تعليقا على اعتقال الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن (5)
ما هى جريمة القرآنيين ؟

آحمد صبحي منصور في الخميس ٢٠ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :
1 ـ لقب ( القرآنيين ) أطلقه عليه أعداؤنا ، وأول قضية كانوا يحاكموننا فيها (رقم 567 ) لعام 1987 كانت تحمل اسم ( القرآنيين ). ونؤكد أننا لسنا طائفة أو حزبا أو جماعة ، ولكننا تيار فكرى مسلم مسالم يسعى الى الاصلاح بالحوار فى ضوء القرآن الذى يجب التحاكم اليه عند الخلاف ، وفى مقال نشرته لى الأخبار عام 1989 قلت ( لنكن جيل الحوار ليكون أبناؤنا جيل الاختيار ).
الاضطهاد كان هو الرد على الدعوة للحوار والذى بدأته مذ كنت مدرسا مساعدا فى قسم التاريخ جامعة الأزهر (عام 1977 ). ولم ينقطع من من ذلك التاريخ ..

2 ـ وتنوع الاضطهاد ، من تعطيل رسالتى فى الحصول على الدكتوراة ثلاث سنوات بهف تغيير ما أكتبه ، وفى النهاية تم الاتفاق على حذف ثلثى الرسالة والاكتفاء بمناقشة ثلثها فقط ، وحصلت على الدكتوراة عام 1980 بمرتبة الشرف الولى. ولكن الاضطهاد كان يتجدد مع ظهور كل كتاب لى من ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) عام 1982 الى آخر خمسة كتب ألّفتها وقررتها على طلبتى فى الجامعة فكان قرار رئيس الجامعة فى 5/5/ 1985 بوقفى عن العمل و مصادرة مستحقاتى المالية ومنعى من الترقية لاستاذ مساعد و ومنعى من السفر واحالتى للتحقيق ، حيث كان رئيس التحقيق عميد كلية اصول الدين بأسيوط وقتها:د. محمد سيد طنطاوى ، وانتهى التحقيق بعد إصرارى على ما كتبت الى إحالتى الى مجلس التأديب ، وبعد حوالى عامين تحررت منهم فى مارس 1987 . وفى وقت العمل على عودة العلاقات بين مصر والسعودية اتفق السنيون على الضغط على الحكومة المصرية لمعاقبتى ،فعقدوا مؤتمرا فى اسلام أباد برعاية ضياء الحق ، انتهى باعلان ردتى عن الاسلام ، وأكدوا هذا فى مؤتمرآخر عقدته رابطة العالم الاسلامى فى جدة فى نفس العام فكانت أول موجة فى القبض علينا فى نوفمبر عام 1987 .
قبلها وخلال (1980 : 1987 ) كنت أجوب المساجد أخطب فيها ويلتف حولى الناس .وفى حملة عشوائية قبضوا على حوالى 60 شخصا معى من اعتادوا حضور خطب الجمعة معى ، وكان منهم أساتذة جامعات و أطباء ومحامين وفلاحين. ولأنه لا توجد فى القانون المصرى تهمة إنكار السنة فبعد تحقيق معى استمر شهرين فى تتبع كل آرائى العلمية الاسلامية افرجوا عنا مع استمرار المراقبة والاستدعاء .

