضهم هى أن كل منهم يوحى للأخرين زخرف القول والمراد يقول للأخرين سيىء الحكم والمراد أن كفار الإنس يحرضون بعضهم البعض على ارتكاب الجرائم وأن كفار الجن يحرضون بعضهم البعض على ارتكاب السيئات وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون "وشياطين الإنس والجن هم حزب الشيطان مصداق لقوله تعالى بسورة المجادلة "استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ".
لماذا يوحى الشيطان إلى أولياءه ؟
إن الشيطان وهو قرين السوء يوحى أى يوسوس إلى أوليائه وهم أنصاره فى بعض الأمور مثل أكل الذى لم يذكر اسم الله عليه والسبب فى وسوسته هنا هو أن يجادل الكفار أى أولياء الشيطان المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ".
عهد الله إلى الناس فى الشيطان :
عهد الله لبنى آدم عهدا هو ألا يعبدوا الشيطان أى ألا يطيعوا الشهوة أى ألا يطيعوا القرين والسبب أنه للإنسان عدو مبين أى كاره معروف وفى هذا قال تعالى بسورة يس "ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ".
الشياطين والسماء :
زين الله السماء الدنيا وجملها بزينة الكواكب وقد حفظ الله السماء من كل شيطان مارد أى كل بعيد عاصى وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد "والشيطان الرجيم وهو الجنى الكافر الملعون إذا استرق السمع أى أراد التصنت على السماء كانت عقوبته هى أن يدمره شهاب عظيم وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين "وكان الله قبل عهد محمد(ص)لا يعاقب الجن على التصنت فكانوا كما حكوا فى سورة الجن يقصدون مقاعد للسمع أى للتصنت على أخبار السماء ولكن بعد عهد محمد (ص)أصبح لكل قاعد للسمع عقاب هو أن يفنيه الشهاب الراصد وفى هذا قال تعالى بسورة الجن "وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا".
التسمية والشيطان :
إن امرأة عمران لما ولدت مريم (ص) قالت إنى سميتها مريم كما قالت وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم أى وإنى أحميها بك ونسلها من البعيد الملعون والمراد أنها تطلب من الله أن يحمى مريم (ص)ونسلها من وساوس الشهوات المحرمة وطريقة الحماية أن تتبع مريم (ص)ونسلها حكم الله فهذا الذى يقيها من الوساوس وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ".
الشيطان وملك سليمان (ص):
إن بعض أهل الكتاب اتبعوا أى أطاعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان (ص)والمراد ما ألقته الكفار عن ملك سليمان والمراد الشريعة التى ألفها الكفار عن كيفية امتلاك سليمان (ص)للملك وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان "والشياطين أى الكفار الذين ألفوا الشريعة الضالة قاموا بتعليم الناس السحر أى المكر والخداع وطبعا سليمان (ص)لم يكفر ولم يؤلف شىء وإنما الشياطين كفروا وفى هذا قال بنفس الآية "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر "
الشياطين وسليمان (ص):
سخر الله لسليمان (ص)كل من الريح التى تسير بأمره رخاء حيث أراد والشياطين وهم كفار الجن وقد عملوا فى البناء والغوص ومن عصى منهم أمره كان عقابه هو قرنه فى الأصفاد أى تقييده فى القيود والمراد الحبس فى مكان محدد وفى هذا قال تعالى بسورة ص"فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد " وفى كون الشياطين من الجن قال بسورة سبأ "ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ".
الشيطان والهدهد وسليمان (ص):
قال الهدهد لسليمان (ص):وجدت امرأة تحكمهم وأعطيت من كل شىء ولها كرسى عظيم وقال وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أى القرين أى الهوى الضال أى الشهوة أعمالهم فكانت النتيجة أن صدهم عن الحق فهم لا يهتدون وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ".
