قال كل من بين فريمان وويليام هارتونج في مقال لهما على موقع «تروث ديج»: «إن الرئيس ترامب منخرط في فضيحة – لا تتضمن مزاعم بالتحرش الجنسي واتهامات، واتهامات مضادة، ودعاوى قضائية… إلخ – لكنها لم تجد طريقها إلى الإعلام مثل فضيحته مع النجمة الإباحية ستورمي دانيلز، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتأثير، والسياسة الخارجية الأمريكية، وقضايا السلام والحرب، فإنها قضية خطيرة. إن العلاقة بين دونالد وأفراد العائلة المالكة السعودية تشبه قصة حب خيالية. وكما جرت العادة في معظم قصص الحب، ستكون البداية من حفل زفاف، ولكن في هذه الحالة في حفل زفاف مأساوي عُقد في اليمن، وليس في واشنطن».
في أواخر أبريل «نيسان» – يشير الكاتبان – قصفت طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية حفل زفاف في اليمن. أصيب العريس وقُتلت العروس، مع ما لا يقل عن 32 مدنيًا آخرين، وكثير منهم من الأطفال.
لكن السعوديين أبوا الاعتراف بأي خطأ، أو تقديم تعازيهم لأسر الضحايا، بل شددوا على أن «تحالفهم مستمر في اتخاذ جميع التدابير الاحترازية والوقائية لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين»، على حد زعمهم. ويؤكد الكاتبان أن هذا الانفصال بين الخطاب السعودي والواقع على الأرض ليس شيئًا شاذًا، بل هو القاعدة. فعلى مدى أربع سنوات شن السعوديون وحلفاؤهم غارات جوية بتهور؛ مما أسهم في ارتفاع عدد القتلى المدنيين الذي يقال إن عددهم يقترب الآن من 10 آلاف.
يزعم السعوديون وحليفهم الوثيق، الإمارات، بأنهم يفعلون كل ما يمكن تخيله لمنع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، لنكتشف أنهم يشنون المزيد من الضربات الجوية ضد أهداف مدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والجنازات والأسواق.
عندما زار دونالد ترامب المملكة العام الماضي في أول زيارة له إلى الخارج كرئيس – يضيف الكاتبان – قامت جماعات ضغط سعودية بتوزيع «بيان حقائق» حول الجهود الهائلة التي يبذلها التحالف للحد من الخسائر بين المدنيين في اليمن، ولكن بعد خمسة أيام من وصول ترامب إلى الرياض، قُتل 24 مدنيًا في سوق يمني في غارة للتحالف. وفي أواخر 2017 قُتل أكثر من 100 مدني يمني في 10 أيام بسبب هذه الغارات. ولم يكتف السعوديون بالصمت، بل انتقدوا إدانة الأمم المتحدة لمثل هذه الهجمات، وقدموا المزيد من الوعود الفارغة.
ومع ذلك – يستدرك الكاتبان – ظل الرئيس ترامب ثابتًا في دعمه للتحالف، حيث يواصل الجيش الأمريكي تقديم الدعم اللوجيستي للهجمات الجوية السعودية، وكذلك القنابل المستخدمة لقتل الكثير من هؤلاء المدنيين، لكن لماذا؟ يتساءل الكاتبان. لسبب واحد: الأموال التي تدفعها كل من السعودية والإمارات بكميات هائلة لتتدفق إلى عالم ترامب، إلى صناع الأسلحة في الولايات المتحدة والعشرات من جماعات الضغط، وشركات العلاقات العامة، ومراكز الفكر المؤثرة في واشنطن.
