يحبون القرآن و يكرهونه.
بسم الله الرحمان الرحيم.
السلام عليكم.
أولا لو كنت أنا جلاد رضا علي و قرأت هذه المقالة الجميلة لأحسست بالخجل و لاعتذرت من الدكتور أحمد صبحي منصور و من عائلته و من رضا علي خصوصا لأن المقال هي كلام معقول من رجل يريد الإصلاح ما استطاع. ثم كيف يتغافل الشيوخ المفسدون عن هذه الآية الكريمة ( وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ – الرعد – 40 40 ). لأن الله تعالى نهى خاتم النبيين عليه السلام جميعا أن يبحث عما في ضمائر الناس و أعلمه أن الله تعالى وحده من سيحاسب الناس في الآخرة لأنه يعلم السر و أخفى.
- ثانيا ما لاحظته هذه الأيام أن المسلمين هم فعلا يحبون القرآن و هم جاهزون للقيام بآلاف المظاهرات ضد من يدنس القرآن الكريم كما تظاهروا ضد الجندي الأمريكي الذي دنس القرآن الكريم، و لكن أولئك المسلمين الذين يحبون القرآن الكريم سيغضبون منك و يلعنوك لو كشفت لهم عيوبهم من خلال القرآن الكريم و سيغضبون منك أكثر إن قلت أن القرآن الكريم هو دعوة للعالمية و التسامح و الترفق بالآخر و إن كان يخالفنا المعتقد و الفكر، لأن أولئك المسلمين مازالوا يرون أن إسلامهم يخول لهم التطاول على الآخر باسم الدين كما يخول لهم إسلامهم أن يصفوا الآخر بأقبح النعوت و الشتائم و هم يسخرون من عباد البقر و لكن عباد البقر و بوذا أناس مسالمون و يدعون للمحبة التي هجرها المسلمون.
- ثالثا المسلمون يحبون النبي محمدا عليه السلام و هو قادرون على القيام بآلاف المظاهرات لمناهضة كل من يسب النبي محمدا عليه السلام أو يصوره في صورة كاريكاتورية مثل المظاهرات التي قاموا بها ضد الرسام الدنماركي آنذاك و أثبتوا للعالم أنهم مجموعة رعاع و جهلة لا يفهمون أن الحقد على محمد عليه السلام هو دليل على عظمته و أنه أسوة حسنة لمن كان يريد الدنيا و الآخرة. و لكن ما الذي سيحدث لو قلت لهم مثلا أن التأريخ الصحيح يفند ما كتبه البخاري بخصوص زواج النبي من عائشة و هي في سن السادسة، حينها فقط سيكذبونك و ستجد تهمتين جاهزتين بانتظارك و هما التخوين و العمل مع جهات صهيونية لتخريب الإسلام أو التكفير و كونك أيها السيد المفكر الجليل من جنود إبليس اللعين. هم يحبون النبي محمدا عليه السلام و يرونه مثلا أعلى في الحياء و الحشمة حتى وصف بعضهم النبي محمدا عليه السلام بأنه كان أكثر حياء من العذراء في خدرها، و لكنك لو قلت لهم توقفوا عن الخوض في حياة النبي محمد عليه في بيته و فراشه و أنه كان قواما لليل كما أمره ربه تعالى في سورتي المدثر و المزمل فإنهم سيقذفونك بتهمة التشكيك في قدرات النبي الجنسية كما لو كانت معلوما من الدين بالضرورة كما لن تفوتهم فرصة اتهمك بالتشكيك في صدق الملاك الطاهر أو الشيخ الجليل البخاري و أنه أعظم مسلم لأنه تجرأ و كتب أقوال و أفعال النبي محمد عليه السلام و أنه أول الأوائل الذين حفظوا ثاني وحي في الإسلام و هو الحديث النبوي المزعوم رغم تناقضاته مع القرآن الكريم أولا ثم مع نفسه ثانية.
- رابعا لو دعوت المسلمين لأي مشروع إصلاحي يهدف لتوضيح صورة الإسلام الحقيقية فإنهم سيتحمسن كثيرا و لكنهم سيغضبون منك إذا كان مشروعك الإصلاحي يهدف للقضاء على خزعبلات منكر و نكير و الدجال الأعور و النقاب الأعور للحبر الأعظم ابن عباس الذي لم يتفوق عليه أحد في تفسير القرآن الكريم و عقرت النساء أن يلدن مثل ذلك الحبر الأعظم و سيغضب منك بعض المسلمين لو فندت كرامات أحمد بن حنبل و أن الشافعي يخطئ و يصيب و مالك و أي حنيفة كذلك. لن يتبعك المسلمون إن كان مشروعك الإصلاحي سيفسد نومهم في عسل انتظار المهدي المنتظر المزعوم الذي سيحل مشاكلهم و أن ذلك السوبر مهدي المنتظر سيغلب الكافرين لوحده و إن شكوا في صدق أحاديث المهدي المنتظر فإنهم لن يشكوا في كذب عودة المسيح عيسى عليه السلام و القرآن الكريم يقول { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَـٰلِدُونَ – الأنبياء- 34 }.
- خامسا واصل دكتور أحمد جهادك السلمي و الله تعالى معك و المخلصين من أمثالك القرآنيين و المفكرين الذين يجتهدون ليريحوا الناس و يقدموا لهم العلم هنيئا مريئا و لكن ماذا تفعل في أناس آثروا راحة الجهل على متعة شقاء البحث عن الحقيقة و الإصلاح بالكلمة الطيبة و الموعظة الحسنة. و ما الدنيا إلا أيام و أعوام تمضي بسرعة و ما يحدث لأخي رضا علي ما هو إلا إبتلاء رباني لقوله تعالى في سورة العنكبوت ( أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ ) و أدعو الله تعالى أن يجزي أخي رضا علي خير الجزاء على محنته و أدعو الله تعالى أيضا أن يلهمه الصبر في بلائه حتى ينطبق عليه القول الأمين من كتاب رب العالمين (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوۤاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَٰجِعونَ – البقرة ). أخيرا اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا إجتنابه. تحياتي لكم يا رواد الفكر و التنوير و لأولئك النسوة البطلات اللائي تظاهرن سلميا من أجل رضا علي و سيكتب التاريخ إن شاء الله تعالى بطولاتهن في الجهاد السلمي فهن من عشاق الحب و السلام.