الشيطان وانقضاء الأمر:
لما قضى أى عرف الأمر والمراد لما علم كل إنسان من الجن والإنس حكم الله فيه فى يوم القيامة قال الشيطان وهو الشهوة للكفار :إن الله وعدكم وعد الحق ،وهذا اعتراف منه بأن اتباع كلام الله هو الحق وقال ووعدتكم فأخلفتكم أى وأخبرتكم فنقضت خبرى ثم قال ما كان لى عليكم من سلطان أى قوة إلا أن دعوتكم أى قلت لكم فاستجبتم لى أى فأطعتمونى ثم قال فلا تلومونى أى فلا تعاتبونى ولوموا أنفسكم أى وعاتبوا أنفسكم ثم قال ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى أى ما أنا بمنقذكم وما أنتم بمنقذى ثم قال إنى كفرت بما أشركتمون من قبل أى إنى كذبت بما أشركتمون من قبل ثم قال إن الظالمين لهم عذاب أليم وهكذا أعلن الشيطان براءته من الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى إنى كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم "وقد بين الله لنا البراءة الشيطانية من الكفار بألفاظ أخرى محذرا من اتباع الشيطان: إن الشيطان قال للإنسان اكفر والشيطان يقول اكفر بصور مختلفة كثيرة هى ما نسميه التزيين ولما أطاعه الإنسان قال له إنى برىء منك أى إنى معتزلك أى إنى لا أعرفك إنى أخاف الله رب العالمين والشيطان القائل هنا هو القرين وهو الشهوات وكذلك فى الآية التى قبلها وفى هذا قال تعالى بسورة الحشر "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برىء منك إنى أخاف الله رب العالمين ".
تبرؤ الشيطان من الكفار :
إن الذين خرجوا من ديارهم كبرا ومراءة للناس وصد عن دين الله زين أى حسن الشيطان وهو الشهوة أى القرين لهم أعمالهم وقد قال لهم :لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم أى ناصر لكم ولما حدث القتال بين الفئة المتبعة للشيطان والفئة المسلمة نكص أى ارتد الشيطان أى القرين على عقبيه والمراد هرب من المعركة وقال لأصحابه :إنى برىء منكم أى إنى لست منكم أى إنى معتزل لكم والسبب إنى أرى ما لا ترون أى إنى أعرف الذى لا تعرفون وقال إنى أخاف الله أى عذاب الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برىء منكم إنى أرى ما لا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب ".
الشيطان ومعركة أحد :
إن السبب فى الفشل فى معركة أحد هو الذين تولوا أى عصوا الرسول (ص)من المسلمين عندما التقت الفئتان وسبب عصيان القوم هو استزلال الشيطان لهم ببعض ما كسبوا والمراد إيقاع الشهوة لهم ببعض ما أخذوا والمراد أن الأموال حسنت الشهوة لهم أخذها وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور رحيم ".
إبراهيم (ص)وآزر والشيطان :
بين إبراهيم (ص)لأبيه أن الواجب عليه هو ألا يعبد أى ألا يطيع الشيطان والمراد ألا يطيع القرين أى الشهوة وبين له أن الشيطان أى القرين كان للرحمن عاصيا وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا "ووضح إبراهيم (ص) لأبيه أنه يخاف أن يمسه عذاب أى عقاب من الله لأنه عند سيكون ولى أى ناصر للشيطان أى ناصر للقرين وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا أبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ".
القرآن والشياطين :
نفى الله أن تنزل الشياطين أى الكفار والمراد كفار الجن بالقرآن وقد بين الله التالى أن ذلك لا ينبغى لهم أى لا يجوز لهم وبين أنهم لا يستطيعون إنزال القرآن والسبب أنهم معزولون أى ممنوعون من السمع وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "وما تنزلت به الشياطين وما ينبغى لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون "
المنسلخ والشيطان :
طلب الله من نبيه (ص)أن يعرفنا خبر الذى أعطاه الآيات فانسلخ منها أى فكفر بها فأتبعه الشيطان أى فأضله القرين السوء فكانت النتيجة هى أنه أصبح من الغاوين أى الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "واتل عليهم نبأ الذى أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين "
والحمد لله رب العالمين .

اجمالي القراءات 16326