3 ـ عملت بعدها كاتبا وباحثا متفرغا وناشطا ، نشرت لى روز اليوسف فى عهدها الذهبى و معظم الجرائد المصرية الحكومية و المستقلة، كما عملت فى نفس الوقت ناشطا مع منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدنى ، بدءا من تحالفى مع الراحل فرج فودة ( 1989 : 1992 ) الى المنظمة المصرية لحقوق الانسان والحركة الوطنية لمواجهة الارهاب والجمعية المصرية للتنوير،الى أن تفرغت للعمل مع د. سعد الدين ابراهيم فى مركز ابن خلدون ، حيث أقمت الرواق الأسبوعى (رواق ابن خلدون ) خمس سنوات أقمنا فيها حوارا راقيا حول الاصلاح ،بالاضافة الى المشاركة الفعالة فى مشروعات المركز الاصلاحية وأهمها مشروع اصلاح التعليم المصرى ، ومشروع التربية السياسية وتعليم المصريين حقوقهم الانتخابية ( 1998 : 2000 ). أتحدث هنا عن نفسى وكثير من المثقفين المسلمين الذين أطلق عايهم لقب (القرآنيون ).
وقبل القبض على د. سعد الدين ابراهيم بدأ القبض على أفراد من أسرتى وتعذيبهم ، ثم اتسع الأمر بالقبض على جماعات من الرفاق القدامى فيما بين عامى 2000 و2001 ، ودخلوا السجن بتهم إزدراء الدين ، بعد أن تعرضوا لتعذيب بشع ـ لارغامهم على توريطى معهم فيما ألصقوه من تهم لهم حول أفكارهم ومعتقداتهم ، أحسست بقرب القبض على فهربت الى أمريكا عام 2001 .
فى عام 2005 أطلقت موقع (أهل القرآن ) :
http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
وأقمت ( المركز العالمى للقرآن ) ليقيم حوار مفتوحا على الانترنت فى اصلاح المسلمين سلميا ، وفى 2007 أعلنت فى مقال ( رحيق العمر مجانا ) أننى بصدد نشر كل مؤلفاتى ومقالاتى القديمة التى نشرتها من قبل الأخبار وروز اليوسف و الأحرار و العالم اليوم..وغيرها ، وقلت أن هناك مجموعة يقومون بجمع واعادة كتابة هذه المقالات ،على رأسهم أخى غير الشقيق الاستاذ عبد اللطيف سعيد . وسرعان ما تم القبض على عبد الطيف سعيد وأربعة معه ، حيث تعرضوا لتعذيب شديد ، ( مايو : اكتوبر 2007 ) ولا يزالون حتى الآن رهن الملاحقة الأمنية مع أنهم كفّوا فعلا عن الاقتراب من جهاز الكومبيوتر بعد العذاب الذى تعرضوا له.

4 ـ وظل شاب من أقاربى يكتب ، هو الاستاذ ( رضا عبد الرحمن على ) المدرس فى الأزهر . جاءه التهديد من الأزهر ليكف عن الكتابة ، وخصموا له من مرتبه ، فلم يهتم . فكان أن إختطفه ( أمن الدولة ) يوم الأحد 26 اكتوبر الماضى ، وحتى الان لا يعلم أحد عنه شيئا.
وقد تطوعت ـ مشكورة ـ (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ) فكلفت الاستاذ عادل رمضان المحامى بالوقوف الى جانب الاستاذ ( رضا عبد الرحمن على ) وتبعها ( مركز اندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ) فكلّف الاستاذ محمد ابراهيم المحامى لنفس الأمر. ومع أن بلاغا تم تقديمه للنائب العام يتهم (أمن الدولة ) بخطف الاستاذ رضا عبد الرحمن على ، ويطلب معرفة مكانه ، إلا أننا حتى الان لا نعرف أين هو ، وما هى التهمة الموجهة اليه .
يحدث هذا مواكبا لاضطهاد آخر يتعرض له الآن أقاربى الذين لا حول لهم ولا قوة والذين لاشأن لهم بما أكتب ، فقد تفرغ فرع امن الدولة فى مدينة كفرصقر شرقية لترويع أهلى بقيادة ضابط شجاع اسمه (أحمد خضر ) يرى شهامته فى ترويع النساء والأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة ، هذا الضابط الهمام يرسل المخبرين ليقتحموا بيوت أهلى ، كتدريبات عملية عسكرية لتنفيذ اعتقالهم ، مع القيام باحصاء أعدادهم حتى أسماء الأطفال ، وعندما وعظتهم شقيقتى السيدة زهير منصور بأن يتقوا الله انهال عليها مخبر أمن الدولة سبا وشتما .

ثانيا : ماالذى فعلناه لنستحق هذا ؟
1 ـ ما الذى فعلناه لكى يرسلوا جيوشا مسلحة للقبض علينا عام 1987 وعام 2007 وهذا العام ؟ ؟
لا أملك سوى (الأفكار ) أكتبها بحكم التخصص العلمى ،ورضا عبد الرحمن على لا يزال يتعلم البحث وينشر مقالاته عندنا، وفى مواقع اخرى كالحوار المتمدن و عرب تايمز، ومقالاته غاية فى الاعتدال .وعبد اللطيف سعيد وصحبه ما فعلوا سوى ( نسخ ) مقالات لى سبق نشرها ، وسيتم نشرها فيما بعد .!!
2 ـ هل الخطورة العظمى فيما نكتبه ؟ .
نحن نكتب فى السياسة طلبا للاصلاح ،وما نكتبه أقل حدة مما يكتبه ابراهيم عيسى ود . محمد سيد سعيد ود. عمرو الشوبكى ود. أسامة الغزالى حرب ..وآخرون ..
وكتاباتنا الاسلامية الدينية تدور حول تصحيح العقائد والعبادات بالقرآن أملا فى دخول الناس الجنة ونجاتهم من النار، فهل تمتد سلطة أمن الدولة الى الآخرة أيضا ؟
ثم أننا لا نفرض أفكارنا على أحد مع انها مدعمة بالقرآن الكريم ، وموقعنا مفتوح للنقاش ، ولم نتفق بعد على شىء لأننا جيل الحوار والنقاش .
وكل ما نملك موقع وحيد فقير على الانترنت يواجه آلاف المواقع ومئات القنوات الفضائية وآلاف العلماء والمنظمات والجامعات،عجزوا جميعا أمام الحجة فاستعملوا سلطة الدولة وأمن الدولة .