علاقة الحب بين ترامب والنظام السعودي
ظهر النفوذ السعودي على دونالد ترامب خلال أول زيارة رئاسية له إلى الخارج، والتي بدأت في الرياض في مايو «أيار» 2017. فبعد إدراكها طبيعة شخصية ترامب – يؤكد الكاتبان – كالت العائلة المالكة السعودية الإطراء، والإطراء، ثم المزيد من الإطراء لضيفها. أقامت المملكة مراسم استقبال غير مسبوقة. وقد شملت نشر لافتات عليها صور للرئيس ترامب والملك السعودي سلمان على طول الطريق من المطار إلى الرياض، وعرض صورة لترامب ضخمة على جانب الفندق الذي سيقيم فيه، واستضافة حفلة موسيقية للرجال فقط أحياها المغني توبي كيث.
ووفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» فقد «استضاف السعوديون ترامب وكوشنر في القصر الملكي، وكانت تنقلاتهم في عربات للغولف، وأقاموا حفلًا بملايين الدولارات تكريمًا له، زينه مقعد يشبه العرش، وقدموا له ميدالية عبد العزيز آل سعود، وهي وسام يُمنح لأول ملك في المملكة، وتعتبر أفضل تكريم يمكن أن تمنحه المملكة لزعيم أجنبي».
ثم منح السعوديون ترامب أكثر ما يروق له، وهو فرصة للتعبير عن كونه أكبر صانع للصفقات في العالم. اصطحب ترامب معه إلى السعودية مجموعة مدهشة من الرؤساء التنفيذيين من الشركات الأمريكية الكبرى، بما في ذلك مارلين هيوسون من شركة «لوكهيد مارتن»، وجيمي ديمون من «جيه بي مورجان تشيس»، وستيفن شوارزمان من مجموعة «بلاكستون». وقد اتفقت الدولتان على صفقات مستقبلية، بما في ذلك 110 مليار دولار من مبيعات الأسلحة ومئات المليارات من الاستثمارات في الطاقة والبتروكيماويات والبنية التحتية.
لم يخجل الرئيس الجديد من التباهي بقدرته على الاتفاق على مثل هذه الصفقات الضخمة المحتملة، يشير الكاتبان. فقد تحدث عن «استثمارات هائلة في الولايات المتحدة، ووظائف ووظائف ووظائف». وعند عودته إلى الولايات المتحدة، تفاخر على الفور في اجتماع وزاري بأن صفقاته «ستجلب الملايين من فرص العمل في نهاية المطاف» لم يقدم ترامب أدلة على احتمالية نجاح هذه الصفقات، ولكن من الواضح بالفعل أن بعضها سيفشل، والعديد منها قد يخلق وظائف في السعودية أكثر منه في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، توطدت علاقة حب الرئيس ترامب مع العائلة المالكة، وتجلى ذلك في زيارة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – حاكم المملكة الفعلي – إلى واشنطن. وهو أيضًا مهندس حرب اليمن الوحشية، التي قُتل فيها آلاف المدنيين بسبب الهجمات الجوية العشوائية، وتعرض الملايين لخطر المجاعة بسبب الحصار الذي تقوده السعودية على اليمن، لكن أيًّا من هذه الأنشطة، التي يقول عضو الكونجرس الديمقراطي، تيد ليو: «إنها ترقى إلى مرتبة جرائم حرب أو سجل حقوق الإنسان الداخلي السيئ في السعودية، قد دفع ترامب أو أي شخص في حكومته إلى انتقاد المملكة. فالمهم هو الصفقات التجارية».
تزامنت زيارة محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض مع مناقشة مجلس الشيوخ مشروع قانون لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف العربي، يقول الكاتبان. وفي الوقت الذي ناقش فيه أعضاء مجلس الشيوخ السلطة الدستورية للكونجرس لإعلان الحرب وتأثير دعم الولايات المتحدة للجهود الحربية السعودية على انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، كان ترامب يتباهى مرة أخرى بكل تلك الوظائف التي ستخلقها مبيعات الأسلحة للسعودية لدرجة قوله إن العلاقة بين البلدين أصبحت الآن جيدة أكثر من أي وقت مضى، وربما تتحسن فقط.