3 ـ ان محضر التحقيق الذى أجروه مع أخى عبد اللطيف تحت سياط التعذيب سيظل عارا على النظام الحاكم فى الحاضر والمستقبل..
هل يصح أن تستجوب انسانا وتعاقبه لأنه لا يصلى ركعات السّنة ؟ أو لأنه حين يصليها يسميها (نافلة ) طبقا لما جاء فى القرآن الكريم ؟ هل تعاقبه لأنه يقول التشهد بالآية 18 من سورة آل عمران ولا يقول التحيات لأنه يرى أنه مختلف فيها وأنها صيغت بعد موت النبى محمد عليه السلام ؟ هل تعاقب انسانا ليعترف لك بما كان يسمعه من دروس أخيه فى المساجد فى التسعينيات ؟ هل تعاقبه لأنه يصلى فى بيته ؟ أو لأنه لا يعتقد فى شفاعة النبى محمد عليه السلام وهو نفس ما قاله الأمام محمد عبده والشيخ شلتوت وحتى مصطفى محمود ؟ هل تعاقب انسانا على علاقته بربه وعقيدته وفكره ، مع أنه لم يقم بفرض فكره على أحد ؟
ثم ما شأن الغلابة من أسرتى الذين لا دخل لهم بما أقول ؟ وقد ابتعدوا عنى خوفا فلم يفدهم ابتعادهم بشىء لأن جريمتهم الكبرى ثابتة عليهم وهى أنهم أقارب أحمد صبحى منصور؟
ما الذى فعله الحاج أحمد سعيد وعبد الكريم سعيد والحاج عبد الوهاب محمود والمهندس حلمى رزق و رجب رزق والاستاذ محمد محمود ومنصور محمود .. وعشرات آخرون يعيشون فى رعب بسبب قرابتهم لى ؟
هل نصب أمن الدولة نفسه وكيلا عن الله جل وعلا ليحاسب الناس على عقائدهم ، ويتخذ من الأقارب رهائن فى تصفية خلافاته العقيدية معى ؟
وهل تم حل كل مشكلات مصر ولم يبق سوى معضلة القرآنيين ؟

4 ـ نحن فقط الذين نتعرض للتعذيب بسبب آرائنا الدينية .
الأقباط مضطهدون لأنهم أقباط ، ولكن لم يحدث أن تعرض أحدهم للتعذيب لأنه قبطى.
البهائيون مضطهدون لأنهم يريدون الاعتراف بهم ، ولكن لم يحدث أن تعرض بهائى للتعذيب لأنه بهائى ، ونحن لا نريد من أحد أن يعترف بنا لأننا لسنا طائفة ولسنا جماعة أو تنظيما ، نريد فقط حرية الفكر والمعتقد للجميع.

5 ـ هناك فتوى رسمية أصدرها رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشيخ محمد المشد تقول بأن من ينكر السنة ليس كافرا ، وقد سجلها الشيخ محمد الغزالى فى كتابه ( تراثنا الفكري)، لذلك غيروا اتهامنا من إنكار السنة الى إزدراء الدين ، فهل من يهب حياته لتبرئة الاسلام من تهم التطرف والارهاب والتزمت ، ولكى يثبت أن الاسلام هو دين السلام والعدل والتسامح وحقوق الانسان ـ هل يكون متهما بازدراء الدين ؟
ثم .. على فرض أنه كذلك فما ذنب الاخرين من أهله ؟ والله جل وعلا يقرر أنه ( ألآّ تزر وازرة وزر أخرى ) ؟
أخيرا.
ليست عندى أجابة.
الاجابة عند السيد ( جمال مبارك ) ..هو المسئول الفعلى عما يحدث لنا..

اجمالي القراءات 17482