مثّل لقاء ترامب بابن سلمان حملة دعائية توضح كيف أن زيادة مبيعات الأسلحة إلى السعودية سيخلق الملايين من الوظائف داخل الولايات المتحدة. أثناء اللقاء أمسك ترامب بخارطة للولايات المتحدة عنوانها: «صفقات منتظرة مع المملكة العربية السعودية»، مع شريطة حمراء كُتب عليها: «40 ألف وظيفة في الولايات المتحدة». شملت قائمة الوظائف الولايات المتأرجحة التي أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض في 2016: بنسلفانيا، وأوهايو، وميتشيجان، وفلوريدا. وهذا يوضح مجددًا النفوذ السعودي في صورة اعتقاد ترامب الراسخ بأن علاقته بالمملكة ستدعم آفاقه السياسية المستقبلية.
لذا فإن تملق العائلة المالكة السعودية لترامب يحقق أرباحًا كبيرة – يشدد الكاتبان – لكن حملة الإطراء العلنية وصفقات الأسلحة الضخمة هي فقط الجزء الأكثر بروزًا في الصورة. فقد تم استمالة ترامب في الخفاء بشكل كبير أيضًا، سواء من خلال الاتصالات الشخصية أو من خلال عملية ضغط موسعة، والتي من المهم تحديدها، حتى إذا لم يظهر ذلك إلى العلن.
العلاقات الشخصية
بدأت العلاقة بين السعودية وإدارة ترامب عبر صداقة جمعت جاريد كوشنر، صهر الرئيس والمرشح رسميًا لرجل السلام الشرق أوسطي «نتيجة هو غير مهيأ لتحقيقها» – يواصل الكاتبان – وولي العهد محمد بن سلمان. وترسخت العلاقة أثناء زيارة بن سلمان إلى البيت الأبيض في 2017، تلاها العديد من المكالمات الهاتفية وزيارات عديدة من كوشنر إلى المملكة العربية السعودية، بما في ذلك واحدة قبل فترة قصيرة من شن الأمير حملة اعتقالات الريتز كارلتون، التي يدعي ابن سلمان أن هدفها هو مكافحة الفساد، إلا أنها استهدفت أي شخص يمكن أن يقف في طريق سيطرته على السلطة منفردًا. كان مايكل وولف قد ذكر في كتابه المثير للجدل «نار وغضب» أنه بعد إمساك ابن سلمان بزمام الأمور في المملكة، قال ترامب بفرح لكوشنر: «لقد وضعنا رجلنا في القمة!» في إشارة إلى دعم ترامب مناورة الأمير السياسية.
ويبدو أن هذه الصداقة قد أفادت السعوديين بشدة. يكشف الكاتبان. إذ أفادت تقارير أن كوشنر صاحب فكرة أن تكون أول زيارة خارجية لترامب إلى السعودية – رغم اعتراضات وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي شعر أن ذلك سيرسل إشارة خاطئة إلى الحلفاء حول مواقف ترامب تجاه الديمقراطية. كما حث كوشنر ترامب بشدة على دعم حملة الحصار ضد دولة قطر، وهو ما فعله ترامب من خلال تغريدة قال فيها «من الجيد رؤية أن زيارة المملكة العربية تؤتي ثمارها. فها هم يتخذون موقفًا متشددا بشأن تمويل التطرف، وكانت كل الأصابع تشير إلى قطر. قد تكون هذه بداية النهاية لرعب الإرهاب!».
ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد
لكن موقف ترامب تغير من الأزمة الخليجية – يشير الكاتبان – بعد تأكيد البنتاجون أن قطر شريك رئيس في الحرب على الإرهاب عبر قاعدة «العديد». كما دشنت الدوحة حملة علاقات عامة داخل أمريكا، كما وافقت قطر على شراء طائرات حربية أمريكية بمبلغ 12 مليار دولار.
ويؤكد الكاتبان أنه بصرف النظر عن موقف ترامب من الأزمة – التي تدعي السعودية أن سببها هو علاقة قطر بإيران – فإن موقف كوشنر يذكرنا بمقولة أن «لا فرق بين الدوافع الشخصية والسياسية»؛ إذ تحدثت تقارير صحافية عن أن عداء كوشنر لقطر سببه رفض الأخيرة منح والده قرضًا لإنقاذه من استثمار عقاري فاشل في ضاحية مانهاتن.
ويؤكد الكاتبان على أحد أهم مظاهر التقارب السعودي – الإماراتي من دونالد هو جورج نادر، الناشط السياسي والمستشار الأقدم لدولة الإمارات العربية المتحدة، وإليوت بوردي، الذي يقال إن بإمكانه التحدث مع ترامب وقتما شاء. نجح الرحلان في الضغط على ترامب لاتخاذ مواقف أكثر تماشيًا مع مصالح السعودية والإمارات بشأن قطر، وحرصهما على التخلص من وزير الخارجية ريكس تيلرسون. وسواء كان لمجهودات برودي دور أساسي في قرارات ترامب أم لا – يشير الكاتبان – فلا يمكن اتهامه بالتقصير؛ إذ توضح مآثره مدى استعداد السعودية والإمارات للمضي في جهودهم لتوظيف السياسة الخارجية الأمريكية وفقًا لاحتياجاتهم ومصالحهم.
قدم نادر مبلغ 2.7 مليون دولار إلى برودي لتمويل مؤتمر مناهض للدوحة رعته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو مبلغ أعقبه أكثر من 600 ألف دولار في شكل تبرعات للمرشحين الجمهوريين.
كان المتحدث الرئيس في ذلك المؤتمر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إد رويس، الذي وضع مشروع قانون عقوبات ضد قطر – ويا للمفاجأة! – بعد ذلك بوقت قصير حصل على تمويل من برودي. ومهما كان مصدر تلك الأموال، فمن المستحيل الاعتقاد بأن ذلك كله كان مصادفة. كما سهّل نادر منح عقود كبيرة لشركة «سيرديناس» الأمنية الخاصة التي يمتلكها برودي. قدرت إحدى الصفقات مع الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 200 مليون دولار، بينما يجري العمل لإبرام صفقة مماثلة مع السعودية. من يدري ما إذا كان أيٌّ من ذلك غير قانوني؟ يتساءل الكاتبان. ولكن في عالم استغلال النفوذ في واشنطن، فلا فرق بين ما هو قانوني وما هو غير قانوني.
تودد جماعات الضغط
يعتقد البعض أن متانة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإدارة ترامب قد حدثت من العدم – يشير الكاتبان – لكن ذلك كان نتاج حملة ضغط، وحملات علاقات عامة سعودية سرية شديدة التأثير.
بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سارع السعوديون على الفور إلى تقوية نفوذهم القوي بالفعل في أمريكا. فقبل أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية – يكشف الكاتبان – وقع السعوديون على عقود مع ثلاث شركات جديدة: وهي شركة موجهة للجمهوريين، مجموعة مكيون «التي تحمل اسم هوارد باك ماكيون»، وهو رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب المتقاعد حديثًا»؛ ومجموعة «CGCN»، وهي شركة على علاقة بالجمهوريين المحافظين التي تشمل قائمة عملائها أيضًا شركة «بوينج» التي تبيع قنابل للسعودية. وجماعة مرتبطة بالديمقراطيين، مجموعة «بوديستا»، التي جرى حلها في وقت لاحق بعد الكشف عن عملها مع بول مانافورت، مدير حملة ترامب السابق، والمصارف الروسية تحت العقوبات.
وقبل زيارة ترامب إلى الرياض، وقع السعوديون عقودًا مع ست شركات علاقات عامة أخرى، ثم أضافوا اثنتين أخريين على الفور بعد اشتعال الأزمة الخليجية. أنفق السعوديون في السنة الأولى فقط من إدارة ترامب أكثر من مليون دولار شهريًا على أكثر من 20 من جماعات الضغط والعلاقات العامة المسجلة. ولم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة إلى الإمارات؛ حيث وظفت 18 شركة ضغط وعلاقات عامة مسجلة في عام 2017، وسددت أكثر من 10 ملايين دولار في ذلك العام وحده إلى واحدة منها فقط، وهي مجموعة «Camstoll Group».
كان لتوظيف مجموعات الضغط تلك أثر غير مسبوق في توجيه دفة السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، يقول الكاتبان. ولم تقتصر حملة العلاقات العامة هذه على الأزمة الخليجية، بل امتدت إلى تدشين حملة دعائية ضخمة لتبييض سمعة التحالف العربي في حرب اليمن.
تتمتع جماعات الضغط الأجنبية الكبيرة بالقدرة على التلاعب بالاستحقاقات الانتخابية. وبما أنه من غير القانوني بالنسبة للمواطنين الأجانب تقديم تبرعات إلى المرشحين في الانتخابات الأمريكية، إلا أن هناك حلًا سهلًا لذلك – فقط قم بتأجير جماعات الضغط للقيام بذلك نيابةً عنك. وقد اعترفت هذه الشركات والشخصيات بالعمل كوسطاء على هذا النحو، ومن المعروف أنها كانت تتلقى تمويلًا سخيًا. على سبيل المثال – يقول الكاتبان – توصلت دراسة أجرتها «Maplight وInternational Business Times» إلى أن أعضاء جماعات الضغط المسجلين الذين يعملون في أربع شركات فقط استأجرها السعوديون قدموا أكثر من نصف مليون دولار للمرشحين الفيدراليين في انتخابات عام 2016.
وسيلة أخرى هامة يستخدمها السعوديون والإماراتيون هي مساهماتهم المالية في مراكز الأبحاث في واشنطن. من الصعب الكشف عن مدى تغلغلهم في هذا المجال؛ لأن المراكز البحثية وغيرها من المؤسسات غير الربحية ليست مطالبة بالكشف عن المتبرعين، ويختار العديد منها عدم القيام بذلك. ومع ذلك، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2014 عن قائمة موسعة من مراكز الأبحاث التي تلقت الأموال من السعوديين أو الإماراتيين، بما في ذلك المجلس الأطلسي، ومعهد بروكينجز، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومعهد الشرق الأوسط.
حلف حربي؟
إن المخاطر التي تنطوي عليها علاقة واشنطن بكل من الرياض وأبوظبي تتجاوز مجرد العمل التجاري، يؤكد الكاتبان. إذ إن تسامح الرئيس ترامب والعديد من أعضاء الكونجرس مع مثل هذه الأنظمة المتهورة، والمتطرفة، وغير الديمقراطية، له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد وصف الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي بأنه «يجعل هتلر يبدو جيدًا»، واقترح القيام بعمل عسكري ضد إيران في عدد من المناسبات. أضف إلى ذلك جهود الأمير الناجحة في الحفاظ على دعم إدارة ترامب لحربه في اليمن، بالإضافة إلى تدخل الرياض السياسي في قطر ولبنان، وهناك خطر حقيقي بأن احتضان ترامب غير المشروط للنظام السعودي قد يشعل حربًا إقليمية. لقد أسهم القتل العشوائي في اليمن من قبل التحالف السعودي، باستخدام أسلحة الولايات المتحدة، في اشتعال أكبر أزمة إنسانية في العالم، في الوقت الذي أفادت فيه التقارير أن الحرب في اليمن أحيت تنظيم «القاعدة» أكثر من أي وقت مضى.
هناك قلق كبير في واشنطن بشأن موقف ترامب الذي يبدو أنه لا يهتم لتحالفات الولايات المتحدة القديمة، يختتم الكاتبان بالقول. ولكن في حالة المملكة العربية السعودية، فسيكون من الأفضل بالطبع تغيير المسار. وأقل ما يمكن أن نفعله هو المساعدة في التأكد من أن الشعب اليمني لا يخاف على حياته في حفلات الزفاف.